مقال: فهل من معتبر منذ بداية الأحداث في الشام وفور حمل الناس السلاح، وتشكيل الفصائل المقاتلة ...

منذ 2025-10-08
مقال: فهل من معتبر


منذ بداية الأحداث في الشام وفور حمل الناس السلاح، وتشكيل الفصائل المقاتلة ظنّ قادة هذه الفصائل أنّه لا بدّ لهم من خداع الغرب وأجهزة مخابراته إذا ما أرادوا استمرار ما يصبون له ونجاح ذلك، طلبا للدعم وهروبا من التصنيف في قوائم الإرهاب، جاهلين أو متجاهلين قول الله تعالى:(وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120].

ولضمان عدم خروج الأحداث عن السيطرة "دوليا" والسماح لأطرافها باللعب حسب القواعد التي يرضى عنها الغرب، وكذلك لضمان عدم وصول شرارتها إلى الدول المجاورة التي تعتبر حامية للمصالح الغربية، أمنيا واقتصاديا وسياسيا، استنفرت المؤسسات الأمنية في دول الخليج أجهزتها للتواصل مع قادة "الفصائل" والبحث عنهم، ومدهم بالمال وفتح قنوات اتصال وثيقة معهم.

لقد كانت أجهزة الأمن في دول الخليج تبحث وتفتش عن الفصائل المقاتلة وتتواصل معهم وتمدهم بالمال كي تتعرف إليهم بداية، وتضمن تحركاتهم، وصولا إلى التحكم بهم، واستخدامهم لضرب أي مشروع صادق يهدف لتمدد الدولة الإسلامية من العراق إلى الشام، وهو ما حدث لغالب الفصائل المقاتلة في الشام.

فبات الخطاب الخارجي لتلك الفصائل يحرص على تجنب الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية على الأرض، وتطمين الغرب بأن ذلك لن يحدث، وكذلك طمأنة أجهزة المخابرات أننا رهن الإشارة والسمع والطاعة، سعيا لاستمرار التمويل وطمعا في الزيادة، -فكانت النتيجة المتوقعة منذ البداية- تسليم تلك الفصائل أسلحتها وحل نفسها والندم على ما خاضوه من تجربة فاشلة.

هذا السرد يلخص لنا أنه سواء علمت تلك الفصائل وأفرادها أنهم بفعلتهم تلك تحولوا بإرادتهم لعملاء لتلك الأجهزة لتنفيذ مخططات تلك الدول أم لم يعلموا، فهم قد ارتدوا عن دين الله وأصبحوا عملاء، وسقطوا في المستنقع الذي حفر لهم وأوقعوا أنفسهم فيه طوعا، ونفّذوا الخطة التي أريدت منهم بنجاح، فتباً لكم أيتها الفصائل المرتدة على هذه النتائج الباهرة، وتعسا لما قدمتموه بحق أنفسكم وأهاليكم.

وإعذارا إلى ربها وخوفا على الناس من الانجرار إلى الردة والوقوع فيها، وتوريد أهل الشام موارد الهلاك، وتقديم التضحيات دون طائل، حذّرت الدولة الإسلامية -رعاها الله- ومنذ البداية مرارا وتكرارا وعلى لسان قادتها وجنودها من هذه النتيجة التي كانت جميع المقدمات تدل عليها، فقد عاينوا نفس المشروع في العراق، وشاهدوا كيف تساقطت الفصائل الواحدة تلو الأخرى، خاضعةً للصليبيين، فصاروا رهن إشارتهم، سعياً وراء المال والمنصب.

واليوم تصلنا صور قادة تلك الفصائل المرتدة وهم في مدن "الترفيه" وقد باعوا عناصرهم واستولوا على أموالهم التي أرسلها لهم مرتدو الخليج، وتركوهم لمصيرهم الذي من أخفّ صوره التهجير والفقر والحيرة، بعدما أتموا مهمتهم التي أوكلت لهم، ومن بقي منهم يعيش في تيه التفرق والتحزب وينخرط بغرف عمليات تارة وينشق عنها تارة أخرى ويندمج مع فصيل لا يختلف حاله سوءً عنه، ثم ما يلبث حتى ينفض عنه، وهكذا الحال ظلامٌ وحفرٌ وتيهٌ وضياع.

خذلوا أهل السنة وأسلموا الديار للرافضة والنصيرية والـPKK الملاحدة، وصاروا جنوداً لطاغوت تركيا ودولته العلمانية وخدماً له ولمشروعه في الشمال، وتُسيّر أرتال الجيش التركي ذهاباً وإيابا في إدلب وأريافها دون أن يعترضوها، بل سارعوا لحراستها وجعلوا من جندهم درعا لعناصرها، والله المستعان.

ولم يسلم من تلك المشاريع من كان يذيع أنه يجابه أمريكا ومشروعها، يصرح بذلك منذ سنين ويستهدف وكلائها، فنراه اليوم يجلس مع من احتل أرضه واعتقل إخوانه وارتكب أفظع الجرائم بحق المستضعفين فأهلك الحرث والنسل، فها هي مفاوضات أمريكا الصليبية مع طالبان المرتدة قد خرجت إلى العيان بعدما كانت خلف ستار، برعاية من الطواغيت وطمأنة منهم، رضخ قادة الطالبان المرتدين وركنوا للظالمين ولم يجنوا إلا الذلة والمهانة والحسرة والندامة، وسيكونون أداة أمريكا بلا شك في حرب جند الخلافة في خراسان وقد بدؤوا هذه المهمة كي ينالوا رضى الصليبيين، وسيغدق عليهم الطواغيت الأموال والدعم والاعتراف بهم قريبا، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون.

تناسى كل هؤلاء أمر ربنا الجبار سبحانه من فوق سبع سماوات (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) وظنوا أنهم ببضع كلمات يقولونها أثناء مفاوضاتهم التي تنازلوا فيها عن كل ما أعلنوه من ثوابت سيحفظون بها عزتهم ومجدهم. وإنّ إصرارهم على دروب الردة التي سلكوها سيمضي بهم حتما إلى الاندثار كما حل بفصائل العراق والأحزاب التي سبقتهم في خراسان، وسيخسرون الدنيا والآخرة.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 154
الخميس 23 صفر 1440 هـ

6873fbeab1767

  • 1
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً