• ربطُ العلماء لأحاديث المهدي مع غيرها من أخبار الساعة وبالإضافة لذلك، نجد علماء آخرين يحكمون ...

منذ 2025-08-05
• ربطُ العلماء لأحاديث المهدي مع غيرها من أخبار الساعة

وبالإضافة لذلك، نجد علماء آخرين يحكمون على بعض الأخبار الواردة في الصحيحين أنها تشير أيضا إلى ما يتعلق بقصة خروج المهدي، كما في حديث (يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف بأولهم وآخرهم) [متفق عليه]، إذ يقول الإمام ابن حبان -رحمه الله- في تبويبه لأحد أحاديث المهدي: "ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم، إنما هم القاصدون إلى المهدي في زوال الأمر عنه".

وأورد الإمام البغوي -رحمه الله- الحديث الذي رواه مسلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا) في (باب المهدي) من كتابه (شرح السنة) إشارة إلى رأيه أن الخليفة المقصود في هذا الحديث هو المهدي المذكور في الأخبار.

وعن حديث (يتقارب الزمان) [متفق عليه]، قال الخطابي -رحمه الله- بأن ذلك يكون: "زمان خروج المهدي، ووقوع الأمنة في الأرض بما يبسطه من العدل فيها، فيُستلذ العيش عند ذلك، وتُستقصر مدته" [شرح السنة للبغوي].

وقال الإمام ابن كثير -رحمه الله- بعدما ذكر حديث (لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا) [رواه مسلم]: "والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره" [تفسير ابن كثير].

كما ربط العلماء قصة المهدي بقصة نزول عيسى ابن مريم، التي هي في الصحيحين، وجزم بعض الأئمة بأن المهدي سيكون معه -عليه السلام- في قتاله للدجال، وبهذا قال الإمام البربهاري، رحمه الله: "وبنزول عيسى ابن مريم، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم من آل محمد، صلى الله عليه وسلم، ويموت، ويدفنه المسلمون" [شرح السنة]، وبذلك قال أيضا الإمام أبو الحسين الآبري، رحمه الله: "وأنه يخرج مع عيسى ابن مريم، ويساعده في قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره" [مناقب الإمام الشافعي].

ورأى علماء آخرون أن خروج المهدي يكون قبل نزول عيسى ابن مريم، عليه السلام، كما في قول ابن كثير، رحمه الله: "وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث" [البداية والنهاية].


• ردهم على من زعم أن المهدي هو عيسى ابن مريم

وردَّ العلماء على من أنكر خروج المهدي، معتمدا على حديث (ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم) [رواه ابن ماجه]، فأنكر بعضهم هذا الحديث، وتأوله آخرون بما يجعله موافقا للأحاديث الصحيحة عندهم في هذا الباب.

فقال ابن تيمية -رحمه الله- عنه: "هذا الحديث ضعيف" [منهاج السنة النبوية]، وقال الذهبي: "خبر منكر" [ميزان الاعتدال]، وقال النسائي: "حديث منكر" [العلل المتناهية لابن الجوزي].

وبالإضافة إلى الطعن في سند الحديث، لجهالة بعض رواته على المحدثين، أو لتفرد بعضهم الآخر به، فإن أهل العلم ردُّوا أيضا بأن بعض أوصاف المهدي الواردة في الأحاديث الصحيحة عندهم تمنع من كونه عيسى ابن مريم، كما قال ابن حبان: "ذكر الإخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى ابن مريم" [صحيح ابن حبان].

وردَّ بعض العلماء على هذه الشبهة، بأن الحديث ولو صحَّ فإنه لا ينفي خروج المهدي، كشخص مستقل، بل هو يخصُّ وصفا لعيسى ابن مريم، عليه السلام، كما قال ابن كثير: "وهذا الحديث فيما يظهر ببادي الرأي مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى ابن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر، وإما بعده، وعند التأمل لا ينافيها، بل يكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى ابن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيرُه مهدياً أيضاً" [النهاية في الفتن والملاحم]، وبناء على هذا الرأي نجد الإمام ابن كثير يصف عيسى ابن مريم -عليه السلام- بأنه "المسيح المهدي" في مواضع عدة من كتابه الكبير (البداية والنهاية).

هذا والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 114
الخميس 24 ربيع الثاني 1439 ه‍ـ

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً