الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 502 الافتتاحية: • طلاب المعالي إنّ قيمة المرء ما يطلبه، ...
منذ 2025-07-12
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 502
الافتتاحية:
• طلاب المعالي
إنّ قيمة المرء ما يطلبه، ومن طلب المعاليَ حريٌّ به أن يفارق الراحة فالنعيم لا يُدرك بالنعيم، وإنّ أعلى الناس مطلبا وأرفعهم همة المجاهدون طلاب الجنة وعشاق الشهادة، الذين عرفوا قدر سلعة الله الغالية فبذلوا ثمنها دمًا ومُهَجًا وأشلاءً، كما بيّن سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}.
وتتفاوت منازل العباد بتفاوت هممهم، فمنهم من تسابق الجوزاء همته ولا يقنع بما دون الثريا ولو تلفت نفسه دون ذلك في سبيل الله تعالى لا سبيل غيره، ومنهم من تكون همته هابطة سافلة إلى الأرض لا تتجاوز حد شهواته ونزواته، وبين تلك المنزلتين منازل شتى.
ومن عجيب طغيان المادة على أهل زماننا، أنهم صبغوا علو الهمة بصبغة الدنيا، فلم تعد تعني في قاموسهم غير الارتقاء في مناصبها والعلو في درجاتها والمنافسة في حصد مكاسبها، فصارت همتهم لا تخرج عن الدنيا ولا تنفك عنها!
ولمّا كان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام؛ لم يقم به إلا الخُلَّصُ الذين اصطفاهم الله تعالى ووفقهم لذلك، ممّن علت همَمُهم وسمت نفوسهم، وأما الذين تركوا الجهاد وأعرضوا عنه؛ فهم غالبا ممّن: {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}، أو هم ممّن استبدلهم الله بقوم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ فالقاعد عن جهاد الفريضة بغير عذر، يُخشى عليه من النفاق أو الاستبدال؛ والأخير قد لاحت لوائحه في كل واد فيا سوءة القاعدين!
وعلى كل حالٍ فإن ترك الجهاد والنفير لا يصدر إلا عن همة ساقطة غارقة في أوحال الدنيا وشهواتها؛ كما بيّن الحكيم العليم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.
ولمّا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أرفع الناس همما وأبعدهم عن حطام الدنيا مقصدا؛ كانوا أسرع الناس استجابةً لداعي الجهاد وأقوى الناس قيامًا بأمره، وأكثرهم تضحيةً بالنفس والنفيس على عتباته كما أخبر سبحانه عنهم: {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وذكر ابن المبارك رحمه الله في كتابه الجهاد عن خالد رضي الله عنه قوله: "ما من ليلة يُهدى إلي فيها عروس أو أبشّر فيها بغلامٍ، أحبَّ إليَّ من ليلةٍ شديدةِ البردِ كثيرةِ الجليدِ في سريَّة أُصبِّحُ فيها العدو"، وذلك عمير بن الحمام لم تمهله همته حتى يأكل تميرات رآها عائقا عن الاستشهاد!، والأمثلة على علو همم الصحابة في الجهاد لا تكفيها الصفحات ولا تحيط بها الكلمات.
وفي المقابل، إذا تأملت أحوال المنافقين التي جلّاها الله عز وجل في كتابه؛ وجدتَ أكثرها في التخلف عن الجهاد وتقاعس هممهم عن ميادينه، وإخلادهم إلى الأرض، كما في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}، وقوله سبحانه: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وغيرها من الآيات.
والهمة محلها القلب ابتداءً فمنه تنبعث رياحها وتنقدح شرارتها، فأصلحوا قلوبكم تنصلح هممكم، لكن أثر الهمة العالية لا بد أن يظهر على الجوارح بذلا وتضحية وجهادا واستعدادا وتأهُّبا دائما، كما يصوّرها بدقة متناهية الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ)، بهذه الهمة وعلى هذه الأُهبة يجب أن تحيا أيها المجاهد في سبيل الله تعالى، فهذا قدَرك وقدْرك.
إن الهمة العالية تتطلب منك أيها المجاهد أن تكون مبادرا مثابرا مسابقا إلى تلبية نداء مولاك، مقداما في الحق مقدِّما إيّاه على ما سواه، باذلا لنصرته كل ما بوسعك عن طيب خاطر، فما سبق أصحاب نبيك -صلى الله عليه وسلم- وعلوا العرب والعجم قدرا ومنزلة إلا بهذا، وانظر معنا خبر القوم كيف كانوا؟ فعن جرير بن حازم قال: "سمعت الحسن قال: حضر باب عمر بن الخطاب سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبو سفيان بن حرب، ونفر من قريش من تلك الرؤوس، وصهيب وبلال، وتلك الموالي الذين شهدوا بدرا، فخرج آذن عمر فأذن لهم، وترك هؤلاء، فقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ولا يلتفت إلينا!، قال: فقال سهيل بن عمرو، وكان رجلا عاقلا: أيها القوم، إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم، دُعي القوم ودعيتم؛ فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا ليوم القيامة وتركتم، أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل مما لا ترون؛ أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي ننافسهم عليه، قال: ونفض ثوبه وانطلق، قال الحسن: وصدق والله سهيل لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه". [رواه أحمد في الزهد]
وقد صدق والله الحسن وبرَّ، فإن الله لم يساوِ بين السابقين والمتأخرين، ولا بين المجاهدين والقاعدين، ولا بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، قال تعالى: {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
إنّ الواقع المر الذي يحياه المسلمون اليوم يتطلب صناعة رجال ذوي همم عالية وعزائم ماضية لا تلين ولا تستكين، لا تعرف للراحة طعما، ولا إلى الدعة سبيلا، قد أيقنوا أن الجنة حُفت بالمكاره فلا مناص عنها، وأدركوا أن العزة والغلبة والرفعة والمهابة وكل معالي الأمور لن تُنال إلا عندما تعلو الهمم فوق ذرى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، عندها وحسب يعود المسلمون إلى السيادة والريادة كما كانوا.
• المصدر:
صحيفة النبأ العدد 502
السنة السابعة عشرة - الخميس 8 المحرم 1447 هـ
المقال الافتتاحي:
طلاب المعالي
الافتتاحية:
• طلاب المعالي
إنّ قيمة المرء ما يطلبه، ومن طلب المعاليَ حريٌّ به أن يفارق الراحة فالنعيم لا يُدرك بالنعيم، وإنّ أعلى الناس مطلبا وأرفعهم همة المجاهدون طلاب الجنة وعشاق الشهادة، الذين عرفوا قدر سلعة الله الغالية فبذلوا ثمنها دمًا ومُهَجًا وأشلاءً، كما بيّن سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}.
وتتفاوت منازل العباد بتفاوت هممهم، فمنهم من تسابق الجوزاء همته ولا يقنع بما دون الثريا ولو تلفت نفسه دون ذلك في سبيل الله تعالى لا سبيل غيره، ومنهم من تكون همته هابطة سافلة إلى الأرض لا تتجاوز حد شهواته ونزواته، وبين تلك المنزلتين منازل شتى.
ومن عجيب طغيان المادة على أهل زماننا، أنهم صبغوا علو الهمة بصبغة الدنيا، فلم تعد تعني في قاموسهم غير الارتقاء في مناصبها والعلو في درجاتها والمنافسة في حصد مكاسبها، فصارت همتهم لا تخرج عن الدنيا ولا تنفك عنها!
ولمّا كان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام؛ لم يقم به إلا الخُلَّصُ الذين اصطفاهم الله تعالى ووفقهم لذلك، ممّن علت همَمُهم وسمت نفوسهم، وأما الذين تركوا الجهاد وأعرضوا عنه؛ فهم غالبا ممّن: {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}، أو هم ممّن استبدلهم الله بقوم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ فالقاعد عن جهاد الفريضة بغير عذر، يُخشى عليه من النفاق أو الاستبدال؛ والأخير قد لاحت لوائحه في كل واد فيا سوءة القاعدين!
وعلى كل حالٍ فإن ترك الجهاد والنفير لا يصدر إلا عن همة ساقطة غارقة في أوحال الدنيا وشهواتها؛ كما بيّن الحكيم العليم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.
ولمّا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أرفع الناس همما وأبعدهم عن حطام الدنيا مقصدا؛ كانوا أسرع الناس استجابةً لداعي الجهاد وأقوى الناس قيامًا بأمره، وأكثرهم تضحيةً بالنفس والنفيس على عتباته كما أخبر سبحانه عنهم: {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وذكر ابن المبارك رحمه الله في كتابه الجهاد عن خالد رضي الله عنه قوله: "ما من ليلة يُهدى إلي فيها عروس أو أبشّر فيها بغلامٍ، أحبَّ إليَّ من ليلةٍ شديدةِ البردِ كثيرةِ الجليدِ في سريَّة أُصبِّحُ فيها العدو"، وذلك عمير بن الحمام لم تمهله همته حتى يأكل تميرات رآها عائقا عن الاستشهاد!، والأمثلة على علو همم الصحابة في الجهاد لا تكفيها الصفحات ولا تحيط بها الكلمات.
وفي المقابل، إذا تأملت أحوال المنافقين التي جلّاها الله عز وجل في كتابه؛ وجدتَ أكثرها في التخلف عن الجهاد وتقاعس هممهم عن ميادينه، وإخلادهم إلى الأرض، كما في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}، وقوله سبحانه: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وغيرها من الآيات.
والهمة محلها القلب ابتداءً فمنه تنبعث رياحها وتنقدح شرارتها، فأصلحوا قلوبكم تنصلح هممكم، لكن أثر الهمة العالية لا بد أن يظهر على الجوارح بذلا وتضحية وجهادا واستعدادا وتأهُّبا دائما، كما يصوّرها بدقة متناهية الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ)، بهذه الهمة وعلى هذه الأُهبة يجب أن تحيا أيها المجاهد في سبيل الله تعالى، فهذا قدَرك وقدْرك.
إن الهمة العالية تتطلب منك أيها المجاهد أن تكون مبادرا مثابرا مسابقا إلى تلبية نداء مولاك، مقداما في الحق مقدِّما إيّاه على ما سواه، باذلا لنصرته كل ما بوسعك عن طيب خاطر، فما سبق أصحاب نبيك -صلى الله عليه وسلم- وعلوا العرب والعجم قدرا ومنزلة إلا بهذا، وانظر معنا خبر القوم كيف كانوا؟ فعن جرير بن حازم قال: "سمعت الحسن قال: حضر باب عمر بن الخطاب سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبو سفيان بن حرب، ونفر من قريش من تلك الرؤوس، وصهيب وبلال، وتلك الموالي الذين شهدوا بدرا، فخرج آذن عمر فأذن لهم، وترك هؤلاء، فقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ولا يلتفت إلينا!، قال: فقال سهيل بن عمرو، وكان رجلا عاقلا: أيها القوم، إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم، دُعي القوم ودعيتم؛ فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا ليوم القيامة وتركتم، أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل مما لا ترون؛ أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي ننافسهم عليه، قال: ونفض ثوبه وانطلق، قال الحسن: وصدق والله سهيل لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه". [رواه أحمد في الزهد]
وقد صدق والله الحسن وبرَّ، فإن الله لم يساوِ بين السابقين والمتأخرين، ولا بين المجاهدين والقاعدين، ولا بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، قال تعالى: {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
إنّ الواقع المر الذي يحياه المسلمون اليوم يتطلب صناعة رجال ذوي همم عالية وعزائم ماضية لا تلين ولا تستكين، لا تعرف للراحة طعما، ولا إلى الدعة سبيلا، قد أيقنوا أن الجنة حُفت بالمكاره فلا مناص عنها، وأدركوا أن العزة والغلبة والرفعة والمهابة وكل معالي الأمور لن تُنال إلا عندما تعلو الهمم فوق ذرى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، عندها وحسب يعود المسلمون إلى السيادة والريادة كما كانوا.
• المصدر:
صحيفة النبأ العدد 502
السنة السابعة عشرة - الخميس 8 المحرم 1447 هـ
المقال الافتتاحي:
طلاب المعالي