وأسباب هذا الوهم كثيرة بعضها من البيئة المحيطة وبعضها من خارجها، بعضها متصل بالنفس البشرية وبعضها ...

منذ 2025-10-11
وأسباب هذا الوهم كثيرة بعضها من البيئة المحيطة وبعضها من خارجها، بعضها متصل بالنفس البشرية وبعضها منفصل عنها، إلا أن أبرز أسبابه وأكثرها شيوعا قديما وحديثا: التقليد الأعمى كما فعل الكافرون الأوائل حين قلّدوا آباءهم في شركهم ورفضوا الاتباع وقالوا: (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)، ومن أسباب الوهم التعجُّل والتسرُّع في ضبط الانفعالات والمواقف خصوصا في زمن طغيان العواطف على العقائد! وغلبة المظاهر على البواطن، ومنها الجهل واتباع الظنون، وأسوأ منه الجهل المركّب فهو مرتع الأوهام ومحضن الواهمين، ومنها اتباع الهوى وبين الوهم والهوى وئام لا ينقضي، ومنها الكبر والغرور وهما متجذران في نفوس الواهمين حتى تكاد تراه رأي العين، ومنها ضعف الحجة وفقدان البصيرة، والوهم والبصيرة في عداء لا ينتهي.

وخطورة الوهم تكمن في أنّ له سلطانا كبيرا على العقول والنفوس، وتعظم خطورة الأوهام والأماني عندما تكون في أبواب المعتقدات، وأكثر الناس اليوم صرعى وأسرى أوهامهم وأمانيهم التي درجوا عليها حتى عشعشت في عقولهم ورانت على قلوبهم وبنوا عليها أحكاما وتصورات أنزلوها منزلة المسلّمات الراسخات وهي في حقيقتها ضلالات وسرابات.

والمتأمل يجد أنّ الوهم والتوهم وكل تصاريفه ومشتقاته ومعانيه ومدلولاته، قواسم مشتركة بين أعداء الجهاد على اختلاف مشاربهم، فتراهم جميعا يهيمون على وجوههم في بحار الأوهام والأهواء والأحلام والشكوك والظنون والجهل والأكاذيب والتخرّصات والأماني الخدّاعات.. وعدِّد ما شئت من معاني ومدلولات الوهم والريبة والاضطراب، فهؤلاء لمّا فارقوا سبيل الجهاد؛ حرمهم الله الهداية فأضلهم عن سبيله، واقرأوا إنْ شئتم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.

لذا ينبغي للمؤمن أن يُعرف بتوحيده إذا أشرك الناس، وبهدايته إذا ضلّ الناس، وبثباته إذا تراجع الناس، وبفهمه إذا زاغ الناس، وبرويّته إذا طاش الناس، ينبغي للمؤمن أن تغلب عقيدتُه عاطفته وأن يوجّه إيمانُه عملَه، وأن يكون هواه تبعا لما جاء به نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فهذا هو الإيمان وما سواه أمانٍ وأوهام.



• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 516
السنة السابعة عشرة - الخميس 17 ربيع الآخر 1447 هـ

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 3

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً