وهم في غفلة معرضون الغفلة هي البوابة الذي تعبر منها المعاصي إلى العباد، والمنفذ الذي تسلكه ...

منذ 2025-09-02
وهم في غفلة معرضون


الغفلة هي البوابة الذي تعبر منها المعاصي إلى العباد، والمنفذ الذي تسلكه الأمراض إلى القلوب، والطريق الذي تستغله الشهوة للسيطرة على النفوس، فتصبح أقل إحساسا بالواقع والمصير، فلا يستفيق منها الإنسان إلا وقد سيطرت عليه الذنوب، وكبلته بحبالها وقيدته بسلاسلها.

وهي ليست فعلا يرتكبه المسلم، بل حالة يعيشها، تنشأ بالابتعاد عن الطاعة والذكر والمراقبة لله تعالى، ولا علاج لها إلا باليقظة، وأهم أسبابها: الصحبة الصالحة، وقراءة القرآن، وترطيب اللسان بذكر الله، آناء الليل وأطراف النهار، والصلاة على وقتها بخشوع وتدبُّر، والالتزام بأوامر الله والابتعاد عن نواهيه، والكف عن السعي خلف ملذات الدنيا والجري خلف شهواتها، والإكثار من السنن والنوافل والأعمال الصالحة.

ولا يتجرأ العبد على مخالفة مولاه، وارتكاب الذنوب والمعاصي والتعدي على حقوقه إلا وهو غافل عنه، ساهٍ لاهٍ.

وأشد مظاهر الغفلة نسيان الموت، رغم اقترابه، ونسيان لقاء الله رغم دنوِّہ، واللهوُ والإعراض عن آياته وأوامره، قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 1 - 3].

وقال تعالى في علاج الغفلة: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكتبْ من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كُتبَ من القانتين) [رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم].

وهي طريقٌ نهايته الحسرة والندامة، قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]، عندها لا ينفع لوم ولا يقظة.

فانتبه أخي، لتكون من الناجين، واحذر لتكون من الفائزين، والزم ذكر الله والصحبة الصالحة، وتدبر آياته ولا تفتر عن ذكره.

يقول ابن القيم، رحمه الله: "إن مجالسَ الذكر مجالسُ الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالسُ الشياطين، فليتخيَّر العبد أعجبَهما إليه وأولاهما به".

وإن أحرى من يكون بعيدا عن الغفلة هو أنت أخي المجاهد، فطلب القتل مظانه، والتعرض له، يجعلك أبعد ما تكون عن الغفلة، فكيف لمن ينتظر لقاء الله ويتعرض له في كل لحظة وحين، أن يكون غافلا عن طاعته وعبادته ولقائه، فتذكر -أخي المجاهد- أنك قريب من مولاك، سريع اللقاء به، ولا تغفل عنه تكن من الفائزين.

فعن هانئ مولى عثمان -رضي الله عنه- قال: كان عثمان، إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تُذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا! فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه) [رواه الترمذي].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 ه‍ـ

683b4f9a9ea34

  • 0
  • 0
  • 6

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً