اسم الله (العليّ) الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى، المتضمنة للصفات العلى، والصلاة والسلام على ...
منذ 2025-09-06
اسم الله (العليّ)
الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى، المتضمنة للصفات العلى، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي قدَر الله حق قدره، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد...
فإن من أسماء الله تعالى "العليّ"، فهو العلي على خلقه، الذي استوى على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وتحت السماوات الأرضون السبع، وكل خلقه يسبحون بحمده، ويسجدون له طوعاً وكرهاً، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء) [رواه البخاري]، وقال البخاري رحمه الله: "قال أبو العالية {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارتفع {فَسَوَّاهُنَّ} خلقهن، وقال مجاهد {اسْتَوَى} علا على العرش".
الله -تعالى- رب كل شيء وهو أعلى من كل شيء، { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } [الأعلى: 1 - 5].
وهو -تعالى- عظيم أعظم من كل شيء، مع علوه على كل شيء، { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُہُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُہُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255]، ختم الله -عز وجل- أعظم آية في القرآن بهذين الاسمين العظيمين {الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} لنربط كل ما ذُكر فيها من أسمائه وصفاته وأفعاله بعلوه -عز وجل- وعظمته.
وهو -تعالى- مع علوه يعلم كل شيء؛ ما غاب عن الناس وما شهدوه لا تخفى عليه خافية، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9]، هو -سبحانه- الكبير أكبر من كل شيء، الذي تعالى على كل شيء، وتعالى عن أن يماثله شيء من خلقه في ذاته أو أفعاله أو صفاته وآثارها.
• معاني العلو:
العلو ثابت لله -تعالى- من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو الشأن، وعلو القهر. قال ابن القيم، رحمه الله تعالى:
وله العلوُّ من الوجوه جميعِها
ذاتاً وقدراً معْ علوِّ الشانِ
• فعلو الذات، علوه على خلقه كلهم، مع بينونته عنهم، يُنزل على عباده ما يشاء من خيرات الدين والدنيا، ما به تزكو قلوبهم وتصلح أعمالهم ومعايشهم، فأنزل كتابه الكريم، قال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِہِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [الفرقان: 1]، وهو سبحانه { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِہِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِہِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ } [النحل: 2]، وقال تعالى: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [فاطر: 10]، وقال تعالى: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } [تبارك: 16].
• وأما علو الشأن ومعناه: علو القدر والصفات، فلله -تعالى- الأسماء الحسنى والصفات العلا، وله -سبحانه- الكمال المطلق من كل الوجوه، ليس في أسمائه ولا صفاته ولا أفعاله نقص ولا عيب، فتعالى الله عما يصفه أهل الشرك والضلال، سبحانه لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه.
• وأما علو القهر، فيقول الله تعالى: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 18]، قال الإمام الطبري -رحمه الله- في تفسيره: "ويعني بقوله: { القَاهِرُ }، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم، وإنما قال: { فَوْقَ عِبَادِەِ }، لأنه وصف نفسه -تعالى ذكره- بقهره إياهم، ومن صفة كلِّ قاهرٍ شيئاً أن يكون مستعلياً عليه، فمعنى الكلام إذاً: والله الغالب عبادَہ، المذلُّ لهم، العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه، { وَهُوَ الحَكِيمُ }، يقول: والله الحكيم في عُلُوِّہ على عباده، وقهره إياهم بقدرته، وفي سائر تدبيره، { الخَبِيرُ } بمصالح الأشياء ومضارِّها، الذي لا تخفى عليه عواقب الأمور وبواديها، ولا يقع في تدبيره خلل، ولا يدخل حكمه دَخَل" [جامع البيان في تأويل القرآن].
فالله -تعالى- لا مغالب له ولا منازع، تجري أحكامه على خلقه، فلا يملكون إلا الرضوخ لها، ويوفق الله أهل الإيمان للرضا بها والتسليم لحكمته البالغة.
الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى، المتضمنة للصفات العلى، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي قدَر الله حق قدره، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد...
فإن من أسماء الله تعالى "العليّ"، فهو العلي على خلقه، الذي استوى على عرشه، وعرشه فوق سماواته، وتحت السماوات الأرضون السبع، وكل خلقه يسبحون بحمده، ويسجدون له طوعاً وكرهاً، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء) [رواه البخاري]، وقال البخاري رحمه الله: "قال أبو العالية {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارتفع {فَسَوَّاهُنَّ} خلقهن، وقال مجاهد {اسْتَوَى} علا على العرش".
الله -تعالى- رب كل شيء وهو أعلى من كل شيء، { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } [الأعلى: 1 - 5].
وهو -تعالى- عظيم أعظم من كل شيء، مع علوه على كل شيء، { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُہُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُہُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255]، ختم الله -عز وجل- أعظم آية في القرآن بهذين الاسمين العظيمين {الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} لنربط كل ما ذُكر فيها من أسمائه وصفاته وأفعاله بعلوه -عز وجل- وعظمته.
وهو -تعالى- مع علوه يعلم كل شيء؛ ما غاب عن الناس وما شهدوه لا تخفى عليه خافية، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9]، هو -سبحانه- الكبير أكبر من كل شيء، الذي تعالى على كل شيء، وتعالى عن أن يماثله شيء من خلقه في ذاته أو أفعاله أو صفاته وآثارها.
• معاني العلو:
العلو ثابت لله -تعالى- من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو الشأن، وعلو القهر. قال ابن القيم، رحمه الله تعالى:
وله العلوُّ من الوجوه جميعِها
ذاتاً وقدراً معْ علوِّ الشانِ
• فعلو الذات، علوه على خلقه كلهم، مع بينونته عنهم، يُنزل على عباده ما يشاء من خيرات الدين والدنيا، ما به تزكو قلوبهم وتصلح أعمالهم ومعايشهم، فأنزل كتابه الكريم، قال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِہِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [الفرقان: 1]، وهو سبحانه { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِہِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِہِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ } [النحل: 2]، وقال تعالى: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } [فاطر: 10]، وقال تعالى: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } [تبارك: 16].
• وأما علو الشأن ومعناه: علو القدر والصفات، فلله -تعالى- الأسماء الحسنى والصفات العلا، وله -سبحانه- الكمال المطلق من كل الوجوه، ليس في أسمائه ولا صفاته ولا أفعاله نقص ولا عيب، فتعالى الله عما يصفه أهل الشرك والضلال، سبحانه لا نحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه.
• وأما علو القهر، فيقول الله تعالى: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 18]، قال الإمام الطبري -رحمه الله- في تفسيره: "ويعني بقوله: { القَاهِرُ }، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم، وإنما قال: { فَوْقَ عِبَادِەِ }، لأنه وصف نفسه -تعالى ذكره- بقهره إياهم، ومن صفة كلِّ قاهرٍ شيئاً أن يكون مستعلياً عليه، فمعنى الكلام إذاً: والله الغالب عبادَہ، المذلُّ لهم، العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه، { وَهُوَ الحَكِيمُ }، يقول: والله الحكيم في عُلُوِّہ على عباده، وقهره إياهم بقدرته، وفي سائر تدبيره، { الخَبِيرُ } بمصالح الأشياء ومضارِّها، الذي لا تخفى عليه عواقب الأمور وبواديها، ولا يقع في تدبيره خلل، ولا يدخل حكمه دَخَل" [جامع البيان في تأويل القرآن].
فالله -تعالى- لا مغالب له ولا منازع، تجري أحكامه على خلقه، فلا يملكون إلا الرضوخ لها، ويوفق الله أهل الإيمان للرضا بها والتسليم لحكمته البالغة.