فلينظر أحدكم من يخالل إن من أسباب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة حسن اختيار الصُحبة، ...
منذ يوم
فلينظر أحدكم من يخالل
إن من أسباب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة حسن اختيار الصُحبة، فالصحبة الصالحة تعين صاحبها على الخير وتدفعه إليه، كما أن الصحبة الفاسدة تُهلك المرء وتدفعه إلى المعاصي، عياذا بالله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [رواه أحمد]، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) [رواه الترمذي، وقال حسن غريب].
وعلى هذا سار سلفنا الصالح رحمهم الله فقد كان أحدهم يختار جلساءه اختيارا، فلا يصاحب إلا من يعينه على الخير والصلاح، ويحذر أشد الحذر من الفساق وأهل الدنيا، ويحذّر منهم.
والمجاهد في سبيل الله أكثر من يعنيه هذا الأمر، فصحبته ورفاقه لهم أكبر الأثر في صلاحه وثباته بإذن الله، فإن كان أصحابه من أهل التقوى والصلاح وأهل الرباط والقتال وأهل التثبيت والتفاؤل الحسن، فثباته أرجى بإذن الله، فإن سمع بصوله كان من أول الملبين وإن احتاجه اخوانه بعمل لم يقصر ولم يتخاذل، وإن اشتدت عليه الخطوب صبر وثبت بتوفيق الله له ثم بثبات إخوانه معه، أما إن كان اصحابه من أهل الدنيا اللاهثين خلفها الكارهين للموت في سبيل الله، فمجالسهم تخذيل وإرجاف وذكر للشرور والآفات التي تقعد الإنسان وتذهب همته وتنقض عزيمته، فإن استنفر لم ينفر وصار الجبن والخوف وحب الدنيا شعاره ودثاره.
إن تأثير الأخلاء على بعضهم قد لا يكون ملحوظا إلا على المدى الطويل، فقد يحدث المرء نفسه بأن بقاءه مع بعض صحبه الذين لا يعينون على الخير لا مضرة فيه، ولا يدري أن أساسه يُهدم يوما بعد يوم دون شعور منه، فإذا حضرت الملمّات لم يجد ما يرتكز عليه، وكم من رجل انتكس على عقبيه، وقد كان من الخيار الصالحين، فتفتش عن أمره وسبب نكوصه تجد له صحبة لا تعين على الخير ولا تثبت عليه، بل تخذّله عنه، وتدلّه على الشر، وتحثه عليه.
وعلى المرء ان يحذر من نفسه أيضا فقد يكون هو صاحب التأثير السيء على صَحبه ورفاقه، فيذهب عزيمتهم ويخذِّلهم وهو لا يشعر، يجلس مع أخيه فيذكر له من الأمور والقصص والحوادث ما يخذّله، وقد يكون صاحبه في وقت قد ضعف فيه إيمانه، فينتكس، وينهزم عند اللقاء، أو يخرج من جماعة المسلمين، فيكون بذلك رجل سوء يفرق ولا يجمع، يخذِّل ولا يحرض، علم بذلك أم لم يعلم، فليس كل ما يعلم يقال، فإن كان صاحب همة عالية لا تؤثر فيه كثير من الأمور، فليس كل الناس على هذا الحال، فرب كلمة ينتكس بها رجل، يحمل وزره من قالها، والعياذ بالله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 111
الخميس 3 ربيع الثاني 1439 هـ
إن من أسباب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة حسن اختيار الصُحبة، فالصحبة الصالحة تعين صاحبها على الخير وتدفعه إليه، كما أن الصحبة الفاسدة تُهلك المرء وتدفعه إلى المعاصي، عياذا بالله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [رواه أحمد]، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي) [رواه الترمذي، وقال حسن غريب].
وعلى هذا سار سلفنا الصالح رحمهم الله فقد كان أحدهم يختار جلساءه اختيارا، فلا يصاحب إلا من يعينه على الخير والصلاح، ويحذر أشد الحذر من الفساق وأهل الدنيا، ويحذّر منهم.
والمجاهد في سبيل الله أكثر من يعنيه هذا الأمر، فصحبته ورفاقه لهم أكبر الأثر في صلاحه وثباته بإذن الله، فإن كان أصحابه من أهل التقوى والصلاح وأهل الرباط والقتال وأهل التثبيت والتفاؤل الحسن، فثباته أرجى بإذن الله، فإن سمع بصوله كان من أول الملبين وإن احتاجه اخوانه بعمل لم يقصر ولم يتخاذل، وإن اشتدت عليه الخطوب صبر وثبت بتوفيق الله له ثم بثبات إخوانه معه، أما إن كان اصحابه من أهل الدنيا اللاهثين خلفها الكارهين للموت في سبيل الله، فمجالسهم تخذيل وإرجاف وذكر للشرور والآفات التي تقعد الإنسان وتذهب همته وتنقض عزيمته، فإن استنفر لم ينفر وصار الجبن والخوف وحب الدنيا شعاره ودثاره.
إن تأثير الأخلاء على بعضهم قد لا يكون ملحوظا إلا على المدى الطويل، فقد يحدث المرء نفسه بأن بقاءه مع بعض صحبه الذين لا يعينون على الخير لا مضرة فيه، ولا يدري أن أساسه يُهدم يوما بعد يوم دون شعور منه، فإذا حضرت الملمّات لم يجد ما يرتكز عليه، وكم من رجل انتكس على عقبيه، وقد كان من الخيار الصالحين، فتفتش عن أمره وسبب نكوصه تجد له صحبة لا تعين على الخير ولا تثبت عليه، بل تخذّله عنه، وتدلّه على الشر، وتحثه عليه.
وعلى المرء ان يحذر من نفسه أيضا فقد يكون هو صاحب التأثير السيء على صَحبه ورفاقه، فيذهب عزيمتهم ويخذِّلهم وهو لا يشعر، يجلس مع أخيه فيذكر له من الأمور والقصص والحوادث ما يخذّله، وقد يكون صاحبه في وقت قد ضعف فيه إيمانه، فينتكس، وينهزم عند اللقاء، أو يخرج من جماعة المسلمين، فيكون بذلك رجل سوء يفرق ولا يجمع، يخذِّل ولا يحرض، علم بذلك أم لم يعلم، فليس كل ما يعلم يقال، فإن كان صاحب همة عالية لا تؤثر فيه كثير من الأمور، فليس كل الناس على هذا الحال، فرب كلمة ينتكس بها رجل، يحمل وزره من قالها، والعياذ بالله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 111
الخميس 3 ربيع الثاني 1439 هـ