املأ الدلو ماءً ولا تملأه وحْلاً. إذا أردت أن تحقق أهداف السعادة, وتبلغ غايتك في السرور, وتصل ...

منذ 2025-10-04
املأ الدلو ماءً ولا تملأه وحْلاً.

إذا أردت أن تحقق أهداف السعادة, وتبلغ غايتك في السرور, وتصل إلى أحلام الفرح, فعليك أن تملى الدلو ماء ولا تملأه وحْلاً.
إن البعض يجري في الدنيا باحثا عن السعادة فيكسب حراما, ويعيش حراما, ويعمل حراما, ويأكل حراما, ويشرب حراما؛ فهذا لم يملأ الدلو ماء!, والبعض يمشي في الناس بالغيبة, والنميمة, والتحريش, والتحريض, ولا يمشي بينهم بالإصلاح, والسداد؛ فهذا لم يملى الدلو ماءً, إنما ملأه وحْلاً.
أنت! أنت! إن أردت أن تشرب ماءً من بئر, فهل تدلي ماءً أم وحْلاً؟!.
أم أيوب قالت لأبي أيوب: ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟. قال: بلى، وذلك الكذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ فقالت: لا والله. قال: فعائشة والله خير منك(). فأنزل الله فيهما آية تُتلى إلى يوم القيامة؛ فكانت سببا لسعادتهم في الدنيا والآخرة, فهما لم يملئا الدلو وحْلاً بل ملآه ماءً شربا منه سعادة الدارين.
أبو لهب عصى رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وما أطاعه, وما ائتمر بأمره, وزوجته قالت: مذمما أبينا, ودينه قلينا, وأمره عصينا(). فأنزل الله فيهما آية تُتلى إلى يوم القيامة؛ فكانت سببا في تعاستهما, وبؤسهما, وخسارتهما, وأحزانهما, وعاشا عيشة ضنكا في الدنيا والآخرة{مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(). فهما ملئا الدلو وحْلاً, ولم يملآه ماءً وخسرا الدنيا والآخرة.
ابن تيمية سُجن في بئر التهمة والافتراء, والكذب والازدراء, فأصبح السجن له ضياء ونور, وفسحة وسرور, ولذة وطعوم, فملئ الدلو علما جمّاً صعب علينا قراءته, حتى قال من شدة سروره: أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة(). إنها جنة الإيمان, والتقوى, والتوكل, والثقة بالله –تعالى-, والخوف منه, والاطمئنان إليه, والأُنس بقربه, والتلذذ بكتاب ومناجاته.
تريد الحياة الطيّبة!؟ تريد الحياة المستقرة!؟ تريد الطمأنينة والوقار!؟ أطب مأكلك, ومشربك, ومسكنك, وملبسك{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}().
إخوة يوسف حين ملئوا الدلو وحْلا بفعلهم القبيح مع يوسف, عاشوا عيشة ضنكا, عيشة البؤسا, عيشة المحزونين, عيشة الفقراء.
لكن يوسف حين ملأ الدلو ماءً يصلح للشرب والانتفاع به عاش عيشة السعداء الأبرار, فعزه الله إلى درجة أنه أصبح عزيز مصر, وأصبح يموّن إخوانه بلقمة العيش.
ولك في رسول الله –صلى الله عليه وسلم– القدوة والأُسوة, فقد كان المثل الأعلى في الحياة السعيدة.

📙📙 من كتاب دروب السعادة وكسر شوكة الأحزان. ص:(52).
🖋🖋 أبي الليث العريقي، هشام عبده حبيب عبيد ناصر العريقي.
ملاحظة/ المصادر والمراجع في متن الكتاب او على نسخة pdf.
  • 0
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً