إنسانية النبي ﷺ الحمد لله رب العالمين, الذي أرسل محمداً ﷺ رحمةً للعالمين، وجعله قدوةً للمتقين ...
منذ 2025-09-16
إنسانية النبي ﷺ
الحمد لله رب العالمين, الذي أرسل محمداً ﷺ رحمةً للعالمين، وجعله قدوةً للمتقين المفلحين، وحُجّةً على الناس كلهم أجمعين، قال جل وعلا في كتابه الكريم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
[سورة الأنبياء: 107].
ومن أبرز ما ميّز شخصية النبي ﷺ إنسانيته العظيمة التي تجلّت وظهرت في أقواله وأفعاله وسائر أحواله، فكان نموذجاً للرحمة بكل معانيها، والعدل، والرفق، والتواضع، والحياء، وحسن المعاشرة والحلم.
دراسة إنسانية النبي ﷺ تكشف لنا أنه لم يكن نبياً قد أوحي أليه فحسب، بل كان إنساناً عظيماً عاش بين الناس، يشاركهم همومهم، ويعطيهم من عطفه ورحمته وكريم اخلاقه، حتى صار بالفعل قدوةً للبشرية في كل زمان ومكان.
فجديرٌ بكل مسلم أن يقتدي بهديه، ويُظهر للناس عظمة إنسانيته ﷺ قولاً وعملاً.
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [سورة الأحزاب: 21].
قال ابن كثير رحمه الله: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ; ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه ، عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين; ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟ ولهذا قال لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير .
وهذه بعض النقاط التي تظهر جانبا من إنسانية النبي صلي الله عليه وسلم:
أولاً: رحمته بالناس جميعاً
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
قال السعدي رحمه الله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم, ولهذا كان حقه مقدمًا على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره، وتوقيره.
وكان ﷺ رحمةً حتى لأعدائه، فقد قيل له: ادعُ على المشركين، فقال: «إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة» [رواه مسلم].
لأن اللعنة في الدعاء عليهم يراد بها الإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى، فلو دعا على قومه؛ لبعدوا عن الرحمة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يُبعث بذلك بل هو رحمة مهداةٌ للعالمين .
ثانياً: تواضعه الجم
كان ﷺ يجلس مع أصحابه كواحدٍ منهم ومثلهم، حتى إن الداخل الغريب لا يكاد يعرفه بينهم.
قال أنس رضي الله عنه: "كان النبي ﷺ يعود المريض، ويشهد الجنائز، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد" [رواه الترمذي].
وكان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، كما ورد في الصحيح.
ثالثاً: رفقه بالضعفاء:
إن من أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم رفقه بالضعفاء وعنايته بالمساكين، فقد بعثه الله رحمة للعالمين.
وكان رسول الله ﷺ يقول: «اللهم إني أُحرّج حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة» [رواه النسائي].
وكان يحذر أمته من ظلم المساكين، فيقول: «اتقوا الله في هؤلاء الضعفاء، فإنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم» [رواه أبو داود].
لقد كان النبي ﷺ إذا رأى الأرملة أو اليتيم رقّ قلبه لهم، وجلس معهم، وقضى حاجتهم، حتى قال الصحابة: "ما رأينا أرفق بالضعيف من رسول الله ﷺ".
إن رفق النبي ﷺ بالضعيف منهجٌ لنا في حياتنا، أن نلين قلوبنا للفقراء، وأن نرحم المساكين، وأن نرعى حقوق النساء والأيتام، حتى ننال رحمة الله تعالى، فقد قال ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» [رواه الترمذي].
وقال أنس رضي الله عنه: "ما قال لي رسول الله ﷺ لشيء فعلته: لِمَ فعلت كذا؟ ولا لشيء تركته: ألا فعلت كذا؟" [متفق عليه].
وفي رواية عند مسلم: ولا عابَ عليَّ شيئاً قطُّ.
رابعاً: عدله مع الناس
كان النبي ﷺ أعدل الناس، لا يحابي قريباً ولا كبيراً، ولا يظلم ضعيفاً ولا غريباً.
قال تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: 49].
ولقد كان يوصي دوما بالعدل وإقامته بلا تمييز ولا محاباه فقال رسول الله ﷺ:
إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها [متفق عليه].
شهد له أعداؤه قبل أصحابه بالعدل، فقد قال هرقل في وصفه: "ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله".
خامساً: حياؤه وعفّته
أول مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم يتجلى لنا في جانب خالقه وربه سبحانه وتعالىفلقد كان الحياء كله شيمته ومن هذا أنه لما طلب موسى عليه السلام من نبينا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه في مسألة تخفيف فرض الصلاة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، قال صلى الله عليه وسلم لموسى: ( استحييت من ربي ) (رواه البخاري) .
وأما حياؤه صلى الله عليه وسلم من الناس، فالأمثلة عليه كثيرة ومتنوعة؛
فقد ورد أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية التطهر من الحيض، فأخبرها أن تأخذ قطعة من القماش، وتتبع بها أثر الدم، إلا أن هذه المرأة لم تفهم عن النبي قصده تمامًا، فكررت عليه السؤال مرة ثانية، فأجابها كما أجابها في المرة الأولى، فسألته مرة ثالثة فاستحيا منها وأعرض عنها حياءا منه صلوات ربي وتسليماته عليه، فأخذتها عائشة رضي الله عنها وشرحت لها الأمر بلغة النساء وفهمهن .
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كان رسول الله ﷺ أشد حياءً من العذراء في خدرها" [متفق عليه].
وكان يغض بصره، ويُعلّم أصحابه الطهارة والعفاف، ويقول: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج" [متفق عليه].
سادساً: رحمته بالحيوان
فقد كان يحذر من القسوة علي الحيوان قال ﷺ: "دخلت امرأة النار في هرّة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" [متفق عليه].
قال ﷺ:"في كل كبدٍ رطبة أجر" [رواه البخاري]، أي في إطعام أو سقي كل حيّ.
ولقد مرَّ ﷺ على جملٍ قد هزل من الجوع، فمسح دموعه وقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعلومة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة" [رواه أبو داود].
وكان ينهى عن اتخاذ الحيوان غرضاً للرمي، أو أن يُحمَّل ما لا يطيق.
لقد علّمنا النبي ﷺ أن الرحمة بالحيوان طريق لرحمة الله، وأن القسوة عليه سبب للعقوبة، فكان بحق رحمةً مهداة للعالمين، حتى قال بعض العلماء: "من لا يرحم الحيوان لا يرحم الإنسان".
سابعاً: إنسانيته في الدعوة
كان ﷺ يقدّر ظروف الناس ويخفف عنهم، ففي مرضه الأخير قال: «مُروا أبا بكر فليصل بالناس» [رواه البخاري]، رعايةً لمصلحة الجماعة.
وكان يخاطب الناس على قدر عقولهم، ويراعي أحوالهم، ويقول: «بشّروا ولا تُنفّروا، ويسّروا ولا تُعسّروا» [متفق عليه].
1- دعوته قائمة على الرحمة
قال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
وكان ﷺ يقول: «إنما أنا رحمة مهداة» [رواه الحاكم وصححه الألباني].
2- التيسير ورفع الحرج
قال ﷺ: «يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا» [متفق عليه].
وكان يراعي أحوال الناس، فيخفف عن المريض والمسافر، فقال تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
3- الحكمة في الدعوة
قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125].
وكان ﷺ يخاطب كل إنسان بما يناسب حاله وعقله.
4- الصبر على الأذى
قال تعالى:﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35].
ولما ضربه قومه في الطائف قال: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون" [رواه البخاري في الأدب المفرد].
5- احترام حرية الاختيار
لم يُكره أحداً على الدخول في الإسلام، قال تعالى:﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256].
فصلي الله وسلك وبارك علي نبينا محمد وجمعنا به في جنات النعيم والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله رب العالمين, الذي أرسل محمداً ﷺ رحمةً للعالمين، وجعله قدوةً للمتقين المفلحين، وحُجّةً على الناس كلهم أجمعين، قال جل وعلا في كتابه الكريم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
[سورة الأنبياء: 107].
ومن أبرز ما ميّز شخصية النبي ﷺ إنسانيته العظيمة التي تجلّت وظهرت في أقواله وأفعاله وسائر أحواله، فكان نموذجاً للرحمة بكل معانيها، والعدل، والرفق، والتواضع، والحياء، وحسن المعاشرة والحلم.
دراسة إنسانية النبي ﷺ تكشف لنا أنه لم يكن نبياً قد أوحي أليه فحسب، بل كان إنساناً عظيماً عاش بين الناس، يشاركهم همومهم، ويعطيهم من عطفه ورحمته وكريم اخلاقه، حتى صار بالفعل قدوةً للبشرية في كل زمان ومكان.
فجديرٌ بكل مسلم أن يقتدي بهديه، ويُظهر للناس عظمة إنسانيته ﷺ قولاً وعملاً.
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [سورة الأحزاب: 21].
قال ابن كثير رحمه الله: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ; ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه ، عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين; ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟ ولهذا قال لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير .
وهذه بعض النقاط التي تظهر جانبا من إنسانية النبي صلي الله عليه وسلم:
أولاً: رحمته بالناس جميعاً
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
قال السعدي رحمه الله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم, ولهذا كان حقه مقدمًا على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره، وتوقيره.
وكان ﷺ رحمةً حتى لأعدائه، فقد قيل له: ادعُ على المشركين، فقال: «إني لم أبعث لعاناً، وإنما بعثت رحمة» [رواه مسلم].
لأن اللعنة في الدعاء عليهم يراد بها الإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى، فلو دعا على قومه؛ لبعدوا عن الرحمة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يُبعث بذلك بل هو رحمة مهداةٌ للعالمين .
ثانياً: تواضعه الجم
كان ﷺ يجلس مع أصحابه كواحدٍ منهم ومثلهم، حتى إن الداخل الغريب لا يكاد يعرفه بينهم.
قال أنس رضي الله عنه: "كان النبي ﷺ يعود المريض، ويشهد الجنائز، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد" [رواه الترمذي].
وكان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، كما ورد في الصحيح.
ثالثاً: رفقه بالضعفاء:
إن من أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم رفقه بالضعفاء وعنايته بالمساكين، فقد بعثه الله رحمة للعالمين.
وكان رسول الله ﷺ يقول: «اللهم إني أُحرّج حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة» [رواه النسائي].
وكان يحذر أمته من ظلم المساكين، فيقول: «اتقوا الله في هؤلاء الضعفاء، فإنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم» [رواه أبو داود].
لقد كان النبي ﷺ إذا رأى الأرملة أو اليتيم رقّ قلبه لهم، وجلس معهم، وقضى حاجتهم، حتى قال الصحابة: "ما رأينا أرفق بالضعيف من رسول الله ﷺ".
إن رفق النبي ﷺ بالضعيف منهجٌ لنا في حياتنا، أن نلين قلوبنا للفقراء، وأن نرحم المساكين، وأن نرعى حقوق النساء والأيتام، حتى ننال رحمة الله تعالى، فقد قال ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» [رواه الترمذي].
وقال أنس رضي الله عنه: "ما قال لي رسول الله ﷺ لشيء فعلته: لِمَ فعلت كذا؟ ولا لشيء تركته: ألا فعلت كذا؟" [متفق عليه].
وفي رواية عند مسلم: ولا عابَ عليَّ شيئاً قطُّ.
رابعاً: عدله مع الناس
كان النبي ﷺ أعدل الناس، لا يحابي قريباً ولا كبيراً، ولا يظلم ضعيفاً ولا غريباً.
قال تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: 49].
ولقد كان يوصي دوما بالعدل وإقامته بلا تمييز ولا محاباه فقال رسول الله ﷺ:
إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها [متفق عليه].
شهد له أعداؤه قبل أصحابه بالعدل، فقد قال هرقل في وصفه: "ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله".
خامساً: حياؤه وعفّته
أول مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم يتجلى لنا في جانب خالقه وربه سبحانه وتعالىفلقد كان الحياء كله شيمته ومن هذا أنه لما طلب موسى عليه السلام من نبينا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه في مسألة تخفيف فرض الصلاة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، قال صلى الله عليه وسلم لموسى: ( استحييت من ربي ) (رواه البخاري) .
وأما حياؤه صلى الله عليه وسلم من الناس، فالأمثلة عليه كثيرة ومتنوعة؛
فقد ورد أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية التطهر من الحيض، فأخبرها أن تأخذ قطعة من القماش، وتتبع بها أثر الدم، إلا أن هذه المرأة لم تفهم عن النبي قصده تمامًا، فكررت عليه السؤال مرة ثانية، فأجابها كما أجابها في المرة الأولى، فسألته مرة ثالثة فاستحيا منها وأعرض عنها حياءا منه صلوات ربي وتسليماته عليه، فأخذتها عائشة رضي الله عنها وشرحت لها الأمر بلغة النساء وفهمهن .
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كان رسول الله ﷺ أشد حياءً من العذراء في خدرها" [متفق عليه].
وكان يغض بصره، ويُعلّم أصحابه الطهارة والعفاف، ويقول: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج" [متفق عليه].
سادساً: رحمته بالحيوان
فقد كان يحذر من القسوة علي الحيوان قال ﷺ: "دخلت امرأة النار في هرّة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" [متفق عليه].
قال ﷺ:"في كل كبدٍ رطبة أجر" [رواه البخاري]، أي في إطعام أو سقي كل حيّ.
ولقد مرَّ ﷺ على جملٍ قد هزل من الجوع، فمسح دموعه وقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعلومة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة" [رواه أبو داود].
وكان ينهى عن اتخاذ الحيوان غرضاً للرمي، أو أن يُحمَّل ما لا يطيق.
لقد علّمنا النبي ﷺ أن الرحمة بالحيوان طريق لرحمة الله، وأن القسوة عليه سبب للعقوبة، فكان بحق رحمةً مهداة للعالمين، حتى قال بعض العلماء: "من لا يرحم الحيوان لا يرحم الإنسان".
سابعاً: إنسانيته في الدعوة
كان ﷺ يقدّر ظروف الناس ويخفف عنهم، ففي مرضه الأخير قال: «مُروا أبا بكر فليصل بالناس» [رواه البخاري]، رعايةً لمصلحة الجماعة.
وكان يخاطب الناس على قدر عقولهم، ويراعي أحوالهم، ويقول: «بشّروا ولا تُنفّروا، ويسّروا ولا تُعسّروا» [متفق عليه].
1- دعوته قائمة على الرحمة
قال تعالى:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
وكان ﷺ يقول: «إنما أنا رحمة مهداة» [رواه الحاكم وصححه الألباني].
2- التيسير ورفع الحرج
قال ﷺ: «يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا» [متفق عليه].
وكان يراعي أحوال الناس، فيخفف عن المريض والمسافر، فقال تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
3- الحكمة في الدعوة
قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125].
وكان ﷺ يخاطب كل إنسان بما يناسب حاله وعقله.
4- الصبر على الأذى
قال تعالى:﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35].
ولما ضربه قومه في الطائف قال: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون" [رواه البخاري في الأدب المفرد].
5- احترام حرية الاختيار
لم يُكره أحداً على الدخول في الإسلام، قال تعالى:﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: 256].
فصلي الله وسلك وبارك علي نبينا محمد وجمعنا به في جنات النعيم والحمد لله رب العالمين.