الدولة الإسلامية - قصيد شهيد فضّلوا اللحاق بأرض التوحيد على البقاء في أرض يحكمها الطواغيت ولم ...

منذ 2025-10-14
الدولة الإسلامية - قصيد شهيد

فضّلوا اللحاق بأرض التوحيد على البقاء في أرض يحكمها الطواغيت ولم يعبؤوا بجاه أو منصب أو مال

• قصة نفير الضباط التائبين الثلاثة من مصر إلى سيناء

سلكوا سبيل الرشاد ضاربين بعرض الحائط سبل الضلال، مضوا غير آبهين بما سعى له دعاة الباطل من تزيين الكفر والردة التي وقع بها طواغيت مصر.

بحث الضباط التائبون من الجيش المصري المرتد عن طريق الحق فوفقهم الله عز وجل لخوض غمار المفاصلة مع المرتدين وإظهار البراءة منهم والولاء للمؤمنين.

فهجروا الجاهلية التي كانوا يسلكونها وهاجروا والتحقوا بإخوانهم ممن يذود ويدافع عن الإسلام، منتقلين من الظلمات إلى النور.

في مكان متواضع مفرغ من كل شواغل الدنيا وعلى ضوء خافت في فيافي سيناء كان الموعد مع رجال يتفجر الطُهر من جنباتهم ونور التوبة في وجوههم وأثر النعيم والترف بادِ عليهم، يعلو محيّاهم حياء الرجال ووقارهم، وأما سعادتهم بالهجرة والنفير فهو أكثر ما يمكنك أن تلاحظه من تعبيراتهم وقسماتهم.

إنهم الإخوة أبو عمر (حنفي جمال محمود سلمان)
والأخ أبو بكر (محمد جمال عبد الحميد (تقبله الله) والأخ أبو علي (خيرت سامي عبد المجيد السبكي) تقبلهم الله،

ما إن رأوا إخوانهم حتى سارعوا إلى مصافحتهم وعناقهم عناق من يعرفهم لسنوات طوال، وبدأوا يسردون قصة هدايتهم ونجاتهم من دركات الشرك، وإليكم جانبا منها وما عاينه إخوانهم معهم على ثرى سيناء.


• حياتهم قبل الهجرة

كانوا يعيشون في مدن مصر حياة الترف، يسكنون الشقق الفاخرة ويركبون المراكب الفارهة ويتبوؤن الرتب والمناصب المرموقة في النظام المرتد، حيث تخرجوا من كلية الشرطة المرتدة عام 1433، وكنتيجة لتفوقهم البدني والأكاديمي تم إلحاقهم للعمل كضباط في "إدارة العمليات الخاصة"، ينحدرون من أسر ثرية وطبقات عالية، الأخ (أبو علي) والده عميد بنظام الردة، و(أبو عمر) كان مدربا في معهد العمليات الخاصة ومرافقا لأحد أئمة الكفر، لما تميز به من تفوق بدني وأداء قوي.

باختصار لم يكن ينقصهم شيء من متاع الغرور فلقد جمعوا بين المنصب والجاه والمال، تلك الحياة التي يتمناها كل عبيد الدنيا! كان تحت أيديهم ما تشتهيه الأنفس الدنيئة من ملذات وشهوات. لكن فطرَهم السليمة وحبهم لدينهم أخرج حب الدنيا من قلوبهم فطلقوها ثلاثا! وقرروا طوعا واختيارا الهجرة إلى إخوانهم في دولة الإسلام بسيناء، طمعا فيما عند الله تعالى، فما عنده خير وأبقى، فآثروا الحياة الآخرة على الحياة الدنيا والباقية على الفانية، تركوا النعيم المنقطع واختاروا النعيم المقيم.


• دورهم في اعتصام رابعة

كعادة أبواق الضلال والتي تسعى لتشويه حال أهل التوحيد، غاضين الطرف عن أرتالهم العسكرية والتي كان على رأسهم طاغوتهم المرتد (محمد مرسي) حينما شنوا حملة على سيناء لا تختلف كثيراً عما يقوم بها زبانية طاغوت مصر الآن، فادعوا أن الإخوة كانوا من ضمن المتواجدين مع القوات الأمنية فيما عرف (باعتصام رابعة) إلا أن الحقيقة أقوى من أن يغطيها هؤلاء وأبواقهم فلم يكن إلا الأخ أبو عمر "تقبله الله" وبعكس ما ادعوه فقد قام بتهريب وإنقاذ الكثير من المتظاهرين ظنّاً منه أنه سبيل الحق، فتبين وعلم بعد توبته ردة الإخوان المجرمين،ودينهم السلمي الباطل.
نقطة تحول

اعتاد الضباط الأربعة أثناء فترة التزامهم الأولى على حضور دروس بعض من انخدعوا بهم من دعاة الضلال ممن مكنهم الطاغوت من المنابر والشاشات، حيث لم يكن منهج الحق والتوحيد واضحا بالنسبة إليهم في تلك المرحلة.

وشاء الله تعالى أن تأخذ حياتهم مساراً آخرا بعد أن تم ايقافهم في أحد الأيام عند حاجز أمني للمرور أثناء ذهابهم مع أحد أصدقائهم الملتحين لحضور درس في أحد المساجد،وكان الطريق مغلقا نظرا لمرور موكب المرتد "عدلي منصور" وعند محاولتهم المرور حصلت مشادة كلامية بينهم وبين عقيد مرور نصراني كان في النقطة، وبمجرد أن رآهم برفقة صديقهم الملتحي قام بإبلاغ أمن الدولة ووزارة الداخلية، وهو دأب الطواغيت وأنصارهم في كل مكان، وعلى الفور تم اقتيادهم للتحقيق في قسم "الشرابية" ثم في قسم "إدارة العمليات الخاصة" حيث قام بالتحقيق معهم كل من: عقيد أمن العمليات الخاصة، عميد الشؤون الإدارية للعمليات الخاصة، قائد قطاع الأمن المركزي، مدير إدارة العمليات الخاصة اللواء المرتد "مدحت المنشاوي".

وكانت من ضمن الأسئلة التي وجِّهَت إليهم:عن صلاتهم وهل يلتزمون بها في الجماعة بالمسجد وخاصة الفجر، وتهدف هذه الأسئلة إلى تصنيفهم! فمجرد المحافظة على الصلوات بالنسبة لطواغيت مصر تعني دق نواقيس الخطر! وهو ما عبر عنه صراحة المرتد "مدحت المنشاوي"أثناء التحقيق معهم بقوله: "أنه يفضّل أن يضبط ضباطه متلبسين بالفاحشة على أن يحضروا دروس العلم في المساجد"!وكانت هذه نقطة التحول بالنسبة لهم، فرغم عملهم في نظام الردة إلا أن فطرهم السليمة لم تستوعب ما تفوه به هذا المرتد والذي يعبر صراحة عن واقع وحقيقة جميع أنظمة الردة في كل مكان وزمان.

• بداية الملاحقة الأمنية

بعد أسبوعين من هذه الواقعة تم نقلهم جميعا من أماكن عملهم وإلحاقهم بالأمن العام بدلا من الأمن المركزي، وتفريقهم عن بعضهم في أماكن متباعدة؛ حيث تم نقل الأخ أبو عمر إلى الأمن العام بأسوان، والأخ أبو بكر إلى الأمن العام بسوهاج، والأخ أبو علي إلى الأمن العام بالوادي الجديد، في محاولة من الطواغيت لتفريقهم وإبعادهم عن بعضهم.


• طلب العلم بحثا عن المنهج الصحيح

شكل التضييق الذي تعرض له الضباط نتيجة اكتشاف الطواغيت لمجرد حضورهم لمجلس علم عند شيخ قاعد ضال! نقطة تحول في إدراكهم لحجم العداوة والبغضاء التي يكنها النظام المصري المرتد لكل ما يمتّ للإسلام بصلة! فراحوا يتحرون الحق ويطلبون العلم بحثا عن المنهج الصحيح حتى قيّض الله لهم بعض الموحدين الذين دعوهم لعقيدة التوحيد ووجوب الجهاد وردة النظام الحاكم، ترتب على ذلك تفكيرهم بشكل جدي في ترك العمل والبراءة من الشرك طاعة لله وخوفا من عقابه، ورغبة في التوبة مما اقترفوه وسعياً للجهاد والنفير إلى أرض الإسلام والهجرة.


• محاولات الهجرة والنفير

وقياما بواجب الأمة المضيع -الهجرة والجهاد- حاول الإخوة ابتداء النفير إلى إحدى ولايات الدولة الإسلامية في الشام متشوقين للّحاق بإخوانهم فيها حيث كانوا يتابعون أخبارهم وما يصدر عنهم، عبر السفر لها عام 1436 لكن لم يكتب لهذه المحاولة النجاح لحكمة شاءها الله تعالى.


• الهجرة إلى ولاية سيناء

بحلول عام1437 كان التضييق الأمني قد بلغ ذروته، وأصبح الأسر خطرا محدقا بهم، مما حدا بهم إلى التفكير في أحد أمرين؛ الأول هو القيام بتنفيذ عملية انغماسيّة في مبنى أمن الدولة بالحي السادس بالقاهرة، والثاني هو الهجرة فورا لأرض سيناء دون تنسيق مع أحد فرارا بدينهم من فرعون وجنده! وهو ما هداهم الله إليه، فخرجوا وقد وكلوا أمرهم إلى الله تعالى وألسنتهم تلهج بالدعاء أن يُبلغهم أرض الهجرة وطريق النجاة.

وضجت مصر وأروقة الأجهزة الأمنية بقصتهم وكعادتهم أوعزوا لأبواقهم بشن حملة إعلامية عليهم ملئها الكذب واختلاق القصص الواهية التي صاغوها من نسج الخيال.


• لحظة دخولهم سيناء

وعن قصة نفيرهم أخبرونا أنهم لما قرروا الهجرة لإخوانهم لم يكن يحجبهم عن ذلك إلا ما كان يبثه في نفوسهم شياطين الإنس من "وسائل الاعلام ودعاة الضلال" أن الدولة الإسلامية تقتل العساكر حتى لو أتوها تائبين! وبعد تردد عزموا أمرهم أخيرا يبغون النجاة بدينهم في أرض يقام فيها شرعه.

وعند وصولهم إلى أرض سيناء نزلوا من السيارة التي كانوا يستقلّونها وعادت أدراجها والترقب والرهبة تسيطر على قلوبهم من المشهد، وفجأة سرعان ما تقدم إليهم أحد الإخوة مقبلا عليهم بوجه بشوش مُرحّبا بهم، فزال عنهم كل ما لاقوه في سبيل الوصول لديار الإسلام، نسوا كل ما مر بهم من صعاب وتحديات قبل ذلك، خرّوا لله سجدا، شكراً لله عز وجل أن يسر لهم مبتغاهم وفرحة بالوصول والنجاة من براثن الشرك والغواية.

وظلت هذه اللحظات الجميلة عالقة في أذهانهم وقلوبهم يحبونها ويذكرونها، بل حتى الأخ الذي كان في استقبالهم -تقبله الله-كانوا عندما يرونه يعانقوه وينفجرون بالبكاء، لأنه يذكرهم بأول يوم لهم في أرض الجهاد.

أي حب هذا الذي ملأ هذه القلوب للجهاد؟ إنه الحب الذي يوصل إلى صلاح الدين والدنيا ولا صلاح لها إلا بالتوحيد والجهاد.

وقد ذكر الإخوة بأنفسهم حفاوة اللقاء الأول وحسن الكرم والاستقبال الذي لاقوه من إخوانهم المجاهدين وهو الحال مع كل من أتى إلى ديار الإسلام في ولاية سيناء وغيرها من ولايات الخلافة.


• التدرج بالعمل داخل الولاية

نظرا لمّا تمتع به الإخوة من مهارات وخبرات قتالية وعسكرية أوكلت إليهم مهام عدة (فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه)، وأي أمر أفضل من أن يكون المرء جنديا في صفوف المجاهدين ينصر دينه وتوحيده؟

حيث عمل الإخوة جميعهم في المفارز الأمنية المكلفة بضبط وملاحقة الجواسيس وأبدوا يقظة ومهارة عالية في ذلك، وعمل الأخ أبو عمر (تقبله الله) كأحد كوادر "إدارة التخطيط العسكري" وغرف العمليات، فشارك في غرفة عمليات غزوتي "القصر والكتيبة"، والإغارة على كميني (العُجرة وكرم القواديس)، كما كان مدرباً في إعداد القادة العسكريين، بينما عمل الأخ أبو علي (تقبله الله) في قطاع التدريب العسكري، وشارك في غزوة القصر، كما تولّى القيادة الميدانية للإغارة على كمين العُجرة.

• تواضع جم

اتصف الإخوة بصفات طيبة كثيرة كان أبرزها التواضع الجم وخفض الجناح لإخوانهم المؤمنين يلحظ ذلك كل من عرفهم، فيروي من عاشرهم في المعسكرات أنهم كانوا كما قال الله تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)، أهل بذل وعطاء وتضحية ووفاء بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل التوحيد، وديارهم التي تركوها حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

كما كانوا شعلة من النشاط والهمة العالية يحرّضون إخوانهم ويرفعون هممهم ويسبقونهم إلى أي أمر يطلبونه منهم، ومن ذلك موقف حدث قبل الانطلاق لغزوة القواديس في إحدى معسكرات الولاية، حيث قام الأخ (أبو علي) يحرض الإخوة قبل الغزوة وقال لهم: "قوموا وتعانقوا"، وبدأ هو وأبو عمر بالعناق وفجأة انفجروا بالبكاء حتى ضجّ المعسكرُ كله باكيا!
وفي أبواب الطاعات كانوا أحرص ما يكونوا على الصيام والقيام وسائر النوافل، فلم تشغلهم تكاليف الجهاد وأعباء المهام الموكلة إليهم عن عبادات التضرع والمناجاة وتزكية الأنفس، وقد ذكر الأخ أبو عثمان (حفظه الله) أن الأخ أبا علي (تقبله الله) كان قد كتب في مذكرة صغيرة خاصة به جميع العيوب التي ابتلي بها ليتعاهد نفسه بالتربية والتزكية منشغلا بعيوبه عن عيوب غيره، وأخبر –أبو عثمان- أنه قبل أن يقتل بفترة وجيزة كان قد تخلص منها كلها بفضل الله تعالى، ولا عجب فإن ميادين الجهاد أفضل الميادين لتزكية الأنفس وتربيتها وتنقيتها من الأمراض والآفات.


• مثل يحتذى في الأخوّة الصادقة

لقد ضرب هؤلاء الإخوة أروع الأمثلة في الأخوّة الإيمانية الصادقة، لقد كانوا نموذجا يُحتذى في الاجتماع على طاعة الله تعالى، والتواصي بالحق والصبر، والتعاون على البر والتقوى لم تكن صداقتهم سبيلا إلى اللهو ومضيعة الوقت، لقد كانت أخوّتهم إحدى أسباب انتقالهم من الظلمات إلى النور فكانوا عونا لبعضهم على طريق الحق يشد بعضهم أزر بعض وظلوا هكذا حتى آخر لحظة في هذه الحياة.

فحري بشباب الأمة اليوم أن يقتدوا بهذه النماذج ويسيروا على خطاها، فسيرة هؤلاء الإخوة تقبلهم الله مدرسة كاملة من التوبة والهداية إلى الولاء والبراء مرورا بالهجرة والجهاد والأخوّة الصادقة والصبر والثبات، وانتهاء بالقتل في سبيل الله، هذا هو سبيل الرشاد الذي ندعو شباب الجيل إليه بدلا من سبل الضلالة والهوى.


• إصاباتهم ثم مقتلهم "تقبلهم الله"

في أواخر عام 1437 أدى قصف يهودي غادر إلى إصابة كل من أبي عمر وأبي عليّ بإصابات متفاوتة، ومقتل أبي بكر تقبله الله، فلم يفت ذلك في عضدهم ولم ينل من عزيمتهم فلا الجراح ولا فقد الخلاّن يوقف المجاهد عن جهاده، فواصلوا جهادهم بين تحريض وتدريب وصبر وجلاد، حتى جاء القدر الذي لا مفر منه وحانت لحظة اللّحاق بمن سبقهم على ذات الدرب فقد أدى قصف بالطائرات المسيرة إلى مقتل أبي عمر وأبي علي وذلك خلال العام الحالي 1440 ، ليرتحل ثلاثة من الإخوة -تقبلهم الله-بعد أن حققوا التوحيد في حياتهم قولا وعملا وجاهدوا وبذلوا أموالهم وأنفسهم رخيصة في سبيل الله حتى أتاهم اليقين من ربهم، فنسأله تعالى أن يتقبلهم وأن يجمعنا بهم في مستقر رحمته على سرر متقابلين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 159
الخميس 28 ربيع الأول 1440 هـ

683b4c4f96693

  • 0
  • 0
  • 44

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً