معركة الجسر (13 هـ) لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا ...

منذ 13 ساعة
معركة الجسر (13 هـ)

لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا دماءهم وأشلاءهم لتكون كلمة الله هي العليا، تشهد على ذلك الملاحم التي خاضها الصحابة والمسلمون، ومنها موقعة الجسر الشهيرة التي ارتسمت فيها ملامح الثبات والتضحيات.

وقصة المعركة تبدأ بتولية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي عبيد الثقفي -رحمه الله- قائدا لجيش المسلمين المتوجه إلى فارس، لأنه أول من تطوع للقتال بعد تثاقل الناس عنه، كرها لقتال أعظم دولة في ذلك الزمان، المعروفة ببطشها وقوتها.

وسار جيش المسلمين والتقى مع الفرس في عدة معارك كان النصر حليفه فيها، عندها أرسل ملك الفرس القائد (بهمن جاذويه) لقتال المسلمين، قال ابن كثير: "فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما إن نعبر إليكم. فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مُرهم فليعبروا هم إلينا" [البداية والنهاية].

وبعد عبور المسلمين للنهر، لم تستطع خيل المسلمين مواجهة فيلة الأعداء وارتعبت منها، وكانت الفيلة هي سلاح الفُرس النوعي في ذلك الوقت، إلا أن أبا عبيد واجه هذه المعضلة حين أمر بقتل الفيلة.

قال ابن كثير: "وأمر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة أولا، فاحتوشوها فقتلوها عن آخرها، وقد قدمت الفرس بين أيديهم فيلا عظيما أبيض، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع ذلومه فحمى الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل فتخبطه برجليه فقتله ووقف فوقه فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي كان أوصى أن يكون أميرا بعده فقتل، ثم آخر ثم آخر حتى قتل سبعة من ثقيف كان قد نص أبو عبيد عليهم واحدا بعد واحد، ثم صارت إلى المثنى بن حارثة بمقتضى الوصية أيضا".

ومما زاد الطين بلة أن أحد المسلمين قطع الجسر لئلا يفر المجاهدون، إلا أن النتيجة جاءت على الضد فقتل وغرق في النهر على إثر ذلك عدد كبير وصمد المثنى وجماعة من فرسان المسلمين حتى إصلاح الجسر.

ويكمل ابن كثير وصف المشهد فيقول: "وسار المثنى بن حارثة فوقف عند الجسر الذي جاءوا منه... فنادى المثنى، أيها الناس على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوزه حتى لا يبقى منكم أحد ههنا... وقام يحرسهم هو وشجعان المسلمين، وقد جرح أكثرهم وأثخنوا".

وقضى من المسلمين في هذه المعركة أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وقُتل من الفرس ستة آلاف، وأُخبر عمر -رضي الله عنه- عمَّن سار في البلاد من الهزيمة استحياء، فاشتد عليه وقال: "اللهم إن كل مسلم في حل مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد، لو كان انحاز إلي لكنت له فئة".


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ

683b4f9a9ea34

  • 0
  • 0
  • 16

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً