الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد: الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله- قائد العمليات في ...

منذ يوم
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد:

الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله-
قائد العمليات في كابل


نُشهر أقلامنا اليوم لنكتب قصة من قصص البطولة والفداء، وسيرة عطرة من سير الفرسان النبلاء، نقتبس عِبَرها ونتنسّم عبيرها، ونتسنّم ذراها ونتفيّأ ظلالها، قصة الحياة والموت معا لكن في سبيل الله تعالى، بطلها المجاهد الطبيب (نقيب علي أكبر) أبو حنظلة -تقبله الله تعالى- أحد أبطال خراسان وقادتها الشجعان.

• طبيب الأعصاب

وُلد المجاهد أبو حنظلة في إحدى قرى (لوجر) عام 1407 هـ، وتربى في كنف أسرة محافظة غرست فيه القيم النبيلة والأخلاق الأصيلة، وعندما قارب سنّ البلوغ انتقل مع عائلته إلى باكستان واستقر في (بيشاور)، وهناك أتمّ مراحله الدراسية بتفوّق ملحوظ.

في المرحلة الجامعية اختار أبو حنظلة دراسة الطب وتفوّق فيها محرزًا المرتبة الثالثة على دفعته بجامعة الطب في كابل، وحصل على شهادة الطب في "جراحة الأعصاب".

• منحة وسط الأسر

لكن هذه الشهادة الورقية والدرجات الدنيوية لم تكن لتحجب المؤمن عن غايته في نيل الشهادة العليا والدرجات الحقيقية التي أعدها الله للمجاهدين كما في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ في الجنَّةِ مائَةَ درجةٍ أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيلِ الله، مَا بيْن الدَّرجَتَينِ كَمَا بيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ).

ولم تكن جراحة الأعصاب المربحة، تنسيه جراح أمته الغائرة، فطلّق الطبيب الوقور عيش الدعة والقعود وخرج سنة 1430 هـ في طلب الجهاد قاصدا ثغور (وزير ستان).

وهناك تعرض الطبيب أبو حنظلة للأسر من قبل الجيش الأفغاني المرتد وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قضاها في سجن (بُل جرخي)، كانت منحة في ثوب محنة، ونورا أضاء دربه وسط العتمة، (وعَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ)، إذْ شاء الله تعالى أن يلتقي في السجن ببعض إخوانه من جنود الخلافة، ويستمع إليهم عن قرب، ويتعرف على منهجهم عن كثب، فانشرح صدره وحسم أمره وبايع الدولة الإسلامية من فوره.

بعد خروجه من الأسر لم ينشغل الشاب الطبيب بخاصة نفسه وإصلاح مستقبله كما هو دأب أكثر شباب الأمة اليوم، بل صدّق القول بالعمل وأتبعَ البيعة بالوفاء، والتحق رسميا بصفوف الدولة الإسلامية في كتيبة كابل، ليبدأ فصلا جهاديا حافلا بالبذل والعطاء للمسلمين، والنكاية والإثخان في الكافرين.

• متواضع رفيق بإخوانه

يُجمع كل من احتك بالطبيب أبي حنظلة أنه حظي بصفات حميدة وخصال مجيدة ينبغي لكل مجاهد أن يتصف بها، من حسن العشرة ودماثة الخلق واللين في أيدي إخوانه، فكان شفيقا رفيقا بإخوانه المجاهدين، متواضعا خافضا جناحه لهم، مهتما لأمرهم وأمر سائر المسلمين وجراحاتهم، باذلا غاية جهده في نصرتهم، ساعيا في تحصيل أسباب قوتهم، ورعا حريصا على حفظ مقدراتهم، كما كان كثير المدارسة للمباحث الشرعية ليحيا عن بينة ويقاتل على بصيرة.

• قائد الهجمات وبطل المعمعات

وعلى الجهة المقابلة، كان المجاهد الطبيب شجاعا في مقارعة الكافرين غليظا عليهم، وبينما ينغمس أطباء الأمة عادة في الترف والإحجام حتى أخمصهم، انغمس طبيبنا في الجهاد والاقتحام حتى اكتظ سجله الجهادي بالصولات والملاحم، فجمع سِفرا من البطولات وخوض المعمعات قلّما يجتمع لأحد في زمن الإسفاف، نُفصح اليوم عن بعض صفحاته شحذا للهمة وتحريضا للأمة، وإبرازا للقدوات الحقيقية التي حريّ أنْ تُقتدى ويُقتفى أثرها ويُحتفى بها، تشجيعا لمن أحجم ليتقدم، وحثا لمن تلكأ أن يقدم، ورفعا للستار عن بعض مآثر المجاهدين في خراسان الذين التقت عمائم النفاق بقبّعات "المارينز" على حربهم.

كان أبو حنظلة نائبا لأمير كابل، وفي الوقت عينه قائد العمليات ورجل المهمات، يخطط ويقود ويشرف ويشارك ويباشر العمل بنفسه في الميدان.

خاض حنظلة العدا المواجهات، وقاد العديد من المعارك والغزوات ضد مفاصل الحكومة المرتدة في كابل، أذاق فيها جنود الطاغوت بأس المؤمنين وغضبة المجاهدين.

• من المشفى العسكري إلى القصر الرئاسي!

ولعل من أشهر الغزوات التي خطط لها وقادها، الهجوم الانغماسي على أكبر مشفى عسكري مخصص لاستقبال القوات المرتدة في كابل، قاد الطبيب الهجوم بخمسة من الأنصار والمهاجرين، اجتازوا جميع التحصينات وخاضوا أشرس الاشتباكات وقتلوا العشرات، حتى تشاركت القوات الأفغانية الخاصة والقوات النرويجية في التصدي للهجوم عبر إنزال جوي بعد عجزهم عن اقتحام المكان طيلة ست ساعات.

ومن العمليات التي نفذها المجاهد الطبيب مرارا وتكرارا قصف "مطار كابل العسكري" و "القصر الرئاسي" بصواريخ الكاتيوشا، منغّصا عيش الطواغيت وجنودهم، زارعا الرعب في قلوبهم.

• الانتقام للموصل

بعد أيام على احتفال السفارة العراقية في كابل بجرح الموصل التي خاض أبناؤها أشرس ملاحم العصر، جاء القرار بالانتقام وهبّ الطبيب الأريب لوضع خطة الهجوم، فجهّز وأرسل الانغماسيين الغيارى يؤدبون الرافضة في سفارتهم، وسروا بالموت إليهم، فقتلوا منهم وشرّدوا بقيتهم، وأروهم نجوم الموصل في رابعة خراسان، في تطبيق عملي للولاء والبراء والنصرة والإخاء، ولمَ العجب؟ فهذا منهاج السماء وهؤلاء أبطاله وكماته الأوفياء.

• يتابع الهدف بنفسه

كان من دأب القائد حنظلة قبيل كل هجوم، أنه يجتهد في بحث ودراسة الهدف بنفسه، للوصول إلى أفضل الطرق للانطلاق وأكثرها إنجاحا للهجوم، فكان يدرس خريطة الموقع وجميع ثغراته ومداخله ومخارجه، ولا يتركه حتى يطمئن بنفسه إلى سلامة الخطة ومناسبتها للهدف، ثم يسمح بعدها لإخوانه بالتحرك، ويقودهم بنفسه أحيانا إلى موقع الهجوم بكل تفان وإقدام.

• المزيد من البطولات

وما زلنا نقلّب صفحات المجد في سجل هذا الكمي الهمام، لننقل إليكم مزيدا من البطولات والهجمات التي خططها وقادها جرّاح الأعصاب، بإيجاز نسردها، فنحن على كل الأحوال لن نوفيها حقها.

منها الهجوم الانغماسي قرب مطار كابل وقصفه بالصواريخ، بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي وزعيم الناتو، وقد تكتموا عنه وحاولت طالبان سرقته.

ومنها العملية الاستشهادية قرب تجمّع السفارات الصليبية، ومنها العملية الانغماسية على مبنى "فضائية شمشاد"، ومنها العملية الانغماسية على المركز التدريبي للاستخبارات الأفغانية، ومنها العملية الانغماسية الخماسية على "مقر الفرقة 111" في كابل، حيث أوصل أبو حنظلة الانغماسيين إلى عقر الكلية الحربية، عبر التسلل فوق الأسلاك الشائكة، فما استفاق جنود الطاغوت إلا وعشاق المنايا فوق رؤوسهم.

ومنها العملية الاستشهادية المزدوجة على مقري الاستخبارات الأفغانية بمنطقة (شاش درك) في كابل.

• وللرافضة نصيب

كما كان للرافضة نصيب من بأس الطبيب، حيث لفحتهم نار الثأر خلال العملية الانغماسية المزدوجة التي شارك في تخطيطها، واستهدفت قطعانهم السائبة في منطقة (دشت برجي) في العاصمة كابل، والتي تعد خزانا بشريا للرافضة في خراسان ومددا لميليشياتهم المقاتلة في كل مكان، خصوصا إبّان حملتهم المجوسية الأخيرة على بلاد الشام والعراق.

• الغزوة العشرية على وزارة الداخلية

ومن أبرز الهجمات التي شارك حنظلة العدا في تخطيطها والإشراف عليها، الغزوة الانغماسية العشرية على وزارة الداخلية في كابل، حيث انطلق فيها عشرة من المهاجرين والأنصار، بسيارتين مضادتين للرصاص، وتخطوا جميع الحواجز الأمنية، متنكرين بملابس القوات الأمريكية حتى وصلوا إلى مقر الوزارة، وفجّروا أحزمتهم واشتبكوا وقتلوا وأصابوا العشرات، وكان الهدف منها "وزير الداخلية" بنفسه، إلا أن طارئا فنيا حال دون الوصول إليه.

• مهندس التفجيرات

لم يكن الطبيب قائدا ومخططا للهجمات فحسب، بل كان مهندسا يصنع العبوات ويطور اللاصقات بأبسط الإمكانيات المحليّة المتوفرة، بعون من الله وتوفيقه.

وقد هندس وأشرف الطبيب على إعداد سلسلة التفجيرات التي ضربت المراكز والنقاط الانتخابية، خلال إحدى جولات الانتخابات الشركية في العاصمة كابل، قبل عدة سنوات بمعدل عشرين تفجيرا.

كما نجح في تصنيع العبوات المخصصة لاستهداف السيارات المصفحة، وغيرها من أنواع العبوات المطورة والموقوتة التي أحدثت نقلة نوعية في الهجمات وسهلت كثيرا من المهمات، حتى استفاد المجاهدون منها في كسر جدران (سجن جلال آباد)، وحققت إثخانا وقطّعت أوصالا في صفوف جنود المرتدين.

فرحل الطبيب وبقيت عبواته ولمساته تداوي جراح المسلمين وتشفي صدورهم، وتنكي بالكافرين وتدمي قلوبهم، هكذا يفعل الطبيب عندما يكون على منهاج النبوة، اللهم فاجعل هذا له من الباقيات الصالحات.

• مقتله بغارة أمريكية في مهمة جلال آباد

في رمضان عام 1440 هـ، كان القائد أبو حنظلة وإخوانه يستعدون لخطوة ميدانية كبيرة تتمثل في السيطرة على منطقة (جلال آباد).

وقد انهمك أبو حنظلة وإخوانه في الإعداد لهذه الخطوة، ووضعوا الخطة الكاملة، ورصدوا لها العدة اللازمة، كما أرسلوا إلى الخليفة أبي بكر البغدادي تقبله الله يخبرونه بالأمر، ففرح الشيخ بذلك وأرسل إليهم مبلغا خاصا من بيت المال لدعم الخطوة الشجاعة.

وبينما كان أبو حنظلة في طريقه للاجتماع بأمراء المجاهدين للتشاور بشأن إتمام مراحل الخطة، قصفته مسيّرة أمريكية بمنطقة (زاوه) بقاطع (ننجرهار) ليومين بقيا من رمضان عام 1440 هـ، ليقضي نحبه في الغارة وهو منغمس في الإعداد والتجهيز لنصرة الإسلام والتمكين له، وكفى بها نهاية وخاتمة حسنة لحياة رجل أتته الدنيا راغمة فركلها ومضى يطبب القلوب بالجهاد ويداوي العلل بالقتال، فرحم الله حنظلة العدا ومسعر الحرب.

أما خطة السيطرة على (جلال آباد) فكانت إحدى مراحلها اقتحام سجنها المركزي وقد تم، ويليها مراحل أخرى أوسع، لكن حال دون إتمامها "الحملة الثلاثية" التي تقاسمها الصليبيون والحكومة الأفغانية وطالبان على مناطق سيطرة المجاهدين، وكان أولياء طالبان آنذاك يخفون مشاركتهم فيها، غير أن الخبر السيء لهؤلاء جميعا، أن الطبيب حنظلة ترك خلفه من يكمل المشوار ويضع الخطط ويواصل المسير بإذن الله تعالى، حتى تخضع خراسان لحكم الشريعة لا الديموقراطية.


المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ

قصة شهيد:
الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله-
قائد العمليات في كابل

683b4c4f96693

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً