جنوب دمشق... فسطاطان لا ثالث لهما لقد أدرك طواغيت العالم منذ البداية فساد معدن الصحوات، وعلى ...

منذ 2025-08-09
جنوب دمشق... فسطاطان لا ثالث لهما


لقد أدرك طواغيت العالم منذ البداية فساد معدن الصحوات، وعلى هذا الأساس كان التعامل معها.

فما أن ظهرت الجماعات المسلحة وانتشرت في الشام حتى بان جليا ضلال الهدف وضياع البوصلة، ولم تمض شهور قليلة حتى أضحت معظم تلك الجماعات تعمل كالعبيد لصالح هذه الدولة أو تلك، تمولها وتسيرها كيفما شاءت وارتأت.

ومناطق جنوب دمشق لم تكن استثناء، فقد سارت فصائلها على منهج إخوانهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، بل وزادوا عليهم.

فقد مرَّت على هذه المنطقة عشرات الفصائل والجيوش والفرق ذات الأسماء الرنانة الخاوية من مضمونها كما هو حال عقيدتها وهدفها، التي سرعان ما اضمحلت وانكشفت عمالة معظم قياداتها، وعاد المئات من عناصرها إلى حضن النصيرية طائعين خانعين أذلة كما كانوا سابقا، ومن تبقى منهم سارع إلى عقد الهدن والمصالحات مع النصيرية.

فقد كانت صحوات جنوب دمشق سباقة في هذا المضمار مفتتحة باكورته قبل نحو أربع سنوات من الآن، حينها خرج قادة الفصائل أفواجا إلى بيت الطاعة النصيري، يرافقهم رؤساء لجان المصالحة من مشايخ الردة الذين لبسوا على الناس دينهم وفتنوهم.

وإن كان شعار تلك المرحلة (وقف إطلاق النار مقابل دخول الطعام)، وهي الحجة التي بذريعتها سوَّغ قادة الفصائل لأنفسهم عقدها أمام عناصرهم وجمهورهم، وبأن هذه السياسة الشرعية من الحنكة ما يمكنهم -كما زعموا- من التقاط الأنفاس للكر مجددا على النصيرية.

ولكن يأبى الله إلا أن يفضحهم، فما هي إلا أيام حتى انكشفت تفاصيل ذلك الاتفاق، الذي يتدرج عبر مراحل تنتهي بعودة كافة عناصر الفصائل إلى صفوف الجيش النصيري، والشرط الأول والأخير بل ولبُّ هذا الاتفاق هو قتال المجاهدين.

ومع مرور الوقت تحول قادة الفصائل إلى تجار وأصحاب أموال مستغلين التسهيلات التي منحت لهم من قبل النظام للدخول بسياراتهم إلى دمشق، وإعفائهم من التفتيش عبر الحواجز، بالمقابل ثبَّت النظام أركانه داخل البلدات التي يحكمها صحوات الردة وهي (يلدا، وببيلا، وبيت سحم) بكافة المجالات الأمنية والتعليمية والخدمية والإدارية، وصارت له اليد الطولى والكلمة الفصل حتى في أدق التفاصيل اليومية.

في حين اقتصر عمل الفصائل على جني الدعم المالي المترتب عن قتال المجاهدين من جنود دولة الإسلام على حصون مخيم اليرموك وحي التضامن والحجر الأسود، إرضاء لسيدهم النصيري ولداعميهم في غرفة "موك".

ورغم عشرات المحاولات التي بذلها الصحوات لاقتحام مناطق المجاهدين، إلا أنهم كانوا في كل مرة يعودون مدحورين مثقلين بجراحهم بفضل الله، كما أن جنود الخلافة أجروا السيف على رقابهم، فلا يمر يوم أو يومان إلا ويُقتل أو يُصاب أحدهم بنيران المجاهدين، فمشهد تشييع الهلكى بات شبه يومي في بلداتهم، كما أن سيارات الإسعاف ما برحت تنقل مصابيهم إلى مشافي دمشق لتلقي العلاج.

واليوم تشهد مهزلة الصحوات آخر فصولها، خاصة بعد تيقن النصيرية أن لا طائل ولا فائدة ترجى من بقاء هذه الخراف السمان التي فشلت في المهمة الموكلة إليها وهي القضاء على المجاهدين أو التقدم على حسابهم، فهم خلال السنين الماضية عجزوا -بفضل الله- عن التقدم شبرا واحدا في أرض الخلافة، فكيف لهم بمدن وأحياء تحت سلطان الخلافة في جنوب دمشق؟!

فبالأمس وجه النظام النصيري عبر أدواته (لجان المصالحة) إنذارا أخيرا لكافة عناصر الصحوات وعوام الشباب في تلك البلدات، بالمفاضلة بين المغادرة إلى إدلب أو الانضمام إلى الجيش النصيري بشكل مباشر لقتال المجاهدين في جنوب دمشق، وفي هذا المقام لا يسع الفصائل إلا الإذعان والقبول بما قرر لها مسبقا.

ومع هذه الخطوة يكون انتهى رسميا دور الفصائل وافتضح أمرهم على رؤوس الأشهاد، مع تلاشي أكذوبة "الثورة" التي لطالما لبسوا على الناس دينهم بذريعة القتال تحت لوائها.

فيا جندي الفصائل ها هو جيش الخلافة وذاك جيش النصيرية، فسطاطان واضحان بيِّنان لا ثالث لهما، فاختر مع من تكون وأنقذ نفسك من ظلمات الردة والموت تحت لوائها، ولا تتعلق بحبال النصيرية أو تغتر بانتفاشهم الزائل قريبا بإذن الله، وما صولة التضامن عنك ببعيد.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 116
الجمعة 8 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً