السلسلة العلمية المنهجية 2 (أصل الدين) الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا ...
منذ 2025-07-14
السلسلة العلمية المنهجية 2
(أصل الدين)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام الأولين والآخرين، أما بعد:
ففي هذه الحلقة سنتناول الحديث عن أصل الدين، وهو موضوع في غاية الأهمية؛ وذلك لأنه لا يصح إيمان أحد إلا إذا أتى به.
• فما هو أصل الدين؟
أصل الدين هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه.
أربعة أمور ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإبراهيم وموسى قاما بأصل الدين؛ الذي هو الإقرار بالله، وعبادته وحده لا شـريك له، ومخاصمة من كفر بالله".([1]) انتهى كلامه.
"والبراءة ممن أشرك به سبحانه" هو ما عبَّر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية هنا بقوله: "ومخاصمة من كفر بالله"، فكلا العبارتين معناهما واحد: مخاصمة المشـركين والبراءة منهم.
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأصل الدين أن يكون الحب لله، والبغض لله، والموالاة لله، والمعاداة لله، والعبادة لله". ([2]) انتهى كلامه.
فنقول بناء على ما سبق: لو أن شخصا أتى بثلاثة أمور من أصل الدين ولم يأت بالرابع؛ كترك عبادة ما سوى الله تعالى، أو ترك البراءة ممن أشـرك به سبحانه، هل يصح إسلامه؟، الجواب: لا.
فماذا يسمى؟، يسمى مشـركا كافرا.
وهذا القدر الذي هو أصل الدين لا يعذر من لم يأت به أحد بلغ حد التكليف ولو كان جاهلا، سواء بلغته الحجة الرسالية أو لم تبلغه، أو بلفظ آخر سواء جاءه رسول أو لم يأته.
قال إمام المفسـرين ابن جرير الطبري رحمه الله بعد ذكره لشـيء من أصل الدين، قال: "لا يعذر بالجهل به أحد بلغ حد التكليف؛ كان ممَّن أتاه من الله تعالى رسول، أو لم يأته رسول، عاين من الخلق غيره، أو لم يعاين أحدا سوى نفسه".([3]) انتهى كلامه رحمه الله.
لم يعاين أحدا سوى نفسه؛ يعني لم ير إلا نفسه؛ كمن كان في جزيرة نائية ولم ير أحدا من الناس سوى نفسه.
نقول: فإذا جاءه رسول دخل في أصل الدين الإيمان به وبما جاء به على وجه الإجمال.
إذن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم منذ بعثته إلى الآن، وبما جاء به على وجه الإجمال يدخل في أصل الدين؛ لأن أصل الدين هو الشهادتان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أصل الدين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا عبده ورسوله". ([4]) انتهى كلامه رحمه الله.
• طيِّب ما معنى (الإقرار بالله)؟
يعني: الإيمان بوجوده تعالى، وأنه متصف بصفات الكمال، ومنزه عن النقائص والعيوب، وأنه سبحانه المتفرِّد بالخلق والأمر.
قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]
والأمر منه ما هو كوني؛ أي أنه سبحانه يقول للشـيء كن فيكون، ومن الأمر ما هو شرعي؛ ويتمثل بتفرده سبحانه وتعالى بالتحليل والتحريم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن أصل الدين أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه الله؛ فإن الله سبحانه في سورة الأنعام والأعراف عاب على المشـركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله، وأنهم شـرعوا من الدين ما لم يأذن به الله". ([5]) انتهى كلامه رحمه الله.
مرة ثانية: ما هو أصل الدين؟ هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشـرك به سبحانه، شرحنا الإقرار بالله.
طيب، ما معنى: عبادته سبحانه وحده، وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه؟
معناه: توحيد الله، ومحبة التوحيد وتحسينه، وموالاة أهله، وتقبيح الشـرك، واجتنابه، ومخاصمة أهله.
قال ابن القيم رحمه الله: "واعلم أنه إن لم يكن حسن التوحيد وقبح الشـرك معلوما بالعقل، مستقرا في الفطر، فلا وثوق بشـيء من قضايا العقل؛ فإن هذه القضية من أجل القضايا البديهيات، وأوضح ما ركب الله في العقول والفطر". ([6]) انتهى كلامه رحمه الله.
وموالاة أهله: هذا هو الولاء؛ موالاة المؤمنين ...، ومخاصمة أهله -يعني أهل الشـرك-: هذا هو البراء من المشركين ...
ومن هنا يتبيَّن أن الولاء والبراء يدخل في أصل الدين.
ولكن ههنا مسألة؛
وهي الفرق بين وجود العداوة للكافرين وبين إظهار العداوة، فالأول -وهو وجود العداوة- من أصل الدين، والثاني: وهو إظهار العداوة فمن واجبات الدين لا من أصله.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله: "ومسألة إظهار العداوة غير مسألة وجود العداوة؛ فالأول: يعذر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، والثاني: لا بد منه؛ لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حب لله ورسوله تلازم كلي، لا ينفك عنه المؤمن". ([7]) انتهى كلامه.
(أصل الدين)
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام الأولين والآخرين، أما بعد:
ففي هذه الحلقة سنتناول الحديث عن أصل الدين، وهو موضوع في غاية الأهمية؛ وذلك لأنه لا يصح إيمان أحد إلا إذا أتى به.
• فما هو أصل الدين؟
أصل الدين هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه.
أربعة أمور ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإبراهيم وموسى قاما بأصل الدين؛ الذي هو الإقرار بالله، وعبادته وحده لا شـريك له، ومخاصمة من كفر بالله".([1]) انتهى كلامه.
"والبراءة ممن أشرك به سبحانه" هو ما عبَّر عنه شيخ الإسلام ابن تيمية هنا بقوله: "ومخاصمة من كفر بالله"، فكلا العبارتين معناهما واحد: مخاصمة المشـركين والبراءة منهم.
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأصل الدين أن يكون الحب لله، والبغض لله، والموالاة لله، والمعاداة لله، والعبادة لله". ([2]) انتهى كلامه.
فنقول بناء على ما سبق: لو أن شخصا أتى بثلاثة أمور من أصل الدين ولم يأت بالرابع؛ كترك عبادة ما سوى الله تعالى، أو ترك البراءة ممن أشـرك به سبحانه، هل يصح إسلامه؟، الجواب: لا.
فماذا يسمى؟، يسمى مشـركا كافرا.
وهذا القدر الذي هو أصل الدين لا يعذر من لم يأت به أحد بلغ حد التكليف ولو كان جاهلا، سواء بلغته الحجة الرسالية أو لم تبلغه، أو بلفظ آخر سواء جاءه رسول أو لم يأته.
قال إمام المفسـرين ابن جرير الطبري رحمه الله بعد ذكره لشـيء من أصل الدين، قال: "لا يعذر بالجهل به أحد بلغ حد التكليف؛ كان ممَّن أتاه من الله تعالى رسول، أو لم يأته رسول، عاين من الخلق غيره، أو لم يعاين أحدا سوى نفسه".([3]) انتهى كلامه رحمه الله.
لم يعاين أحدا سوى نفسه؛ يعني لم ير إلا نفسه؛ كمن كان في جزيرة نائية ولم ير أحدا من الناس سوى نفسه.
نقول: فإذا جاءه رسول دخل في أصل الدين الإيمان به وبما جاء به على وجه الإجمال.
إذن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم منذ بعثته إلى الآن، وبما جاء به على وجه الإجمال يدخل في أصل الدين؛ لأن أصل الدين هو الشهادتان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أصل الدين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا عبده ورسوله". ([4]) انتهى كلامه رحمه الله.
• طيِّب ما معنى (الإقرار بالله)؟
يعني: الإيمان بوجوده تعالى، وأنه متصف بصفات الكمال، ومنزه عن النقائص والعيوب، وأنه سبحانه المتفرِّد بالخلق والأمر.
قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]
والأمر منه ما هو كوني؛ أي أنه سبحانه يقول للشـيء كن فيكون، ومن الأمر ما هو شرعي؛ ويتمثل بتفرده سبحانه وتعالى بالتحليل والتحريم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإن أصل الدين أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دين إلا ما شرعه الله؛ فإن الله سبحانه في سورة الأنعام والأعراف عاب على المشـركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله، وأنهم شـرعوا من الدين ما لم يأذن به الله". ([5]) انتهى كلامه رحمه الله.
مرة ثانية: ما هو أصل الدين؟ هو الإقرار بالله، وعبادته سبحانه وحده وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشـرك به سبحانه، شرحنا الإقرار بالله.
طيب، ما معنى: عبادته سبحانه وحده، وترك عبادة ما سواه، والبراءة ممن أشرك به سبحانه؟
معناه: توحيد الله، ومحبة التوحيد وتحسينه، وموالاة أهله، وتقبيح الشـرك، واجتنابه، ومخاصمة أهله.
قال ابن القيم رحمه الله: "واعلم أنه إن لم يكن حسن التوحيد وقبح الشـرك معلوما بالعقل، مستقرا في الفطر، فلا وثوق بشـيء من قضايا العقل؛ فإن هذه القضية من أجل القضايا البديهيات، وأوضح ما ركب الله في العقول والفطر". ([6]) انتهى كلامه رحمه الله.
وموالاة أهله: هذا هو الولاء؛ موالاة المؤمنين ...، ومخاصمة أهله -يعني أهل الشـرك-: هذا هو البراء من المشركين ...
ومن هنا يتبيَّن أن الولاء والبراء يدخل في أصل الدين.
ولكن ههنا مسألة؛
وهي الفرق بين وجود العداوة للكافرين وبين إظهار العداوة، فالأول -وهو وجود العداوة- من أصل الدين، والثاني: وهو إظهار العداوة فمن واجبات الدين لا من أصله.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله: "ومسألة إظهار العداوة غير مسألة وجود العداوة؛ فالأول: يعذر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28]، والثاني: لا بد منه؛ لأنه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حب لله ورسوله تلازم كلي، لا ينفك عنه المؤمن". ([7]) انتهى كلامه.