الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 99 الافتتاحية: • وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...
منذ 2025-06-26
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 99
الافتتاحية:
• وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ
إن القارعة التي تضرب بلاد الكفر اليوم هي مقدمة وعد الله بزوال من كفر به وتكبَّر على عباده، فتلك أمريكا التي طغت في الأرض فأكثرت فيها الفساد، وأحلت دين الكفر والإباحية وتحدت الخالق جل في علاه، وتجبرت وأوغلت في الحرب على دين الله وأوليائه، تقف اليوم عاجزة عن مواجهة جندي من جنود الله، فإن مقدمات النصر الإلهي من تلك القارعات التي قرعت دار طاغوت العصر أمريكا إنما هي إيناس من الله -تعالى- لأوليائه وتثبيت لهم، كيف لا وتلك الصور التي رُسمت في مخيلة أبناء المسلمين من التشريد والدمار الذي حلَّ بديارهم قد حلَّ بساحة أمريكا الصليبية الكافرة اليوم أضعافا مضاعفة، فهذه إحدى ولاياتهم التي هي بحجم دولة كبيرة قد دُمِّر ثلاثة أرباعها بضربة إعصار واحدة، فقد بطش بهم العزيز الجبار في أيام قليلة، فأغرقهم وشردهم ودَمَّر بيوتهم فأضحت ديارهم خرابا دمارا، وخسروا من الأموال ما يعادل ميزانيات دول، وهذا هو ما أخبر الله -تعالى- به رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن العذاب والقارعة التي تحل بديار الكفار مقدمة لتحقيق الوعد الإلهي، وهو أن يحل بساحتهم جيش المسلمين الفاتحين فيحكمون بشريعة الرحمن، قال الله تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31].
قال الإمام أبو جعفر الطبري -رحمه الله- في تأويلها: "يقول تعالى ذكره: {وَلا يَزَالُ} يا محمد {الَّذِينَ كَفَرُوا}، من قومك {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا} من كفرهم بالله، وتكذيبهم إياك، وإخراجهم لك من بين أظهرهم {قَارِعَةٌ}، وهي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنِّقم، بالقتل أحياناً، وبالحروب أحياناً، والقحط أحياناً {أَوْ تَحُلُّ}، أنت يا محمد، يقول: أو تنزل أنت {قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} بجيشك وأصحابك {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} الذي وعدك فيهم، وذلك ظهورُك عليهم وفتحُك أرضَهمْ، وقهرُك إياهم بالسيف {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، يقول: إن الله منجزك، يا محمد ما وعدك من الظهور عليهم، لأنه لا يخلف وعده" [جامع البيان في تأويل القرآن].
وفي عصرنا هذا فقد حل القتل واستحر بالجيش الصليبي عند غزوه بلاد المسلمين فانسحب ذليلا حقيرا لا يلوي على شيء، ولا يزال عذاب الله ونقمه تصيبهم والأعاصير والحرائق تضربهم، وتستنزف أموالهم وتبيد خضراءهم، وفي هذا انشراح الصدر وزيادة الإيمان واليقين بوعد الله تعالى، فلا مقارنة بين قارعة العذاب من القوي العزيز وبين كل ما يقوم به المجاهدون من نكاية بالكفار، فلا يضاهيه تفجير ولا دهس ولا طعن ولا عملية استشهادية ولا غيرها، وفي هذا تنبيه للمجاهدين ودرس بليغ أن الله -تعالى- غني عنهم وعن جهادهم، كما قال عز وجل: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، فالله -سبحانه- هو الغني عن العالمين وهو وحده قادر على أن يبيد الكفار ويستخلف من عباده من يشاء، ولكنه الاختبار والابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب، وليظهر المؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب، فهلَّا قام أهل التوحيد ممن يعيش بين ظهراني الصليبيين، فإن أمريكا تترنح بين ضربات المجاهدين وبين قارعات العذاب التي يرونها قبل مجيئها ويقفون عاجزين عن مواجهتها، وهذه آية عظيمة أراها الله -تعالى- لعباده مؤنسا لهم وناصرا ومعينا، حتى يأتي وعده ونصره لعباده فيكبّروا في أروقة البيت الأبيض، إن شاء الله.
لقد استهزأ الكفار وأذنابهم ممَّا حل بالمجاهدين من البلاء الذي كتبه الله على عباده في هذا الطريق الشائك المحفوف بالبلايا وعظيم الرزايا في النفس والأهل والمال، وأطلت رؤوس النفاق باللمز والإرجاف، فوجد المجاهدون في قلوبهم الشوق لانتقام الله وتأييده، يترقبونه بصبر ويقين ودعاء مضطر، وأما الكفار والمرتدون فأصابهم الغرور والطغيان والتمادي في الظلم والكفر والعدوان، وهنا جاء العذاب والانتقام من الله -تعالى- لعباده فجبر انكسار الموحدين وبلاءهم وذل عدوهم وأخزاه، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، أي إن الأمم المستهزئة المكذبة لرسلهم يقولون لرسلهم أين ما وعدكم ربكم من النصر علينا، وهذا عين ما يقوله الكفار من الاستهزاء بأولياء الله الموحدين، فيأتي العذاب الذي لا يمكن رده عن القوم المجرمين، والحمد لله على نصره وتأييده وإنعامه حمدا يليق بعزّته وكبريائه وكمال صفاته.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 99
الخميس 8 محرم 1439 هـ
الافتتاحية:
• وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ
إن القارعة التي تضرب بلاد الكفر اليوم هي مقدمة وعد الله بزوال من كفر به وتكبَّر على عباده، فتلك أمريكا التي طغت في الأرض فأكثرت فيها الفساد، وأحلت دين الكفر والإباحية وتحدت الخالق جل في علاه، وتجبرت وأوغلت في الحرب على دين الله وأوليائه، تقف اليوم عاجزة عن مواجهة جندي من جنود الله، فإن مقدمات النصر الإلهي من تلك القارعات التي قرعت دار طاغوت العصر أمريكا إنما هي إيناس من الله -تعالى- لأوليائه وتثبيت لهم، كيف لا وتلك الصور التي رُسمت في مخيلة أبناء المسلمين من التشريد والدمار الذي حلَّ بديارهم قد حلَّ بساحة أمريكا الصليبية الكافرة اليوم أضعافا مضاعفة، فهذه إحدى ولاياتهم التي هي بحجم دولة كبيرة قد دُمِّر ثلاثة أرباعها بضربة إعصار واحدة، فقد بطش بهم العزيز الجبار في أيام قليلة، فأغرقهم وشردهم ودَمَّر بيوتهم فأضحت ديارهم خرابا دمارا، وخسروا من الأموال ما يعادل ميزانيات دول، وهذا هو ما أخبر الله -تعالى- به رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن العذاب والقارعة التي تحل بديار الكفار مقدمة لتحقيق الوعد الإلهي، وهو أن يحل بساحتهم جيش المسلمين الفاتحين فيحكمون بشريعة الرحمن، قال الله تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31].
قال الإمام أبو جعفر الطبري -رحمه الله- في تأويلها: "يقول تعالى ذكره: {وَلا يَزَالُ} يا محمد {الَّذِينَ كَفَرُوا}، من قومك {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا} من كفرهم بالله، وتكذيبهم إياك، وإخراجهم لك من بين أظهرهم {قَارِعَةٌ}، وهي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنِّقم، بالقتل أحياناً، وبالحروب أحياناً، والقحط أحياناً {أَوْ تَحُلُّ}، أنت يا محمد، يقول: أو تنزل أنت {قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} بجيشك وأصحابك {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ} الذي وعدك فيهم، وذلك ظهورُك عليهم وفتحُك أرضَهمْ، وقهرُك إياهم بالسيف {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، يقول: إن الله منجزك، يا محمد ما وعدك من الظهور عليهم، لأنه لا يخلف وعده" [جامع البيان في تأويل القرآن].
وفي عصرنا هذا فقد حل القتل واستحر بالجيش الصليبي عند غزوه بلاد المسلمين فانسحب ذليلا حقيرا لا يلوي على شيء، ولا يزال عذاب الله ونقمه تصيبهم والأعاصير والحرائق تضربهم، وتستنزف أموالهم وتبيد خضراءهم، وفي هذا انشراح الصدر وزيادة الإيمان واليقين بوعد الله تعالى، فلا مقارنة بين قارعة العذاب من القوي العزيز وبين كل ما يقوم به المجاهدون من نكاية بالكفار، فلا يضاهيه تفجير ولا دهس ولا طعن ولا عملية استشهادية ولا غيرها، وفي هذا تنبيه للمجاهدين ودرس بليغ أن الله -تعالى- غني عنهم وعن جهادهم، كما قال عز وجل: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، فالله -سبحانه- هو الغني عن العالمين وهو وحده قادر على أن يبيد الكفار ويستخلف من عباده من يشاء، ولكنه الاختبار والابتلاء ليميز الله الخبيث من الطيب، وليظهر المؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب، فهلَّا قام أهل التوحيد ممن يعيش بين ظهراني الصليبيين، فإن أمريكا تترنح بين ضربات المجاهدين وبين قارعات العذاب التي يرونها قبل مجيئها ويقفون عاجزين عن مواجهتها، وهذه آية عظيمة أراها الله -تعالى- لعباده مؤنسا لهم وناصرا ومعينا، حتى يأتي وعده ونصره لعباده فيكبّروا في أروقة البيت الأبيض، إن شاء الله.
لقد استهزأ الكفار وأذنابهم ممَّا حل بالمجاهدين من البلاء الذي كتبه الله على عباده في هذا الطريق الشائك المحفوف بالبلايا وعظيم الرزايا في النفس والأهل والمال، وأطلت رؤوس النفاق باللمز والإرجاف، فوجد المجاهدون في قلوبهم الشوق لانتقام الله وتأييده، يترقبونه بصبر ويقين ودعاء مضطر، وأما الكفار والمرتدون فأصابهم الغرور والطغيان والتمادي في الظلم والكفر والعدوان، وهنا جاء العذاب والانتقام من الله -تعالى- لعباده فجبر انكسار الموحدين وبلاءهم وذل عدوهم وأخزاه، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، أي إن الأمم المستهزئة المكذبة لرسلهم يقولون لرسلهم أين ما وعدكم ربكم من النصر علينا، وهذا عين ما يقوله الكفار من الاستهزاء بأولياء الله الموحدين، فيأتي العذاب الذي لا يمكن رده عن القوم المجرمين، والحمد لله على نصره وتأييده وإنعامه حمدا يليق بعزّته وكبريائه وكمال صفاته.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 99
الخميس 8 محرم 1439 هـ