كيف نستقبل رمضان الحمد لله، أما بعد: * أيها المسلمون: إننا الآن في أيام طيبة، وفي شهر مبارك شهر ...

منذ 2018-05-11
كيف نستقبل رمضان
الحمد لله، أما بعد:
* أيها المسلمون: إننا الآن في أيام طيبة، وفي شهر مبارك شهر شعبان، ذاك الشهر الذي جعله الله تعالى مقدمة لشهر رمضان، حيث أن المسلمين يتشعبون في هذا الشهر في طاعة الله عز وجل، تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يكثر في هذا الشهر من الصيام، فكان شعبان مقدمة لصيام رمضان فمن أكثر من الصيام فيه سهل عليه صيام رمضان.
* وأيضاً جعل الله شعبان مقدمة لرمضان بما جعل فيه من غاية عظيمة في ليلة النصف من شعبان وهي ترك المشاحنة وإصلاح ذات البين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ] (ابن ماجه 1/445).
فكان من أعظم أعمال هذه الليلة ترك المشاحنة وإصلاح ذات البين، فكان ذلك مقدمة لشهر رمضان المبارك، فهو شهر الطاعات والعبادات، وشهر المغفرة ولا تنال هذه المغفرة مع
وجود الشحناء بين المسلمين. فكان شعبان مقدمة لرمضان.
* فما هي إلا أيام قليلة ويهل علينا هلال شهر رمضان، والذي نسأل الله أن يبلغنا إياه ويغفر لنا فيه ذنوبنا.
كيف نستقبل هذا الضيف الكريم؟
إذا أقبل علينا ضيف استعددنا له بما هو أهله، فكيف إذا كان هذا الضيف رمضان ولا يأتي علينا إلا مرة واحدة في العام، وهو شهر الطاعات فيجب علينا أن نستقبله بما هو أهله.
فمن أهم الأعمال التي نستقبل بها هذا الشهر المبارك:
1- إصلاحُ ذات البين: لأن رمضان شهر الطاعات، وهذه الطاعات سبب في مغفرة الله عز وجل. وبما أن هناك مانع يمنع هذه المغفرة، وجب علينا أن نزيله وأن نبتعد عنه، وهذا المانع هو المشاحنة والبغضاء بين المسلمين بعضهم البعض.
قال تعالى [فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] (الأنفال 1).
وقال تعالى [وَالصُّلْحُ خَيْرٌ] (النساء 128).
فكل من كان بينه وبين أخيه خصومة، أو بينه وبين جاره، أو
بينه وبين رحمه، أو بينه وبين والديه، وجب عليه أن يتصالح معهم، وإن تعالت عليه نفسه، وإن وسوس إليه الشيطان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ] (مسلم2560).
فكن أول من يبدأ بالخير لتنال الخير والأجر من الله عز وجل
فالمؤمن لا يعادي إخوانه، ولا يحمل في قلبه منهم شيئاً، لما يعلم ما عند الله من جزاء وهو يرغب فيه، ولما يعلم ما عند الله من عقاب وهو يخاف من غضب الله.
وإن صده الناس فهو يحسن إلى من أساء إليه، ويعفو عمن ظلمه، ويتحمل الأذى ويصفح، لا خوفاً منهم، ولكن طلباً في رضا الله تعالى.
قال الله عز وجل [وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (التغابن 14).
فأول ما نستقبل به رمضان أن نصلح ذات بيننا وبين إخواننا.

الخطبة الثانية، الحمد لله وبعد:
2- إصلاح ذات بيننا وبين ربنا:
فكما أنه من المهم أن نصلح ذات بيننا وبين العباد، فمن الأولى أن نصلح ذات بيننا وبين رب العباد، فهو خالقنا ورازقنا ومدبر أمورنا. فكيف أصلح ما بيني وبين ربي؟
أصلح ما بيني وبين ربي بالتوبة. فكلنا يذنب وكلنا يخطئ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم [كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ] (الترمذي 2499).
فالتوبة هي من خير الأعمال التي أصلح بها بيني وبين ربي.
والتوبة هي: الرجوع. الرجوع من المعصية إلى الطاعة، ومن الشر إلى الخير، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الظلم إلى العدل.
فينبغي علينا أن نرجع عما نحن فيه من ذنوب قبل أن يأتي علينا هذا الشهر المبارك، ولا ينبغي على المسلمين أن يؤجلوا التوبة حتى لا يغلق باب التوبة دونهم.
قال الله تعالى [إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا] (النساء 17- 18).
فباب التوبة مفتوح على مصراعيه لمن سارع وأقبل على ربه تائباً قبل أن يأتيه الموت، فالموت يغلق عليك باب التوبة إن لم تتب من قبله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ] (الترمذي 3537).
لكن ما هي التوبة التي أرادها الله من عباده؟
قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ] (التحريم 8).
أراد الله من عباده توبة نصوحاً، أي توبة صادقة خالصة، والتوبة النصوح هي التي تحققت فيها خمسة شروط:
الأول: الإخلاص لله في التوبة، وهذا شرط مهم لقبول الأعمال في التوبة وفي غيره، فرب تائب من ذنب لأنه لم
يتمكن من فعله، ولو تمكن لفعل.
الثاني: أن تقلع عن الذنب، فتترك الذنب الذي وقعت فيه نهائياً وتتخلص منه وتبتعد عنه.
الثالث: أن تندم على ما فعلت من ذنوب.
الرابع: أن تعزم في المستقبل على ألا تعود إلى ذلك الذنب.
هذا إذا كان الذنب في حق من حقوق الله، وإذا كانت عليك كفارة من الكفارات، أو زكاة وجب عليك أن تؤديها، وإن كان عليك مظلمة تتعلق بالآدميين فهناك شرط خامس وهو رد المظالم إلى أصحابها، أو تتحلل منها، أو تطلب منهم المسامحة.
فمن اراد الفلاح والنجاح في الدنيا والأخرة فعليه بالتوبة، فالتوبة فلاح ونجاح. قال تعالى [وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] [النور 31].
ولنعلم جميعاً أن أحب العمل إلى الله عز وجل ما كان دائما ولو كان قليلاً، كما علمنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ] (البخاري 6464).

59df34c2e3914

  • 0
  • 0
  • 88

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً