إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الحمد لله الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد، وفرضه على العباد، ...
منذ 2025-10-29
إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون
الحمد لله الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد، وفرضه على العباد، وحثّهم على الغزو والاستشهاد، والصّلاة والسّلام على خير العباد، وعلى آله وأصحابه وكلّ هاد، أمّا بعد:
فيا بهجة القلوب وفرسان الحروب يا فَرَحَ المؤمنين وغيظَ الكافرين.. أيّها المنافحون المدافعون عن الدين وعن حرمات المسلمين تذكرّوا أنّكم خرجتم تبتغون إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.
فلا تتردّدوا في قتال الكفّار والمرتدّين ولا تتأخّروا خوفا من القتل أو قلة العدد والعُدد ولْيكن قدوتُكم في ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه حيث قَالَ مشجّعا ومحرّضا قومه: "يا قوم، والله إنّ الّتي تكرهون، للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلّا بهذا الدّين الذي أكرمنا الله تعالى به، فانطلقوا فإنّما هي إحدى الحسنيين إمّا ظهور وإمّا شهادة". [حلية الأولياء]
نعم تذكّر دائما أيّها المجاهد الثابت الصابر أنّك خرجت للنصر أو الشهادة فكيف تتأخّر خوفا من نيل مرادِك وحصول مرامِك وتحقيق أغلى أهدافك.
وتمثّل قول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
يا حبذا الجنة واقترابها
طيبة وباردا شرابها
• إنما هي سنة الله
أيها الأبطال الصناديد.. يا رهبان الليل وفرسان النهار.. تذكّروا أنّ عزّ هذه الأمةِ لن يُقام إلّا على الأشلاء، وشجرة هذه الأمّة لا تُسقى إلا بالدّماء، فأرخصوا أنفسكم ودماءكم في سبيل الله تعالى ولتحكيم شرعه وخلِّصوا أنفسكم وأهلكم وأمّتكم من جبروت الطواغيت فإنّ أمّتكم تنتظركم وتترقّب نصركم وكسركم لشوكة الكفّار والمرتدّين، نعم إنّ النّساء والرّجال الّذين في السجون يترقبون اليوم الذي تدكّون به حصون الطواغيت، وينتظرون السّاعة الّتي تأتون بها لتخرجوهم من الذّلة التي هم فيها والفتنة الّتي أجبروا عليها، فقاتلوا في سبيل الله من كفر به وصد عن سبيله حتى يكون الدّين كلّه لله تعالى وحتّى لا يُفتن المسلمين عن دينهم فهذا أمر الله لكم كما قال سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال : 39]
قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم: وإن يَعُد هؤلاء لحربك، فقد رأيتم سنّتي فيمن قاتلكم منهم يوم بدر، وأنا عائد بمثلها فيمن حاربكم منهم، فقاتلوهم حتّى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة {ويكون الدّين كلّه لله} يقول: حتى تكون الطّاعة والعبادة كلّها لله خالصةً دون غيره". ا.هـ [تفسير الطبري]
واجعلوا قتالكم لتكون كلمة الله تعالى هي العليا فإنّ الثّواب المذكور في القتال إنّما هو لمن أخلص فيه وقاتل لتكون كلمته سبحانه هي العليا، ففي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الرّجل: يقاتل للمغنم، والرّجل يقاتل للذكر، والرّجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
وفي رواية لهما: "يقاتل غضبا، ويقاتل حمية ..." فقال صلّى الله عليه وسلّم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله).
قال النووي رحمه الله: "فيه بيان أن الأعمال إنّما تحسب بالنيات الصالحة وأن الفضل الّذي ورد في المجاهدين في سبيل الله يختصّ بمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا". ا.هـ [شرح صحيح مسلم].
وقال ابن تيمية رحمه الله: "والجهاد مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدّين كلّه لله؛ فمقصوده إقامة دين الله لا استيفاء الرّجل حظه؛ ولهذا كان ما يصاب به المجاهد في نفسه وماله أجره فيه على الله؛ فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة". ا.هـ [الفتاوى]
• الذل والهوان لمن ترك الجهاد
أمّا إن تركنا الجهاد وخلدنا إلى الأرض ورضينا بملذاتها الفانية وشهواتها الزائلة -ولا أظنكم تفعلون- فإنّ الله سيسلط علينا الذّل والهوان، وهو ما نراه في الديار التي ترك أهلها الجهاد ورضوا بالسّلمية والدّيمقراطية والأحكام الجاهلية، وهذا مصداقا لقول نبينا صلّى الله عليه وسلّم الّذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم). [رواه أبو داود].
قال ابن النحاس رحمه الله: "ومعنى الحديث: أنّ النّاس إذا تركوا الجهاد وأقبلوا على الزرع ونحوه تسلّط عليهم العدو؛ لعدم تأهّبهم له واستعدادهم لنزوله ورضاهم بما هم فيه من الأسباب فأوْلاهم ذلا وهوانا لا يتخلّصون منه حتّى يرجعوا إلى ما هو واجب عليهم من جهاد الكفّار والإغلاظ عليهم وإقامة الدّين ونصرة الإسلام وأهله وإعلاء كلمة الله وإذلال الكفر وأهله" ا.هـ [مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق]
وكما قيل:
طِلاب المعالي للمنون صديق
وطول الأماني للنفوسِ عشِيقُ
إذا لم تكن هذي الحياة عزيزةٌ
فماذا إلى طول الحياةِ تتوق
ألا إنّ خوفَ الموت مرٌّ كطعمه
وخوف الفتى سيفٌ عليه ذلوق
وإنك لو تستشعرِ العيشَ في الردى
تحلَّيْتَ طعم الموت حين تذوق
أخي المجاهد.. لتكن على يقين بأنّ الأجل محتوم والرّزق مقسوم فلن يعجّل من قَدَرِك إقدام ولن يؤخرَہ إحجام.
قال تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب :16،17]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم : {قُلْ} يا محمد، لهؤلاء الّذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون: إنّ بيوتنا عورة {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} يقول: لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم {وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا} يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتّعون في هذه الدّنيا إلى الوقت الّذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم". ا.هـ [تفسير الطبري]
وقال ابن تيمية رحمه الله: "فأخبر الله أن الفرار لا ينفع لا من الموت ولا من القتل، فالفرار من الموت كالفرار من الطّاعون...والفرار من القتل كالفرار من الجهاد، وحرف "لن" ينفي الفعل في الزمن المستقبل، والفعل نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم جميع أفرادها، فاقتضى ذلك: أن الفرار من الموت أو القتل ليس فيه منفعة أبدا، وهذا خبر الله الصادق، فمن اعتقد أن ذلك ينفعه فقد كذّب الله في خبره والتجربة تدل على مثل ما دل عليه القرآن، فإن هؤلاء الذين فروا في هذا العام لم ينفعهم فرارهم، بل خسروا الدّين والدّنيا وتفاوتوا في المصائب، والمرابطون الثابتون نفعهم ذلك في الدّين والدّنيا، حتى الموت الذي فرّوا منه كثر فيهم، وقل في المقيمين، فما منع الهرب من شاء الله، والطالبون للعدو والمعاقبون له لم يمت منهم أحد ولا قتل، بل الموت قل في البلد من حين خرج الفارون، وهكذا سنّة الله قديما وحديثا، ثم قال تعالى: {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إلَّا قَلِيلًا} يقول: لو كان الفرار ينفعكم لم ينفعكم إلا حياة قليلة ثم تموتون، فإن الموت لا بد منه".ا.هـ
نفى النوم عن عينيه نفس أبية
لها بين أطراف الأسنة مطلب
إذا أنا لم أعط المكارم حقها
فلا عزني خال ولا ضمني أب
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
فلتكن همّتك أخي الموحّد عالية وعزيمتك متجذّرة راسخة وتذكّر ما أعده الله تعالى لك من الجنان العالية، وأن هذه الدنيا زائلة فانية فاطلب العليا واترك الدّنيا، وسارع إلى الجنان واتّق النيران، واصبر وصابر مستجيبا لأمر الله تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]
والحمد لله ربّ العالمين
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 172
الخميس 30 جمادى الآخرة 1440 هـ
الحمد لله الذي جعل ذروة سنام الإسلام الجهاد، وفرضه على العباد، وحثّهم على الغزو والاستشهاد، والصّلاة والسّلام على خير العباد، وعلى آله وأصحابه وكلّ هاد، أمّا بعد:
فيا بهجة القلوب وفرسان الحروب يا فَرَحَ المؤمنين وغيظَ الكافرين.. أيّها المنافحون المدافعون عن الدين وعن حرمات المسلمين تذكرّوا أنّكم خرجتم تبتغون إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.
فلا تتردّدوا في قتال الكفّار والمرتدّين ولا تتأخّروا خوفا من القتل أو قلة العدد والعُدد ولْيكن قدوتُكم في ذلك الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه حيث قَالَ مشجّعا ومحرّضا قومه: "يا قوم، والله إنّ الّتي تكرهون، للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلّا بهذا الدّين الذي أكرمنا الله تعالى به، فانطلقوا فإنّما هي إحدى الحسنيين إمّا ظهور وإمّا شهادة". [حلية الأولياء]
نعم تذكّر دائما أيّها المجاهد الثابت الصابر أنّك خرجت للنصر أو الشهادة فكيف تتأخّر خوفا من نيل مرادِك وحصول مرامِك وتحقيق أغلى أهدافك.
وتمثّل قول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
يا حبذا الجنة واقترابها
طيبة وباردا شرابها
• إنما هي سنة الله
أيها الأبطال الصناديد.. يا رهبان الليل وفرسان النهار.. تذكّروا أنّ عزّ هذه الأمةِ لن يُقام إلّا على الأشلاء، وشجرة هذه الأمّة لا تُسقى إلا بالدّماء، فأرخصوا أنفسكم ودماءكم في سبيل الله تعالى ولتحكيم شرعه وخلِّصوا أنفسكم وأهلكم وأمّتكم من جبروت الطواغيت فإنّ أمّتكم تنتظركم وتترقّب نصركم وكسركم لشوكة الكفّار والمرتدّين، نعم إنّ النّساء والرّجال الّذين في السجون يترقبون اليوم الذي تدكّون به حصون الطواغيت، وينتظرون السّاعة الّتي تأتون بها لتخرجوهم من الذّلة التي هم فيها والفتنة الّتي أجبروا عليها، فقاتلوا في سبيل الله من كفر به وصد عن سبيله حتى يكون الدّين كلّه لله تعالى وحتّى لا يُفتن المسلمين عن دينهم فهذا أمر الله لكم كما قال سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال : 39]
قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم: وإن يَعُد هؤلاء لحربك، فقد رأيتم سنّتي فيمن قاتلكم منهم يوم بدر، وأنا عائد بمثلها فيمن حاربكم منهم، فقاتلوهم حتّى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة {ويكون الدّين كلّه لله} يقول: حتى تكون الطّاعة والعبادة كلّها لله خالصةً دون غيره". ا.هـ [تفسير الطبري]
واجعلوا قتالكم لتكون كلمة الله تعالى هي العليا فإنّ الثّواب المذكور في القتال إنّما هو لمن أخلص فيه وقاتل لتكون كلمته سبحانه هي العليا، ففي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الرّجل: يقاتل للمغنم، والرّجل يقاتل للذكر، والرّجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
وفي رواية لهما: "يقاتل غضبا، ويقاتل حمية ..." فقال صلّى الله عليه وسلّم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله).
قال النووي رحمه الله: "فيه بيان أن الأعمال إنّما تحسب بالنيات الصالحة وأن الفضل الّذي ورد في المجاهدين في سبيل الله يختصّ بمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا". ا.هـ [شرح صحيح مسلم].
وقال ابن تيمية رحمه الله: "والجهاد مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدّين كلّه لله؛ فمقصوده إقامة دين الله لا استيفاء الرّجل حظه؛ ولهذا كان ما يصاب به المجاهد في نفسه وماله أجره فيه على الله؛ فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة". ا.هـ [الفتاوى]
• الذل والهوان لمن ترك الجهاد
أمّا إن تركنا الجهاد وخلدنا إلى الأرض ورضينا بملذاتها الفانية وشهواتها الزائلة -ولا أظنكم تفعلون- فإنّ الله سيسلط علينا الذّل والهوان، وهو ما نراه في الديار التي ترك أهلها الجهاد ورضوا بالسّلمية والدّيمقراطية والأحكام الجاهلية، وهذا مصداقا لقول نبينا صلّى الله عليه وسلّم الّذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فعن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم). [رواه أبو داود].
قال ابن النحاس رحمه الله: "ومعنى الحديث: أنّ النّاس إذا تركوا الجهاد وأقبلوا على الزرع ونحوه تسلّط عليهم العدو؛ لعدم تأهّبهم له واستعدادهم لنزوله ورضاهم بما هم فيه من الأسباب فأوْلاهم ذلا وهوانا لا يتخلّصون منه حتّى يرجعوا إلى ما هو واجب عليهم من جهاد الكفّار والإغلاظ عليهم وإقامة الدّين ونصرة الإسلام وأهله وإعلاء كلمة الله وإذلال الكفر وأهله" ا.هـ [مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق]
وكما قيل:
طِلاب المعالي للمنون صديق
وطول الأماني للنفوسِ عشِيقُ
إذا لم تكن هذي الحياة عزيزةٌ
فماذا إلى طول الحياةِ تتوق
ألا إنّ خوفَ الموت مرٌّ كطعمه
وخوف الفتى سيفٌ عليه ذلوق
وإنك لو تستشعرِ العيشَ في الردى
تحلَّيْتَ طعم الموت حين تذوق
أخي المجاهد.. لتكن على يقين بأنّ الأجل محتوم والرّزق مقسوم فلن يعجّل من قَدَرِك إقدام ولن يؤخرَہ إحجام.
قال تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب :16،17]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم : {قُلْ} يا محمد، لهؤلاء الّذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون: إنّ بيوتنا عورة {لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} يقول: لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم {وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا} يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتّعون في هذه الدّنيا إلى الوقت الّذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم". ا.هـ [تفسير الطبري]
وقال ابن تيمية رحمه الله: "فأخبر الله أن الفرار لا ينفع لا من الموت ولا من القتل، فالفرار من الموت كالفرار من الطّاعون...والفرار من القتل كالفرار من الجهاد، وحرف "لن" ينفي الفعل في الزمن المستقبل، والفعل نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم جميع أفرادها، فاقتضى ذلك: أن الفرار من الموت أو القتل ليس فيه منفعة أبدا، وهذا خبر الله الصادق، فمن اعتقد أن ذلك ينفعه فقد كذّب الله في خبره والتجربة تدل على مثل ما دل عليه القرآن، فإن هؤلاء الذين فروا في هذا العام لم ينفعهم فرارهم، بل خسروا الدّين والدّنيا وتفاوتوا في المصائب، والمرابطون الثابتون نفعهم ذلك في الدّين والدّنيا، حتى الموت الذي فرّوا منه كثر فيهم، وقل في المقيمين، فما منع الهرب من شاء الله، والطالبون للعدو والمعاقبون له لم يمت منهم أحد ولا قتل، بل الموت قل في البلد من حين خرج الفارون، وهكذا سنّة الله قديما وحديثا، ثم قال تعالى: {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إلَّا قَلِيلًا} يقول: لو كان الفرار ينفعكم لم ينفعكم إلا حياة قليلة ثم تموتون، فإن الموت لا بد منه".ا.هـ
نفى النوم عن عينيه نفس أبية
لها بين أطراف الأسنة مطلب
إذا أنا لم أعط المكارم حقها
فلا عزني خال ولا ضمني أب
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
فلتكن همّتك أخي الموحّد عالية وعزيمتك متجذّرة راسخة وتذكّر ما أعده الله تعالى لك من الجنان العالية، وأن هذه الدنيا زائلة فانية فاطلب العليا واترك الدّنيا، وسارع إلى الجنان واتّق النيران، واصبر وصابر مستجيبا لأمر الله تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]
والحمد لله ربّ العالمين
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 172
الخميس 30 جمادى الآخرة 1440 هـ