أعذار المنافقين في التهرب من الجهاد الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة ...

منذ 2025-10-09
أعذار المنافقين في التهرب من الجهاد


الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين، وبعد..

فإن عبادة الجهاد من أعظم العبادات التي رغّب فيها الشرع وحثّ عليها وبيّن وفصّل في ثواب أهلها أعظم التفصيل وأوضح التبيين، جاء في الأثر "كتب الله على المؤمنين القتال فكرهته النفوس وثقل عليها فبيّن الله من ثوابِ أهلها وما أعدّہ اللهُ لهم من الكرامات، حتى اشتاقت إليه النفوس ولم تعدل به عبادة من العبادات".

وقد عدّ بعضُ العلماء الجهادَ من أركان الدين، كما جاء عن أبي عبد الله الحليمي "رحمه الله"قال: "اعلم أن سبب قيام الدين واتساع أهله للعبادة هو الجهاد، وما كان كذلك كان حريًا أن يكون من أركان الدين وأن يكون أهله من الاهتمام به في أقصى الغايات (بالمعنى) ولما كان المانع من الجهاد قويًا؛ ففي القتال إزهاق الأنفس والأرواح وإتلاف الأموال ومفارقة الأهل والعيال، كثرت عليه الشبهات والتلبيسات والأعذار التي يطلقها أهل النفاق من رضوا بالقعود مع النساء سبيلاً وآثروا منهجَ السلامة على سلامة المنهج".

وفي هذه الأسطر نعرّج على شيء من شبهات المنافقين الذين يحاولون بها حرف الجهاد عن معناه الذي أراده الله من كونه القتال لتكون كلمة الله هي العليا إلى مصطلحات أتوا بها من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، كجهاد التنمية! أو جهاد الديمقراطية أو الدفاع عن الوطن وغيرها من المصطلحات والمفردات الغريبة عن شرع الله والتي لم يستضئ أصحابها بنور من الله.


والناظر إلى شبهات أهل القعود يرى أنها لا تخرج عن نوعين:

الأول: شبهات قادحة في مشروعية الجهاد.
الثاني: عوارض وأعذار يتعلل بها القاعدون.

والنوع الأول يكثر في من غلب عليه النفاق المنهجي العقدي، فلم ينقدْ أصلا لشرع الله ولم يسلّم لأوامره كالعلمانيين والإخوان المرتدين والليبراليين وغيرهم.

أما النوع الثاني من الشبهات فتكثر فيمن غلب عليه النفاق الطبعِي كالجبن والشح.

ومن النوع الأول:
الشبهة الأولى: قولهم: إنّ الجهاد الذي بمعنى القتال قد انتهت أيامه ونحن الآن في عصر اختلف فيه الجهاد، فنحن في جهاد التنمية والعلم ولا حاجة لنا للقتال.
وقولهم هذا على ركته وضعفه مصادم مصادمة واضحة للشرع والعقل والفطرة.

فأما مصادمته للشرع فلأن الله سنَّ سنّة لا تتخلف وهي: سنة التدافع بين الحق والباطل وأنّ الأرض لا تصلح إلا بهذا التدافع والصراع، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا...} [الحج:40]
وقال جلّ شأنه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ...} [البقرة:251]
وبيّن سبحانه أنّ بأس الكفّار وصيالهم على الدّين والعرض لا يدفع إلّا بالقتال ولو كان فرديًّا قال سبحانه: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء:84]، قال ابن كثير "رحمه الله": أمر الله نبيّه صلّ الله عليه وسلّم أن يباشر القتال بنفسه ومن نكل فلا عليه منه. انتهى

وبيّن سبحانه أنّ بأس الكفّار لا يندفع إلّا بالقتال فأنّ كلمة "عسى" في القرآن تفيد التحقيق.
أفأنتم أعلم بخلق الله من ربهم يا دعاة السّلمية؟ نعوذ بالله من الغواية والضلالة.

أما مناقضة هذه الشبهة للعقل فقد أجمع العقلاء جميعهم أنّ الحقوق لا تسترد إلّا بالقوة، فهل نقول لمن دخل اللصوص بيته وأخذوا ماله وانتهكوا عرضه أن يسعى في"جهاد التنمية" هل يقول بهذا عاقل؟

وأما مناقضة هذه الشبهة للفطرة فإنّك تجد كلّ من أُسيء إليه يسارع إلى الردّ دفاعًا عن نفسه حتى الحيوان، فانظر كيف انتكست فطر وعقول هؤلاء ممّن يسمّون أنفسهم بدعاة الاعتدال.

الشبهة الثانية: قالوا إنّنا اليوم في مرحلة مكّية والتي يجب علينا فيها ألا نقاتل بل نكف ونعفو ونصفح.

وللجواب عن هذه الشبهة نقول:
أولًا: إنّ الدّين قد تمّ وأكمله الله وأتمّ النّعمة قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}...[المائدة:3] وكلّ الآيات التي تكلّمت عن العفو والصفح عن الكفّار قد نُسخت بآيات القتال وترصد الكفّار قال تعالى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ..}[التوبة:5] وآيات القتال هي من آخر ما نزل على النبي صلَّ الله عليه وسلّم ومن أراد أن يأخذ من الدين أحكاما ويترك أحكاما، فإنّ حاله كحال اليهود الذين قال الله فيهم:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ..} [البقرة:85]

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً