الدولة الإسلامية - مقال: كيفية النصر إن حكمة الله البالغة وتقديره للمؤمنين في الدنيا فيه من ...
منذ يوم
الدولة الإسلامية - مقال:
كيفية النصر
إن حكمة الله البالغة وتقديره للمؤمنين في الدنيا فيه من الخفايا ما لا يعلمه إلا هو جل في علاه، ومن ذلك كيفية حصول النصر لعبادة المؤمنين، فقد نصر الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل والمؤمنين من بعدهم بأشكال وصور متعددة متباينة فلم يقتصر انتصارهم على المعارك المباشرة، وفي ذلك حكم من الله كثيرة.
ومن ذلك أن المؤمن لا يصيبه اليأس مهما سدّت فيه وجهه الأبواب، بل يعلم أن نصر الله سبحانه قد يحصل بما لا يخطر على بال، فيعلق أمله به وحده، وهكذا فقط يأتيه النصر.
وللمؤمن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أسوة حسنة فلم يلتفتوا كثيرا إلى كيفية حصول النصر، بل عملوا ما أمرهم الله به من تطبيق أمره وقتال الكافرين، قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء: 84].
كما أنهم لم يتأخروا للاستزادة من عدد أو انتظار تحصيل عدة، بل بذلوا ما كان عندهم من أسباب، فنصرهم الله جل وعلا بها بصور كثيرة، فنصرهم بالرعب، ونصرهم بالريح، وبتفريق كلمة الكافرين، كما نصرهم بالملائكة.
فلا يشغلنَّ المؤمن نفسه كثيرا بالتفاصيل، بل يعمل على ما أمره الله به بأفضل ما يستطيع فإن شاء الله عذب الكافرين على يديه وإن شاء بغير ذلك.
ولابد له من الدعاء والتضرع لله سبحانه مع العمل والجهاد في سبيله، ولا يركننَّ إذا لاحت له أسباب يظن أن بها هلاك للكافرين كاختلاف بينهم أو ضرر يصيبهم بأموالهم أو أنفسهم من عند الله، فيعلق أمله كله عليها فإن نجوا منها انهار عزمه وخبت همته، بل يواصل القتال والنزال ويعمل كل ما يستطيع من أسباب، فإن لاح له نصر زاد من تضرعه لله -جل وعلا- أن يتمه فإن لم تكن بها فلا ضير.
فالله أعلم كيف ينصر دينه وهو العالم سبحانه بمآلات الأمور وخواتمها، فرُب نصر عاجل يبقي في صف المسلمين من ليس منهم من المنافقين وغيرهم فلا يتمحص الصف ويبقى فيه من الكدر ما يكون فيه شتاته وهلاكه عياذا بالله، ورب صفة للنصر يرجوها المؤمنون والله قد أخفى لهم في حجب الغيب ما لو علموه لهانت عليهم أمانيهم، فنسأل الله أن يمكن لعباده المؤمنين وينصرهم على الكافرين بما شاء وكيف شاء إنه القاهر فوق عبادة وهم الحكيم الخبير.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 110
الخميس 26 ربيع الأول 1439 هـ
كيفية النصر
إن حكمة الله البالغة وتقديره للمؤمنين في الدنيا فيه من الخفايا ما لا يعلمه إلا هو جل في علاه، ومن ذلك كيفية حصول النصر لعبادة المؤمنين، فقد نصر الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل والمؤمنين من بعدهم بأشكال وصور متعددة متباينة فلم يقتصر انتصارهم على المعارك المباشرة، وفي ذلك حكم من الله كثيرة.
ومن ذلك أن المؤمن لا يصيبه اليأس مهما سدّت فيه وجهه الأبواب، بل يعلم أن نصر الله سبحانه قد يحصل بما لا يخطر على بال، فيعلق أمله به وحده، وهكذا فقط يأتيه النصر.
وللمؤمن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أسوة حسنة فلم يلتفتوا كثيرا إلى كيفية حصول النصر، بل عملوا ما أمرهم الله به من تطبيق أمره وقتال الكافرين، قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء: 84].
كما أنهم لم يتأخروا للاستزادة من عدد أو انتظار تحصيل عدة، بل بذلوا ما كان عندهم من أسباب، فنصرهم الله جل وعلا بها بصور كثيرة، فنصرهم بالرعب، ونصرهم بالريح، وبتفريق كلمة الكافرين، كما نصرهم بالملائكة.
فلا يشغلنَّ المؤمن نفسه كثيرا بالتفاصيل، بل يعمل على ما أمره الله به بأفضل ما يستطيع فإن شاء الله عذب الكافرين على يديه وإن شاء بغير ذلك.
ولابد له من الدعاء والتضرع لله سبحانه مع العمل والجهاد في سبيله، ولا يركننَّ إذا لاحت له أسباب يظن أن بها هلاك للكافرين كاختلاف بينهم أو ضرر يصيبهم بأموالهم أو أنفسهم من عند الله، فيعلق أمله كله عليها فإن نجوا منها انهار عزمه وخبت همته، بل يواصل القتال والنزال ويعمل كل ما يستطيع من أسباب، فإن لاح له نصر زاد من تضرعه لله -جل وعلا- أن يتمه فإن لم تكن بها فلا ضير.
فالله أعلم كيف ينصر دينه وهو العالم سبحانه بمآلات الأمور وخواتمها، فرُب نصر عاجل يبقي في صف المسلمين من ليس منهم من المنافقين وغيرهم فلا يتمحص الصف ويبقى فيه من الكدر ما يكون فيه شتاته وهلاكه عياذا بالله، ورب صفة للنصر يرجوها المؤمنون والله قد أخفى لهم في حجب الغيب ما لو علموه لهانت عليهم أمانيهم، فنسأل الله أن يمكن لعباده المؤمنين وينصرهم على الكافرين بما شاء وكيف شاء إنه القاهر فوق عبادة وهم الحكيم الخبير.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 110
الخميس 26 ربيع الأول 1439 هـ