إعلاء همم المجاهدين بدروس من غزوة أحد الحمد لله ولي المؤمنين، الذي يحبهم ويربيهم بما يصلح ...

منذ 2025-10-04
إعلاء همم المجاهدين بدروس من غزوة أحد


الحمد لله ولي المؤمنين، الذي يحبهم ويربيهم بما يصلح قلوبهم وأعمالهم، فيدلهم على ما يقربهم إليه ويوفقهم للعمل بما يرضيه عنهم، يعطيهم النعم ليشكروه، ويبتليهم بسلبها ليرى صبرهم ووقوفهم عند مراضيه، ولينبههم على ما عندهم من العيوب ليتلافوه، ومن فضله ورحمته تعالى بالمؤمنين أنه لم يجمع لهم بين المصيبة والتوبيخ، بل بين لهم أن المصيبة كانت سبباً لمغفرة ذنوبهم وتنقية صفوفهم وتطهير قلوبهم، وحثهم على أن يتابعوا في طريق نصرة دين الله، وألا تضعفهم الجراح والإصابات ولا تسبب لهم الحزن أو الاستكانة لأعدائهم، وحثهم تعالى على الاستعانة به وإخلاص التوكل عليه، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، الذي جاهد في الله حق جهاده، وكان القدوة للمؤمنين في كل خير، يرونه في أحوال السرّاء والضرّاء ثابتاً على دين الله، مقدماً رضا الله على اتباع أهواء الناس، معلماً للناس مبشراً للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد
فهذه بعض دروس غزوة أحد وتبيين لطريقة القرآن في تأديب المؤمنين دون كسر قلوبهم ولا تحطيم معنوياتهم

نقف عدة وقفات مع دروس سورة آل عمران لنتبين كيف خاطب الله عز وجل عباده المؤمنين الذين ابتلاهم وعلم أن بعضهم قال {أنى هذا}:


وعد الله بالنصر:

• أخبرهم الله تعالى ابتداءً أنه صدقهم وعده فنصرهم أول المعركة، ثم تغيرت النتيجة لما حصل من بعض الصحابة معصية دفعهم إليها حب الدنيا، إلا أن الله تعالى ختم الآية بالعفو عنهم لأنه ولي المؤمنين يتفضل عليهم بتصحيح مسارهم وغفران ذنوبهم قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران152] عفا الله عنهم وسامحهم ووصفهم بالإيمان، وأخبرهم بأنه لا يقطع عن المؤمنين فضله.


تسلط الشيطان على متولي الزحف:

• بين الله تعالى للفارين من الزحف أن الشيطان تسلط عليهم بسبب ذنوب سابقة لهم، ثم بشرهم بأنه عفا عنهم لأنه غفور حليم قال تعالى: {ِإنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران155



ولا تهنوا ولا تحزنوا:

• في ثنايا الكلام عن العبر مما حصل في غزوة أحد أمر تعالى عباده بألا يهنوا -وهو ضعف القلوب- أو يحزنوا إذا أصابتهم مصيبة قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، فالذنب قد غفره الله، ومن أصيب من المؤمنين في المعركة أو قتل فأجره ثابت عند الله، والوهن والحزن لا ينبغيان لمجاهد لأنهما يضعفانه ويحطمان معنوياته، فأنى للواهن والحزين أن يغالب عدوه؟ والله تعالى أمرنا بتحريض المؤمنين على القتال، والتحريض يتطلب شحذ هممهم وتقوية عزائمهم وتعزيز التفاؤل عندهم، وكل ذلك لا يجتمع مع الوهن والحزن أبداً.

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً