مفهوم العيد والحذر من التشبه بالكفار في أعيادهم • قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العيد: اسم جنس ...

منذ 2025-08-04
مفهوم العيد والحذر من التشبه بالكفار في أعيادهم

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

العيد: اسم جنس يدخل فيه كلُّ يوم أو مكان لهم [الكفار] فيه اجتماع، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام، وما يُحدثونه فيها من الأعمال يدخل في ذلك.

وكذلك حريم العيد: هو وما قبله وما بعده من الأيام التي يُحدثون فيها أشياء لأجله، أو ما حوله من الأمكنة التي يحدث فيها أشياء لأجله أو ما يحدث بسبب أعماله من الأعمال، حكمها حكمُه فلا يفعل شيء من ذلك، فإن بعض الناس قد يمتنع من إحداث أشياء في أيام عيدهم، كيوم الخميس والميلاد، ويقول لعياله: إنما أصنع لكم هذا في الأسبوع أو الشهر الآخر، وإنما المحرِّك له على إحداث ذلك وجود عيدهم ولولا هو لم يقتضوا ذلك، فهذا من مقتضيات المشابهة. لكن يحال الأهل على عيد الله ورسوله ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره، فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم.


• الحذر من طاعة النساء في المعصية

وليحذر العاقل من طاعة النساء في ذلك، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، وروي أيضا (هلكت الرجال حين أطاعت النساء) [رواه أحمد].


• البدع في أعياد الكفار

أعياد الكفار كثيرة مختلفة، وليس على المسلم أن يبحث عنها، ولا يعرفها، بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال أو يوم، أو مكان، أن سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان أوالزمان من جهتهم، ولو لم يعرف أن سببه من جهتهم، فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام، فإنه إذا لم يكن له أصل، فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه، أو يكون مأخوذا عنهم، فأقل أحواله: أن يكون من البدع، ونحن ننبِّه على ما رأينا كثيرا من الناس قد وقعوا فيه:

فمن ذلك الخميس الحقير، الذي في آخر صومهم، فإنه يوم عيد المائدة فيما يزعمون ويسمونه عيد العشاء، وهو الأسبوع الذي يكون فيه من الأحد إلى الأحد؛ هو عيدهم الأكبر، فجميع ما يحدثه الإنسان فيه من المنكرات.

فمنه: خروج النساء، وتبخير القبور، ووضع الثياب على السطح، وكتابة الورق وإلصاقها بالأبواب، واتخاذه موسما لبيع البخور وشرائه، وكذلك شراء البخور في ذلك الوقت إذ اتُّخذ وقتا للبيع.....
ومن ذلك: ترك الوظائف الراتبة من الصنائع، والتجارات، أو حلق العلم، أو غير ذلك، واتخاذه يوم راحة وفرح، واللعب فيه بالخيل أو غيرها على وجه يُخالف ما قبله وما بعده من الأيام.
والضابط: أنه لا يحدث فيه أمر أصلا، بل يجعل يوما كسائر الأيام، فإنا قد قدمنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهاهم عن اليومين اللذين كانا لهم يلعبون فيهما في الجاهلية، وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح بالمكان إذا كان المشركون يعيِّدون فيه....

وكذلك أعياد الفرس مثل: النيروز والمهرجان، وأعياد اليهود أو غيرهم من أنواع الكفار أو الأعاجم أو الأعراب، حكمها كلها على ما ذكرناه من قبل .• النهي عن فعل ما يعين الكفار في أعيادهم

وكما لا نتشبَّه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل يُنهى عن ذلك فمن صنع دعوة مُخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد، لم تُقبل هديته، خصوصا إن كانت الهدية مما يُستعان بها على التشبه بهم، مثل: إهداء الشمع ونحوه في الميلاد، أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم، وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد، لا سيما إذا كان مما يستعان به على التشبه بهم كما ذكرناه.

ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مُشابهتهم في العيد، من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر، فأما مبايعتهم ما يستعينون هم به على عيدهم أو شهود أعيادهم للشراء فيها، فقد قدمنا أنه قيل للإمام أحمد: هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يانور ودير أيوب، وأشباهه يشهده المسلمون، يشهدون الأسواق، ويجلبون فيه الغنم والبقر والدقيق والبر، وغير ذلك؛ إلا أنه إنما يكون في الأسواق يشترون، ولا يدخلون عليهم بيعهم، وإنما يشهدون الأسواق، قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيَعَهم، وإنما يشهدون السوق، فلا بأس.

وقال أبو الحسن الآمدي: "فأما ما يبيعون في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره ". نص عليه أحمد في رواية مهنا، وقال: "إنما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم، فأما ما يباع في الأسواق من المأكل فلا، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه " لأجلهم فهذا الكلام محتمل؛ لأنه أجاز شهود السوق مطلقا بائعا، ومشتريا؛ لأنه قال: "إذا لم يدخلوا عليهم كنائسهم، وإنما يشهدون السوق فلا بأس " هذا يعم البائع، والمشتري، لا سيما إن كان الضمير في قوله: " يجلبون " عائدا إلى المسلمين، فيكون قد نص على جواز كونهم جالبين إلى السوق.

ويحتمل -وهو أقوى- أنه إنما أرخص في شهود السوق فقط، ورخص في الشراء منهم، ولم يتعرض للبيع منهم؛ لأن السائل إنما سأله عن شهود السوق التي يقيمها الكفار لعيدهم، وقال في آخر مسألته: "يشترون، ولا يدخلون عليهم بيعهم " وذلك؛ لأن السائل مهنا بن يحيى الشامي، وهو فقيه عالم، وكان -والله أعلم- قد سمع ما جاء في النهي عن شهود أعيادهم، فسأل أحمد: هل شهود أسواقهم بمنزلة شهود أعيادهم؟ فأجاب أحمد بالرخصة في شهود السوق..

ثم إن الرجل لو سافر إلى دار الحرب ليشتري منها، جاز عندنا، كما دلَّ عليه حديث تجارة أبي بكر -رضي الله عنه- في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام، وهي دار حرب، وحديث عمر -رضي الله عنه- وأحاديث أخرى بسطت القول فيها في غير هذا الموضع مع أنه لا بد أن تشتمل أسواقهم على بيع ما يستعان به على المعصية.

فأما بيع المسلمين لهم في أعيادهم، ما يستعينون به على عيدهم، من الطعام واللباس والريحان ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم، وهو مبني على أصل وهو: أن بيع الكفار عنبا أو عصيرا يتخذونه خمرا لا يجوز، وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما.


• الركوب مع النصارى المحتفلين بعيدهم

وسئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم، فكره ذلك مخافة نزول السخطة عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه، وكره ابن القاسم للمسلم يهدي للنصارى شيئا في عيدهم مكافأة لهم ورآه من تعظيم عيدهم وعونا لهم على مصلحة كفرهم...

انتهى - من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم - باختصار.


صحيفة النبأ - العدد 111
الخميس 3 ربيع الثاني 1439 ه‍ـ

67944dd38c694

  • 1
  • 0
  • 15

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً