الدولة الإسلامية - مقال: حربنا لا معاركهم كثيرة هي المعارك التي استنفر إليها المجاهدون وحشّد ...

منذ 13 ساعة
الدولة الإسلامية - مقال: حربنا لا معاركهم

كثيرة هي المعارك التي استنفر إليها المجاهدون وحشّد إليها المهاجرون في هذا الزمان، وفي الزمان نفسه كان هناك كثير من الذين ظنّوا بأنّهم من أهل الجهاد، ولكن اكتشفوا أنهم قد أخطأوا الطريق، وخاضوا معركة غير معركتهم، بل وجدوا أن من يقاتلون في صفوفهم لا يختلفون كثيراً في حالهم عن من خرجوا لقتالهم.

فبعض من خرج لقتال العلمانيين وإقامة الدين فوجئ بقائد فصيله يعلن أنه عازم بعد الانتصار في حربه أن يقيم دولة مدنية ديمقراطية، وبعض من خرج لقتال المشركين أصابته الصدمة في وسط المعركة وهو يسمع المقاتلين في صفّه يستغيثون بغير الله تعالى، أو يسبّون الله ورسوله ودينه (عياذاً بالله)، وبعض من أعلن أنّه لن يوقف حربه حتى يكون الدين كله لله اكتشف في وقت متأخّر أن غاية حرب الفصيل الذي يقاتل فيه هي إجبار الطواغيت على التفاوض لتقديم بعض التنازلات لا استبدال حكمهم الكفري بحكم ربّ العالمين، وبعض من خرج ليقاتل المشركين كافّة وجد الأمور تأول بعد انتهاء المعارك إلى تسليم العلمانيين السلطة، واعتقال المسلمين وطردهم من الأرض، والأمثلة على كل ذلك كثيرة معروفة.

وهكذا ضاعت كثير من الدماء هباء، وحصد الكثيرون الخيبات، بل وانقلب بعض الناس من مسلمين مجاهدين في سبيل الله تعالى إلى مرتدّين يقاتلون في سبيل الطاغوت، طاعة للأحزاب التي انتموا إليها، واتباعاً للطواغيت الذين قلدوهم دينهم، وفدوهم بأنفسهم وأموالهم وكل ما يملكون.

والأبشع من هذا كله تحريف بعض المنتسبين للعلم دين الله تعالى بزعمهم أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط مطلقاً، شاملين بذلك شرط الإسلام، لكي يغلقوا على من يهتم لصحّة باب البحث في ذلك، فالمهم أن يقاتل الشباب ويقتلوا دون النظر في سبب هذا القتال وغايته، وكذلك حرّفوا مفهوم الجهاد ليصبح مساوياً لمفهوم المقاومة والدفاع عن النفس، فيصبح كل من يقاوم المحتل الكافر أو يسعى لإسقاط الطاغية الفاجر مجاهداً في سبيل الله تعالى، ولو كانت غايته أن يستبدلهما بمن هو أكفر وأفجر منهما، أو كان لا يبالي أن تحكم البلاد بشريعة الإسلام أم بدستور أهل الكفر والإجرام.


• القتال لتكون كلمة الظالمين هي العليا

ولقد رأينا حين الغزو الأمريكي للعراق، كيف اشتعلت المنابر حماساً تحرّض الشباب في كل مكان على الخروج للتصدي للغزو الصليبي لبلاد المسلمين، ولم يلق أولئك المحرّضون بالا لقضية أن من يقاتل تحت راية حزب البعث التي يرفعها الطاغوت صدام حسين كافر بالله العظيم ولو كان يقاتل اليهود والصليبيين، ولا يكون مجاهداً في سبيل الله بحال، لأن غاية قتال هذا الجيش المرتد دوام حكم البعث وأفكاره العلمانية وحماية الطاغوت صدام وإعانته على حرب الإسلام والمسلمين.

وعندما هدم الله دولة البعثيين بأيدي إخوانهم الصليبيين، وبعد أن ظهرت الرايات الإسلاميّة الصافية التي يقاتل تحتها المجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا، رأينا أولئك المحرّضين على الهجرة والقتال يصدّون الشباب عن اللحاق بالمجاهدين ويصوّرون الجهاد هناك أنّه محرقة للإسلام والمسلمين.

ورأينا من قبل من يدعو المسلمين لنصرته في قتال المشركين من غير ملته، فلما هزمهم الله تعالى على أيدي المجاهدين، وضع يديه في أيدي المشركين من أبناء بلده، ودخل في حرب مع خصومه على السلطة والمنافع، مخيراً من جاء لنصرته بين الدخول معه في الكفر أو الخروج من حمايته ليلقى ما يلقاه في كل مكان، كما حدث في خراسان من قبل.

كما رأينا آخرين يعلنون قتال الطواغيت في سبيل الديمقراطية فإن وجدوا من يكفر بالديمقراطية ويكفّر من يدعو إليها، اتهموه بالغلو والخارجية، وحرّضوا على قتاله، ولم يلبثوا أن يصالحوا الطواغيت على أمل أن يحصلوا على الديمقراطية من غير طريق القتال الذي ساد فيه الموحّدون، وهذا ما حصل في الجزائر مع جبهة الإنقاذ المرتدّة، وهو ما يحصل في كل ساحة يعلو فيها صوت الإخوان المرتدّين والسروريّة.

ورأينا من يدخل حرباً مع المشركين تحت راية قوميّة جاهليّة يصبغها بالإسلام، فلما كانت الغلبة للمشركين استنفر المسلمين لنصرته وإعانته في قتال المشركين، حتى إذا هدأت الحرب أعلن حكومة علمانية وجعل بلاده قاعدة للصليبيين الغربيين بعد أن خرج منها الصليبيون الشرقيون بدماء المسلمين وعرقهم وأموالهم، كما حصل في البوسنة والهرسك.

ورأينا من يعلن قتال المشركين تحت رايات عميّة جاهليّة، فإذا أعلن المجاهدون أن قتالهم هو لإقامة دين الله تعالى، وأنهم سيقاتلون المشركين والمرتدّين كافّة، انقلب أولئك إلى صف الطواغيت والصليبيين يتحالفون معهم لقتال المجاهدين، كما فعلته الصحوات في العراق قبل سنين.

ولا زالت الدعوات مستمرّة من قبل أهل الضلال إلى المجاهدين في سبيل الله تعالى أن يجعلوا دماءهم وأموالهم وجهودهم في غير الحرب التي أمرهم الله تعالى أن يبذلوها فيها، والتي غايتها أن لا يكون في الأرض شرك، وتكون الطاعة كلها لله ربّ العالمين.• القتال لتكون كلمة الله هي العليا

وإن من فضل الله تعالى على المسلمين في هذا الزمان، أن مكّن لعباده الموحّدين الذين رفعوا راية للجهاد نقية من الشرك صافية من البدعة، وأقام بهم دينه، وحكّم بهم شرعه في أرضه، وأعاد بهم جماعة المسلمين واحدة كما أراد سبحانه، لتقوم بذلك الحجّة على كل من زعم يوماً أن سبيل أهل السنّة والجماعة لا يؤدي إلى التمكين، في حين فشلت كل سبلهم -بحمد الله- في تحقيق أي نجاح رغم الخسائر الهائلة التي تكبّدها أصحابها لتحقيق أهدافهم البدعية أو الشركيّة.

وقد أنقذ الله تعالى بهذه الدّولة الإسلاميّة المباركة عشرات الألوف من المجاهدين من أن تخدعهم شعارات الأحزاب أو تضلهم استعطافات الفصائل، فيخسروا دنياهم وآخرتهم في خدمة مشاريع لا ترضي الله تعالى ولا توافق ما تركنا عليه رسوله عليه الصّلاة والسّلام، فصار كل من يهديه الله للجهاد ويلتحق بجماعة المسلمين يعرف يقيناً أن دمه لن يبذل في غير مرضات الله سبحانه، وأن جهده لن يضيع في أيدي السفهاء العابثين بالعباد والبلاد.

واليوم بات أهل الضّلال من المنتسبين إلى الدين وأدعياء الجهاد يخشون من تيسير الله تعالى الأمور لفتح أي ساحة جهاد جديدة، كخشية المشركين والطواغيت من ذلك وأكثر، لأنهم يعلمون يقيناً أن دعاويهم القديمة التي كانوا يخدعون بها المسلمين باتت بالية كاسدة، لا يسومها إلا المفلسون، ولا يرتضيها إلا الضّالون، كما يوقنون أنّه ما إن ترفع للدّولة الإسلاميّة راية في الأرض إلّا والتف حولها المسلمون -بفضل الله تعالى- ليقاتلوا تحتها الكفرة المشركين، والبغاة المفسدين، والخوارج المارقين، طاعة لربّ العالمين وحفظاً لجماعة المسلمين.

ولذلك كلّه فنحن على ثقة أن هذه الراية ستبقى -بإذن الله تعالى- مرفوعة عالية يقاتل من حولها الموحّدون جيلاً بعد جيل، ويتعاونون على حملها في كل مكان، فإن حربنا بحمد الله باتت واضحة بيّنة، فسينغمس فيها كل من أطاع أمر الله تعالى بالجهاد في سبيله، كما أن معارك أهل الضّلال باتت معروفة النتيجة سلفاً، ولن يضيّع نفسه فيها إلا من سفه نفسه وأسلم قيادها لغيره.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 170
الخميس 16 جمادى الآخرة 1440 هـ

67944dd38c694

  • 1
  • 0
  • 23

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً