صحيفة النبأ العدد 99 - تفريغ كلمة صوتية وكفى بربِّك هادياً ونصيراً كلمة صوتية لمولانا أمير ...
منذ 2025-06-26
صحيفة النبأ العدد 99 - تفريغ كلمة صوتية
وكفى بربِّك هادياً ونصيراً
كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين الشيخ أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )
2/7
وعلى حين فترة من الرسل و اندراس للملة الحنيفية السمحة، بُعث نبي الملحمة والمرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة، إنسهم وجنهم، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، داعيا إلى التوحيد ومنذرا من الشرك والتنديد، ولاقى في دعوته صلى الله عليه وسلم ما لاقى من أذى الأقربين ومكر اليهود والمنافقين، فما انثنى عن قتالهم وجهادهم حتى أتم الله له الدين وقمع به المشركين، فهذا الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه، يروي حال الصحابة في مكة وما لا قوه في سبيل الحق الذي اتبعوه، قال رضي الله عنه: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).
ثم لم يزل الصحابة رضوان الله عليهم، يضربون لمن خلفهم من أبناء الأمة أجل المواقف وأسماها في لزوم الحق ودفع الضريبة والثمن، ففي بيعة العقبة وقبل الهجرة إلى المدينة يقف الصحابي الجليل أسعد ابن زرارة رضي الله عنه، يراجع قومه فيما هم عليه مقدمون فقال: "رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خياركم وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر عند الله"، قالوا: يا أسعد ابن زرارة أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقمنا إليه رجلا رجلا يأخذ علينا بشُرْطَة العباس، ويعطينا على ذلك الجنة.
و توالت الأحداث في دار الهجرة وأرض الإسلام، وظل البلاء قدر تلك الطائفة المؤمنة، وكثر الوافدون الداخلون في الإسلام من غير أهل المدينة، فثبت ونجا من صبر وأخلص دينه لله، ونكص وخاب من دبه الريب وسعى في غير رضى مولاه، وفي إحدى مواطن البلاء تلك، بيَّن العليم الحكيم لعباده أن قدره نافذ وحكمته بالغة في تنقية صف جماعة المسلمين، حيث قال في كتابه العزيز: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].
قال ابن كثير رحمه الله: أي لا بد أن يعقد سببا من المحنة، يظهر فيه وليُّه، ويفتضح فيه عدوه، يعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلَدُهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهتك به ستر المنافقين، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الصحابة على الإيمان وعلى أن ينصروا دين الله، وكان يخبرهم أن الله ناصر دينه، دون أن يضرب لذلك أجلا محددا، أو كيفية معينة، حتى لا يربطوا النصر والخسارة بفقد أرض أو مقتل أحد من المؤمنين، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
وكفى بربِّك هادياً ونصيراً
كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين الشيخ أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )
2/7
وعلى حين فترة من الرسل و اندراس للملة الحنيفية السمحة، بُعث نبي الملحمة والمرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة، إنسهم وجنهم، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، داعيا إلى التوحيد ومنذرا من الشرك والتنديد، ولاقى في دعوته صلى الله عليه وسلم ما لاقى من أذى الأقربين ومكر اليهود والمنافقين، فما انثنى عن قتالهم وجهادهم حتى أتم الله له الدين وقمع به المشركين، فهذا الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه، يروي حال الصحابة في مكة وما لا قوه في سبيل الحق الذي اتبعوه، قال رضي الله عنه: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون).
ثم لم يزل الصحابة رضوان الله عليهم، يضربون لمن خلفهم من أبناء الأمة أجل المواقف وأسماها في لزوم الحق ودفع الضريبة والثمن، ففي بيعة العقبة وقبل الهجرة إلى المدينة يقف الصحابي الجليل أسعد ابن زرارة رضي الله عنه، يراجع قومه فيما هم عليه مقدمون فقال: "رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خياركم وعلى مفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر عند الله"، قالوا: يا أسعد ابن زرارة أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقمنا إليه رجلا رجلا يأخذ علينا بشُرْطَة العباس، ويعطينا على ذلك الجنة.
و توالت الأحداث في دار الهجرة وأرض الإسلام، وظل البلاء قدر تلك الطائفة المؤمنة، وكثر الوافدون الداخلون في الإسلام من غير أهل المدينة، فثبت ونجا من صبر وأخلص دينه لله، ونكص وخاب من دبه الريب وسعى في غير رضى مولاه، وفي إحدى مواطن البلاء تلك، بيَّن العليم الحكيم لعباده أن قدره نافذ وحكمته بالغة في تنقية صف جماعة المسلمين، حيث قال في كتابه العزيز: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].
قال ابن كثير رحمه الله: أي لا بد أن يعقد سببا من المحنة، يظهر فيه وليُّه، ويفتضح فيه عدوه، يعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلَدُهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهتك به ستر المنافقين، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الصحابة على الإيمان وعلى أن ينصروا دين الله، وكان يخبرهم أن الله ناصر دينه، دون أن يضرب لذلك أجلا محددا، أو كيفية معينة، حتى لا يربطوا النصر والخسارة بفقد أرض أو مقتل أحد من المؤمنين، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].