• أبو بصير قدوة لكل مؤمن مأسور وأورد الإمام البخاري القصة كاملة في باب آخر من صحيحه، وفيها: "رجع ...

منذ 2025-06-11
• أبو بصير قدوة لكل مؤمن مأسور

وأورد الإمام البخاري القصة كاملة في باب آخر من صحيحه، وفيها: "رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فجاءه أبو بصير -رجل من قريش- وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحُليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا)، فلما انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قُتل -واللهِ- صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد -واللهِ- أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسْعَر حرب، لو كان له أحد)، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بِعِير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده بالله والرحم، لمَّا أَرْسَل، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24]".

وفي هذه القصة دروس مفيدة للمجاهدين، منها أن أبا بصير -رضي الله عنه- تحايل على آسِرِه المشرك وأخذ سيفه بالتحايل عليه فقتله، وسعى لقتل الآخر الذي فرَّ مذعورا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على شجاعة أبي بصير بقوله: (ويل أمه مسعر حرب، لو كان له أحد)، إشارة إلى شجاعته وحسن فعله وتشجيعا له وإقرارا له على صنعه، وحثاً للمسلمين المستضعفين على اللحاق به وهذا ما تحقق له فيما بعد من اجتماع عصبة من المؤمنين الفارين بدينهم معه.

• على نهج حذيفة البطاوي وإخوانه

وعلى سيرة السلف سار جنود دولة الإسلام مِمَّن وقعوا في أسر الصليبيين، فكم من الأنفاق التي حفروها في سجونهم، وكم من أخ هرب حتى من أشدها تحصينا، أما في سجون المرتدين، فحديث الآساد الأحرار الذين قتلوا سجانيهم في داخل سجن (أبو غريب) وأنجدهم إخوانهم من الخارج يعرفه العدو قبل الصديق، حيث خرجت جموع غفيرة من الموحدين، الذين كان لخروجهم أثر كبير في جهاد الكفار وتقوية بنيان الدولة الإسلامية، ومن قبلها محاولة ثلة من آساد بغداد، على رأسهم الأسد الهصور الشيخ حذيفة البطاوي تقبله الله، حيث أحكموا خطتهم واستطاعوا إدخال السلاح إلى داخل السجن بمساعدة إخوانهم من الخارج، فاستطاعوا قتل كبير محققي ومجرمي "مكافحة الإرهاب" فبلغوا ثأرهم وثأر إخوانهم، وقتلوا من قتلوا واستطاعوا الوصول لبوابة السجن فتدخل الصليبيون بطائراتهم وقُتل الإخوة تقبلهم الله، حيث أغاظوا الكفار وجعلوا الحسرة تقطع أكبادهم وقلوبهم، فنكلوا بهم أيما تنكيل، وأخذوا ثأرهم من المرتدين داخل السجن، فهؤلاء وأمثالهم في مشارق الأرض ومغاربها، هم أحفاد الصحابة أباة الضيم وفرسان النزال، وحاديهم في صنيعهم قول الشيخ أبي مصعب الزرقاوي تقبله الله: "ليس الذلة أن يُقتل المرء أو يُعتقل، ولكن الذلة أن يعيش عاجزا عن تطبيق شرعة ربه في الأرض، والذلة أن ترى اليهود يسرحون ويمرحون بين ظهراني المسلمين وأنت صامت لا تستطيع حراكا، ومكبل لا تستطيع فكاكا، والذلة أن يتمكن الصليبيون وأعوانهم من بسط سيطرتهم وبناء قواعد لهم، ثم الانطلاق منها لقتل المسلمين ومحاربة الله ورسوله، والذلة أن ترى أخواتك وهنَّ يصرُخن من قهر السجان الصليبي وأنت مرتاح البال قرير العين".

وبمثل هؤلاء الغُر الميامين من السلف والخلف فليقتدِ المقتدون، فإما حياة تحت ظل شرع رب العالمين، وإما قِتلة تغيظ الكافرين، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 94
الخميس 24 ذو القعدة 1438 ه‍ـ

67944dd38c694

  • 1
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً