الدولة الإسلامية - افتتاحية العدد 121: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ بدأ إعلام فصائل ...
منذ 5 ساعات
الدولة الإسلامية - افتتاحية العدد 121:
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
بدأ إعلام فصائل الصحوات المرتدة بتراشق أخبار الاقتحامات للقرى والبلدات، وتبادل السيطرة بالقوة عليها بين المتقاتلين، ولكنها أخذت منحى آخر خلال الأيام الماضية، فباتت أخبار المرتدين من تحالف "جبهة تحرير سوريا" تميل إلى التواتر، بنسبة سيطرتهم على القرى والبلدات في ريف حلب الغربي وشمال إدلب إلى سكانها الذين تعاونوا معها في إخراج المرتدين من فصيل "هيئة تحرير الشام"، فيما يعترف الأخير بخسارته لهذه المناطق لصالح خصومه، مُقرا بشكل ضمني أن انسحابه جاء بسبب مطالبة الأهالي بذلك، لمنع "تحرير سوريا" من استخدام القوة في طرد "تحرير الشام" من هذه المناطق، وبالتالي إجبارها على التخلي عن هذه المناطق دون قتال.
وكذلك الأمر يحدث اليوم في ريف دمشق، وذلك بمجرد أن أعلن المشركون من النصيرية والروس، أنه لا هدنة في المناطق التي ينتشر فيها المرتدون من "تحرير الشام"، سارعت كل الفصائل المرتدة الموجودة في الغوطة إلى إعلان موافقتها على إجبار مرتدي "تحرير الشام" على الخروج منها، بعد اتفاق حلفائهم وأعدائهم على ذلك، بزعم تجنيب الغوطة مآسي القصف والقتل، الذي يحسبون أنه سيتوقف بإذعانهم لأي من شروط المشركين.
وبالتالي باتت المعادلة مفهومة للقضاء على مرتدي تنظيم القاعدة في الشام، هم وحلفاؤهم، وهي سهلة التطبيق على أعدائهم، بانكشاف أهم القواعد التي ركنوا إليها من دون الله أمام أعدائهم، فاستهدفوها بالضرب ليهوي كل بنيان أولئك المرتدين على رؤوسهم، ويجدوا أنفسهم عراة من كل درع، معزولين عن كل سند، فهم يضربون اليوم أخماسهم بأسداسهم، يدورون في تيههم بلا هدى، أملا في حدوث تغيير ينقذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه.
وهذا الأمر ليس خاصا بمرتدي القاعدة في الشام فحسب، بل وجدنا أمثلته الواضحة أيضا عند إخوانهم في اليمن وليبيا وخراسان، إذ جرى تحطيم قدراتهم، ونزع أسلحتهم لا بأيدي أعدائهم من المشركين فحسب، بل كان الدور الأكبر في ذلك لمن حسبوهم أنصارا لهم من أهل المناطق التي احتموا بها، وزعموا أنها حاضنتهم المنيعة، وأمهم الرؤوم، فإذا بها تنكشف بعد أول زلزلة، فخّا قاتلا، وعدوا لدودا.
لقد كان شعار تنظيم القاعدة منذ انكساره الأول بعد الغزو الأمريكي لخراسان، هو إرضاء الحاضنة الشعبية، وكان بعض أئمتهم المفتونين بالتنظيرات الماركسية لحرب العصابات، تبنوا سياسة إن تنصركم الحاضنة الشعبية فلا غالب لكم، وإن تخذلكم فلا ناصر لكم، فجعلوا بذلك طاعة هذه الحاضنة فوق طاعة رب العالمين، واتباع أهواء زعمائها مقدما على اتباع رسوله الكريم، ثم استحكم هذا الأمر فيهم وأصبح ظاهرا لكل ذي عينين.
وبانكشاف حقيقة هذا الأمر أمام أعداء التنظيم سهُل عليهم ضربه واجتثاثه بسهولة، وذلك بمجرد استهداف هذه "الحاضنة" بالقصف والتدمير، أو إغراء زعمائها بالأموال والمناصب، وبذلك تتجه هذه "الحاضنة" إلى العناصر غير المرغوب فيهم بالقول: أن اخرجوا من بيننا لتجنبونا القتل والدمار، أو لتأمنوا لنا تحقيق ما وعدنا المشركون بتحقيقه إن قضينا عليكم.
في حين كان وضوح الراية وصحة المنهج عامل وقاية -بفضل الله- لكلٍّ من الدولة الإسلامية ورعيتها الذين حكمتهم بشريعة الله سبحانه، وذلك بإعطائهم ما لهم من واجب حمايتهم والذب عنهم وتعليمهم دينهم، وفي الوقت نفسه طلبت منهم أداء ما توجب عليهم من جهاد في سبيل الله، وطاعة لإمامهم الذي ولاه الله أمرهم، وبذلك لم يدُر في خلد أحد من أبناء هذا المجتمع أن يطلب من الدولة الإسلامية أن تترك تحكيم الشريعة، أو أن تسلم المناطق للمشركين.
وكذلك فإن المشركين لما عرفوا أنهم لا يستطيعون الضغط على الدولة الإسلامية من خلال رعيتها، وعرفوا أنه يستحيل أن يتحول الرعية إلى أداة يستخدمونها في حربهم عليها، كان أكبر همهم أن يحيدوا أفرادها ويعزلوهم عن الدولة الإسلامية، وأن لا يُمعنوا في استعدائهم خوفا من زيادة ارتباطهم بها، ولذلك وجدنا أن قصف رعايا الدولة الإسلامية رغم كثافته لم يبلغ بحال قصف الأهالي في مناطق سيطرة الصحوات المرتدين.
وبهذا وَقَت الدولة الإسلامية نفسها من الخضوع لغير رب العالمين، وحافظت على دين رعيتها وأنفسهم، من أن يصبحوا نقطة ضعف يستغلها المشركون لإرهاب الدولة الإسلامية عن طريق الضغط عليهم، واستهدافهم في أنفسهم وأموالهم، ومنعت الكفار بذلك من مساومتهم على دينهم أو حياتهم ومعيشتهم، ومن يجتهد في تحقيق رضا رب العالمين يهده سواء السبيل، ومن يجتهد لاسترضاء الناس يوله الله ما تولى، والله لا يهدي القوم الظالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 هـ
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
بدأ إعلام فصائل الصحوات المرتدة بتراشق أخبار الاقتحامات للقرى والبلدات، وتبادل السيطرة بالقوة عليها بين المتقاتلين، ولكنها أخذت منحى آخر خلال الأيام الماضية، فباتت أخبار المرتدين من تحالف "جبهة تحرير سوريا" تميل إلى التواتر، بنسبة سيطرتهم على القرى والبلدات في ريف حلب الغربي وشمال إدلب إلى سكانها الذين تعاونوا معها في إخراج المرتدين من فصيل "هيئة تحرير الشام"، فيما يعترف الأخير بخسارته لهذه المناطق لصالح خصومه، مُقرا بشكل ضمني أن انسحابه جاء بسبب مطالبة الأهالي بذلك، لمنع "تحرير سوريا" من استخدام القوة في طرد "تحرير الشام" من هذه المناطق، وبالتالي إجبارها على التخلي عن هذه المناطق دون قتال.
وكذلك الأمر يحدث اليوم في ريف دمشق، وذلك بمجرد أن أعلن المشركون من النصيرية والروس، أنه لا هدنة في المناطق التي ينتشر فيها المرتدون من "تحرير الشام"، سارعت كل الفصائل المرتدة الموجودة في الغوطة إلى إعلان موافقتها على إجبار مرتدي "تحرير الشام" على الخروج منها، بعد اتفاق حلفائهم وأعدائهم على ذلك، بزعم تجنيب الغوطة مآسي القصف والقتل، الذي يحسبون أنه سيتوقف بإذعانهم لأي من شروط المشركين.
وبالتالي باتت المعادلة مفهومة للقضاء على مرتدي تنظيم القاعدة في الشام، هم وحلفاؤهم، وهي سهلة التطبيق على أعدائهم، بانكشاف أهم القواعد التي ركنوا إليها من دون الله أمام أعدائهم، فاستهدفوها بالضرب ليهوي كل بنيان أولئك المرتدين على رؤوسهم، ويجدوا أنفسهم عراة من كل درع، معزولين عن كل سند، فهم يضربون اليوم أخماسهم بأسداسهم، يدورون في تيههم بلا هدى، أملا في حدوث تغيير ينقذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه.
وهذا الأمر ليس خاصا بمرتدي القاعدة في الشام فحسب، بل وجدنا أمثلته الواضحة أيضا عند إخوانهم في اليمن وليبيا وخراسان، إذ جرى تحطيم قدراتهم، ونزع أسلحتهم لا بأيدي أعدائهم من المشركين فحسب، بل كان الدور الأكبر في ذلك لمن حسبوهم أنصارا لهم من أهل المناطق التي احتموا بها، وزعموا أنها حاضنتهم المنيعة، وأمهم الرؤوم، فإذا بها تنكشف بعد أول زلزلة، فخّا قاتلا، وعدوا لدودا.
لقد كان شعار تنظيم القاعدة منذ انكساره الأول بعد الغزو الأمريكي لخراسان، هو إرضاء الحاضنة الشعبية، وكان بعض أئمتهم المفتونين بالتنظيرات الماركسية لحرب العصابات، تبنوا سياسة إن تنصركم الحاضنة الشعبية فلا غالب لكم، وإن تخذلكم فلا ناصر لكم، فجعلوا بذلك طاعة هذه الحاضنة فوق طاعة رب العالمين، واتباع أهواء زعمائها مقدما على اتباع رسوله الكريم، ثم استحكم هذا الأمر فيهم وأصبح ظاهرا لكل ذي عينين.
وبانكشاف حقيقة هذا الأمر أمام أعداء التنظيم سهُل عليهم ضربه واجتثاثه بسهولة، وذلك بمجرد استهداف هذه "الحاضنة" بالقصف والتدمير، أو إغراء زعمائها بالأموال والمناصب، وبذلك تتجه هذه "الحاضنة" إلى العناصر غير المرغوب فيهم بالقول: أن اخرجوا من بيننا لتجنبونا القتل والدمار، أو لتأمنوا لنا تحقيق ما وعدنا المشركون بتحقيقه إن قضينا عليكم.
في حين كان وضوح الراية وصحة المنهج عامل وقاية -بفضل الله- لكلٍّ من الدولة الإسلامية ورعيتها الذين حكمتهم بشريعة الله سبحانه، وذلك بإعطائهم ما لهم من واجب حمايتهم والذب عنهم وتعليمهم دينهم، وفي الوقت نفسه طلبت منهم أداء ما توجب عليهم من جهاد في سبيل الله، وطاعة لإمامهم الذي ولاه الله أمرهم، وبذلك لم يدُر في خلد أحد من أبناء هذا المجتمع أن يطلب من الدولة الإسلامية أن تترك تحكيم الشريعة، أو أن تسلم المناطق للمشركين.
وكذلك فإن المشركين لما عرفوا أنهم لا يستطيعون الضغط على الدولة الإسلامية من خلال رعيتها، وعرفوا أنه يستحيل أن يتحول الرعية إلى أداة يستخدمونها في حربهم عليها، كان أكبر همهم أن يحيدوا أفرادها ويعزلوهم عن الدولة الإسلامية، وأن لا يُمعنوا في استعدائهم خوفا من زيادة ارتباطهم بها، ولذلك وجدنا أن قصف رعايا الدولة الإسلامية رغم كثافته لم يبلغ بحال قصف الأهالي في مناطق سيطرة الصحوات المرتدين.
وبهذا وَقَت الدولة الإسلامية نفسها من الخضوع لغير رب العالمين، وحافظت على دين رعيتها وأنفسهم، من أن يصبحوا نقطة ضعف يستغلها المشركون لإرهاب الدولة الإسلامية عن طريق الضغط عليهم، واستهدافهم في أنفسهم وأموالهم، ومنعت الكفار بذلك من مساومتهم على دينهم أو حياتهم ومعيشتهم، ومن يجتهد في تحقيق رضا رب العالمين يهده سواء السبيل، ومن يجتهد لاسترضاء الناس يوله الله ما تولى، والله لا يهدي القوم الظالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 هـ