الدولة الإسلامية - مقال: العبوات الناسفة أهميتها وطرق استعمالها • بضع سنين فقط، كان ...
منذ يوم
الدولة الإسلامية - مقال:
العبوات الناسفة
أهميتها وطرق استعمالها
• بضع سنين فقط، كان ميزان القوة يميل كل الميل لصالح الرافضة ومِن خلفهم الأمريكان ضد دولة العراق الإسلامية، وفي ذلك الزمن كان لا بد من التكيف مع الوضع الجديد، حيث فَقَد المجاهدون أغلب الأرض في معارك طاحنة في سنة 2007، وانحازت القوة القليلة المتبقية إلى قلعة السُّنة الأخيرة، الموصل.
وفي بداية 2008 كان من غير الممكن الاستمرار بالقتال التقليدي، وعندها قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي -رحمه الله-: "لم يبق لنا الآن مكان نستطيع الصمود فيه ربع ساعة"، فكان لا بد لوزير الحرب أبي حمزة المهاجر -رحمه الله- أن يغيِّر طريقة القتال للحفاظ على ما تبقى من القوة، وهذا يعني التغيير الجذري في كل شيء، وأصدر وزير الحرب أمراً جريئاً غير مسبوق.
• قرار جريء:
العبوات، لقد تم إلغاء مفارز الاشتباكات والقناصة وغيرها، وتم تدريب الجميع على استخدام العبوات بدءً من الشهر الثالث من 2008، وبقليل من الوقت اقتنع المجاهدون بالطريقة الجديدة، فبدل الاصطدام بالجيش الأمريكي المدجج بالسلاح بقواتنا قليلة العدد والعدة، كان القتال داخل المدن يأخذ شكلاً جديداً تماماً، مفرزة تصنع المتفجرات في أحد البيوت، وأخرى تصنع أجهزة التفجير، ويتم تدريب مفرزة ثالثة على كيفية تمويه وزرع العبوات في الشوارع التي تمر بها مركبات المرتدين والصليبيين ودورياتهم، ويتم تدريب مفرزة أخرى على الرباط وتفجير العبوة، وكل هؤلاء يعملون في الخفاء، ويمكن أن يرابط المجاهد على العبوة أياماً طويلة دون أن يلاحظه أحد، كان هذا هو أهم المتطلبات في طريقة العمل الجديدة.
• الاستنزاف بالعبوات:
وبدأت بهذا مرحلة استنزاف طويلة دامت سنين صعبة، كان الطرفان فيها يألمان طول الوقت، ولكن المجاهدين يرجون من الله ما لا يرجوه الكفرة.
وقد شهد العالم الإبداع منقطع النظير للمجاهدين في حرب الصبر والتخفي طوال تلك السنين الصعبة، وقد أتقن المجاهدون هذا النوع من الحرب أيَّما إتقان، ولا يوجد أي مانع أن يستخدم هذا الأسلوب القتالي اليوم في الحرب ضد التحالف الصليبي، بل إن الحاجة إلى القتال تحت الطيران وإخفاء موقع رباط المجاهدين عن الطيران تحتم استخدام هذا الأسلوب في الدفاع.
• كيف نقاتل بالعبوات:
إن لهذا الأسلوب في القتال ركنان اثنان، إتقان التحضير والصبر على الرباط، والتحضير للعمل يقوم على تحديد الأماكن التي يتوقع للعدو الهجوم منها، واختيار نوع وحجم العبوات المطلوبة بلا إفراط أو تفريط، فلا حاجة للعبوات الضخمة لضرب تقدم المشاة أو السيارات غير المصفحة، وعند توقع تقدم العدو بسيارات مصفحة أو دبابات، فيجب تحضير العبوات المناسبة ووضعها في المواضع الصحيحة، وهنا يأتي دور العسكري المجرب لتوقع حركة العدو، وطريقة تقدمه، وبعد اختيار نوع العبوات، واختيار مواضع زرعها، يأتي دور طريقة التفخيخ المثلى، وهنا يأتي دور الكتائب الهندسية الخبيرة في التشريك الميكانيكي البسيط أو الإلكترونيات، والفرق بين الأسلوبين كبير، وإن الخطأ في استخدام التشريك الميكانيكي مكان الإلكتروني أو العكس يؤدي إلى نتائج سيئة، وقد يؤدي إلى تقييد حركة المجاهدين بدل وقف تقدم العدو.
• الأنواع الشائعة من العبوات:
العبوات المتحكم بها: إن العبوات الأنجع هي تلك التي يتحكم بها المجاهد المرابط ويفجِّرها بنفسه، سواءً عبر جهاز لاسلكي أو عبر سلك موصول بالعبوة لتجنب التشويش إن وُجد، ويستخدم السلك أيضاً عند عدم توفر أجهزة التفجير، ويجب طبعاً إخفاء السلك الواصل بين العبوة ومكان المجاهد المرابط، والتحضير لهذه العبوات يتضمن اختيار البطارية المناسبة لطول فترة الرباط، فلا يمكن استخدام بطارية صغيرة تنفد خلال أيام لعبوة قد يطول الرباط عليها شهراً. وفي هذا النوع من الرباط يجب على المجاهد أن يحضِّر نفسه للصبر الطويل دون أن يبتعد عن عبوته، وأن يحتضن بعينيه وتفكيره الطرق المؤدية إلى العبوة طول الوقت، وهذا العمل ينجح فيه أهل التسبيح والذكر بإذن الله، ومن المهم ألَّا يتأخر المرابط عن اللحظة المثلى للتفجير.• التشريك ويسمى "مصائد المغفلين":
وهو عبارة عن العبوات غير المتحكم بها ومن أشهرها تلك المسماة بالمسطرة والمسبحة، ومبدؤها ببساطة هي أن العدو عندما يدوس على المسطرة أو المسبحة أو غيرها من أشكال التشريك فإنه يصل قطبي البطارية بالصاعق فيفجِّر العبوة على نفسه، وهذا النوع من التشريك يتميَّز بدقة الإصابة بإذن الله، وكذلك بطول عمر العبوة، فإن البطارية لا تنفد لمدة سنين، ولكن هذا النوع هو الأسوأ والأخطر في نفس الوقت على المجاهدين عندما يتم استخدامه بشكل خاطئ، لأنه لا يميز بين العدو والصديق.
• التشريك المتحكَّم به عن بعد:
إن ميزة التشريك هي أن العدو هو الذي يعطي بجسده أو مركبته إشارة التفجير للصاعق، وهذا يعني دقة الإصابة بإذن الله، وأما عندما يفجِّر المرابط العبوة المتحكم بها من بُعد فإن دقة الإصابة تعتمد على دقة الرؤية للهدف وعلى زمن تأخير أداة التفجير (في بعض الأجهزة)، ولكن العبوات المتحكم بها تتيح حرية الحركة حول العبوة بدون أن تنفجر بالخطأ، ولذلك فقد اخترع بعض الإخوة أسلوباً يجمع فوائد الطريقتين، وهو ببساطة أن يكون هناك مفتاحان بين البطارية والصاعق، أحدها يقوم المرابط بتوصيله عند اقتراب العدو، وأما الثاني فيقوم العدو بتوصيله بنفسه عبر الضغط على المسبحة أو غيرها من أساليب التشريك، أي أن التشريك هو مفتاح ثانٍ لا يؤدي إلى الانفجار إلا إذا كان المجاهد قد فعل المفتاح الأول من عنده، وبهذا تكون العبوة آمنة بإذن الله طالما بقي المفتاح الذي بيد المرابط مفتوحاً.
• التشريك الخاطئ:
أسوأ ممارسات التشريك هي زرع العبوات غير المتحكم بها في الأراضي المفتوحة لتكون حقل ألغام، وهذا يؤدي إلى تفكيك الطرف الذي لديه مفارز هندسية متمرِّسة للعبوات وأخذها ببساطة، وفور انفجار أول عبوة سيُدرك العدو وجود حقل عبوات فيبدأ بتفكيكها بحرية، خصوصاً إذا لم يكن المكان خاضعاً لسيطرة المجاهدين النارية بالقنص أو بالرشاشات الثقيلة أو غيرها، ونادراً ما نجحت هذه العبوات في صدِّ العدو لفترة طويلة. وأما إذا كانت مواقع هذه العبوات غير مسجلة بدقة فإن حركة المجاهدين عبرها ستكون صعبة خصوصاً إذا كان هناك قرار بالتقدم لاحقاً عبر المنطقة المفخخة.
• التشريك الجيد:
إن زرع العبوات غير المتحكم بها يكون مفيداً في حالتين:
الأولى: عندما يكون التفخيخ لمنطقة لنا عليها سطوة نارية، وتقع ضمن مدى نيراننا، وبهذا لا يمكن للعدو أن يفككها ويتقدم، بل سوف تبطئ تقدمه بشكل هائل وتوقع فيه الخسائر، فلا يمكن للفرق الهندسية العمل على التفكيك تحت النيران.
الثانية: عند إرادة منع تقدم العدو من طريق معين محدد، وهنا يكون للنجاح شرطان: أن يتم تسجيل موقع العبوة لكي نتمكن من إزالتها أو تجنبها لاحقاً إذا احتجنا لذلك، وكذلك أن يكون تمويه العبوات جيداً جداً، فلا يكون تفكيك العبوات أو تجنبها سهلاً على العدو.
أسباب السلامة عند التعامل مع العبوات:
تتكون كل عبوة يستخدمها المجاهدون من أداة تفجير أولاً، وهو الجهاز الإلكتروني أو المسبحة أو غيرها، وتقوم أداة التفجير بتوصيل سلكين لغلق الدارة الكهربائية وهذا هو الذي يمرر تيار تفجير الصاعق.
ثانياً الصاعق وهو الذي تدخل فيه الإشارة الكهربائية فينفجر انفجاراً محدود المسافة ولكن ضغطه عالٍ جداً.
ثالثاً المادة المتفجرة وهي التي تحيط بالصاعق وتنفجر بسبب انفجار الصاعق، ويمكن استخدام خلطات مختلفة أو مراحل متعددة من المتفجرات حسب المتوفر، فنضع المواد الأكثر حساسية حول الصاعق، ثم الأقل حساسية بعيداً عن الصاعق.
يُستخدم في أكثر الأحيان حبل الكوارتكس شديد الانفجار، فيتم عَقدُه في داخل المواد المتفجرة لتعمل العقدة كالصاعق، ويتم إخراج طرف الحبل البعيد عن العقدة من العبوة، وهذا يسهل ربط الصاعق وفكه حسب الحاجة، فتثبيت الصاعق إلى حبل الكوارتكس وفكه سهل نسبياً، أما وضع الصاعق في العبوة وإخراجه عند تفكيك العبوة فهو صعب، ومن الخطر نقل العبوة والصاعق موصول بها، بل يجب إبعاد الصاعق عن العبوة طالما هي في حالة خمول غير مستخدمة في الرباط.
• يتم تجهيز العبوة بثلاث خطوات مرتبة لا تقديم ولا تأخير فيها:
أولاً: ربط البطارية إلى أداة التفجير وفحصها إن كانت تعمل بشكل جيد أو لا، ويجب ألَّا يمرر الجهاز الإلكتروني التيار في الوضع العادي، بل يمرر الجهاز التيار فقط في حالة إعطاء إشارة التفجير لاسلكياً أو سلكياً، وأما التشريك فيجب أن يمرر التيار فقط عند الضغط على المسطرة أو المسبحة أو أسلوب التشريك المستعمل.ثانياً: تربط أداة التفجير بالصاعق بعيداً عن العبوة مترين إلى ثلاثة أمتار، وهذا لضمان عدم انفجار العبوة إن كان هناك خللٌ ما، بل يحصل انفجار الصاعق وحده، والأذكياء يهتمون بهذه الخطوة ويجعلون للصاعق سلكاً طوله متران من نحاس جيد جداً، ويضعون الصاعق خلف ساتر يفصل بين الأخ والصاعق أثناء ربط سلك الصاعق بأداة التفجير، وهنا يجب ربط الأسلاك ببعضها بإحكام وعزل الموجب عن السالب بإتقان، وإلا فسوف يفشل التفجير لاحقاً إذا لم تكن الأسلاك موصلة توصيلاً جيداً أو كان فيها تماس بين القطبين.
ثالثاً: يتم ربط الصاعق بإحكام إلى العبوة وهي في مكانها النهائي المزروعة فيه، وسيفشل التفجير إن لم يكن الصاعق ملاصقاً بقوة لحبل الكوارتكس الخارج من جسم العبوة.
وأما فك العبوة بأسلوب آمن بإذن الله فيتم بعكس الترتيب السابق تماماً: يتم فك وإبعاد الصاعق عن العبوة، ثم يتم فك سلك الصاعق عن أداة التفجير، وأخيراً يتم فك البطارية عن أداة التفجير.
• الخطأ الأكبر:
وأخطر الممارسات في التعامل مع العبوة هي فك أو تركيب البطارية مع كون العبوة جاهزة للتفجير وجميع قطعها متصلة ببعضها، فإن فك أو تركيب البطارية يُدخل الجهاز الإلكتروني في حالةٍ غيرِ مُعروفةِ النتيجة للحظةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ جداً، وهنا يكمن الخطر، فيجب ألا تربط أو تفك البطارية إلا عندما يكون الجهاز الإلكتروني منعزلا فقط.
• من الذي يعمل في التفخيخ:
إن فائدة الرباط بالعبوات تُحتم على جميع المجاهدين تعلمها، ولا يوجد نقطة رباط إلا ويمكن لها الاستفادة الكبيرة من زرع العبوات للعدو لوقف تقدمه وإيقاع الخسائر به، وإن سهولة استخدام العبوات وعِظَمَ فائدتها تجعل تعلُّمَها مغرياً للجميع، ولكن للعمل بها خطوات لا بد من اتباعها بلا اجتهاد أو تهور.
مثال ناجح على استخدام إبداعي للعبوات:
في معارك ريف حلب الشمالي قام فريق من المجاهدين بتحضير حفلة نارية رائعة لمرتدي الصحوات، عملوا طوال أيام بذكاءٍ نادر، وقاموا بتفخيخ قرية كاملة قبل الانسحاب منها، فخخوا كل شيء في القرية، وقاموا بتمويه العبوات بحيث لا يمكن تمييزها، ولم يقتصروا على تفخيخ الشوارع أو الصخور والحُفر كالعادة، بل لبنات الجدران داخل البيوت، والدَّرج والعتبات والدراجات، وحتى داخل خزائن الملابس وأثاث المنازل، وعندما هجم المرتدون كما هو متوقع، قام الإخوة بصدهم قليلاً ثم انحازوا إلى القرى التي في الخلف، ليدخل المرتدون وهم يعيشون وَهم النصر إلى هزيمة مميزة ما زلنا نضحك منها حتى اليوم.
كان تمويه العبوات ناجحاً تماماً، وكانت العبوات معدة للعمل بعد ساعات وليس عند أول دخول المرتدين. قام المرتدون بتمشيط القرية ولم يجدوا شيئاً، ثم انتشروا في المنازل للاحتفال واللّعب والتصوير والنوم، ومن بعيد كان الإخوة الذين زرعوا العبوات ينتظرون ساعة الحصاد.
في الليل، كان المرتدون نائمين عندما استيقظت العبوات، وأصبحت جاهزة للتفاعل مع أي لمسة أو حركة، وعندما جاء صباح الكافرين، كان يوماً دامياً، كان كل شيءٍ قابلاً للانفجار، يمر أحدهم بعتبة الباب فلا يسير بعدها خطوة واحدة، وتجد جزءاً من قدميه ملتصقاً بالسقف، يفتح أحدهم الخزانة فلا يجدون بعدها من جسده شيئاً، بدؤوا بالركض على غير هدى، وهم يفجرون أنفسهم في كل حركة، وفي وقت قصير انتهت الحفلة الصاخبة، ولم يخرج من الحضور أحد، ولم يعرف الذين قُتلوا كيف انتهت أعمارهم، ولم يجدوا سعة من الوقت ليخبروا أحداً عن الذي حصل.
• أسباب النجاح:
أهم القواعد هي أن تعلم أن "وقت العمل الحقيقي هو وقت زرع العبوات"، وأما بعد ذلك فهو وقت الحصاد وليس وقت الزرع، فلا تهتم بأي وقت قدر اهتمامك بوقت زرع العبوة، اختر المكان الجيد والتمويه الجيد وطريقة التفجير المناسبة، وسوف تحصد حصاداً جيداً بإذن الله.
ويتميز العاملون الناجحون في هذا المجال بالذكر وبشدة التعلق بالله، وربما يكون هذا بسبب طول وقت الرباط.
• التعويض عن فرق القوة النارية:
كما هو واضح، فإن قوةً مدججةً بالسلاح يمكن إفناؤها إذا تم استخدام العبوات بشكل صحيح، فإن مجاهداً واحداً يرابط بصدق على عبواته ويتقن عمله يستطيع بعون الله صدَّ أكبر قوة تتقدم إلى منطقة دفاعه، وإن المجاهد إذا تمكن من البقاء مختفياً فلن يستفيد العدو من طيرانه أو قوته النارية الأرضية، أي أن العبوات توفر الفرصة لضرب العدو من حيث لا يدري، وفي هذا الأسلوب القتالي لا يحتاج المجاهد لتغيير مكانه بعد التنفيذ، بل يحتاج فقط أن يضبط أعصابه وأن لا ينساق لحيل العدو لمعرفة مكانه، فلا يطلق النار على العدو ولا ينسى ما هو سلاحه الرئيسي، وأما البندقية والمسدس فهي فقط للدفاع الشخصي إذا وصل إليه العدو، والوضع الطبيعي هو أن لا يحتاجها.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 101
الخميس 22 محرم 1439 هـ
العبوات الناسفة
أهميتها وطرق استعمالها
• بضع سنين فقط، كان ميزان القوة يميل كل الميل لصالح الرافضة ومِن خلفهم الأمريكان ضد دولة العراق الإسلامية، وفي ذلك الزمن كان لا بد من التكيف مع الوضع الجديد، حيث فَقَد المجاهدون أغلب الأرض في معارك طاحنة في سنة 2007، وانحازت القوة القليلة المتبقية إلى قلعة السُّنة الأخيرة، الموصل.
وفي بداية 2008 كان من غير الممكن الاستمرار بالقتال التقليدي، وعندها قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي -رحمه الله-: "لم يبق لنا الآن مكان نستطيع الصمود فيه ربع ساعة"، فكان لا بد لوزير الحرب أبي حمزة المهاجر -رحمه الله- أن يغيِّر طريقة القتال للحفاظ على ما تبقى من القوة، وهذا يعني التغيير الجذري في كل شيء، وأصدر وزير الحرب أمراً جريئاً غير مسبوق.
• قرار جريء:
العبوات، لقد تم إلغاء مفارز الاشتباكات والقناصة وغيرها، وتم تدريب الجميع على استخدام العبوات بدءً من الشهر الثالث من 2008، وبقليل من الوقت اقتنع المجاهدون بالطريقة الجديدة، فبدل الاصطدام بالجيش الأمريكي المدجج بالسلاح بقواتنا قليلة العدد والعدة، كان القتال داخل المدن يأخذ شكلاً جديداً تماماً، مفرزة تصنع المتفجرات في أحد البيوت، وأخرى تصنع أجهزة التفجير، ويتم تدريب مفرزة ثالثة على كيفية تمويه وزرع العبوات في الشوارع التي تمر بها مركبات المرتدين والصليبيين ودورياتهم، ويتم تدريب مفرزة أخرى على الرباط وتفجير العبوة، وكل هؤلاء يعملون في الخفاء، ويمكن أن يرابط المجاهد على العبوة أياماً طويلة دون أن يلاحظه أحد، كان هذا هو أهم المتطلبات في طريقة العمل الجديدة.
• الاستنزاف بالعبوات:
وبدأت بهذا مرحلة استنزاف طويلة دامت سنين صعبة، كان الطرفان فيها يألمان طول الوقت، ولكن المجاهدين يرجون من الله ما لا يرجوه الكفرة.
وقد شهد العالم الإبداع منقطع النظير للمجاهدين في حرب الصبر والتخفي طوال تلك السنين الصعبة، وقد أتقن المجاهدون هذا النوع من الحرب أيَّما إتقان، ولا يوجد أي مانع أن يستخدم هذا الأسلوب القتالي اليوم في الحرب ضد التحالف الصليبي، بل إن الحاجة إلى القتال تحت الطيران وإخفاء موقع رباط المجاهدين عن الطيران تحتم استخدام هذا الأسلوب في الدفاع.
• كيف نقاتل بالعبوات:
إن لهذا الأسلوب في القتال ركنان اثنان، إتقان التحضير والصبر على الرباط، والتحضير للعمل يقوم على تحديد الأماكن التي يتوقع للعدو الهجوم منها، واختيار نوع وحجم العبوات المطلوبة بلا إفراط أو تفريط، فلا حاجة للعبوات الضخمة لضرب تقدم المشاة أو السيارات غير المصفحة، وعند توقع تقدم العدو بسيارات مصفحة أو دبابات، فيجب تحضير العبوات المناسبة ووضعها في المواضع الصحيحة، وهنا يأتي دور العسكري المجرب لتوقع حركة العدو، وطريقة تقدمه، وبعد اختيار نوع العبوات، واختيار مواضع زرعها، يأتي دور طريقة التفخيخ المثلى، وهنا يأتي دور الكتائب الهندسية الخبيرة في التشريك الميكانيكي البسيط أو الإلكترونيات، والفرق بين الأسلوبين كبير، وإن الخطأ في استخدام التشريك الميكانيكي مكان الإلكتروني أو العكس يؤدي إلى نتائج سيئة، وقد يؤدي إلى تقييد حركة المجاهدين بدل وقف تقدم العدو.
• الأنواع الشائعة من العبوات:
العبوات المتحكم بها: إن العبوات الأنجع هي تلك التي يتحكم بها المجاهد المرابط ويفجِّرها بنفسه، سواءً عبر جهاز لاسلكي أو عبر سلك موصول بالعبوة لتجنب التشويش إن وُجد، ويستخدم السلك أيضاً عند عدم توفر أجهزة التفجير، ويجب طبعاً إخفاء السلك الواصل بين العبوة ومكان المجاهد المرابط، والتحضير لهذه العبوات يتضمن اختيار البطارية المناسبة لطول فترة الرباط، فلا يمكن استخدام بطارية صغيرة تنفد خلال أيام لعبوة قد يطول الرباط عليها شهراً. وفي هذا النوع من الرباط يجب على المجاهد أن يحضِّر نفسه للصبر الطويل دون أن يبتعد عن عبوته، وأن يحتضن بعينيه وتفكيره الطرق المؤدية إلى العبوة طول الوقت، وهذا العمل ينجح فيه أهل التسبيح والذكر بإذن الله، ومن المهم ألَّا يتأخر المرابط عن اللحظة المثلى للتفجير.• التشريك ويسمى "مصائد المغفلين":
وهو عبارة عن العبوات غير المتحكم بها ومن أشهرها تلك المسماة بالمسطرة والمسبحة، ومبدؤها ببساطة هي أن العدو عندما يدوس على المسطرة أو المسبحة أو غيرها من أشكال التشريك فإنه يصل قطبي البطارية بالصاعق فيفجِّر العبوة على نفسه، وهذا النوع من التشريك يتميَّز بدقة الإصابة بإذن الله، وكذلك بطول عمر العبوة، فإن البطارية لا تنفد لمدة سنين، ولكن هذا النوع هو الأسوأ والأخطر في نفس الوقت على المجاهدين عندما يتم استخدامه بشكل خاطئ، لأنه لا يميز بين العدو والصديق.
• التشريك المتحكَّم به عن بعد:
إن ميزة التشريك هي أن العدو هو الذي يعطي بجسده أو مركبته إشارة التفجير للصاعق، وهذا يعني دقة الإصابة بإذن الله، وأما عندما يفجِّر المرابط العبوة المتحكم بها من بُعد فإن دقة الإصابة تعتمد على دقة الرؤية للهدف وعلى زمن تأخير أداة التفجير (في بعض الأجهزة)، ولكن العبوات المتحكم بها تتيح حرية الحركة حول العبوة بدون أن تنفجر بالخطأ، ولذلك فقد اخترع بعض الإخوة أسلوباً يجمع فوائد الطريقتين، وهو ببساطة أن يكون هناك مفتاحان بين البطارية والصاعق، أحدها يقوم المرابط بتوصيله عند اقتراب العدو، وأما الثاني فيقوم العدو بتوصيله بنفسه عبر الضغط على المسبحة أو غيرها من أساليب التشريك، أي أن التشريك هو مفتاح ثانٍ لا يؤدي إلى الانفجار إلا إذا كان المجاهد قد فعل المفتاح الأول من عنده، وبهذا تكون العبوة آمنة بإذن الله طالما بقي المفتاح الذي بيد المرابط مفتوحاً.
• التشريك الخاطئ:
أسوأ ممارسات التشريك هي زرع العبوات غير المتحكم بها في الأراضي المفتوحة لتكون حقل ألغام، وهذا يؤدي إلى تفكيك الطرف الذي لديه مفارز هندسية متمرِّسة للعبوات وأخذها ببساطة، وفور انفجار أول عبوة سيُدرك العدو وجود حقل عبوات فيبدأ بتفكيكها بحرية، خصوصاً إذا لم يكن المكان خاضعاً لسيطرة المجاهدين النارية بالقنص أو بالرشاشات الثقيلة أو غيرها، ونادراً ما نجحت هذه العبوات في صدِّ العدو لفترة طويلة. وأما إذا كانت مواقع هذه العبوات غير مسجلة بدقة فإن حركة المجاهدين عبرها ستكون صعبة خصوصاً إذا كان هناك قرار بالتقدم لاحقاً عبر المنطقة المفخخة.
• التشريك الجيد:
إن زرع العبوات غير المتحكم بها يكون مفيداً في حالتين:
الأولى: عندما يكون التفخيخ لمنطقة لنا عليها سطوة نارية، وتقع ضمن مدى نيراننا، وبهذا لا يمكن للعدو أن يفككها ويتقدم، بل سوف تبطئ تقدمه بشكل هائل وتوقع فيه الخسائر، فلا يمكن للفرق الهندسية العمل على التفكيك تحت النيران.
الثانية: عند إرادة منع تقدم العدو من طريق معين محدد، وهنا يكون للنجاح شرطان: أن يتم تسجيل موقع العبوة لكي نتمكن من إزالتها أو تجنبها لاحقاً إذا احتجنا لذلك، وكذلك أن يكون تمويه العبوات جيداً جداً، فلا يكون تفكيك العبوات أو تجنبها سهلاً على العدو.
أسباب السلامة عند التعامل مع العبوات:
تتكون كل عبوة يستخدمها المجاهدون من أداة تفجير أولاً، وهو الجهاز الإلكتروني أو المسبحة أو غيرها، وتقوم أداة التفجير بتوصيل سلكين لغلق الدارة الكهربائية وهذا هو الذي يمرر تيار تفجير الصاعق.
ثانياً الصاعق وهو الذي تدخل فيه الإشارة الكهربائية فينفجر انفجاراً محدود المسافة ولكن ضغطه عالٍ جداً.
ثالثاً المادة المتفجرة وهي التي تحيط بالصاعق وتنفجر بسبب انفجار الصاعق، ويمكن استخدام خلطات مختلفة أو مراحل متعددة من المتفجرات حسب المتوفر، فنضع المواد الأكثر حساسية حول الصاعق، ثم الأقل حساسية بعيداً عن الصاعق.
يُستخدم في أكثر الأحيان حبل الكوارتكس شديد الانفجار، فيتم عَقدُه في داخل المواد المتفجرة لتعمل العقدة كالصاعق، ويتم إخراج طرف الحبل البعيد عن العقدة من العبوة، وهذا يسهل ربط الصاعق وفكه حسب الحاجة، فتثبيت الصاعق إلى حبل الكوارتكس وفكه سهل نسبياً، أما وضع الصاعق في العبوة وإخراجه عند تفكيك العبوة فهو صعب، ومن الخطر نقل العبوة والصاعق موصول بها، بل يجب إبعاد الصاعق عن العبوة طالما هي في حالة خمول غير مستخدمة في الرباط.
• يتم تجهيز العبوة بثلاث خطوات مرتبة لا تقديم ولا تأخير فيها:
أولاً: ربط البطارية إلى أداة التفجير وفحصها إن كانت تعمل بشكل جيد أو لا، ويجب ألَّا يمرر الجهاز الإلكتروني التيار في الوضع العادي، بل يمرر الجهاز التيار فقط في حالة إعطاء إشارة التفجير لاسلكياً أو سلكياً، وأما التشريك فيجب أن يمرر التيار فقط عند الضغط على المسطرة أو المسبحة أو أسلوب التشريك المستعمل.ثانياً: تربط أداة التفجير بالصاعق بعيداً عن العبوة مترين إلى ثلاثة أمتار، وهذا لضمان عدم انفجار العبوة إن كان هناك خللٌ ما، بل يحصل انفجار الصاعق وحده، والأذكياء يهتمون بهذه الخطوة ويجعلون للصاعق سلكاً طوله متران من نحاس جيد جداً، ويضعون الصاعق خلف ساتر يفصل بين الأخ والصاعق أثناء ربط سلك الصاعق بأداة التفجير، وهنا يجب ربط الأسلاك ببعضها بإحكام وعزل الموجب عن السالب بإتقان، وإلا فسوف يفشل التفجير لاحقاً إذا لم تكن الأسلاك موصلة توصيلاً جيداً أو كان فيها تماس بين القطبين.
ثالثاً: يتم ربط الصاعق بإحكام إلى العبوة وهي في مكانها النهائي المزروعة فيه، وسيفشل التفجير إن لم يكن الصاعق ملاصقاً بقوة لحبل الكوارتكس الخارج من جسم العبوة.
وأما فك العبوة بأسلوب آمن بإذن الله فيتم بعكس الترتيب السابق تماماً: يتم فك وإبعاد الصاعق عن العبوة، ثم يتم فك سلك الصاعق عن أداة التفجير، وأخيراً يتم فك البطارية عن أداة التفجير.
• الخطأ الأكبر:
وأخطر الممارسات في التعامل مع العبوة هي فك أو تركيب البطارية مع كون العبوة جاهزة للتفجير وجميع قطعها متصلة ببعضها، فإن فك أو تركيب البطارية يُدخل الجهاز الإلكتروني في حالةٍ غيرِ مُعروفةِ النتيجة للحظةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ جداً، وهنا يكمن الخطر، فيجب ألا تربط أو تفك البطارية إلا عندما يكون الجهاز الإلكتروني منعزلا فقط.
• من الذي يعمل في التفخيخ:
إن فائدة الرباط بالعبوات تُحتم على جميع المجاهدين تعلمها، ولا يوجد نقطة رباط إلا ويمكن لها الاستفادة الكبيرة من زرع العبوات للعدو لوقف تقدمه وإيقاع الخسائر به، وإن سهولة استخدام العبوات وعِظَمَ فائدتها تجعل تعلُّمَها مغرياً للجميع، ولكن للعمل بها خطوات لا بد من اتباعها بلا اجتهاد أو تهور.
مثال ناجح على استخدام إبداعي للعبوات:
في معارك ريف حلب الشمالي قام فريق من المجاهدين بتحضير حفلة نارية رائعة لمرتدي الصحوات، عملوا طوال أيام بذكاءٍ نادر، وقاموا بتفخيخ قرية كاملة قبل الانسحاب منها، فخخوا كل شيء في القرية، وقاموا بتمويه العبوات بحيث لا يمكن تمييزها، ولم يقتصروا على تفخيخ الشوارع أو الصخور والحُفر كالعادة، بل لبنات الجدران داخل البيوت، والدَّرج والعتبات والدراجات، وحتى داخل خزائن الملابس وأثاث المنازل، وعندما هجم المرتدون كما هو متوقع، قام الإخوة بصدهم قليلاً ثم انحازوا إلى القرى التي في الخلف، ليدخل المرتدون وهم يعيشون وَهم النصر إلى هزيمة مميزة ما زلنا نضحك منها حتى اليوم.
كان تمويه العبوات ناجحاً تماماً، وكانت العبوات معدة للعمل بعد ساعات وليس عند أول دخول المرتدين. قام المرتدون بتمشيط القرية ولم يجدوا شيئاً، ثم انتشروا في المنازل للاحتفال واللّعب والتصوير والنوم، ومن بعيد كان الإخوة الذين زرعوا العبوات ينتظرون ساعة الحصاد.
في الليل، كان المرتدون نائمين عندما استيقظت العبوات، وأصبحت جاهزة للتفاعل مع أي لمسة أو حركة، وعندما جاء صباح الكافرين، كان يوماً دامياً، كان كل شيءٍ قابلاً للانفجار، يمر أحدهم بعتبة الباب فلا يسير بعدها خطوة واحدة، وتجد جزءاً من قدميه ملتصقاً بالسقف، يفتح أحدهم الخزانة فلا يجدون بعدها من جسده شيئاً، بدؤوا بالركض على غير هدى، وهم يفجرون أنفسهم في كل حركة، وفي وقت قصير انتهت الحفلة الصاخبة، ولم يخرج من الحضور أحد، ولم يعرف الذين قُتلوا كيف انتهت أعمارهم، ولم يجدوا سعة من الوقت ليخبروا أحداً عن الذي حصل.
• أسباب النجاح:
أهم القواعد هي أن تعلم أن "وقت العمل الحقيقي هو وقت زرع العبوات"، وأما بعد ذلك فهو وقت الحصاد وليس وقت الزرع، فلا تهتم بأي وقت قدر اهتمامك بوقت زرع العبوة، اختر المكان الجيد والتمويه الجيد وطريقة التفجير المناسبة، وسوف تحصد حصاداً جيداً بإذن الله.
ويتميز العاملون الناجحون في هذا المجال بالذكر وبشدة التعلق بالله، وربما يكون هذا بسبب طول وقت الرباط.
• التعويض عن فرق القوة النارية:
كما هو واضح، فإن قوةً مدججةً بالسلاح يمكن إفناؤها إذا تم استخدام العبوات بشكل صحيح، فإن مجاهداً واحداً يرابط بصدق على عبواته ويتقن عمله يستطيع بعون الله صدَّ أكبر قوة تتقدم إلى منطقة دفاعه، وإن المجاهد إذا تمكن من البقاء مختفياً فلن يستفيد العدو من طيرانه أو قوته النارية الأرضية، أي أن العبوات توفر الفرصة لضرب العدو من حيث لا يدري، وفي هذا الأسلوب القتالي لا يحتاج المجاهد لتغيير مكانه بعد التنفيذ، بل يحتاج فقط أن يضبط أعصابه وأن لا ينساق لحيل العدو لمعرفة مكانه، فلا يطلق النار على العدو ولا ينسى ما هو سلاحه الرئيسي، وأما البندقية والمسدس فهي فقط للدفاع الشخصي إذا وصل إليه العدو، والوضع الطبيعي هو أن لا يحتاجها.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 101
الخميس 22 محرم 1439 هـ