الدولة الإسلامية - مقال: التطبيع إن من الرزايا التي ابتلي بها الناس في زماننا بعد تيسّر ...
منذ 2025-10-16
الدولة الإسلامية - مقال: التطبيع
إن من الرزايا التي ابتلي بها الناس في زماننا بعد تيسّر التواصل وتداخل الثقافات، تبديل كثير من المصطلحات الشرعية في دين الإسلام، ونتيجة لذلك اختلطت المفاهيم لدى الناس وأثّرت على فهمهم لمقصود الشرع في هذا المسمى فلحق تغييره تبديل أحكام الشرع فيه، والتي تبنى على الفهم الخاطئ لهذا الاسم الجديد، عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [رواه أحمد]، وظهر مع تلك الأسماء تبعات لزمتها حيث أن فهم الناس، يقام على ما هو شائع اليوم عن هذا الاسم.
ومع كون بعض الأسماء تبدلت مع مرور الزمان من غير قصد إلا أننا اليوم صرنا أمام تبديل جارف، محاولة للتناغم مع العالم عرباً كانوا أم أعاجم ومسلمين كانوا أم كفار، فسمي الجهاد حصرا بالمقاومة أو النضال والكفاح، وتولي الكفار حسناً للجوار وسمي النصارى شركاء الوطن، واستبدلت الأسماء الشرعية للطواغيت والكفار والمرتدين بأسماء وأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان مما يضلل المسلمين عن حقيقة حكمهم الذي جاء صريحاً في القرآن والسنة.
فكان هذا التبديل سببا لانتشار الضلالات، وانحراف الجماعات وتغيير الحقائق، ولعلم الطواغيت بذلك فقد حرصوا عليه منذ زمن طويل فروجوا لتلك الأسماء الجديدة والمصطلحات الحادثة عن طريق وسائل إعلامهم ومناهج مدارسهم وغير ذلك، فكان مما زرع في عقول المسلمين مصطلح أطلقوا عليه (التطبيع) والمقصود منه تحويل الأمر إلى شيء طبيعي، ولا يستخدم هذا المصطلح عادةً إلا في العلاقة مع دولة اليهود، فمن أراد من الطواغيت إقامة علاقة معها بشكل علني وتحويل التعامل معهم إلى شكل طبيعي رمي بـ(التطبيع) والذي حرّف من مسماه الأصلي وهو الموالاة.
والإشكال هنا ليس في تغيير الاسم فقط إنما حُصر تجريم الموالاة على التعامل مع دولة اليهود فقط، أما غيرها من دول الكفار من يهود ونصارى ومجوس ومشركين، فلا إشكال في موالاتهم وإقامة العلاقة والتعاون معهم، بالرغم من طغيانهم على المسلمين وبلدانهم أكثر من اليهود واحتلوا ديارهم ودمروها وعاثوا فيها فسادا، كأميركا باحتلالها لأفغانستان والعراق والشام وكروسيا التي أرسلت جيوشها لدعم الطاغوت بشار وإيران التي تسعى لحرب أهل السنة في كثير من البلدان والصين التي أبادت المسلمين على أرضها وأجبرتهم على الكفر بالله بالحديد والنار.
فنتج عن ذلك أن زيارة لفريق رياضة أو غيره من دولة يهود إلى أحد دول الطواغيت جريمة لا تغتفر بينما فتح القواعد للصليبين لقصف المسلمين ودعمهم بمئات الملايين علناً لا مشكلة فيه، ولا منكر له إلا نزر يسير من الناس.
ونتيجة لمرور عدة عقود على تداول هذا المصطلح مع كل تبعاته، فقد تأصل في نفوس الناس، حتى ندُر من يعي فساده، ويدرك حجم تبعاته التي أثرت حتى على من سلك طريق القتال، فصار بعضهم يربط كل شيء في قتاله وحركاته وسكناته بقتال اليهود، بل صار حتى قتال النصارى فقط لكونهم يدعمون اليهود لا لمجرد كفرهم وحربهم للمسلمين المباشرة، فكانت توجيهاتهم بحصر القتال على فئة معينة قناعةً بهذا المفهوم أو رغبة في كسب ود العامة ممن تم إقناعهم مسبقا فيه وعقدوا عليه الولاء والبراء فخالفوا بذلك أمر الله القائل في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123] والحال أسوأ عند بقية التيارات التي لم تحمل السلاح كالإخوان المرتدين وغيرهم، ممن يتوددون للنصارى والمشركين وينشدون قربهم ويسعون لرضاهم منسلخين بذلك عن دينهم.
وقد يقال لما الإنكار على من يجرم (التطبيع) ما دام يصب في ذات المصلحة المقصودة وهي تجريم موالاة اليهود، فالمشكلة ليست لمجرد التسمية التي لا ضابط لها فقط إنما في التبعات الملازمة لها، فحصر (التطبيع) مع اليهود فقط فيه مفارقة كبيرة فمجرد اعتقاد ذلك هو (تطبيع) بحد ذاته مع الكفار من غير اليهود والذين ساوى شرع الله في موالاتهم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
ولا يصلح حال هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، فالتمسك بالكتاب والسنة في كل شيء وعدم تغيير الأسماء ذات الدلائل الشرعية هو ما يجنّب المسلم طريق الضلال ويقي الأجيال من الانحراف، ويحفظهم من التباس المفاهيم وتضييع الأحكام، فليحذر المرء من تضليل الناس وتحريف دين الله لمحاولة كسب رضى الناس وتجنب ما يكرهون.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 161
الخميس ١٣ ربيع الثاني 1440 هـ
إن من الرزايا التي ابتلي بها الناس في زماننا بعد تيسّر التواصل وتداخل الثقافات، تبديل كثير من المصطلحات الشرعية في دين الإسلام، ونتيجة لذلك اختلطت المفاهيم لدى الناس وأثّرت على فهمهم لمقصود الشرع في هذا المسمى فلحق تغييره تبديل أحكام الشرع فيه، والتي تبنى على الفهم الخاطئ لهذا الاسم الجديد، عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [رواه أحمد]، وظهر مع تلك الأسماء تبعات لزمتها حيث أن فهم الناس، يقام على ما هو شائع اليوم عن هذا الاسم.
ومع كون بعض الأسماء تبدلت مع مرور الزمان من غير قصد إلا أننا اليوم صرنا أمام تبديل جارف، محاولة للتناغم مع العالم عرباً كانوا أم أعاجم ومسلمين كانوا أم كفار، فسمي الجهاد حصرا بالمقاومة أو النضال والكفاح، وتولي الكفار حسناً للجوار وسمي النصارى شركاء الوطن، واستبدلت الأسماء الشرعية للطواغيت والكفار والمرتدين بأسماء وأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان مما يضلل المسلمين عن حقيقة حكمهم الذي جاء صريحاً في القرآن والسنة.
فكان هذا التبديل سببا لانتشار الضلالات، وانحراف الجماعات وتغيير الحقائق، ولعلم الطواغيت بذلك فقد حرصوا عليه منذ زمن طويل فروجوا لتلك الأسماء الجديدة والمصطلحات الحادثة عن طريق وسائل إعلامهم ومناهج مدارسهم وغير ذلك، فكان مما زرع في عقول المسلمين مصطلح أطلقوا عليه (التطبيع) والمقصود منه تحويل الأمر إلى شيء طبيعي، ولا يستخدم هذا المصطلح عادةً إلا في العلاقة مع دولة اليهود، فمن أراد من الطواغيت إقامة علاقة معها بشكل علني وتحويل التعامل معهم إلى شكل طبيعي رمي بـ(التطبيع) والذي حرّف من مسماه الأصلي وهو الموالاة.
والإشكال هنا ليس في تغيير الاسم فقط إنما حُصر تجريم الموالاة على التعامل مع دولة اليهود فقط، أما غيرها من دول الكفار من يهود ونصارى ومجوس ومشركين، فلا إشكال في موالاتهم وإقامة العلاقة والتعاون معهم، بالرغم من طغيانهم على المسلمين وبلدانهم أكثر من اليهود واحتلوا ديارهم ودمروها وعاثوا فيها فسادا، كأميركا باحتلالها لأفغانستان والعراق والشام وكروسيا التي أرسلت جيوشها لدعم الطاغوت بشار وإيران التي تسعى لحرب أهل السنة في كثير من البلدان والصين التي أبادت المسلمين على أرضها وأجبرتهم على الكفر بالله بالحديد والنار.
فنتج عن ذلك أن زيارة لفريق رياضة أو غيره من دولة يهود إلى أحد دول الطواغيت جريمة لا تغتفر بينما فتح القواعد للصليبين لقصف المسلمين ودعمهم بمئات الملايين علناً لا مشكلة فيه، ولا منكر له إلا نزر يسير من الناس.
ونتيجة لمرور عدة عقود على تداول هذا المصطلح مع كل تبعاته، فقد تأصل في نفوس الناس، حتى ندُر من يعي فساده، ويدرك حجم تبعاته التي أثرت حتى على من سلك طريق القتال، فصار بعضهم يربط كل شيء في قتاله وحركاته وسكناته بقتال اليهود، بل صار حتى قتال النصارى فقط لكونهم يدعمون اليهود لا لمجرد كفرهم وحربهم للمسلمين المباشرة، فكانت توجيهاتهم بحصر القتال على فئة معينة قناعةً بهذا المفهوم أو رغبة في كسب ود العامة ممن تم إقناعهم مسبقا فيه وعقدوا عليه الولاء والبراء فخالفوا بذلك أمر الله القائل في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123] والحال أسوأ عند بقية التيارات التي لم تحمل السلاح كالإخوان المرتدين وغيرهم، ممن يتوددون للنصارى والمشركين وينشدون قربهم ويسعون لرضاهم منسلخين بذلك عن دينهم.
وقد يقال لما الإنكار على من يجرم (التطبيع) ما دام يصب في ذات المصلحة المقصودة وهي تجريم موالاة اليهود، فالمشكلة ليست لمجرد التسمية التي لا ضابط لها فقط إنما في التبعات الملازمة لها، فحصر (التطبيع) مع اليهود فقط فيه مفارقة كبيرة فمجرد اعتقاد ذلك هو (تطبيع) بحد ذاته مع الكفار من غير اليهود والذين ساوى شرع الله في موالاتهم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
ولا يصلح حال هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، فالتمسك بالكتاب والسنة في كل شيء وعدم تغيير الأسماء ذات الدلائل الشرعية هو ما يجنّب المسلم طريق الضلال ويقي الأجيال من الانحراف، ويحفظهم من التباس المفاهيم وتضييع الأحكام، فليحذر المرء من تضليل الناس وتحريف دين الله لمحاولة كسب رضى الناس وتجنب ما يكرهون.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 161
الخميس ١٣ ربيع الثاني 1440 هـ