صحيفة النبأ مقال: الفتن والابتلاءات (3) الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة ...
منذ 2025-09-10
صحيفة النبأ مقال: الفتن والابتلاءات (3)
الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة والسلام على رسوله قدوة المؤمنين في طاعة العزيز المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فإنه لما كانت حكمة الله مِن خلق عباده أن يبتليهم ليُظهر الصالح من الفاسد، والمصلح من المفسد فإن الله تعالى شاء -وهو الحكيم العليم- أن يأمر عباده بأنواع من العبادات القلبية والبدنية والمالية، وأمرهم -سبحانه- بأن يَأتوا الحلال وينصرفوا عن الحرام، بل وحتى ما يشتبه عليهم، فالرشاد في أن يتركوه حتى يتبين لهم وجهه فيقدموا عليه أو يذروه على بيِّنة من أمرهم.
وأوجب الله على عباده أن يتقوه في معاملتهم لبعضهم البعض، وجعل لمعاملاتهم أحكاماً وحدوداً لتحفظ حقوقهم وتمنع العدوان عليهم.
• الابتلاء بأنواع العبادات:
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1 - 2]، أي ليختبركم بالأعمال التي يأمركم بها، والأوامر نوعان: أمر بالفعل وأمر بالترك.
وإذا نظرت إلى أركان الإسلام وجدتها تجمع بين أقوال القلوب وأعمالها وقول اللسان وعمل الجوارح، فالشهادتان لا يقبلهما الله إلا ممن يعلم معناهما ويوقن بهما، ويشهد بلسانه على ما في قلبه من إيمان بهما، مع القبول والإذعان لما دلَّتا عليه والانقياد لأوامر الله بالفعل أو بالترك واجتناب ما ينقض الشهادتين من قول أو عمل أو اعتقاد.
والصلاة هي حق البدن تصححها النية الخالصة لله، ويَعظم أجرُ المصلي باستشعاره عظمة الله، وأن يصلي لربه خائفاً طامعاً محباً مستحيياً من ربه لتقصيره في طاعة الله وجرأته على معصية الله، ويؤدي صلاته متَّبعاً هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- في أركانها وواجباتها ومستحباتها، فيجاهد نفسه في تأديتها على أحسن وجه.
ثم الزكاة وهي حق المال، عبادة قلبية مالية، يؤديها المزكي راجياً ثواب الله خائفاً من أن يقصر فيها متحرياً مَن يستحقونها.
والصوم عبادة قلبية بدنية من نوع مختلف أيضاً، فهي إمساك عن أفعال معينة في وقت النهار شهراً كاملاً.
ثم الحج الجامع لهجر الدار -وربما الأهل أيضاً- مع النية الخالصة، وهو جامع أيضاً للعبادة البدنية والمالية، وتذكر الاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بخليل الله إبراهيم -عليه السلام- مع تعظيم شعائر الله وذبح الهدي ابتغاء رضوان الله.
• مرتبة الإيمان:
أمرنا الله -تعالى- بالإيمان وهو التصديق والإقرار المقترن بالقبول والإذعان لله -تعالى- وأوامره، ومنه ما هو إيمان بالغيب ومنه ما هو إيمان بالشهادة، والإيمان قول وعمل، والقول قول القلب وقول اللسان، والعمل عمل القلب وعمل الجوارح، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بنقص الطاعات وبفعل المعاصي.
رُوي عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: "إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني وإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل".
• مرتبة الإحسان:
ثم إن المؤمن الموفَّق يرتقي إلى درجة الإحسان بأن يجاهد نفسه حتى يعبد الله كأنه يراه، وهي المرتبة العليا من الإحسان، تليها المرتبة الأخرى منه، وهي أن يعبد الله -تعالى- مستحضراً مستشعراً أن الله -تعالى- يراه، فيخشع لربه ويتقن طاعته ويقوى يقينه وإخلاصه، وقد وعد الله -تعالى- عباده الذين يجاهدون فيه أن يهديهم سُبُلَه الموصلة إليه وأن يكون معهم بتوفيقه وتأييده وعونه، فيطهرهم من المعايب ويرقيهم أعلى المراتب في دينهم ثم في آخرتهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
• تقوى الله في المعاملات:
يحب الله -تعالى- ممن يوحدونه أن يحسنوا إلى عباده، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 89]، فإن لم يحسن إليهم فليعدل معهم، فالله -تعالى- أوجب العدل في معاملة الناس، وحرم البغي. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) [رواه مسلم]
الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة والسلام على رسوله قدوة المؤمنين في طاعة العزيز المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فإنه لما كانت حكمة الله مِن خلق عباده أن يبتليهم ليُظهر الصالح من الفاسد، والمصلح من المفسد فإن الله تعالى شاء -وهو الحكيم العليم- أن يأمر عباده بأنواع من العبادات القلبية والبدنية والمالية، وأمرهم -سبحانه- بأن يَأتوا الحلال وينصرفوا عن الحرام، بل وحتى ما يشتبه عليهم، فالرشاد في أن يتركوه حتى يتبين لهم وجهه فيقدموا عليه أو يذروه على بيِّنة من أمرهم.
وأوجب الله على عباده أن يتقوه في معاملتهم لبعضهم البعض، وجعل لمعاملاتهم أحكاماً وحدوداً لتحفظ حقوقهم وتمنع العدوان عليهم.
• الابتلاء بأنواع العبادات:
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1 - 2]، أي ليختبركم بالأعمال التي يأمركم بها، والأوامر نوعان: أمر بالفعل وأمر بالترك.
وإذا نظرت إلى أركان الإسلام وجدتها تجمع بين أقوال القلوب وأعمالها وقول اللسان وعمل الجوارح، فالشهادتان لا يقبلهما الله إلا ممن يعلم معناهما ويوقن بهما، ويشهد بلسانه على ما في قلبه من إيمان بهما، مع القبول والإذعان لما دلَّتا عليه والانقياد لأوامر الله بالفعل أو بالترك واجتناب ما ينقض الشهادتين من قول أو عمل أو اعتقاد.
والصلاة هي حق البدن تصححها النية الخالصة لله، ويَعظم أجرُ المصلي باستشعاره عظمة الله، وأن يصلي لربه خائفاً طامعاً محباً مستحيياً من ربه لتقصيره في طاعة الله وجرأته على معصية الله، ويؤدي صلاته متَّبعاً هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- في أركانها وواجباتها ومستحباتها، فيجاهد نفسه في تأديتها على أحسن وجه.
ثم الزكاة وهي حق المال، عبادة قلبية مالية، يؤديها المزكي راجياً ثواب الله خائفاً من أن يقصر فيها متحرياً مَن يستحقونها.
والصوم عبادة قلبية بدنية من نوع مختلف أيضاً، فهي إمساك عن أفعال معينة في وقت النهار شهراً كاملاً.
ثم الحج الجامع لهجر الدار -وربما الأهل أيضاً- مع النية الخالصة، وهو جامع أيضاً للعبادة البدنية والمالية، وتذكر الاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بخليل الله إبراهيم -عليه السلام- مع تعظيم شعائر الله وذبح الهدي ابتغاء رضوان الله.
• مرتبة الإيمان:
أمرنا الله -تعالى- بالإيمان وهو التصديق والإقرار المقترن بالقبول والإذعان لله -تعالى- وأوامره، ومنه ما هو إيمان بالغيب ومنه ما هو إيمان بالشهادة، والإيمان قول وعمل، والقول قول القلب وقول اللسان، والعمل عمل القلب وعمل الجوارح، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بنقص الطاعات وبفعل المعاصي.
رُوي عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: "إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني وإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل".
• مرتبة الإحسان:
ثم إن المؤمن الموفَّق يرتقي إلى درجة الإحسان بأن يجاهد نفسه حتى يعبد الله كأنه يراه، وهي المرتبة العليا من الإحسان، تليها المرتبة الأخرى منه، وهي أن يعبد الله -تعالى- مستحضراً مستشعراً أن الله -تعالى- يراه، فيخشع لربه ويتقن طاعته ويقوى يقينه وإخلاصه، وقد وعد الله -تعالى- عباده الذين يجاهدون فيه أن يهديهم سُبُلَه الموصلة إليه وأن يكون معهم بتوفيقه وتأييده وعونه، فيطهرهم من المعايب ويرقيهم أعلى المراتب في دينهم ثم في آخرتهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
• تقوى الله في المعاملات:
يحب الله -تعالى- ممن يوحدونه أن يحسنوا إلى عباده، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 89]، فإن لم يحسن إليهم فليعدل معهم، فالله -تعالى- أوجب العدل في معاملة الناس، وحرم البغي. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) [رواه مسلم]