• من الناس من يعبد الله على حرف: وهناك صنف من الناس ليسوا على يقين من صحة الطريق الذي يسلكونه ...
منذ 2025-09-03
• من الناس من يعبد الله على حرف:
وهناك صنف من الناس ليسوا على يقين من صحة الطريق الذي يسلكونه لطلب مرضاة الله، وزيَّن لهم هواهم مقياساً خاطئاً لمعرفة الحق من الباطل، فإن أقبلت عليهم الدنيا بمتاعها وزخرفها قالوا إذن طريقنا الذي سلكناه صحيح وحق، وإن أصابتهم الفتن التي أخبر الله -عز وجل- بأنها ستصيب لا محالة كل من يقول آمنا بالله وبنبيه -صلى الله عليه وسلم- وبدين الإسلام، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2]، استغرب هؤلاء من هذه الفتن واستنكروا أن تصيبهم وقرروا ترك طريق الاستقامة على دين الله، قائلين: لا طاقة لنا بهذه المصائب، مدعين أن هذه المحن تدل على عدم صحة الطريق الذي يسلكونه، فينقلبون راجعين مدبرين، وقد أخبر -تعالى- عنهم بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، فهؤلاء كما يصورهم لنا القرآن يقفون في مكان خطير، وميزانهم غير شرعي بل تلعب به أهواؤهم، ولا فرق في الحكم عليهم بالضلال والخسران بين من ضل منهم على علم أو من ضل على جهل، والمصيبة التي أصابتهم كانت كبيرة بحيث خسروا بها الدنيا، وبنكوصهم وتراجعهم عن دينهم خسروا الآخرة أيضاً، فأي خسارة أبين من هذه؟ نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.
• مثل لمن ضل على علم:
رجل أنعم الله عليه بنعمة العلم بآيات الله، ولكنه فتن بفتنة عظيمة من فتن الدنيا، بحيث إنه صار على مفترق طرق إما أن يختار التمسك بآيات الله فيخسر ذلك العرض الدنيوي، وإما أن ينسلخ من دينه اتباعاً لهواه، فأخلد إلى الأرض وركن إلى الدنيا مؤثراً لشهواتها على ما أعد الله للمتقين، فضرب الله له مثلاً بالكلب يظل لاهثاً سواءً أطاردته أم تركته، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175 - 176]، فهذا رجل لم ينفعه علمه ولم يسعفه فهمه، بل أعمته شهوات الدنيا عن أن يطلب لنفسه المكانة الرفيعة عند ربه تعالى، وخطر هؤلاء الذين يضلون على علمٍ كبيرٌ، لأنهم يُضلون كثيراً من الناس وراءهم، إما بأن يدعوهم إلى الضلال الذي صاروا إليه، وإما أن يسنُّوا للناس سنة سيئة فيقتدي بهم أناس في ضلالهم، فيحمل ذلك العالم وزره وأوزار من أضلهم، وقد حذرنا الله –تعالى- من أنه لا يعذر من يتبع أئمة الضلال، وأنهم سيتبرأ بعضهم من بعض، ولا ينفعهم ذلك التبرؤ شيئاً، قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166 - 167].
ولعلنا نقف وقفات أخرى مع الفتن والابتلاءات، نسأل الله العافية في ديننا ودنيانا، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 هـ
وهناك صنف من الناس ليسوا على يقين من صحة الطريق الذي يسلكونه لطلب مرضاة الله، وزيَّن لهم هواهم مقياساً خاطئاً لمعرفة الحق من الباطل، فإن أقبلت عليهم الدنيا بمتاعها وزخرفها قالوا إذن طريقنا الذي سلكناه صحيح وحق، وإن أصابتهم الفتن التي أخبر الله -عز وجل- بأنها ستصيب لا محالة كل من يقول آمنا بالله وبنبيه -صلى الله عليه وسلم- وبدين الإسلام، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2]، استغرب هؤلاء من هذه الفتن واستنكروا أن تصيبهم وقرروا ترك طريق الاستقامة على دين الله، قائلين: لا طاقة لنا بهذه المصائب، مدعين أن هذه المحن تدل على عدم صحة الطريق الذي يسلكونه، فينقلبون راجعين مدبرين، وقد أخبر -تعالى- عنهم بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، فهؤلاء كما يصورهم لنا القرآن يقفون في مكان خطير، وميزانهم غير شرعي بل تلعب به أهواؤهم، ولا فرق في الحكم عليهم بالضلال والخسران بين من ضل منهم على علم أو من ضل على جهل، والمصيبة التي أصابتهم كانت كبيرة بحيث خسروا بها الدنيا، وبنكوصهم وتراجعهم عن دينهم خسروا الآخرة أيضاً، فأي خسارة أبين من هذه؟ نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.
• مثل لمن ضل على علم:
رجل أنعم الله عليه بنعمة العلم بآيات الله، ولكنه فتن بفتنة عظيمة من فتن الدنيا، بحيث إنه صار على مفترق طرق إما أن يختار التمسك بآيات الله فيخسر ذلك العرض الدنيوي، وإما أن ينسلخ من دينه اتباعاً لهواه، فأخلد إلى الأرض وركن إلى الدنيا مؤثراً لشهواتها على ما أعد الله للمتقين، فضرب الله له مثلاً بالكلب يظل لاهثاً سواءً أطاردته أم تركته، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175 - 176]، فهذا رجل لم ينفعه علمه ولم يسعفه فهمه، بل أعمته شهوات الدنيا عن أن يطلب لنفسه المكانة الرفيعة عند ربه تعالى، وخطر هؤلاء الذين يضلون على علمٍ كبيرٌ، لأنهم يُضلون كثيراً من الناس وراءهم، إما بأن يدعوهم إلى الضلال الذي صاروا إليه، وإما أن يسنُّوا للناس سنة سيئة فيقتدي بهم أناس في ضلالهم، فيحمل ذلك العالم وزره وأوزار من أضلهم، وقد حذرنا الله –تعالى- من أنه لا يعذر من يتبع أئمة الضلال، وأنهم سيتبرأ بعضهم من بعض، ولا ينفعهم ذلك التبرؤ شيئاً، قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166 - 167].
ولعلنا نقف وقفات أخرى مع الفتن والابتلاءات، نسأل الله العافية في ديننا ودنيانا، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 هـ