قصص من جهاد النساء 1 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ...
منذ 2025-07-03
قصص من جهاد النساء 1
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فقد ذكرنا في المقالة سابقا نموذجا من نساء القرن الأول المبارك، وكيف شاركن بأنفسهن في المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحملن في سبيل ذلك الصعاب.
وسنعرض في هذه المقالة جانبا من تحريضهن وصبرهن عند المصائب، كأمثلة نسوقها لك أيتها المجاهدة لتكون سلوى لك عند المصائب، وزادا على طريق الجهاد والمتاعب.
• أم سليم الأنصارية (رضي الله عنها) تذود عن نفسها بخنجر
فلك -أختي المسلمة- مثال واضح من أفعال الصحابية الجليلة تنبيك عن استعدادها للجهاد والدفاع عن دينها وعرضها، إنها أم سليم رضي الله عنها، تلك المرأة التي تميزت بقوة القلب في سبيل نصر دين الله، وخاطرت بنفسها ودخلت ميدان المعركة واستعدت لمواجهة الرجال، كل ذلك بسبب حبها للدين ونصر الإسلام، فعن أنس، أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا، فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا الخنجر؟) قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين، بقرت به بطنه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك" [رواه مسلم].
• صفية (رضي الله عنها) تقتل يهودياً
وهاك أختي المجاهدة صحابية أخرى عندها من قوة القلب ما نحتاجه في كثير من نساء المسلمين، ولا نظن أن رجلاً يعلم أن وراءه مثلها فينكص عن الجهاد والإقدام، وهذا النموذج هو صفية بنت عبد المطلب عمةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- فعندما رقى أحد اليهود الحصن الذي فيه النساء والذرية كانت له بالمرصاد، قال ابن سعد في طبقاته: "فأخذت عموداً فنزلت فختلته حتّى فتحت الباب قليلا قليلا، ثمّ حملت عليه فضربته بالعمود فقتلته".
ولك أختي المسلمة المجاهدة جانبا من تحريض صفية -رضي الله عنها- للرجال على القتال إذ لم تقتصر على التحريض بلسانها فقط، بل بفعالها أيضاً، قال ابن سعد: "عن هشام بن عروة، أنّ صفيّة بنت عبد المطّلب جاءت يوم أحد وقد انهزم النّاس وبيدها رمح تضرب في وجوه النّاس وتقول: انهزمتم عن رسول اللّه..." [الطبقات الكبرى].
• صبر صفية (رضي الله عنها)
وأما صبرها على المصيبة واحتسابها فهي جبل أشم، قال الإمام الطبري: "قال ابن إسحاق: وأقبلت -فيما بلغني- صفيّة بنت عبد المطّلب لتنظر إلى حمزة، وكان أخاها لأبيها وأمّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابنها الزّبير بن العوّام: (القها فأرجعها، لا ترى ما بأخيها)، فلقيها الزّبير فقال لها: يا أمه، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرك أن ترجعي، فقالت: ولم، وقد بلغني أنّه مثّل بأخي وذلك في اللّه قليل! فما أرضانا بما كان من ذلك! لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء اللّه، فلمّا جاء الزّبير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بذلك، قال: خلّ سبيلها، فأتته فنظرت إليه وصلّت عليه، واسترجعت واستغفرت له" [تاريخ الطبري].
• قتلت تسعة من الروم بعمود
وهذه قدوة أخرى لك في الفداء والإقدام، وهي أسماء بنت يزيد بن السكن بنت عم معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال عنها الذهبي: "من المبايعات المجاهدات، وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم" [سير أعلام النبلاء].
ولكل أخت مجاهدة نقول: إن لم تستطيعي أن تفعلي فعل أسماء بنت يزيد فلا أقل من أن تدافعي عن نفسك إذا دهمك خطر الكفار والمرتدين فلا عذر لك حينئذ من القتال والمدافعة.
• زوجها يستشهد بعد سبعة أيام من زواجها
ولك أختي المسلمة في أم حكيم بنت الحارث عبرة، زوج عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، وكيف تعالت على مصيبتها في زوجها، وتزوجت فارسا آخر وقاتلت معه في سبيل الله، ولكنه لم يبق معها سوى أيام وارتقى شهيدا، قال الذهبي: "وقال سعيد بن عبد العزيز: التقوا على النّهر عند الطّاحونة، فقتلت الرّوم يومئذ حتّى جرى النهر وطحنت طاحونتها بدمائهم فأنزل النّصر، وقتلت يومئذ أمّ حكيم سبعةً من الرّوم بعمود فسطاطها، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، ثمّ تزوّجها خالد بن سعيد بن العاص، قال محمّد بن شعيب: فلم تقم معه إلّا سبعة أيّام" [تاريخ الإسلام].• امرأة طلبت لقاء ربها
وهذه أختي في الله قدوة أخرى لك، أحبت لقاء ربها وطلب المنازل العلا فكانت من أهلها، إنها أم حرام رضي الله عنها، وهي من محارم النبي -صلى الله عليه وسلم- باتفاق العلماء، فقيل أنها خالته من الرضاعة وقيل خالة أبيه، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهبَ إلى قُباء يدخل على أمِّ حرام بنتِ مِلْحَان فتُطعمُه، وكانت تحت عُبادة بن الصامت، فدخل عليها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً فأطْعَمَتْه، فنام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يُضْحِكك يا رسول الله؟ قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غُزَاة في سبيل الله، يركبون ثَبَجَ هذا البحر، مُلوكاً على الأسِرَّة -أو قال: مثلَ الملوك على الأسِرَّةِ- قالت: فقلت: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت :فقلتُ: ما يُضْحِكُك يا رسول الله؟ قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى- قالت: فقلت: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلَني منهم، قال: أنت من الأولين، فركبت أمُّ حرام بنت مِلْحان البحرَ في زمن معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، فصُرِعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فَهَلَكَت" [متفق عليه].
وكان ذلك في جزيرة قبرص حيث غزت أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وكانوا في جيش أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه، قال ابن الأثير: "وفي هذه الغزوة ماتت أمّ حرام بنت ملحان الأنصاريّة، ألقتها بغلتها بجزيرة قبرص فاندقّت عنقها فماتت، تصديقًا للنبي، صلى الله عليه وسلم، حيث أخبرها أنّها في أوّل من يغزو في البحر" [الكامل في التاريخ].
هذه أختي الكريمةَ أمُّ حرامٍ -رضي الله عنها- تشوقَت إلى مشاركة المجاهدين في أفعالهم وأجرِهم، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوَ لها لتكون من الغزاة في سبيل الله، وأن تكون النفر الذين هم مثل الملوك على الأسرة، وما كان هذا السؤال منها إلا لأن قلبها قد امتلأ بحب الله ورسوله والجهاد في سبيله، فاسترخصت النفس في مقابل ذلك، فرحمها الله ورضي عنها وأسكنها فسيح جناته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فقد ذكرنا في المقالة سابقا نموذجا من نساء القرن الأول المبارك، وكيف شاركن بأنفسهن في المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحملن في سبيل ذلك الصعاب.
وسنعرض في هذه المقالة جانبا من تحريضهن وصبرهن عند المصائب، كأمثلة نسوقها لك أيتها المجاهدة لتكون سلوى لك عند المصائب، وزادا على طريق الجهاد والمتاعب.
• أم سليم الأنصارية (رضي الله عنها) تذود عن نفسها بخنجر
فلك -أختي المسلمة- مثال واضح من أفعال الصحابية الجليلة تنبيك عن استعدادها للجهاد والدفاع عن دينها وعرضها، إنها أم سليم رضي الله عنها، تلك المرأة التي تميزت بقوة القلب في سبيل نصر دين الله، وخاطرت بنفسها ودخلت ميدان المعركة واستعدت لمواجهة الرجال، كل ذلك بسبب حبها للدين ونصر الإسلام، فعن أنس، أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا، فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا الخنجر؟) قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين، بقرت به بطنه، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضحك" [رواه مسلم].
• صفية (رضي الله عنها) تقتل يهودياً
وهاك أختي المجاهدة صحابية أخرى عندها من قوة القلب ما نحتاجه في كثير من نساء المسلمين، ولا نظن أن رجلاً يعلم أن وراءه مثلها فينكص عن الجهاد والإقدام، وهذا النموذج هو صفية بنت عبد المطلب عمةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- فعندما رقى أحد اليهود الحصن الذي فيه النساء والذرية كانت له بالمرصاد، قال ابن سعد في طبقاته: "فأخذت عموداً فنزلت فختلته حتّى فتحت الباب قليلا قليلا، ثمّ حملت عليه فضربته بالعمود فقتلته".
ولك أختي المسلمة المجاهدة جانبا من تحريض صفية -رضي الله عنها- للرجال على القتال إذ لم تقتصر على التحريض بلسانها فقط، بل بفعالها أيضاً، قال ابن سعد: "عن هشام بن عروة، أنّ صفيّة بنت عبد المطّلب جاءت يوم أحد وقد انهزم النّاس وبيدها رمح تضرب في وجوه النّاس وتقول: انهزمتم عن رسول اللّه..." [الطبقات الكبرى].
• صبر صفية (رضي الله عنها)
وأما صبرها على المصيبة واحتسابها فهي جبل أشم، قال الإمام الطبري: "قال ابن إسحاق: وأقبلت -فيما بلغني- صفيّة بنت عبد المطّلب لتنظر إلى حمزة، وكان أخاها لأبيها وأمّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابنها الزّبير بن العوّام: (القها فأرجعها، لا ترى ما بأخيها)، فلقيها الزّبير فقال لها: يا أمه، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرك أن ترجعي، فقالت: ولم، وقد بلغني أنّه مثّل بأخي وذلك في اللّه قليل! فما أرضانا بما كان من ذلك! لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء اللّه، فلمّا جاء الزّبير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بذلك، قال: خلّ سبيلها، فأتته فنظرت إليه وصلّت عليه، واسترجعت واستغفرت له" [تاريخ الطبري].
• قتلت تسعة من الروم بعمود
وهذه قدوة أخرى لك في الفداء والإقدام، وهي أسماء بنت يزيد بن السكن بنت عم معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال عنها الذهبي: "من المبايعات المجاهدات، وقتلت بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم" [سير أعلام النبلاء].
ولكل أخت مجاهدة نقول: إن لم تستطيعي أن تفعلي فعل أسماء بنت يزيد فلا أقل من أن تدافعي عن نفسك إذا دهمك خطر الكفار والمرتدين فلا عذر لك حينئذ من القتال والمدافعة.
• زوجها يستشهد بعد سبعة أيام من زواجها
ولك أختي المسلمة في أم حكيم بنت الحارث عبرة، زوج عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، وكيف تعالت على مصيبتها في زوجها، وتزوجت فارسا آخر وقاتلت معه في سبيل الله، ولكنه لم يبق معها سوى أيام وارتقى شهيدا، قال الذهبي: "وقال سعيد بن عبد العزيز: التقوا على النّهر عند الطّاحونة، فقتلت الرّوم يومئذ حتّى جرى النهر وطحنت طاحونتها بدمائهم فأنزل النّصر، وقتلت يومئذ أمّ حكيم سبعةً من الرّوم بعمود فسطاطها، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل، ثمّ تزوّجها خالد بن سعيد بن العاص، قال محمّد بن شعيب: فلم تقم معه إلّا سبعة أيّام" [تاريخ الإسلام].• امرأة طلبت لقاء ربها
وهذه أختي في الله قدوة أخرى لك، أحبت لقاء ربها وطلب المنازل العلا فكانت من أهلها، إنها أم حرام رضي الله عنها، وهي من محارم النبي -صلى الله عليه وسلم- باتفاق العلماء، فقيل أنها خالته من الرضاعة وقيل خالة أبيه، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهبَ إلى قُباء يدخل على أمِّ حرام بنتِ مِلْحَان فتُطعمُه، وكانت تحت عُبادة بن الصامت، فدخل عليها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً فأطْعَمَتْه، فنام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يُضْحِكك يا رسول الله؟ قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غُزَاة في سبيل الله، يركبون ثَبَجَ هذا البحر، مُلوكاً على الأسِرَّة -أو قال: مثلَ الملوك على الأسِرَّةِ- قالت: فقلت: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت :فقلتُ: ما يُضْحِكُك يا رسول الله؟ قال: ناسٌ من أمتي عُرِضوا عليَّ غزاة في سبيل الله -كما قال في الأولى- قالت: فقلت: يا رسول الله، ادْعُ الله أن يجعلَني منهم، قال: أنت من الأولين، فركبت أمُّ حرام بنت مِلْحان البحرَ في زمن معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهما، فصُرِعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فَهَلَكَت" [متفق عليه].
وكان ذلك في جزيرة قبرص حيث غزت أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وكانوا في جيش أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه، قال ابن الأثير: "وفي هذه الغزوة ماتت أمّ حرام بنت ملحان الأنصاريّة، ألقتها بغلتها بجزيرة قبرص فاندقّت عنقها فماتت، تصديقًا للنبي، صلى الله عليه وسلم، حيث أخبرها أنّها في أوّل من يغزو في البحر" [الكامل في التاريخ].
هذه أختي الكريمةَ أمُّ حرامٍ -رضي الله عنها- تشوقَت إلى مشاركة المجاهدين في أفعالهم وأجرِهم، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوَ لها لتكون من الغزاة في سبيل الله، وأن تكون النفر الذين هم مثل الملوك على الأسرة، وما كان هذا السؤال منها إلا لأن قلبها قد امتلأ بحب الله ورسوله والجهاد في سبيله، فاسترخصت النفس في مقابل ذلك، فرحمها الله ورضي عنها وأسكنها فسيح جناته.