مقال: رؤوس الكفر خلق الله الناس وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا بينهم ويكون ذلك عونا لهم في سير ...

منذ 2025-10-09
مقال: رؤوس الكفر


خلق الله الناس وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا بينهم ويكون ذلك عونا لهم في سير حياتهم، وأخبر سبحانه أن الفضل والكرامة بتقوى الله سبحانه لا بالحسب والنسب فالله يعلم ما تضمره الصدور فقال سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

وقد كانت رابطة القبيلة والعشيرة معينا للناس على التعاون فيما بينهم وتسيير أمورهم فلا يُنسى فقيرهم ولا يطغى غنيهم أو يتعدى بعضهم على بعض وكذا يكون فيها هدايتهم إن كان علية القوم فيهم منقادين للحق مذعنين له، وحال هذه الرابطة كحال الحديد الذين أنزله الله سبحانه {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] فإن كان بيد مؤمن استعمله في الخير أو فيما أباحه الله وإن كان في يد متجبر كافر استعان به لأذية المؤمنين والصد عن سبيل الله القويم.

فكما علا الأوس والخزرج بنصرتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقامتهم أول دار للإسلام على أرضهم وحمايتها بدمائهم، فمن جهة أخرى كفرت وتجبرت بعض القبائل طاعة لكبرائهم وسادة قومهم الذين وقفوا معاندين للحق وأهله إما عن حقد وحسد كما كان من فرعون هذه الأمة أبو جهل أو حب للرياسة وبغية للرفعة بين الناس كما فعل مسيلمة الكذاب وغير هذا من الأهواء التي يتبعها أهل الباطل ويتعصبون لها.

وفي زماننا هذا علم الطواغيت من كفار ومرتدين أهمية استغلال هذه الرابطة وحرصوا على استغلالها واستعمالها في تطويع الناس لهم وكذلك للتفرقة بينهم بنزع رابطة الدين من قلوبهم وتقوية الروابط الجاهلية الأخرى فلا يجد الناس ما يجمعهم غير ذلك الطاغوت فيدينون له بالطاعة ليكون لهم عنده حظوة ومكانة لينالوا من غيرهم أو يعصموا دمائهم وأموالهم.

فأقبل كثير من هؤلاء الرؤوس على الصليبيين في خراسان والعراق وتقربوا منهم وحاولوا تطويع أبناء عشائرهم لخدمة الصليبيين ليفتحوا بذلك أبوابا واسعة للردة الجماعية في أبناء قومهم مستغلين دعوى الجاهلية، فيقاتلون تعصبا لقبائلهم لا لشيء إلا خدمة لبعض سادتهم الذين باعوا دينهم وقومهم بعرض من الدنيا قليل، فخسر أولئك المخدوعون الدنيا والآخرة.

وقد كان للمجاهدين من هذه الجاهلية موقفا واضحا حازما، فقد حذروهم من أول يوم خطت فيه أقدامهم إلى طريق الردة، ومن كابر وعاند قطفوا رأسه وجعلوه عبرة لغيره كما فعلوا برأس الكفر المرتد عبد الستار أبو ريشة والذي كان من أوائل من أعلن مشروع الردة في العراق الذي أسموه (الصحوة)، فاجتمع مع الطاغوت بوش، وخرج من عنده مزهوا مغرورا يظن أنه في مأمن من سيوف المجاهدين، فنفذ فيه أحد المجاهدين من أبناء عشيرته الذين علت عندهم روابط الإيمان فوق كل رابطة فمزق جسده بحزامه الناسف فانتقلا إلى ربهما ما بين شهيد بإذن الله وطاغوت محارب لله ورسوله فشتان بينهما.

وقد تساقط في مشروع الصحوات الكثير من رؤوس الكفر والردة على أيدي المجاهدين وكذلك انقلب عليهم الرافضة بعد أن انجزوا مهمتهم فأخذوهم قتلا وتشريدا وسجنا، فيفتدي أحدهم نفسه ليخرج من سجونهم بكل ما يملك هو وأهله من وراءه لينفق كل ما دُفع له سابقاً ثمناً لردته فخسروا جميعا دنياهم وآخرتهم بدنيا غيرهم فأي خسران بعد هذا؟ بينما كان حال المجاهدين من حَسن إلى أحسن فلم تزدهم حروب أهل الردة إلا قوة وصلابة ونقاءً للصف، فانتهى حالهم إلى إعلان الخلافة بعد أن دانت لهم أجزاء واسعة من العراق والشام وغيرهما، فأعاد الطواغيت الكرة مرة أخرى فاستعملوا رؤوس العشائر لحرب المجاهدين وإضعافهم.

ومع كل الدروس والعبر التي رآها المرتدون في العراق إلا أنهم سارعوا في تلبية الدعوة وجعلوا أنفسهم رأس حربة ودرعا للطواغيت فأعلنها المجاهدون عليهم حرب شاملة، فقال الشيخ أبو الحسن المهاجر تقبله الله (لا تدعوا مفصلاً أمنيًا أو عسكريًا أو اقتصاديًا أو إعلاميًا لحكومة الرافضة إلا وجعلتموه أثرًا بعد عين، ولا تبقوا رأس عشيرة عفن مرتد إلا وقطفتموه، ولا قرية محاربة إلا وتركتموها آية لمعتبر، وعظة لكل مغترٍّ أشر؛ فهؤلاء هم من وقفوا أنفسهم خدامًا للرافضة وعبيدًا لهم وعينًا ساهرة تحول بين المجاهدين وعدوهم).

وكذلك كان المرتدون في الشام فسلم بعض رؤوس العشائر زمام أموره إلى ملاحدة الأكراد يوجهونه حيث شاؤوا، فيعمل عندهم مرياعاً ليجر أبناء قومه إلى الكفر عياذا بالله، فتربص بهم المجاهدون وكمنوا لهم في كل مرصد وكان من آخرهم قطف رأس المرتد بشير الهويدي والذي كان من رؤوس الكفر في الرقة وحذاءً لملاحدة الأكراد فكانت نهايته عبرة لكل معتبر.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 155
الخميس 30 صفر 1440 هـ

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 32

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً