مقال: لا تتبعوا خطوات الشيطان (2) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نواصل في ...
منذ 13 ساعة
مقال: لا تتبعوا خطوات الشيطان (2)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نواصل في هذا العدد ما بدأناه مسبقا من الحديث عن خطوات الشيطان:
فمن خطوات الشيطان اتباع الهوى قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50].
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: إن الله لا يوفق لإصابة الحقّ وسبيل الرشد القوم الذين خالفوا أمر الله وتركوا طاعته، وكذّبوا رسوله، وبدّلوا عهده، واتبعوا أهواء أنفسهم إيثاراً منهم لطاعة الشيطان على طاعة ربهم" [تفسير الطبري].
وصاحب هذه الآفة لا ينتفع بالأدلة لأنه يقتفي هواه ولا تردعه الحجج لأنه تبع لشهواته فهو أبعد عن معرفة الحق فضلا عن اتباعه.
ومنها اتباع الظن وترك اليقين قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116].
قال ابن كثير رحمه الله: " يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ}، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم، وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} فإن الخرص هو الحزر...، و {هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} فييسره لذلك {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} فييسرهم لذلك، وكل ميسر لما خلق له". [التفسير]
وهذا حال أكثر الناس اليوم والله المستعان بعيدون عن الحق تاركون لليقين بأوامر الله المحكمة الواضحة -كالهجرة والجهاد وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين والمرتدين- متّبعين للظن، ومن هذا حاله لا يصل إلا إلى الضلال والعياذ بالله.
ومن خطواته اتباع المتشابه وترك المحكم، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].
قال ابن كثير رحمه الله:" يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس... {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} أي : ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم، ولهذا قال سبحانه: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي: الإضلال لأتباعهم، إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم" [التفسير].
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) [رواه مسلم].
ومن خطواته التسويف والتأخير وطول الأمل، قال تعالى عن الشيطان: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}. [النساء: 119]
قال ابن كثير رحمه الله: "{وَلأضِلَّنَّهُمْ} أَيْ: عن الحق {وَلأمَنِّيَنَّهُمْ} أَيْ: أزين لهم ترك التوبة، وأعدهم الأماني، وآمرهم بالتسويف والتأخير، وأغرهم من أنفسهم". [التفسير]
ومن مداخله على المعلمين والمصنفين أن يكون مقصودهم الباطن من نشر الدين انتشار الذكر وعلو الصيت والرياسة والعياذ بالله.عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وذكر حديث أول من تسعر بهم النار ومنهم: رجل تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم، وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) [صحيح مسلم].
قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم في الغازي والعالم والجواد وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله وإدخالهم النار دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وفيه أن المعلومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا، وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا" [شرح صحيح مسلم].
وَقَدْ يتخلّص البعض من تلبيسات إبليس الظاهرة فيأتيهم من مدخلٍ خفي وذلك بإيهامك أنك أعرف الناس بمداخله، فان سكنت إلى هذا هلكت بالعُجب وإن سلِمتَ من ذلك سلِمتَ بإذن الله تعالى.
هذه بعض خطوات الشيطان إلى إفساد قلبك وتكون الوقاية منها بالانقياد لشرع الله تعالى ظاهراً وباطناً وسؤالك له سبحانه أن يجنّبك إيّاها.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 208].
قال الإمام الطبري رحمه الله: " يعني جل ثناؤه بذلك: اعملوا أيها المؤمنون بشرائع الإسلام كلها، وادخلوا في التصديق به قولا وعملا ودعوا طرائق الشيطان وآثاره أن تتبعوها فإنه لكم عدو مبين لكم عداوته، وطريقُ الشيطان الذي نهاهم أن يتبعوه هو ما خالف حكم الإسلام وشرائعه" [تفسير الطبري].
ومتى كنت كذلك كانت خطواتك كلها محكمة ثابتة بعيدة عن خطوات الشيطان بل إنه سيسلك طرقا غير طرقك كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك) [متفق عليه].
قال النووي رحمه الله: "وهذا الحديث محمول على ظاهره أن الشيطان متى رأى عمر سالكا فجا هرب هيبة من عمر وفارق ذلك الفج وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئا، قال القاضي: ويحتمل أنه ضرب مثلا لبعد الشيطان وإغوائه منه وأن عمر في جميع أموره سالك طريق السداد خلاف ما يأمر به الشيطان. والصحيح الأول" [شرح صحيح مسلم].
فعندما يكون العبد مشغولاً بالطاعة والذكر، فلن يكون محلاً للوساوس فإن غفِل وسوس إليه الشيطان بالمعاصي. قال ابن الجوزي رحمه الله: "وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم وجهلهم وعلمهم" [تلبيس إبليس].
فكن مستيقظا محترسا من عدوك في كل وقت وحين، عسى الله الكريم أن يجنبنا وإياك سبل الظالمين، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 170
الخميس 16 جمادى الآخرة 1440 هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نواصل في هذا العدد ما بدأناه مسبقا من الحديث عن خطوات الشيطان:
فمن خطوات الشيطان اتباع الهوى قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50].
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: إن الله لا يوفق لإصابة الحقّ وسبيل الرشد القوم الذين خالفوا أمر الله وتركوا طاعته، وكذّبوا رسوله، وبدّلوا عهده، واتبعوا أهواء أنفسهم إيثاراً منهم لطاعة الشيطان على طاعة ربهم" [تفسير الطبري].
وصاحب هذه الآفة لا ينتفع بالأدلة لأنه يقتفي هواه ولا تردعه الحجج لأنه تبع لشهواته فهو أبعد عن معرفة الحق فضلا عن اتباعه.
ومنها اتباع الظن وترك اليقين قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116].
قال ابن كثير رحمه الله: " يخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ}، وقال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم، وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ} فإن الخرص هو الحزر...، و {هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} فييسره لذلك {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} فييسرهم لذلك، وكل ميسر لما خلق له". [التفسير]
وهذا حال أكثر الناس اليوم والله المستعان بعيدون عن الحق تاركون لليقين بأوامر الله المحكمة الواضحة -كالهجرة والجهاد وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين والمرتدين- متّبعين للظن، ومن هذا حاله لا يصل إلا إلى الضلال والعياذ بالله.
ومن خطواته اتباع المتشابه وترك المحكم، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].
قال ابن كثير رحمه الله:" يخبر تعالى أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي: بينات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أخر فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن رد ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحكم محكمه على متشابهه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس... {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} أي : ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} أي: إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنه دامغ لهم وحجة عليهم، ولهذا قال سبحانه: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي: الإضلال لأتباعهم، إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهذا حجة عليهم لا لهم" [التفسير].
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) [رواه مسلم].
ومن خطواته التسويف والتأخير وطول الأمل، قال تعالى عن الشيطان: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}. [النساء: 119]
قال ابن كثير رحمه الله: "{وَلأضِلَّنَّهُمْ} أَيْ: عن الحق {وَلأمَنِّيَنَّهُمْ} أَيْ: أزين لهم ترك التوبة، وأعدهم الأماني، وآمرهم بالتسويف والتأخير، وأغرهم من أنفسهم". [التفسير]
ومن مداخله على المعلمين والمصنفين أن يكون مقصودهم الباطن من نشر الدين انتشار الذكر وعلو الصيت والرياسة والعياذ بالله.عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وذكر حديث أول من تسعر بهم النار ومنهم: رجل تعلم العلم، وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم، وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) [صحيح مسلم].
قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم في الغازي والعالم والجواد وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله وإدخالهم النار دليل على تغليظ تحريم الرياء وشدة عقوبته وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال كما قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وفيه أن المعلومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا، وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا" [شرح صحيح مسلم].
وَقَدْ يتخلّص البعض من تلبيسات إبليس الظاهرة فيأتيهم من مدخلٍ خفي وذلك بإيهامك أنك أعرف الناس بمداخله، فان سكنت إلى هذا هلكت بالعُجب وإن سلِمتَ من ذلك سلِمتَ بإذن الله تعالى.
هذه بعض خطوات الشيطان إلى إفساد قلبك وتكون الوقاية منها بالانقياد لشرع الله تعالى ظاهراً وباطناً وسؤالك له سبحانه أن يجنّبك إيّاها.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 208].
قال الإمام الطبري رحمه الله: " يعني جل ثناؤه بذلك: اعملوا أيها المؤمنون بشرائع الإسلام كلها، وادخلوا في التصديق به قولا وعملا ودعوا طرائق الشيطان وآثاره أن تتبعوها فإنه لكم عدو مبين لكم عداوته، وطريقُ الشيطان الذي نهاهم أن يتبعوه هو ما خالف حكم الإسلام وشرائعه" [تفسير الطبري].
ومتى كنت كذلك كانت خطواتك كلها محكمة ثابتة بعيدة عن خطوات الشيطان بل إنه سيسلك طرقا غير طرقك كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك) [متفق عليه].
قال النووي رحمه الله: "وهذا الحديث محمول على ظاهره أن الشيطان متى رأى عمر سالكا فجا هرب هيبة من عمر وفارق ذلك الفج وذهب في فج آخر لشدة خوفه من بأس عمر أن يفعل فيه شيئا، قال القاضي: ويحتمل أنه ضرب مثلا لبعد الشيطان وإغوائه منه وأن عمر في جميع أموره سالك طريق السداد خلاف ما يأمر به الشيطان. والصحيح الأول" [شرح صحيح مسلم].
فعندما يكون العبد مشغولاً بالطاعة والذكر، فلن يكون محلاً للوساوس فإن غفِل وسوس إليه الشيطان بالمعاصي. قال ابن الجوزي رحمه الله: "وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه ويزيد تمكنه منهم ويقل على مقدار يقظتهم وغفلتهم وجهلهم وعلمهم" [تلبيس إبليس].
فكن مستيقظا محترسا من عدوك في كل وقت وحين، عسى الله الكريم أن يجنبنا وإياك سبل الظالمين، والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 170
الخميس 16 جمادى الآخرة 1440 هـ