لا نَدَعُ هذه البيعة أبداً إن إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة كانتا من أكبر الأحلام التي ...
منذ 2025-06-17
لا نَدَعُ هذه البيعة أبداً
إن إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة كانتا من أكبر الأحلام التي تراود المسلمين في كل مكان، يحدثون أنفسهم بها، ويتمنَّون لو يبذلون أنفسهم في سبيل الله كي يروا ما يحلمون به واقعا أمامهم، أو يكون لهم على الأقل مشاركة في تحقيق ذلك.
وقد منَّ الله على عباده المؤمنين بتحقيق هذه الأمنية العزيزة عليهم، فقامت الدولة الإسلامية لتحكم بشرع الله تعالى، وعادت الخلافة لتجمع كلمة المسلمين تحت لوائها، وتوافد المسلمون من كل مكان للاعتصام بجماعتها، ومبايعة إمامها، وقتال المشركين في صفوف جيشها.
لقد عرف الناس كلهم، لا المسلمون فحسب، فضلا عن أمراء الدولة الإسلامية وجنودها، أن قضية إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة ستهزُّ دول الكفر هزّاً، وستدفع المشركين من كل حدب وصوب إلى أن يحتشدوا لقتالها، متحاملين على جراحهم، متناسين ما بينهم من نزاعات وصراعات وتضارب في المصالح، فواجب العصر عندهم أن يئِدوا الخلافة في مهدها، ويزيلوا شريعة الله من الأرض، لتعود كما كانت من قبل محكومة كلها بحكم الطاغوت، وهكذا هو حال الموحدين مع المشركين في كل زمان.
وقد روى جابر -رضي الله عنه- قصة بيعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم، فاشترط عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم- أن تكون بيعتهم على السمع والطاعة والنفقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى النصرة والمنعة، فوافق الأنصار على هذه الشروط، ومدُّوا أيديهم ليبايعوا رسول الله عليها، فمنعهم من ذلك أحدهم حتى يتبينوا نتيجة ما هم مقدمون عليه.
قال جابر: "أخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم، فقال: رويدا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن إخراجه اليوم منازعة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضَّكم السيوف، فإما أن تصبروا على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جُبنا، فبيِّنوا ذلك فهو أعذر لكم، فقالوا: أمط عنا فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا، فقمنا إليه، فبايعناه، فأخذ علينا، وشرط أن يعطينا على ذلك الجنة" [رواه ابن حبان].
فعرف الصحابة الكرام ثمن هذه البيعة، وهو أن تحاربهم عليها العرب، ويُقتل في حربهم خيارهم، وأن تعضَّهم السيوف، كما عرفوا ربح هذه البيعة إن وفوا بشروطها، وهو الجنة، وعلى ذلك مضوا في بيعتهم، وثبتوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أظهر الله دينه، وأكمله، وأتمَّ عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينا، وعرف نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فضل الأنصار في ذلك، حتى قال: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) [رواه البخاري].
وهذه حالنا اليوم نحن معاشر الموحدين جنود الدولة الإسلامية، فقد بايعنا الإمام الذي وليناه أمرنا على أن يقيم فينا دين الله، ويُحكِّم فينا شرعه، ويقود جماعة المسلمين بما يرضي رب العالمين، ويجاهد بنا الكفار والمشركين، ويرد عادية البغاة والمفسدين، وكنا نعلم يقينا أن هذا الأمر دونه خرط القتاد، وأن تعضَّنا السيوف، وتطعننا الرماح، وأن يرمينا العالم كله عن قوس واحدة، وهو ما كان، والحمد لله على كل حال.
فيا جنود الدولة الإسلامية، لم يصبكم في سبيل الله أكثر مما كنتم تتوقعون، مصداقا لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، وما كان الجهاد كله فتحا للأمصار، وتمكينا في الأرض، واغتناما للأموال، وشفاء صدورٍ من الأعداء فحسب، بل هو فتن تُصب على رؤوس المجاهدين صبّاً من أعدائهم كي يرجعوهم عن دينهم، إلا الصابرين.
فلا تكونوا كالذين قال الله -تعالى- فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، واسألوا الله أن يبارك لكم بيعتكم لأمير المؤمنين على إقامة الدين، وقتال المشركين، فنِعم البيعة هي والله، لا ندعها أبدا، ولا نقيل ولا نستقيل، حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الكافرين، والحمد لله رب العالمين.
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 97
الخميس 23 ذو الحجة 1438 هـ
إن إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة كانتا من أكبر الأحلام التي تراود المسلمين في كل مكان، يحدثون أنفسهم بها، ويتمنَّون لو يبذلون أنفسهم في سبيل الله كي يروا ما يحلمون به واقعا أمامهم، أو يكون لهم على الأقل مشاركة في تحقيق ذلك.
وقد منَّ الله على عباده المؤمنين بتحقيق هذه الأمنية العزيزة عليهم، فقامت الدولة الإسلامية لتحكم بشرع الله تعالى، وعادت الخلافة لتجمع كلمة المسلمين تحت لوائها، وتوافد المسلمون من كل مكان للاعتصام بجماعتها، ومبايعة إمامها، وقتال المشركين في صفوف جيشها.
لقد عرف الناس كلهم، لا المسلمون فحسب، فضلا عن أمراء الدولة الإسلامية وجنودها، أن قضية إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة ستهزُّ دول الكفر هزّاً، وستدفع المشركين من كل حدب وصوب إلى أن يحتشدوا لقتالها، متحاملين على جراحهم، متناسين ما بينهم من نزاعات وصراعات وتضارب في المصالح، فواجب العصر عندهم أن يئِدوا الخلافة في مهدها، ويزيلوا شريعة الله من الأرض، لتعود كما كانت من قبل محكومة كلها بحكم الطاغوت، وهكذا هو حال الموحدين مع المشركين في كل زمان.
وقد روى جابر -رضي الله عنه- قصة بيعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم، فاشترط عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم- أن تكون بيعتهم على السمع والطاعة والنفقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى النصرة والمنعة، فوافق الأنصار على هذه الشروط، ومدُّوا أيديهم ليبايعوا رسول الله عليها، فمنعهم من ذلك أحدهم حتى يتبينوا نتيجة ما هم مقدمون عليه.
قال جابر: "أخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم، فقال: رويدا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن إخراجه اليوم منازعة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضَّكم السيوف، فإما أن تصبروا على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جُبنا، فبيِّنوا ذلك فهو أعذر لكم، فقالوا: أمط عنا فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا، فقمنا إليه، فبايعناه، فأخذ علينا، وشرط أن يعطينا على ذلك الجنة" [رواه ابن حبان].
فعرف الصحابة الكرام ثمن هذه البيعة، وهو أن تحاربهم عليها العرب، ويُقتل في حربهم خيارهم، وأن تعضَّهم السيوف، كما عرفوا ربح هذه البيعة إن وفوا بشروطها، وهو الجنة، وعلى ذلك مضوا في بيعتهم، وثبتوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أظهر الله دينه، وأكمله، وأتمَّ عليهم نعمته، ورضي لهم الإسلام دينا، وعرف نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فضل الأنصار في ذلك، حتى قال: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) [رواه البخاري].
وهذه حالنا اليوم نحن معاشر الموحدين جنود الدولة الإسلامية، فقد بايعنا الإمام الذي وليناه أمرنا على أن يقيم فينا دين الله، ويُحكِّم فينا شرعه، ويقود جماعة المسلمين بما يرضي رب العالمين، ويجاهد بنا الكفار والمشركين، ويرد عادية البغاة والمفسدين، وكنا نعلم يقينا أن هذا الأمر دونه خرط القتاد، وأن تعضَّنا السيوف، وتطعننا الرماح، وأن يرمينا العالم كله عن قوس واحدة، وهو ما كان، والحمد لله على كل حال.
فيا جنود الدولة الإسلامية، لم يصبكم في سبيل الله أكثر مما كنتم تتوقعون، مصداقا لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، وما كان الجهاد كله فتحا للأمصار، وتمكينا في الأرض، واغتناما للأموال، وشفاء صدورٍ من الأعداء فحسب، بل هو فتن تُصب على رؤوس المجاهدين صبّاً من أعدائهم كي يرجعوهم عن دينهم، إلا الصابرين.
فلا تكونوا كالذين قال الله -تعالى- فيهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، واسألوا الله أن يبارك لكم بيعتكم لأمير المؤمنين على إقامة الدين، وقتال المشركين، فنِعم البيعة هي والله، لا ندعها أبدا، ولا نقيل ولا نستقيل، حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الكافرين، والحمد لله رب العالمين.
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 97
الخميس 23 ذو الحجة 1438 هـ