🎤 *خطبة جمعة بعنوان:* *غزّة تستغيث جوعاً؛ فأين المسلمون؟!* *إعــداد/ حــســـــــــــــن ...

منذ 2025-07-30
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*غزّة تستغيث جوعاً؛ فأين المسلمون؟!*
*إعــداد/ حــســـــــــــــن الـكـنزلي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*محاور الخطبة:*
□ مقدمة
□ غزة بين الحصار والجوع
□ فريضة النصرة وإغاثة الملهوف
□ صور من التخاذل المخزي
□ سنن الله في المجتمعات التي تخذل إخوانها
□ مسؤوليتنا تجاه مجاعة غزة
□ نماذج من مواقف السلف الصالح
□ الأمل لا يموت، والنصر قادم
□ خاتمة

*الخطبة الأولى:*
الحمد لله القائل في كتابه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل نُصرة المظلومين من أعظم القُربات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صادق الوعد الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأوصيكم ونفسي المقصّرة أولاً بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ [النساء: 131].
وبعد، أيها المؤمنون!

□ أما آن لقلوبكم أن تهتز؟ أما آن لضمائركم أن تصحو؟ أما آن لدموعكم أن تنهمر؟!
إنها غزّة، لا مجرد مدينة؛ بل رمز العزة، تحتضر الآن جوعًا وقصفًا، تموت صمتًا لا صراخًا، تحترق في بطون أطفالها، وتئن في صدور أمّهاتها، وتذبل في عيون شِيبها!

أيها الأحبة! في غزة أطفال يتضوّرون جوعًا، وأمّهات يغلين الحجارة بدل الطعام، وشيوخ يتمنّون الموت على حياة الذل.
في غزة، الموت له رائحة، له طعم... له طيف يمرّ في العيون الخاوية، وفي الأرواح المنهكة، في غرف الإنعاش الخالية، وفي أروقة المساعدات الممنوعة!

□ أيها المسلمون! المجاعة لا تعني فقط نفاد الطعام؛ بل انهيار الكرامة، واحتضار الأمل. إنها الموت ببطء... أن ترى أبناءك يموتون ولا تجد لهم لبنًا، ولا فتاتًا، ولا حتى رغيفًا!

غزة ليست جائعة اليوم فقط؛ بل محاصرة منذ 2007، منذ ثمانية عشر عامًا، يُشدّ عليها الخناق، وتُغلق عليها المعابر، وتُمنع عنها الكهرباء والماء والدواء. ثلاث حروبٍ كبرى، آلاف الغارات، ومئات آلاف الأطنان من القنابل، ثم جاء الحصار الغذائي!

قالت منظمة الصحة العالمية قبل أشهر: "غزّة تواجه كارثة إنسانية غير مسبوقة، يموت فيها الأطفال جوعًا قبل أن يصلهم الغذاء" [تقرير منظمة الصحة العالمية، مارس 2024]

وأعلنت الأونروا أن "أكثر من 80% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد". [UNRWA Food Security Report, 2024]

أيها المسلمون! تخيلوا أمًّا تُرضع ابنها ماءً مغليًا... تخيلوا طفلًا يموت وهو يبحث عن لقمة في القمامة... تخيلوا بيتًا خاوياً إلا من بكاء الجوع!
وقد قال النبي ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته» [صحيح البخاري: 893]؛ فما بالنا بمسؤوليةٍ بحجم أمّةٍ تتفرج على موت الأطفال؟!

□ عباد الله! ليست نصرة غزة أمرًا تطوّعيًا، ولا خيارًا بين البدائل؛ بل فرضٌ شرعيٌّ عظيم، دل عليه صريح القرآن، وصحيح السنة، وأجمعت عليه الأمة. قال تعالى: ﴿وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ﴾ [الأنفال: 72]
وهذا خطاب للأمة كلها، إن استنصركم إخوانكم المظلومون والمجاهدون والجوعى… فعليكم النصر؛ لا "فكّروا"، ولا "تفاوضوا"، ولا "أصدروا بيانًا"؛ بل عليكم النصر! قال النبي ﷺ: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه» [صحيح البخاري: 2442]؛ فإن تركتموهم للجوع والمرض والقهر، فقد خذلتم، وقد أسلمتم، وقد خُنتم الأخوّة والميثاق.
وقال ﷺ أيضًا: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم» [المعجم الأوسط للطبراني: 6026]؛ فليبحث كل مسلم عن قلب؛ فإن لم يضطرب لغزّة، وإن لم ينكسر للجوع، وإن لم يتحرك لإنقاذهم؛ فليُراجع إيمانه.

إن النصرة ليست فقط قتالاً؛ بل إغاثة، وإنقاذ، وعطاء، وإعلام، وتضامن...
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لو أن بغلةً في العراق عثرت، لخشيت أن يسألني الله عنها: لِمَ لمْ تمهّد لها الطريق؟" [تاريخ ابن عساكر: 44/312]؛ فكيف بمن يموت من الجوع أمام عيوننا، ونحن لا نرسل له حتى دعاءً صادقًا أو رغيفًا يابسًا؟!
قال ابن القيم رحمه الله: "ومن لم ينصر المظلوم، ولم يردّ الظالم؛ فقد شاركه في الإثم، وكان خصيمه يوم القيامة" [الطرق الحكمية: ص 74]

أين رجال المال؟
أين تجار الأمة؟
أين الكرماء الذين كانوا ينحرون الجمال من أجل ضيف، ولا يملكون اليوم أن ينحروا الشهوة في بطونهم، لينقذوا طفلاً يموت؟!

أما علمتم أن النبي ﷺ قال: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه» [المستدرك على الصحيحين: 7302]؛ فكيف بمن يجوع إخوتُه في غزة ونحن نأكل في سبعة صحون، ونرمي الفائض في القمامة؟!

غزة تستغيث، فهل من مغيث؟
غزة تموت، فمن يُحيي القلوب؟
غزة تصرخ، فهل تسمع الآذان أم طُمست؟ وهل تحنّ القلوب أم ماتت؟ وهل تتحرك الأيدي بالعطاء، أم جفّت من الجبن والتخاذل؟!

يا أمة محمد ﷺ، يا أمة القرآن، يا من تصرخون كل جمعة: "اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين!" ها هو الإسلام جائع في غزة، فأين العزّة؟!

غزّة تستغيث، فأين المسلمون؟!
صرخة من الجوع، وموت بصمت الجُبن والتخاذل!

□ أيها المسلمون! ليس الجرح في غزة فقط جرحَ جوعٍ؛ بل هو جرح في الضمير، وخزي في جبين الأمة!
فبينما تموت غزّة جوعًا، تموت فينا الغيرة والرجولة، والحسّ الإنساني والكرامة الإسلامية..!

نعم، إن ما نراه اليوم من الصمت الرسمي أمام المجاعة في غزة، لا يفسَّر؛ إلا بالخيانة أو بالجبن أو بالتحالف مع العار!
أين المؤتمرات؟ أين التصريحات؟ أين السفراء؟ أين القمم؟
أين فقه «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»؟ [صحيح البخاري: 893]

أما الشعوب؛ فقد نام كثيرٌ منها أو أُلهي بمواسم الترفيه والمهرجانات والمسلسلات...
صار الدم الفلسطيني مادةً للأخبار لا للقلب... وصار الجوع خبرًا في النشرات لا نداءً في المساجد!

يتعلّلون بالعجز، ويتباكون على ضعف اليد، ونسوا أن الأمة التي تُنفق على ملاعب كرة القدم، والمهرجانات الغنائية، ومواسم الرفاهية مئات الملايين، لا تُعفى من خيانة الجائعين في غزة.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "من رأى منكم منكرًا فاستطاع أن يُغيره بيده فليُغيره، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [صحيح مسلم: 49]

أيها الناس! هل سمعتم أن طفلاً أمريكياً مات من الجوع؟ أو بريطانياً؟ أو فرنسياً؟
لكن غزة تموت جوعاً، ومع ذلك لم يتحرك الإعلام العربي كما تحرّك لوفاة مغنية، أو إصابة لاعب!
ما هذا التناقض؟ أليس هذا هو الإعلام الذي قالوا إنه "سلطة رابعة"؟! بل هو سلطة صامتة حين يتعلق الأمر بفلسطين!

بل قارِنوا ما جرى في زلزال تركيا أو المغرب من حملات تبرع وإغاثة واسعة، مع ما جرى في غزة!
غزة لا زلنا نختلف: هل نجوع معها أم نكمل وجبتنا؟ أي مهزلة هذه؟!
قال ابن الجوزي رحمه الله: "من عظمة المصيبة، قلّة العِبرة بها عند الغافلين" [صيد الخاطر: ص 114].
نعم، لقد اعتاد الناس على مأساة غزة حتى صار الجوع فيها خبراً معتاداً لا يُبكي ولا يُفزع! وما هذا إلا من البلاء في الدين قبل أن يكون في الدنيا.

□ عباد الله! ما أشدّها من سُنَّة! إن الله لا يظلم، ولا يُهلك القرى بظلم؛ لكن يهلكها إن رضيت بالسكوت، وإن أعرضت عن المصلحين، وإن خذلت المستضعفين.
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: 117]؛ فليس المطلوب أن نكون فقط "غير ظالمين"؛ بل أن نكون مصلحين، رافضين للظلم، منتصرين للمظلومين، غاضبين لله لا خانعين للبشر!
وقال النبي ﷺ: «ما من قوم يمنعون الضعيف حقه، إلا مُنِعوا النصر من السماء» [مسند الإمام أحمد: 22298].
هكذا قالها نبي هذه الأمة: من منع الضعفاء حقهم، رُفع عنه النصر!
فلا تستغربوا تأخر النصر في الأمة، فإن الله لا ينصر قومًا يخذلون أطفالهم!

أيها الناس! اقرؤوا التاريخ؛ فستجدون أن الله أهلك أممًا كاملة بسكوتها عن الظلم؛ لا بظلمها فحسب.

أهلك الله قوم سبأ، لأنهم كفروا بنعمة العدل، ورضوا بالتخاذل، ﴿فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ﴾ [سبأ: 16]

وهلكت ثمود؛ ليس فقط لأنهم كذبوا صالحًا؛ بل لأنهم رضوا بذبح الناقة وسكتوا، ﴿فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود: 65]
قال الحسن البصري رحمه الله: "إذا رأيت القوم يخذلون المظلوم، فاعلم أن الساعة قد اقتربت" [الزهد للإمام أحمد: ص 172]

واليوم، إذا جاع أهل غزة وسكتنا، وغضضنا الطرف، وتذرّعنا بالعجز، فغدًا، والله، نجوع نحن ويصمّ العالم آذانه عنا!
وما نحن بناجين من سنن الله إن تخلّينا عن عباده. قال الشاعر:
إذا اشتكى مسلمٌ في الهندِ أرَّقني ** وإن بكى مسلمٌ في الصينِ أبكاني
ومصر ريحانتي والشام نرجستي ** وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ** عددتُّ أرجاءَها من جنس أوطاني

أيها المسلمون! لا تكونوا أول أمة تموت فيها الأخوّة الإسلامية على يد أهلها!
لا تكونوا سببًا في منع نصر السماء، ورفعة الدين، وكرامة الأرض!
واعلموا أن الله عز وجل لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.

قال العدلُ الحكيم، الغنيُّ عن عذابِ عبادِه، الرحيمُ بأوليائه، لا يُهلِكُ إلا من استحق، ولا يرفعُ نِقمتَه إلا بعد قيامِ الحُجّة، القائلُ في كتابه الكريم، وعدًا لأهلِ الصلاح، وتحذيرًا لأهلِ الفساد:
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: 117].
اللهمّ اجعلنا من عبادك المصلحين، وأحيِ قلوبَنا بالإيمان والعملِ الصالح، وادفع عن بلادِنا أسبابَ الهلاك، وهيّئ لنا من أمرِنا رشدًا.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:
الحمد لله القويّ في عدله، الرحيم بعباده، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد، أيها الإخوة المؤمنون؛

□ فنحن لا نقف اليوم بينكم بخطبة عابرة؛ بل نصرخ من على منبر النبي ﷺ لعلّ في الأمة قلبًا يفيق، أو دمعةً تذرف، أو كفًّا تمتد، أو ضميرًا يثور. غزة تموت جوعًا، فماذا نحن فاعلون؟:

- حاسب نفسك أيها المؤمن، اسأل قلبك: هل تألمت حقًا لما يجري في غزة؟ هل دعوت لهم بين يدي الله دعاء الملهوف؟ هل بكيت من أجل طفلٍ يتضوّر جوعًا، وامرأة تطبخ الحجارة؟
قال النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى» [صحيح مسلم: 2586]؛ فهل جزعت جوارحنا؟ هل سهرنا؟ هل أصابتنا الحمى؟ أم أنّا جسدٌ مبتور لا يحسّ؟!

- أيها الناس! المسلم صاحب ضمير حيّ، لا يُسمي نفسه إنسانًا ثمّ يأكل حتى التُّخمة وإخوانه يُسلخون من الجوع.
قال ابن عباس رضي الله عنه: "من بات شبعانًا وجاره جائع، فليس بمؤمن" [أخرجه البزار في مسنده: 1870]؛ فكيف إذا كان هذا الجائع أمّة منسية في أقفاص الحصار؟!

- أمة الإسلام! لا تُطفئ نار الجوع في غزة بالشعارات؛ بل بالأفعال. تَصدَّقوا ولو بالقليل، فقد قال النبي ﷺ: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [صحيح البخاري: 1410]
وتتبّعوا الحملات الإغاثية الموثوقة، وكونوا عونًا للثقات، وارفعوا أصواتكم على منابركم، وفي صفحاتكم، وفي أحيائكم، ومساجدكم.
فإن عجزتم عن المال؛ فلا تعجزوا عن الكلمة، ولا تعجزوا عن الضغط الشعبي، ولا عن إثارة الضمير الجماعي.

□ ما كان سلفنا صالحين؛ لأنهم صاموا وصلّوا فقط؛ بل لأنهم نصروا المظلوم وأغاثوا الجائع. لما رأى عبد الرحمن بن عوف حاجة المسلمين، تصدّق بقافلة كاملة من سبعمئة بعير محمّلة بالطعام، وقال: "أُقرّبها إلى الله". [سير أعلام النبلاء للذهبي: 1/84]؛ فلمن تقرّبنا نحن؟ ولأي خزائن نخزّن، ونحن ندفن أطفال غزة جوعًا؟!
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمّاله: "إذا جاع الناس، فإن أول من يُحاسب نحن" [تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 224]؛ فأين من يحاسب نفسه اليوم؟ بل أين من يشعر بالجوع أصلاً؟!
وكان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يُنفق كل ماله مرارًا نصرةً للمظلومين والمجاهدين، حتى قال النبي ﷺ: «ما نفعني مالٌ ما نفعني مال أبي بكر» [سنن ابن ماجه: 94]؛ فهل من مسلم اليوم يُنفق؛ لا ليُشكر؛ بل لأن الجوع في غزة عورة لا تُستر إلا بالمال؟

□ أيها المؤمنون! لن يَكسر الجوع عزائم غزة؛ فالتاريخ يشهد أن من الجوع وُلدت البطولات، ومن الحصار تولدت الانفجارات.
إن وعد الله لا يتخلّف، ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ﴾ [القصص: 5]
إنهم اليوم جوعى؛ لكنهم سادة الغد، بإيمانهم، وصبرهم، ودمائهم، وتربيتهم تحت القصف والمقابر والجوع.

يا قوم! أهل غزة لا يريدون دموعكم؛ بل عزّتكم. لا يريدون الشفقة؛ بل الشراكة. يريدون أن تقولوا: نحن معكم؛ قولًا وفعلًا.

□ يا من يسمع الآن
اعلم أن الرغيف الذي تبخل به اليوم على غزة، قد يُحرم منه ولدك غدًا. واعلم أن الله سائلك؛ لا عن ماذا قال لسانك؛ بل ماذا فعلت يدك؟ فأنقذوا إخوانكم؛ قبل أن تُسأَلوا أمام الله.

هذا وصلوا وسلموا على من أمر ربنا بالصلاة والسلام عليه؛ فقال:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ ۚ يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب : 56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمَّد، وعلى آل سيدنا محمَّد، عددَ خلقِك ورضى نفسِك وزنةَ عرشِك ومدادَ كلماتِك... وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين، وعن الصحابةِ أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وعنا معهم برحمتك وفضلك يا أرحمَ الراحمينَ!
وأعرضْ اللهمَّ عليه صلاتَنا وسلامَنا في هذه الساعةِ يا ربَّ العالمينَ!

اللهم يا رحمن الدنيا والآخرة، يا واسع الرحمة، يا عظيم العطاء…
اللهم إن إخواننا في غزة جائعون، مظلومون، محاصرون، مقهورون…
اللهم أطعِم جائعهم، وآمِن خائفهم، وداوِ جريحهم، وارفع عنهم البلاء والوباء والسقم والعدوان.

اللهم إنهم قد اشتدّ بهم الجوع، وضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، وبك وحدك الرجاء…
اللهم أغثهم غيثًا من عندك، يسدّ جوعهم، ويجبر كسرهم، ويطفئ حرّ الظمأ والأنين.
اللهم فرّج كربهم، واكسر حصارهم، وارفع عنهم بأس الظالمين.
اللهم من أرادهم بسوءٍ فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.

اللهم أصلح قلوبنا، وأحيِ ضمائرنا، ولا تجعلنا ممن خذلوا إخوانهم، أو رضوا بالظلم أو سكتوا عنه.
اللهم لا تؤاخذنا بتقصيرنا، ووفّقنا لنصرتهم بمالنا، ودعائنا، وكلمتنا، وكل ما نملك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعلنا من الذين إذا رأوا الجوع أطعموا، وإذا رأوا العري كسَوا، وإذا سمعوا الصرخة أجابوا.
اللهم لا تجعلنا ممن يُمنعون الضعفاء عندهم حقوقهم، فَيُمنَع عنهم النصر من السماء.

اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان:
في غزة، وفي اليمن، وفي سوريا، وفي السودان، وفي كشمير، وفي تركستان، وفي كل أرض يُظلم فيها عبدٌ من عبادك المؤمنين.
اللهم اجبر كسرهم، وآوِ شريدهم، واحفظ أطفالهم، وارزقهم الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والعافية الدائمة، والرزق الواسع، والنصر المبين.

عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب. 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.

682cd3fb01f1d

  • 4
  • 0
  • 2,428

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً