الدولة الإسلامية - مقال: المنطقة العازلة (1) ماذا يُراد بأهل رفح وسيناء؟ الحمد لله ولي ...

منذ 2025-09-16
الدولة الإسلامية - مقال: المنطقة العازلة (1)
ماذا يُراد بأهل رفح وسيناء؟


الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على النبي الأمين الذي بعث بالسيف رحمة للعالمين، وعلى صحابته الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فسؤال يطرح نفسه بعد كل ما جرى ويجري في سيناء، ماذا يريد الجيش المصري المرتد ومِن خلفه أمم الكفر من الصليبين واليهود بأرض سيناء، تلك الأرض المباركة، التي عليها كلَّم اللهُ موسى نبيَّه ورسوله إلى بني إسرائيل، وفيها تجلى الله على جبل الطور، وماذا يُخطط لمدينة رفح بالتحديد؟

مدينة رفح استثمرها اليهود ودمَّرها المرتدون
ولنعلم أولا أن رفح كانت مدينة واحدة، حتى جاء كفار بلاد الغرب يجرون خبثهم على أهل الإسلام بعدما ابتعدوا عن دينهم، وفرَّقوا أرض المسلمين إلى قُطيعات، وقسِّمت المدينة إلى قسمين رفح المصرية ورفح الفلسطينية.

ومكَّن المحتل الغربي لليهود من دويلة -زائلة بإذن الله- في أرض فلسطين، سرعان ما توسعت لتشمل الجولان من سوريا، والعقبة من الأردن، وسيناء من مصر، وعاش اليهود في سيناء ردحا من الزمن، فوجدوا أن مدينة رفح من أجمل البقاع فيها من حيث المناخ والتربة، فاستثمروها خير استثمار وبنوا فيها أرقى "المستوطنات"، وشيدوا فيها معابدهم ومهدوا الطرق والممرات، وتنعَّموا بما حباها الله تعالى من ثروات وخيرات.

كما حفروا فيها عشرات الآبار من الغاز الطبيعي الذي كان يدرُّ منها أكبر دخل مالي على دويلة اليهود، إلى أن قام طواغيت مصر -بعد غفلة- مستغلين فرصة مواتية، وانقضوا على دويلة يهود في معركة أسموها (6 أكتوبر)، ليعيدوا شيئا من كرامتهم التي أُهدرت في النكسة، ولكن سرعان ما تحركت أمم الصليب وأصدرت أوامرها للجيش المصري المرتد بالتوقف فورا عن قتال اليهود، بعد كم كبير قدمه من التضحيات والدماء في سبيل استرجاع الأرض، فتوقفوا عن الحرب، ثم وقَّعوا اتفاقية مهينة لا تتلاءم مع ما بُذل، كان من بنودها إرجاع سيناء إلى أرض مصر "منقوصة السيادة" إذ كان من ضمن بنود الاتفاقية السماح بعدد محدود من القوات الأمنية على الأرض وألَّا يدخل السلاح الثقيل إلى سيناء إلا بإذن من اليهود، وألا يُصنع مشروع في سيناء إلا بعد موافقتهم، وألا يستخرجوا الغاز الطبيعي من الآبار التي كان اليهود يستخدمونها في سيناء إلا بموافقتهم، فتظل مُغلقة حتى يَأذن لهم أسيادهم بذلك.

وجاءت القوات المتعددة الجنسيات الصليبية لحفظ "السلام" المزعوم، ولتتفقد أحوال الجيش المصري المرتد وتراقب حركاته وسكناته لضمان حفظ أمن وسلام دويلة اليهود، وما زالت هي الرقيب عليه حتى وقتنا هذا، فطائرات الصليب المروحية تحلِّق بشكل دوري فوق الكمائن والارتكازات الأمنية في سيناء لمراقبة أي تغير ملحوظ في عدد الأفراد والآليات.

وكان من ضمن الاتفاقية المشؤومة إرجاع نصف مدينة رفح فقط إلى مصر، ويبقى نصفها "رفح الفلسطينية" مع اليهود، ووافق الجيش المصري المرتد على ذلك، فكانت اتفاقية هزيمة وعار وليست اتفاقية عزة وانتصار، ورجعت نصف رفح إلى العرب وبقي النصف الآخر مع اليهود إلى أن خرجوا من غزة، منذ قرابة أكثر من عقد، وقبيل ذلك هدم اليهود كل المستوطنات التي بنوها في رفح وخرَّبوا كل المزارع التي زرعوها في أرض المسلمين، وأغلقوا كل آبار الغاز، وعادت الأرض إلى أهلها، وسكنوها في عهد "السادات"، وتولى الجيش المصري المرتد سيناء إدارة فقط، وكانت هذه أولى طعنات الغدر بأرض سيناء.


• مشاريع المنطقة العازلة:

ثم قامت الحكومة المصرية في شهر ذي الحجة من عام 1435 بتنفيذ ما أسمته بالمنطقة العازلة على الحدود المصطنعة بين مصر وفلسطين، وبدأ الجيش المصري بعمل المنطقة العازلة بدعوى محاربة الإرهاب والقضاء على الأنفاق الحدودية التي كانت تُعد دعما كبيرا للمسلمين في غزة، ومن ورائهم التنظيمات المسلحة.

وصنع المرتدون منطقة عازلة بعمق 500 متر من الحدود المصطنعة مع فلسطين باتجاه الغرب داخل الأراضي المصرية، وبطول 14كيلومترا من ساحل البحر شمالا إلى الجنوب كمرحلة أولى، ثم مرت شهور وبدأوا بالمرحلة الثانية فتوسعت المنطقة العازلة فسارت من الحدود المصطنعة شرقا بعمق 1200 متر غربا داخل الأراضي المصرية، وبطول 14 كيلو مترا من ساحل البحر شمالا إلى الجنوب أيضا، وهُجِّرت آلاف الأسر ودُمِّرت مئات المنازل، وفُجِّرت عشرات المساجد، وهُدِّمت المدارس وجرِّفت مزارع الزيتون والفاكهة، ودمِّر الجزء الرئيسي من المدينة، وبدأ الناس بالنزوح إلى أماكن أخرى وترك ممتلكاتهم وديارهم وراءهم، فمن الناس من نزح بما يستطيع من أثاث بيته، ومنهم من نزح بنصف أثاث البيت، ومنهم من لم ينزح إلا بنفسه وأهله وترك كلَّ شيء وراءه خوفا من بطش الجيش المصري المرتد، الذي يهدم البيت فوق رأس صاحبه إن تأخر في تركه والخروج منه.

وأصبح بذلك نصف مدينة رفح الرئيسي تحت الركام، ولم يكتف الجيش المصري المرتد بذلك، بل بدأ بالتضييق على مَن تبقى مِن أهل المدينة بقطع الكهرباء لأسابيع وشهور متواصلة مما أدى لجفاف المزارع، وبقطعِ الطرق عليهم بالحواجز والارتكازات الأمنية التي يتم ترحيل من حولها من السكان، وبعدها بحوالي 4 أشهر أعلنت السلطات المصرية عزمها تنفيذ مرحلة ثالثة بتجريف 500 متر أخرى، يليها الإعلان عن مرحلة رابعة بـ 500 متر أخرى، وتم الإعلان -استرضاء للناس- عن صرف تعويضات مالية لأهالي رفح عن بيوتهم المهدمة.

وفي غضون مراحل التجريف منذ عام 1435 حتى يومنا هذا كان المرتدون يتعمَّدون إطلاق النار الكثيف والعشوائي بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، إضافة للقصف المدفعي للمنطقة من الكمائن والثكنات العسكرية، وأيضا شنِّ الحملات تلو الحملات على المنطقة المراد تجريفها وترحيل أهلها، ويصاحب ذلك أحيانا قصف بالطائرات الحربية والطائرات المسيَّرة، مما أدى إلى مقتل وإصابة الكثير من عوام المسلمين، ووفقا لإحصائية أعلنت عنها إحدى "منظمات حقوق الإنسان" المهتمة بالوضع في سيناء فقد قُتل وأُصيب ما يقارب من 400 شخص من بينهم نساء وأطفال وشيوخ، والله المستعان.

ويبقى السؤال، هل الحرب على "الإرهاب" تقتضي تهجير المسلمين من أرضهم وهدم بيوتهم ومساجدهم، أم أن وراء الأكمة ما وراءها.

ثم بعد ذلك تأتيك الأنباء تترى عن صفقة يسمونها صفقة القرن، يقال أنها تتضمن ترحيل جزء من أهل فلسطين إلى سيناء، ورفح بالخصوص، وفي الواقع ترى أن الجيش المصري المرتد يشن حملة أخرى مكبرة بداعي الحرب على الإرهاب، يضاعف فيها عملية التجريف وتهجير أهل سيناء من أرضهم، ثم يعمد أخيرا إلى عزل رفح بالكلية عن سيناء. فما هي صفقة القرن وما يراد لهذه الأرض وأهلها، وما هو موقف جنود الخلافة وردهم على الصليبيين واليهود وأذنابهم من المرتدين، لعل ذلك مما نقف عليه في الجزء الثاني من هذه السلسلة، وبالله التوفيق.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 133
الخميس 8 رمضان 1439 ه‍ـ

683b4c4f96693

  • 0
  • 0
  • 13

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً