فاز من باع نفسه لخالقها إذا حلت المنايا وجاءت الآجال، فالتهرب منها شيء محال، لأن القدر المكتوب ...
منذ 18 ساعة
فاز من باع نفسه لخالقها
إذا حلت المنايا وجاءت الآجال، فالتهرب منها شيء محال، لأن القدر المكتوب لا بد واقع، ماله من صاد ولا دافع، ثم ينتقل المرء من دار الزوال والفناء، إلى دار الخلود والبقاء، فإما نعيم مقيم، وإما عذاب مُخزٍ أليم.
وإن الموحد إذا علم أن الحياة مرتحلة عنه قسرا، وأن الموت نازل بساحه وإن عاش دهرا، اجتهد في طلب رضى الرحمن، وطمع في عطاء الكريم المنان، فلم يترك باب خير إلا طرقه، ولا طريق بِرٍّ إلا سلكه، ينتقي من الأعمال أصلحها، ومن التجارة أربحها، وليس عمل أصلح عند الله من الجهاد، وليست تجارة أربح من القتل في سبيله والاستشهاد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].
وقد علم الله أن النفس عن الجهاد لاهية، وعنه عازفة لأعذار تافهة واهية، إذ فيه ذهاب النفس والمال، وفراق الأهل والأصحاب والعيال، لذلك أجزل لمن أقامه العطاء والثواب، ووعده الفردوس الأعلى مع الصديقين والصالحين والأنبياء والأصحاب، {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:88-89]، فأنعم بطريقهم طريقا، وحسُن أولئك صحبة ورفيقا.
وكما أن الله أعد للمجاهدين نعيما وفيرا، وخَيرا جزيلا كثيرا، خلق لمن تخلف عنهم سعيرا، وبشَّرهم عذابا أليما وحسابا عسيرا، فإذا هم أعرضوا عن الجهاد استبدل بهم أهل خير، وتركهم أهل العصيان جميعا ولا ضير، فأمر الله ماض أبدا، وهو الناصر عونا ومددا، {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 39-41].
فإذا تيقن المرء أنه إلى الله راجع، وأن ليس له من قضائه من دافع، فضَّل الهداية على الغواية، والثواب على العقاب، والموت في سبيل الله عن الموت في سبيل سواه، فإن للموت في الحالتين سكرات، وهو في كِلتيهما مُرُّ الجرعات، فشمِّر يا باغي الخير عن ساعد الجد تأمن، واسع للعلياء يرفعك الله من حال إلى أحسن.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 هـ
إذا حلت المنايا وجاءت الآجال، فالتهرب منها شيء محال، لأن القدر المكتوب لا بد واقع، ماله من صاد ولا دافع، ثم ينتقل المرء من دار الزوال والفناء، إلى دار الخلود والبقاء، فإما نعيم مقيم، وإما عذاب مُخزٍ أليم.
وإن الموحد إذا علم أن الحياة مرتحلة عنه قسرا، وأن الموت نازل بساحه وإن عاش دهرا، اجتهد في طلب رضى الرحمن، وطمع في عطاء الكريم المنان، فلم يترك باب خير إلا طرقه، ولا طريق بِرٍّ إلا سلكه، ينتقي من الأعمال أصلحها، ومن التجارة أربحها، وليس عمل أصلح عند الله من الجهاد، وليست تجارة أربح من القتل في سبيله والاستشهاد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].
وقد علم الله أن النفس عن الجهاد لاهية، وعنه عازفة لأعذار تافهة واهية، إذ فيه ذهاب النفس والمال، وفراق الأهل والأصحاب والعيال، لذلك أجزل لمن أقامه العطاء والثواب، ووعده الفردوس الأعلى مع الصديقين والصالحين والأنبياء والأصحاب، {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:88-89]، فأنعم بطريقهم طريقا، وحسُن أولئك صحبة ورفيقا.
وكما أن الله أعد للمجاهدين نعيما وفيرا، وخَيرا جزيلا كثيرا، خلق لمن تخلف عنهم سعيرا، وبشَّرهم عذابا أليما وحسابا عسيرا، فإذا هم أعرضوا عن الجهاد استبدل بهم أهل خير، وتركهم أهل العصيان جميعا ولا ضير، فأمر الله ماض أبدا، وهو الناصر عونا ومددا، {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 39-41].
فإذا تيقن المرء أنه إلى الله راجع، وأن ليس له من قضائه من دافع، فضَّل الهداية على الغواية، والثواب على العقاب، والموت في سبيل الله عن الموت في سبيل سواه، فإن للموت في الحالتين سكرات، وهو في كِلتيهما مُرُّ الجرعات، فشمِّر يا باغي الخير عن ساعد الجد تأمن، واسع للعلياء يرفعك الله من حال إلى أحسن.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 هـ