كن مؤمنا بالله. الإيمان بالله –تعالى- هو سرُّ النجاح, وسرُّ الحياة, وسرُّ السعادة, فلا حياة بدون ...

منذ 2025-10-04
كن مؤمنا بالله.

الإيمان بالله –تعالى- هو سرُّ النجاح, وسرُّ الحياة, وسرُّ السعادة, فلا حياة بدون إيمان, ولا راحة بدون إيمان{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}().
شرط الحياة الطيّبة, الحياة الهنيّة؛ الإيمان بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمدٍ –صلى الله عليه وسلم– نبيّاً ورسولا.
وهذه الحياة الطيبة هي استقرار نفوسهم لحسن موعود ربهم، وثبات قلوبهم بحب باريهم، وطهارة ضمائرهم من أوضار الانحراف، وبرود أعصابهم أمام الحوادث، وسكينة قلوبهم عند وقع القضاء، ورضاهم في مواطن القدر، لأنهم رضوا بالله ربا, وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: إن القلب لا يصلح ولا يفلح ولا ينعم ولا يُسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحده، ومحبته والإنابة إليه، فلو حصل على كل ما يتلذذ به المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي، واضطرار وحاجة إلى ربه ومعبوده ومحبوبه ومطلوبه بالفطرة، لا يسعد ولا يطمئن ولا يَقِرُّ إلا بالإيمان بالله رب العالمين()، فمن قرَّت عينه بالله قرَّت به كل عين، ومن لم تقِر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، وإنما يصدِّق هذا من في قلبه حياة الإيمان.
فحلاوة الإيمان تسري في القلب كما يسري الدم في العروق, والماء في العود, لها طعم في القلب, ولها ذوق في الروح, لا يتذوقها إلا أصحاب الإيمان.
الإيمان يحيي القلوب, ويفتح لها باب الراحة, كما يحيي الماءُ الأرضَ{وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}().
حُطّ الإيمان في قلبك وأبشر بالاستقرار والتمكين, ولا تنظر إلى تغيّر الأحوال؛ فتلك سنة الله في خلقه{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}().
إنَّ في بعض البلدان التي لم تعرف ربها, ولم تؤمن به, ولم تعرف رسولها, ولم تقتدي به, بلغت بهم التعاسة, والكدر, والنكد, والضيق, مع أنهم أصحاب أموال, وأصحاب ثرى, وأصحاب سيادة, بلغ بهم الأمر إلى الانتحار, والخروج من هذه الحياة التعيسة, الحياة النكدة{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً}() بظنّهم أنهم يرتاحون, أنهم ينّعمون، أنهم يتمتعون؛ والعكس في ما ظنّوه{فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}(){ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}().
والطريقة المثلى لهم إن لم يؤمنوا أن ينتحروا ليريحوا أنفسهم من هذه الآصار والأغلال والظلمات والدواهي، يا لها من حياة تاعسة بلا إيمان، يا لها من لعنة أبدية حاقت بالخارجين على منهج الله في الأرض{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}()وقد آن الأوان للعالم أن يقتنع كل القناعة، وأن يؤمن كل الإيمان بأن لا إله إلا الله بعد تجربة طويلة شاقة عبر قرون غابرة توصل بعدها العقل إلى أن الصنم خرافة, والكفر لعنة، والإلحاد كذبة, وأن الرسل صادقون، وأن الله حق له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
فالواجب عليّ وعليك أن نفرح ولا نحزن, ونحشو القلب بالإيمان, حتى وإن كنّا في زمن الحزن, والخوف, فأهل الإيمان, لا شيء يرعبهم, لا شيء يحزنهم{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}()من هم هؤلاء الناس الذين أمنّهم الله بقوله: {يا عبادِ}؟؟!! إنهم أصحاب الإيمان{الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}().
فلا تقل لي الوضع متغيّر! ألا نحزن؟! ألا نضيق؟! الأسعار ارتفعت! والرواتب انخفضت! والعملة تدهورت! والحروب طوّلت! والسماء ما أمطرت! والأرض ما أنبتت! ألا نضجر؟!.
أقول لك: لا تقلق! واكسر بنفسك شوكة الأحزان, فهناك ربٌّ كريم رحيم رحمــن, بل افرح, وكن مؤمنا, وكن على يقين بإيمانك{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}().
كن على يقين بإيمانك{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}().
كن على يقين بإيمانك{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}().
كن على يقين بإيمانك{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}().
إيمانك بالله يعطيك الثقة الكبرى التي لا تُقاوم, والقوة التي لا تُغلب, والشجاعة التي لا تُذل, والسعادة التي لا تنتهي, والحياة التي لا تكمل, تشاجر أحد الأزواج مع زوجته فأقسم أن يسلبها سعادتها فقال: لأحرمنّكِ سعادتكِ, فقالت افعل ما يحلو لك, فلن تستطيع أن تسلبني سعادتي, فظن الزوج المسكين أن سعادتها في الذهب والمجوهرات, أو في البقاء عنده, فقال في عجبٍ: وكيف ذلك؟! فقالت وهي صاحبة الإيمان بالله –تعالى-: إن سعادتي في إيماني بالله, وإيماني بالله في قلبي, وقلبي لا يملكه أحد غير الله{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا}(). هكذا هي النفس المؤمنة، هكذا هي النفس الراضية بإيمانها, ثقة في ثقة, وشجاعة في شجاعة, لا يهمها غير رضاء الله, لا يهمها غير حبها لله –تعالى-.
فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر... وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صحّ الودّ منك فالكلُّ هينٌ ... وكل الذي فوق التراب ترابُ.
هكذا هي حالة أهل الإيمان الشعور بالفرحة, والسرور, والثقة, والسعادة, حتى وإن كانوا تحت وطأة التعذيب, وتحت الصلب, وتحت القهر والجبروت, لسان حالهم: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}(). هذا إبراهيم -عليه السلام- لما كان الإيمان في قلبه قويّا أراد تنفيذ أمراً لم يُنفّذه أحد{قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}() شجاعة, وقوة.
ولما استشار ولده, وفلذة كبده, وأمل حياته, وجواب دعوته, أجاب الشجاع الآخر, المقدام, والصلب الذي لا يتزعزع ولا يتتأتأ, ولا يتأنّى أمام الأوامر الآلهية؛ لأنه قوّى الإيمان في قلبه: {...يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.
والله لا يُسعد النفس ولا يزكيها ولا يطهرها، ولا يُذهب غمها وهمَّها وقلقها، ويسد جوعتها وظمأها، ويعيد لها شمها وذوقها، إلا الإيمان بالله رب العالمين بلسم الحياة, ومفتاح السعادة.

📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(26).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.
  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً