أوصاف المنافقين في القرآن الكريم إن من سنن الله -عز وجل- أن جعل الأيام دولا، فيكون النصر ...
منذ 2025-06-17
أوصاف المنافقين في القرآن الكريم
إن من سنن الله -عز وجل- أن جعل الأيام دولا، فيكون النصر والظفر للمجاهدين تارة، ويكونان لعدوهم تارة أخرى، وفي كل خير لهم، قال الله في كتابه: {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74]، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: (ما من غازية أو سرية تغزو فتَغنم وتَسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثُلُثَي أجورهم، وما من غازية أو سرية تُخفق وتُصاب إلا تمَّ أجورهم) [رواه مسلم]، وإن من سننه -تعالى- أن المسلمين إذا علَت رايتهم وارتفع صرحُهم دخل في صفوفهم من ليس منهم، قال الله عز وجل: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56]، وقال تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14]، إنهم المنافقون.
• الجهاد يفضح المنافقين
وإن هؤلاء وإن كان ظاهرهم مع المسلمين إلا أنهم {يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران: 154]، فهم إذا دهم المشركون ديار الإسلام أساؤوا بالله الظن، وظنوا أن لن ينصر الله المؤمنين، {يَظُنُّونَ بِاللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]، وإذا دارت رحى الحرب سعوا جاهدين للتخلف عنها، فإن أُذن لهم فرحوا بذلك، {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّـهِ} [التوبة: 81]، وإذا لم يؤذن لهم سعوا في تخذيل المسلمين وتخويفهم علَّهم يقعدون جميعا، قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 18]، ولمَّا كان القعود عن الجهاد بغير عذر علامة واضحة دالة على المنافقين، حيث قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران: 167]، سعى هؤلاء جاهدين لاختلاق الأعذار، {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 86]، فمنهم من كان عذره شدة الحر، {وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ}، فأجابهم تعالى بقوله: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 81]، {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي}، أي لا تفتني بإخراجي للقتال فإني لا أصبر على سبي بني الأصفر، فقال فيه الله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49].
• يقولون إنّ بيوتنا عورة..
وفي غزوة الأحزاب، بعد أن اشتد البلاء على المسلمين، أمَّنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء والذراري في حصن بني حارثة لانشغال المجاهدين بالرباط والحراسة عن حمايتهم، ولم يستأمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يهود بني قريظة عليهم فيُلحقهم بهم وكانوا يومئذ على العهد، لعلمه أن الكافرين لا عهد لهم، ولما كان حال المسلمين في تلك الغزوة ما ذكر الله من الزلزلة والبلاء، والخوف والفزع، كان تعلقهم بالله أشد، ويقينهم به أصدق، {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
أما المنافقون فشكوا وارتابوا، وظنوا أن لن يُنجز الله وعده، فقال عنهم جل جلاله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، ولم يكتفوا بذلك بل زادوا عليه الخذلانَ والإرجافَ، {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، أي ارجعوا إلى بيوتكم ولا تقاتلوا، {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}، قال قتادة: "قالوا: بيوتنا مما يلي العدو ولا نأمن على أهلنا" [زاد المسير في علم التفسير]، فاحتج بعضهم بأن بيوتهم غير محصنة، فاستأذنوا النبي -صلى الله عليه وسلم- لحمايتها ومن فيها، فأخبر الله -عز وجل- بأن ذلك ليس بعذر، ونفى ما قالوا، فقال: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}، وبين الدافع الحقيقي للاستئذان فقال: {إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13]، فهم إنما أرادوا بذلك الفرار من القتل والقتال، والسيوف والنصال، خشية الموت أو الجراح، وأرادوا بذلك التستر بحماية العِرض من العدو.
إن من سنن الله -عز وجل- أن جعل الأيام دولا، فيكون النصر والظفر للمجاهدين تارة، ويكونان لعدوهم تارة أخرى، وفي كل خير لهم، قال الله في كتابه: {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74]، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم: (ما من غازية أو سرية تغزو فتَغنم وتَسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثُلُثَي أجورهم، وما من غازية أو سرية تُخفق وتُصاب إلا تمَّ أجورهم) [رواه مسلم]، وإن من سننه -تعالى- أن المسلمين إذا علَت رايتهم وارتفع صرحُهم دخل في صفوفهم من ليس منهم، قال الله عز وجل: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56]، وقال تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14]، إنهم المنافقون.
• الجهاد يفضح المنافقين
وإن هؤلاء وإن كان ظاهرهم مع المسلمين إلا أنهم {يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [آل عمران: 154]، فهم إذا دهم المشركون ديار الإسلام أساؤوا بالله الظن، وظنوا أن لن ينصر الله المؤمنين، {يَظُنُّونَ بِاللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]، وإذا دارت رحى الحرب سعوا جاهدين للتخلف عنها، فإن أُذن لهم فرحوا بذلك، {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّـهِ} [التوبة: 81]، وإذا لم يؤذن لهم سعوا في تخذيل المسلمين وتخويفهم علَّهم يقعدون جميعا، قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 18]، ولمَّا كان القعود عن الجهاد بغير عذر علامة واضحة دالة على المنافقين، حيث قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران: 167]، سعى هؤلاء جاهدين لاختلاق الأعذار، {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 86]، فمنهم من كان عذره شدة الحر، {وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ}، فأجابهم تعالى بقوله: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 81]، {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي}، أي لا تفتني بإخراجي للقتال فإني لا أصبر على سبي بني الأصفر، فقال فيه الله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49].
• يقولون إنّ بيوتنا عورة..
وفي غزوة الأحزاب، بعد أن اشتد البلاء على المسلمين، أمَّنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء والذراري في حصن بني حارثة لانشغال المجاهدين بالرباط والحراسة عن حمايتهم، ولم يستأمن النبي -صلى الله عليه وسلم- يهود بني قريظة عليهم فيُلحقهم بهم وكانوا يومئذ على العهد، لعلمه أن الكافرين لا عهد لهم، ولما كان حال المسلمين في تلك الغزوة ما ذكر الله من الزلزلة والبلاء، والخوف والفزع، كان تعلقهم بالله أشد، ويقينهم به أصدق، {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
أما المنافقون فشكوا وارتابوا، وظنوا أن لن يُنجز الله وعده، فقال عنهم جل جلاله: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، ولم يكتفوا بذلك بل زادوا عليه الخذلانَ والإرجافَ، {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، أي ارجعوا إلى بيوتكم ولا تقاتلوا، {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ}، قال قتادة: "قالوا: بيوتنا مما يلي العدو ولا نأمن على أهلنا" [زاد المسير في علم التفسير]، فاحتج بعضهم بأن بيوتهم غير محصنة، فاستأذنوا النبي -صلى الله عليه وسلم- لحمايتها ومن فيها، فأخبر الله -عز وجل- بأن ذلك ليس بعذر، ونفى ما قالوا، فقال: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}، وبين الدافع الحقيقي للاستئذان فقال: {إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13]، فهم إنما أرادوا بذلك الفرار من القتل والقتال، والسيوف والنصال، خشية الموت أو الجراح، وأرادوا بذلك التستر بحماية العِرض من العدو.