حسن الخلق إن المنزلة العظيمة التي خصَّ الله -تعالى- بها صاحب الخلق الحسن، والمكافأة الكبيرة ...

منذ 23 ساعة
حسن الخلق


إن المنزلة العظيمة التي خصَّ الله -تعالى- بها صاحب الخلق الحسن، والمكافأة الكبيرة التي أعدها الله له لَتجعلُنا متحفزين متنبهين لمعرفتها وسبل بلوغها، والسعي لتحقيق ذلك.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سُئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يُدخل الجنة؟ قال: (تقوى الله، وحسن الخلق)، قال: وما أكثر ما يُدخل النار؟ قال: (الأجوفان: الفم والفرج) [رواه البخاري في الأدب المفرد].

وعنه قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصلاة والصوم) [رواه الترمذي].

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وألطفهم بأهله) [رواه أحمد].

وعن جابر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا) [رواه الترمذي].

قال عبد الله بن المبارك واصفا حسن الخلق: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكفُّ الأذى.

وقال آخر: هو التحرز من الشح والبخل والغضب، والتشديد في المعاملات، والتحبب إلى الناس بالقول والفعل، والسماحة وترك التقاطع والهجران والتساهل في العقود.

والصبر والحلم والأناة والتواضع مقدمات لا غنى عنها للخلق الحسن، فإن لم يكن للمرء صبر على الأذى، وحلم على الإساءة، وتفكر في الأمور ونظر في عواقبها، وأناة في القيام بها فليس باستطاعته أن يكون من أصحاب الخلق الحسن.

وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]: "أي افعل هذا الذي أمرتك به يا محمد من دفع سيئة المسيء إليك بإحسانك الذي أمرتك به إليه، فيصير المسيء إليك الذي بينك وبينه عداوة، كأنه من ملاطفته إياك وبرِّہ لك، وليٌّ لك من بني أعمامك، وقوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:35]. أي لا يُعطَى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا لله على المكاره، والأمور الشاقة، وذو حظ عظيم أي ذو جِدٍّ" [تفسير الطبري].

وفي تفسير قوله: {وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [فصلت: 36]: "يقول -تعالى- وإما يُلقِيَنَّ الشيطان يا محمد في نفسك وَسوَسة من حديث النفس إرادة حملك على مجازاة المسيء بالإساءة، ودعائك إلى إساءته، فاستجر بالله واعتصم من خطواته، إن الله هو السميع لاستعاذتك منه واستجارتك به من نزغاته" [تفسير الطبري].

تذكر أخي أن الأخلاق الحسنة أمر يمكن اكتسابه بالتدرب، وهو يحتاج إلى النباهة وتجنب الغفلة، وإلى ضبط النفس، وكظم الغضب والابتعاد عنه ما أمكن، وإن أفضل ما يساعدك على ذلك الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الغضب، أو تلقي الإساءة.

أخي المجاهد، إن أفضل وأتم تَمثُّلٍ بالخلق الحسن هو التمثل بأخلاق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وليكن هدفك الأول من التمثل بأخلاقه -صلى الله عليه وسلم- مرضاة الله تعالى، وتذكر أن الله -عز وجل- يرضى لك ذلك ويحبه، فأره منك ما يحب، وليكن الطمع فيما عند الله دافعا لك.

اعلم أخي المجاهد أن هذه المرتبة العظيمة التي خصَّ الله بها صاحب الخلق الحسن تستحق منك البذل والجهد والعناء في سبيل تحقيقها، فاستعن بالله وراقب أقوالك وأفعالك واحرص أن تكون على هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كي تكون من أقرب الناس منه مجلسا يوم القيامة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 117
الخميس 15 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ

683b4f9a9ea34

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً