وإن دولة الخلافة باقية بإذن الله ما بقيت متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، تنصر دين ...

منذ 2025-10-04
وإن دولة الخلافة باقية بإذن الله ما بقيت متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، تنصر دين الله وتقاتل أعداءه، وتسعى في مرضاته وإن اجتمع عليها من بأقطارها، فاعلموا يا أهل السنة في الشام أنه لا خيار لكم إن أردتم العيش أعزة كرماء إلا بالرجوع إلى دينكم وجهاد عدوكم، فإن العبرة ليست بحمل السلاح وحده، وإنما بتحقيق التوحيد وتجريد عقيدة الولاء والبراء، وعدم القبول بغير حاكمية الشريعة والموت في سبيل تحقيق ذلك، ثم النهوض من جديد بفتح الجبهات ومنابذة هدن الذل والعار التي أسلمت فصائل الردة بموجبها مناطق أهل السنة، وكانت عونا للصليبيين والنصيرية المعتدين في توحيد جهودهم لحرب دولة الخلافة في العراق والشام، وهذا أمر معلن غير خفي، ولطالما حث قادة الصليب على توحيد الجهود في حرب الدولة الإسلامية، فإن حربهم اليوم حرب إبادة شاملة لأهل السنة لا تستهدف حسر نفوذ الدولة فحسب، وقد أدركوا منذ عهد ليس بالقريب أن السنة هم الخطر الحقيقي، ولا بد من استئصاله، فمنهم الحذر والخوف دائما، فأفيقوا يا أهل السنة، فمن مد طوق النجاة للرافضة الأنجاس بعد أن كاد المجاهدون أن يقضوا على توسعهم في المنطقة؟ سوى تحالف الصليب، وحكومات الردة والعمالة، وعلى رأسها آل سلول وإمارات الردة والخراب والإفساد بأموالهم ومقدرات بلدانهم، يا أهل السنة في العراق والشام وكل مكان، يا أهل السنة، السلاح السلاح، اطلبوا الموت توهب لكم الحياة، فإن من قتل في الحروب مدبرا أكثر بكثير ممن قتل مقبلا!، والحقوا بركب الخلافة في العراق والشام واليمن وسيناء وخراسان وليبيا وغرب إفريقية ووسطها وشرق آسيا والقوقاز وغيرها من الولايات، فقد عزم أبناء الإسلام أن لا يضعوا السلاح، وأن لا ينعم الصليبيون وأذنابهم بطيب عيش ومقام حتى يحكم الله بينهم وبين عدوهم ويقضي أمرا كان مفعولا، قال ربنا تبارك وتعالى: } كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوْا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُوْا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌ لَكُمْ واللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُوْنَ{ ]البقرة: 216[ قال ابن القيم: ففي هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد وأوجب له ذلك أمورا

منها: أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع وكذلك لا شيء أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل،

ومن أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضى بما يختاره له ويقضيه لما يرجو فيه من حسن العاقبة،

ومنها: أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم فلا يختار على ربه شيئا بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا أنفع له من ذلك.

ومنها: أنه إذا فوض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه وأراه من حسن عواقب اختياره له مالم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.

ومنها: أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه لأنه مع اختياره لنفسه ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه المقدور مع العطف عليه واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه فعطفه يقيه ما يحذره ولطفه يهون عليه ما قدره إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحا كالميتة فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف. انتهى كلامه رحمه الله.

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً