انتصار المجاهد على المعوقات الحمد لله الذي شرع لعباده أن يجاهدوا أعداءه، ووعدهم الثواب الجزيل ...
منذ يوم
انتصار المجاهد على المعوقات
الحمد لله الذي شرع لعباده أن يجاهدوا أعداءه، ووعدهم الثواب الجزيل على طاعتهم له وامتثالهم أمره، وتوعد العاصين بالعقاب الأليم، والصلاة والسلام على نبينا محمد عبد الله ورسوله إمام المجاهدين نبي الملحمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإنها تقف أمام المسلمين شبهات وشهوات تحول بين أكثرهم وبين الجهاد في سبيل الله، وهذا ناتج عن بعدهم عن دين الله، وعن تعلم شرائع الإسلام، وتساهلهم في العمل بها، وقد أخبر الله -تعالى- أن الناس كلَّهم خاسرون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، والإيمان الصحيح لا يكون إلا عن علم وبصيرة بشرع الله.
فالإنسان ما خلقه الله إلا ليعبده ويوحده، ويجتنب الطاغوت ويكفر به ويجاهده، ليكون الدين كله لله، فتصبح حياته كلها دائرة مع هذا الأصل الذي يوصله إلى موالاة الله ورسوله والمؤمنين، ونصرتهم والدفاع عن دولة الإسلام حيث تقام أحكام الشريعة.
• مجاهدة الشهوات
فُطر الإنسان على حب الحياة وشهواتها من النساء والبنين والأموال، إلا أن إيمانه بما أوجب الله على المتقين يدفعه إلى طاعة الله وأن يبذل في سبيل مرضاته النفس والمال، فالجنة سلعة الله الغالية، أعدها الله لمن يتقونه، والنار الحامية توعَّد بها الله من يعصونه ويخالفون عن أمره، فيعالج المؤمن شهواته بأن يُرغِّب نفسه في ثواب الله الذي أعده للمهاجرين والمرابطين والمجاهدين والشهداء، ويقنعها بقلة متاع الدنيا، والذي هو مع قلته منغص وسريع الزوال، وعلاج القلوب يكون أيضاً بالترهيب من غضب الله وأليم عقابه، كما قال تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39].
عن سَبرة بن أبي فاكه -رضي الله عنه- قال: سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال له: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟ قال: فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول، قال: فعصاه فهاجر، قال: ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له، هو جهد النفس والمال، فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال، قال: فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو قتل كان حقا على الله -عز وجل- أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة) [رواه أحمد].
• شبهات تصد عن سبيل الله
كثيراً ما تقترن الشهوات بالشبهات، فالذي يتهرب من الجهاد يبرر لنفسه ويجادل عن قعوده بالحجج الباطلة، إلى أن يرجف بغيره ويثبطهم عن الجهاد، وإلا، فهل كان صادقاً من قال: {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي}، فأجابهم الله تعالى: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49].
حاول بعض المنافقين التهرب من الجهاد في سبيل الله بحجة أنهم يخافون من أن يفتتنوا بنساء الروم فيقعوا في الإثم، فبين الله -تعالى- أن هؤلاء المنافقين قد سقطوا من قبل في الفتنة العظمى وهي أنهم كفروا بالله -تعالى- وخادعوه وخادعوا المؤمنين بإظهارهم الإسلام وإبطانهم الكفر، وتعاونوا مع الكفار الصرحاء على حرب الإسلام وحرضوهم على قتال المؤمنين، وأرجفوا في المدينة وحاولوا تخويف المؤمنين من الكفار، وسخروا من المجاهدين واستهزؤوا بهم... إلى غير ذلك من الضلال البعيد، ولذلك توعدهم الله -عز وجل- بجهنم التي ستحيط بالكافرين كلهم سواءً من كان كفره صريحاً ظاهراً ومن كان مخفياً للكفر، ستحيط بهم جهنم فلا يستطيعون منها خروجاً ولا من عذابها تملصاً، ولا يجدون طريقة للهرب من عذاب الله، ولا يخفف عنهم العذاب يوماً من الأيام.
• مرضى القلوب على طريق المنافقين
كثيراً ما يلتف أهل القلوب المريضة حول المنافقين فيسمعون منهم ويتأثرون بهم، ويُخَذل بعضهم بعضاً، حتى تصبح مقالاتُهم واحدةً وكفرُهم واحداً، كما قال -تعالى- فيهم: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، وقد أخبر -تعالى- عن سماع الذين في قلوبهم مرض من المنافقين بقوله: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]، أي كثيرو السماع لهم، يصدقونهم في الأخبار والتحليلات، ويتأثرون بحربهم النفسية على المسلمين فيصيبهم الوهن والخوف من الكفار، ثم ينقلون كلام أهل النفاق إلى أسماع المؤمنين فيؤذونهم بذلك، ويقللون من قوة المؤمنين ويهولون قوة الكافرين، وقد توعدهم الله جميعاً بقوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا *مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 60-62].
• انتصارٌ سبيله الاصطبار
قد تأتي فتنة التعويق أو التخذيل إلى المجاهد من أناس يحسن بهم الظن أو من بعض من يشاركونه طريق الجهاد، فعليه أن يمضي لأمر الله غير ملتفت إلى العوائق والمعوقين، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 139].
وقد خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض غزواته أناس في قلوبهم مرض بل وبعض المنافقين، فلم يلتفت إليهم المجاهدون المخلصون، كما حصل في غزوة تبوك التي أخبرنا الله عن بعض ما جرى فيها من أهل النفاق وتخذيلهم واستهزائهم بالمؤمنين، فأنزل الله -تعالى- سورة التوبة تفضح المنافقين، وتثني على المؤمنين الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، ولم يكن من خُلقهم أن يستأذنوا في ترك الجهاد بأموالهم أو أنفسهم، فهم أهل الصفقة الرابحة، وقد قال -تعالى- فيهم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].
فالتغلب على العقبات واجب على كل مسلم كي يؤدي ما عليه من واجب أوجبه الله -تعالى- عليه بجهاد المشركين، ويثبت على الصراط المستقيم حتى يلقى ربه وهو راض عنه، وعليه أن يضع في حسبانه دائما أن الطريق إلى الجنة محفوفة بما تكرهه النفس من جهد ومشاق وبذل للنفس والمال، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات) [رواه مسلم]، فيجاهد نفسه للتغلب على الشهوات والشبهات، ويجاهد المنافقين والداعين إلى ضلاله، كي يسلم له دينه، وتسلم له آخرته.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 111
الخميس 3 ربيع الثاني 1439 هـ
الحمد لله الذي شرع لعباده أن يجاهدوا أعداءه، ووعدهم الثواب الجزيل على طاعتهم له وامتثالهم أمره، وتوعد العاصين بالعقاب الأليم، والصلاة والسلام على نبينا محمد عبد الله ورسوله إمام المجاهدين نبي الملحمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإنها تقف أمام المسلمين شبهات وشهوات تحول بين أكثرهم وبين الجهاد في سبيل الله، وهذا ناتج عن بعدهم عن دين الله، وعن تعلم شرائع الإسلام، وتساهلهم في العمل بها، وقد أخبر الله -تعالى- أن الناس كلَّهم خاسرون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، والإيمان الصحيح لا يكون إلا عن علم وبصيرة بشرع الله.
فالإنسان ما خلقه الله إلا ليعبده ويوحده، ويجتنب الطاغوت ويكفر به ويجاهده، ليكون الدين كله لله، فتصبح حياته كلها دائرة مع هذا الأصل الذي يوصله إلى موالاة الله ورسوله والمؤمنين، ونصرتهم والدفاع عن دولة الإسلام حيث تقام أحكام الشريعة.
• مجاهدة الشهوات
فُطر الإنسان على حب الحياة وشهواتها من النساء والبنين والأموال، إلا أن إيمانه بما أوجب الله على المتقين يدفعه إلى طاعة الله وأن يبذل في سبيل مرضاته النفس والمال، فالجنة سلعة الله الغالية، أعدها الله لمن يتقونه، والنار الحامية توعَّد بها الله من يعصونه ويخالفون عن أمره، فيعالج المؤمن شهواته بأن يُرغِّب نفسه في ثواب الله الذي أعده للمهاجرين والمرابطين والمجاهدين والشهداء، ويقنعها بقلة متاع الدنيا، والذي هو مع قلته منغص وسريع الزوال، وعلاج القلوب يكون أيضاً بالترهيب من غضب الله وأليم عقابه، كما قال تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39].
عن سَبرة بن أبي فاكه -رضي الله عنه- قال: سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال له: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟ قال: فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة، فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول، قال: فعصاه فهاجر، قال: ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له، هو جهد النفس والمال، فتقاتل فتقتل، فتنكح المرأة ويقسم المال، قال: فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو قتل كان حقا على الله -عز وجل- أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة) [رواه أحمد].
• شبهات تصد عن سبيل الله
كثيراً ما تقترن الشهوات بالشبهات، فالذي يتهرب من الجهاد يبرر لنفسه ويجادل عن قعوده بالحجج الباطلة، إلى أن يرجف بغيره ويثبطهم عن الجهاد، وإلا، فهل كان صادقاً من قال: {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي}، فأجابهم الله تعالى: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49].
حاول بعض المنافقين التهرب من الجهاد في سبيل الله بحجة أنهم يخافون من أن يفتتنوا بنساء الروم فيقعوا في الإثم، فبين الله -تعالى- أن هؤلاء المنافقين قد سقطوا من قبل في الفتنة العظمى وهي أنهم كفروا بالله -تعالى- وخادعوه وخادعوا المؤمنين بإظهارهم الإسلام وإبطانهم الكفر، وتعاونوا مع الكفار الصرحاء على حرب الإسلام وحرضوهم على قتال المؤمنين، وأرجفوا في المدينة وحاولوا تخويف المؤمنين من الكفار، وسخروا من المجاهدين واستهزؤوا بهم... إلى غير ذلك من الضلال البعيد، ولذلك توعدهم الله -عز وجل- بجهنم التي ستحيط بالكافرين كلهم سواءً من كان كفره صريحاً ظاهراً ومن كان مخفياً للكفر، ستحيط بهم جهنم فلا يستطيعون منها خروجاً ولا من عذابها تملصاً، ولا يجدون طريقة للهرب من عذاب الله، ولا يخفف عنهم العذاب يوماً من الأيام.
• مرضى القلوب على طريق المنافقين
كثيراً ما يلتف أهل القلوب المريضة حول المنافقين فيسمعون منهم ويتأثرون بهم، ويُخَذل بعضهم بعضاً، حتى تصبح مقالاتُهم واحدةً وكفرُهم واحداً، كما قال -تعالى- فيهم: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12]، وقد أخبر -تعالى- عن سماع الذين في قلوبهم مرض من المنافقين بقوله: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]، أي كثيرو السماع لهم، يصدقونهم في الأخبار والتحليلات، ويتأثرون بحربهم النفسية على المسلمين فيصيبهم الوهن والخوف من الكفار، ثم ينقلون كلام أهل النفاق إلى أسماع المؤمنين فيؤذونهم بذلك، ويقللون من قوة المؤمنين ويهولون قوة الكافرين، وقد توعدهم الله جميعاً بقوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا *مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 60-62].
• انتصارٌ سبيله الاصطبار
قد تأتي فتنة التعويق أو التخذيل إلى المجاهد من أناس يحسن بهم الظن أو من بعض من يشاركونه طريق الجهاد، فعليه أن يمضي لأمر الله غير ملتفت إلى العوائق والمعوقين، قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 139].
وقد خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض غزواته أناس في قلوبهم مرض بل وبعض المنافقين، فلم يلتفت إليهم المجاهدون المخلصون، كما حصل في غزوة تبوك التي أخبرنا الله عن بعض ما جرى فيها من أهل النفاق وتخذيلهم واستهزائهم بالمؤمنين، فأنزل الله -تعالى- سورة التوبة تفضح المنافقين، وتثني على المؤمنين الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، ولم يكن من خُلقهم أن يستأذنوا في ترك الجهاد بأموالهم أو أنفسهم، فهم أهل الصفقة الرابحة، وقد قال -تعالى- فيهم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].
فالتغلب على العقبات واجب على كل مسلم كي يؤدي ما عليه من واجب أوجبه الله -تعالى- عليه بجهاد المشركين، ويثبت على الصراط المستقيم حتى يلقى ربه وهو راض عنه، وعليه أن يضع في حسبانه دائما أن الطريق إلى الجنة محفوفة بما تكرهه النفس من جهد ومشاق وبذل للنفس والمال، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات) [رواه مسلم]، فيجاهد نفسه للتغلب على الشهوات والشبهات، ويجاهد المنافقين والداعين إلى ضلاله، كي يسلم له دينه، وتسلم له آخرته.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 111
الخميس 3 ربيع الثاني 1439 هـ