لا تباغضوا ولا تحاسدوا - وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جملة من الصفات الذميمة التي ...
منذ 2025-09-06
لا تباغضوا ولا تحاسدوا
- وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جملة من الصفات الذميمة التي توغر الصدر وتُذهب سلامته، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) [البخاري]، أما التباغض فمحمود مع الكافرين، محرَم بين المسلمين، فالمؤمن مفروض عليه بغض الكافرين ومعاداتهم، وحب المسلمين وموالاتهم، وليس العكس كما يفعل المرتكسون.
ولو كان المسلم عاقلا، ما حسد أخاه على نعمة رزقها الله إيَاها، إذ كيف يحسده عليها، وهو يعلم أنه تعالى هو الذي قسم هذه النعم بين خلقه بعدله وحكمته؟! فقد يكون الحسد هنا اعتراضا منه على قدر الله تعالى! فليحترس المسلم من ذلك ويربأ بنفسه أن يقع في هذا المنزلق من أجل لعاعة الدنيا وحطامها.
الدنيا وإبليس
- ومن أسباب الجنوح إلى تلك الصفات الموغرة للصدر، الحرص على الدنيا والتعلق بها واتخاذها دار قرار لا دار ممر، وكما قيل: فحب الدنيا رأس كل خطيئة! وأغلب خصومات الناس اليوم سببها التنافس على الدنيا، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من ذلك فقال: (فَوَاللهِ ما الْفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ) [البخاري]، وأي شيء يجلبه التنافس على الدنيا غير الأحقاد والأضغان؟
- ومن أسباب فقدان سلامة الصدر: إبليس اللعين الذي لا يتوقف عن السعي في إيقاع العداوة بين المسلمين، والتحريش بينهم بالخصومات والشحناء والنفخ في نفوسهم كما قال الصادق المصدوق: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ) [مسلم]. والعجب ممن يجعل إبليس دليله إلى عورات إخوانه، فيضلهم ويحرش بينهم.
المؤمن للمؤمن كالبنيان
لقد وصف النبي علاقة المسلم بأخيه المسلم فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) [متفق عليه]، فلا يمكن للبناء أن يعلو ويستقيم إذا كان به ثغرات وفجوات، فيكون حينها عرضة للتصدع والانهيار، ولذا جاء النهي عن كل ما يؤدي لذلك من الأقوال والأفعال.
فالواجب على المسلمين عامة وأصحاب الثغور خاصة -كونهم الأحوج للألفة والاجتماع- الحرص على سلامة صدورهم لإخوانهم، واجتناب كل ما قد يلقيه الشيطان بينهم لإيقاع التدابر والتشاحن فيما بينهم حتى تأتلف الأرواح وتتحد القلوب، وترتص الصفوف، ويقوى عودها وتنتظم لبناتها، ويشمخ بنيانها فيعلو الإسلام ويعز جنابه ويسود أهله، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ
مقال:
سلامة الصدور
- وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جملة من الصفات الذميمة التي توغر الصدر وتُذهب سلامته، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) [البخاري]، أما التباغض فمحمود مع الكافرين، محرَم بين المسلمين، فالمؤمن مفروض عليه بغض الكافرين ومعاداتهم، وحب المسلمين وموالاتهم، وليس العكس كما يفعل المرتكسون.
ولو كان المسلم عاقلا، ما حسد أخاه على نعمة رزقها الله إيَاها، إذ كيف يحسده عليها، وهو يعلم أنه تعالى هو الذي قسم هذه النعم بين خلقه بعدله وحكمته؟! فقد يكون الحسد هنا اعتراضا منه على قدر الله تعالى! فليحترس المسلم من ذلك ويربأ بنفسه أن يقع في هذا المنزلق من أجل لعاعة الدنيا وحطامها.
الدنيا وإبليس
- ومن أسباب الجنوح إلى تلك الصفات الموغرة للصدر، الحرص على الدنيا والتعلق بها واتخاذها دار قرار لا دار ممر، وكما قيل: فحب الدنيا رأس كل خطيئة! وأغلب خصومات الناس اليوم سببها التنافس على الدنيا، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من ذلك فقال: (فَوَاللهِ ما الْفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ) [البخاري]، وأي شيء يجلبه التنافس على الدنيا غير الأحقاد والأضغان؟
- ومن أسباب فقدان سلامة الصدر: إبليس اللعين الذي لا يتوقف عن السعي في إيقاع العداوة بين المسلمين، والتحريش بينهم بالخصومات والشحناء والنفخ في نفوسهم كما قال الصادق المصدوق: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ) [مسلم]. والعجب ممن يجعل إبليس دليله إلى عورات إخوانه، فيضلهم ويحرش بينهم.
المؤمن للمؤمن كالبنيان
لقد وصف النبي علاقة المسلم بأخيه المسلم فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) [متفق عليه]، فلا يمكن للبناء أن يعلو ويستقيم إذا كان به ثغرات وفجوات، فيكون حينها عرضة للتصدع والانهيار، ولذا جاء النهي عن كل ما يؤدي لذلك من الأقوال والأفعال.
فالواجب على المسلمين عامة وأصحاب الثغور خاصة -كونهم الأحوج للألفة والاجتماع- الحرص على سلامة صدورهم لإخوانهم، واجتناب كل ما قد يلقيه الشيطان بينهم لإيقاع التدابر والتشاحن فيما بينهم حتى تأتلف الأرواح وتتحد القلوب، وترتص الصفوف، ويقوى عودها وتنتظم لبناتها، ويشمخ بنيانها فيعلو الإسلام ويعز جنابه ويسود أهله، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ
مقال:
سلامة الصدور