مؤسسة الفرقان - تفريغ كلمة صوتية بعنوان: [ صدق الله فصدقه ] كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة ...

منذ 2025-10-30
مؤسسة الفرقان - تفريغ كلمة صوتية بعنوان:

[ صدق الله فصدقه ]
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر -تقبله الله-
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...أما بعد:
فإنه لما كان الجهاد قبة الإسلام وذروة سنامه، وهو في زماننا من آكد فروض الأعيان بعد توحيد ربنا الكبير المتعال، صار لزاما على حملة لوائه، التزود بما يكون لهم عونا على مكابدة لأوائه وتحمل بلائه، فما للعبد أمضى من الصبر واليقين والتقوى، وما بيده شيء من الحيل أنفذ منهن وأبقى، قال ربنا تبارك وتعالى {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].
وقد جعل الله الصبر جوادا لا يكبو، وصارما لا ينبو، وجندا لا يهزم، وحصنا حصينا لا يهدم ولا يثلم، فهو والنصر أخوان شقيقان، فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد، ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد ، وهو من المهمات، وأعظم الواجبات، لتحمل المتاعب، والمشاق، وإن كان واجبا بأنواعه على كل مسلم، فإنه على أهل الجهاد من باب أولى وأولى؛ ولهذا أمر الله به إمام المجاهدين وقدوتهم صلى الله عليه وسلم فقال: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 127، 128] وبالصبر يتم اليقين بالوعد، وقد جمع الله بينهما في قوله: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60].
وربنا سبحانه مالك الضر والنفع، وهو المتصرف في خلقه بما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعلوه وقدرته، واستكانت وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره وحكمه، وهو الحكيم في جميع أفعاله، الخبير بمواضع الأشياء ومحالها، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، قال جل شأنه وتقدست أسماؤه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 17، 18].
فمهما حشدت أمم الكفر وألبت، ومكرت وخططت، وهددت وهدمت، فلن يضروا عباد الله الموحدين المجاهدين شيئا، لأن من استعلى بإيمانه؛ لا يقعده أذى أهل الدنيا عن جهاده لعدوه وإن بلغ أذاه المنتهى، راض بقضاء الله وقدره وسنته الماضية في خلقه، قد جرد قلبه من الهوى فاتقد الحق فيه وغشاه اليقين، ما كان له الخيرة يوما ولا التقدم بين يدي الله ورسوله، لأن القضية قضية كفر وإيمان، فسطاطان متمايزان لا يلتقيان، ولم تزده الوقائع إلا تجلدا وثباتا ويقينا بالوعد الصادق، لأن الله هو القاهر الملك الغلاب، إليه المفزع إن ادلهم الخطب وإليه المآب، حذر وأنذر، وبشر بالنصر من آمن به وهاجر في سبيله وجاهد وصبر، قال تبارك وتعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] وقال {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة: 16].

وإن مما ينبغي أن يعلمه حملة لواء الإسلام من جنود الخلافة وأنصارها، عظيم المقام الذي هم فيه، وجزيل الأجر الذي ينتظر الصادقين الثابتين منهم، فهنيئا لمن أقامه الله في سوح الجهاد، يراغم أمم الكفر ويسعى باذلا كل ما يملك، محتسبا الأجر عند خالقه جل وعلا يرجو الثواب والنوال، مرخصا ذلك في سبيله ونصرة دينه وإقامة شرعه، وكان ممن جاهد في الله ليصل إليه ويتصل به، واحتمل في الطريق إليه ما احتمل، فلم ينكص ولم ييأس، وصبر على فتنة النفس وفتنة الناس، فحمل أعباءه وسار في ذلك الطريق الشاق المحفوف بالمكاره والآلام، فحاشا لله وكلا أن يتركه وحده، ولن يضيع إيمانه ولن ينسى جهاده، بل سينظر إليه من عليائه فيرضاه، وسينظر إلى جهاده إليه فيهديه، وسينظر إلى محاولته الوصول فيأخذ بيديه، وسينظر إلى صبره وإحسانه فيجازيه خير الجزاء، قال وقوله الحق: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
وإن الفضل الذي لا يضاهى، والخير الذي لا يتناهى في الجهاد وأجره أكثر من أن يحصر، وحسبنا أن نذكر طرفا من ذلك حثا على المسارعة والبدار وقطع المهامه وركوب الأخطار، فمن ذلك:
أن الجهاد في سبيل الله هو سبيل عز المسلمين ولا سبيل سواه وفي التنكب عنه بلاء الأمة وشقاؤها كما هو واقعها اليوم، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
وبالجهاد في سبيل الله تنصر الملة وينشر الدين قال صلى الله عليه وسلم -: (بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم).
فهذا خير الجهاد المتعدي نفعه على الأمة بل على البشرية جمعاء، وأما ما اختص به أهله من الكرامة إن قتلوا وماتوا في سبيل الله، فدل على عظيم ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة).
فالجهاد لا يعدله شيء من الأعمال، كما روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل قال: (لا تستطيعونه) قال فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول (لا تستطيعونه). وقال في الثالثة (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى).
ورباط يوم فيه خير من الدنيا وما عليها، قال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها).
وأما ما فضل الله به المجاهد من الدرجات العلى في الجنة ففيما رواه أبوسعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا أبا سعيد، من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وجبت له الجنة)، فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يا رسول الله، ففعل، ثم قال: (وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)، قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: (الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله).
وهو سبب لمغفرة الذنوب وخير من الاعتزال للتعبد كما روى الترمذي في سننه عن أبى هريرة رضي الله عنه قال مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته لطيبها فقال لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة اغزوا في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة).
ومعنى (الفواق) مقدار ما بين الحلبتين.
وأما ثواب الشهيد وما يحظى به من الكرامة عند ربه، فأخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث قال: (للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه).
والشهداء يتفاضلون في المنازل كما قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة يضحك إليهم ربك فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه).
وأما مقدار ما يجد الشهيد من مس القتل، فقد بين ذلك الضحوك القتال صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة).

ومن كرم المولى جل وعلا على عباده المجاهدين في سبيله ما حباهم به من تمام الأجور إن أخفقوا وأصيبوا، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم).

وإن الصدق وإخلاص النية في الجهاد في سبيل الله شرط لبلوغ تلك الرتب والمنازل، روى النسائي في سننه عن شداد بن الهاد، أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا، فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟، قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذا؟ قال: (قسمته لك)، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا، وأشار إلى حلقه بسهم، فأموت فأدخل الجنة فقال: (إن تصدق الله يصدقك)، فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أهو هو؟) قالوا: نعم، قال: (صدق الله فصدقه) ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: (اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا أنا شهيد على ذلك).

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قدم شيئا من ولده، وأن الاعتداد به أكثر، والنفع فيه أغزر وليس كما يظن ويعتقد كثير من الناس.
روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تعدون الرقوب فيكم؟» قال قلنا: الذي لا يولد له، قال: (ليس ذاك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا).
ومعنى الحديث: إنكم تعتقدون أن الرقوب المحزون، هو المصاب بموت أولاده وليس هو كذلك شرعا، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته، فيحتسبه ويكتب له ثواب مصيبته به، وثواب صبره عليه، ويكون له فرطا وسلفا في الآخرة، فأبشر أيها الأب وأبشري أيتها الأم، إن احتسبتما الأجر من الله بفقد بنيكما، فكم رأينا من الآباء والأمهات من حرض بنيه وجهزهم بماله، ثم رمى بهم في نحر العدو، صابرا محتسبا لينالوا شرف القتل في سبيل الله ومنزلة الشهادة، وقد غدى هذا الفعل واقع حال في مسيرة جهاد دولة الخلافة ولله الحمد والمنة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فبعد أن كان النفير إلى الجهاد ضيقا حرجا، تقوم به طائفة من أبناء المسلمين، يندر أن لا تجد في دولة الإسلام أهل بيت إلا وقدم من التضحية و الفدائية لهذا الدين، ما يعجز البيان عن وصفه وذكره كثرة وعددا، وقد أمسوا ما بين قتيل وأسير ومهجر طريد، شيبا وشبانا نساء وأطفالا، بل وقد قتلت عوائل بأكملها أبت أن تخرج من دار الإسلام، وآثرت القتل على أن تترك دار الإسلام وترجع إلى دار الكفر تحت مظلة الطاغوت وحكمه متأسية بأصحاب الأخدود، تلك الأمة الموحدة المؤمنة التي أعلى الله شأنها وأثنى عليها في كتابه بآيات تتلى إلى يوم القيامة، وسماه الفوز الكبير قال جل وعلا: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ *إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [البروج: 4 - 11]، فتلك الموصل والرقة وسرت وغيرها من ولايات دولة الخلافة، ألوية فخر تشحذ بها الهمم وتحض جيل الخلافة الصاعد على بذل المزيد والسعي الحثيث لتحقيق الغاية السامية من جهاده، الذي ابتدأه القادة الربانيون تقبلهم الله وأعلى نزلهم في عليين لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ويكون الدين كله لله:
ففي القتلى لأجيال حـياة
وفي الأسرى فدى لهم وعتق فلؤلائك المضحين الباذلين من أبناء الخلافة حق وواجب في عنق كل مسلم لن ينساه أولوا السعة والفضل.

وإن ملاحظة حسن الجزاء، مما أعده الله لعباده من النعيم المقيم في الآخرة هو مما يعين على مصابرة الأعداء والمداومة على الصبر حتى يصبح إلفا وصاحبا وخلا مؤانسا، مهما طالت الطريق وكثرت العقبات واشتدت المحن، قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: "وعلى حسب ملاحظة حسن الجزاء والوثوق به ومطالعته يخفف حمل البلاء، لشهود العوض، لما يلاحظه من لذة عاقبتها وظفره بها، ولولا ذلك لتعطلت مصالح الدنيا والآخرة، وما أقدم أحد على تحمل مشقة عاجلة إلا لثمرة مؤجلة، فالنفس مولعة بحب العاجل، وإنما خاصة العقل: تلمح العواقب، ومطالعة الغايات، وأجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة فارق الراحة، وحصل على المشقة وقت الراحة في دار الراحة، فإن قدر التعب تكون الراحة" انتهى كلامه.

فيا إخوة التوحيد وبناة المجد وحراس الخلافة، بارك الله جهادكم ومسعاكم، لقد أثلجتم الصدور وأغظتم كل كفور، وأنس ببذلكم كل مؤمن شكور، يعرف لأهل الفضل قدرهم، ويكبر صنيعهم ويرقب طلائعهم ويسعى للحاق بهم، فواصلوا المسير مقتفين أثر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم أجمعين، وليكن حادي المرء منكم:

فيارب إن حانت وفاتي فلا تكن
على شرجع يعلى بدكن المطارف
ولكن أحن يومي شهيدا وعقبة
يصابون في فج من الأرض خائف
عصائب من شتى يؤلف بينهم
هدى الله نزالون عـنـد المواقف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى
وصاروا إلى موعود ما في المصاحف
فأقتل قصعا ثم يرمى بأعظمي
كضغث الخلى بين الرياح العواصف
ويصبح قبري بطن نسر مقيله
بجو السماء في نسور عوائف
يا أهل الإسلام... لم يعد خافيا نقع الملاحم وقرعها في ولايات دولة الإسلام، ومازال أبناء الخلافة بفضل الله ومنه، يثبتون أنهم الكدية والصخرة الصماء، التي ستنكسر عليها أحلاف الكفر بحول الله وقوته، وستنكفئ خاسئة خانسة عن بلاد المسلمين تجر أذيال العار والشنار، مفضوحة مهلهلة يلعن بعضها بعضا، فها هي أمريكا عدوة الإسلام وأهله، بعد أن دكت ديار أهل السنة وأبادتهم بدم بارد، وأسلمت البلاد لشر من وطئ الحصى من رافضة العراق وملاحدة الشام، تعلن نصرا مزورا لا يمت للواقع بصلة، وهي تعلم علم يقين طبيعة المعركة وأبعادها مع أبناء دولة الإسلام، فما كان من رؤوس أحزابها المخالفين لسياسات أحمقها المطاع، أن يلزموا الصمت أو يغضوا الطرف عن حقيقة ما يجري على الأرض ومعطيات الساحة وتقلباتها، حتى غدى ساسة الصليب وبيت السفال المسمى بالأبيض، يعيشون تخبطا وتناقضا، أعجز المتابع أن يفهم المراد بكلمة النصر الذي يتحدثون عنه، ولكنه الهذيان والطيش الذي استمرأته نفوس وألسنة أئمة الكفر وجبلوا عليه، من لدن قوم نوح وعاد وثمود وفرعون وأبي لهب، فعجبا لمنتصر يعز عليه إعلان زيارة رسمية لبلد يزعم إحلال الأمن والاستقرار فيه، وما كان بوسعه أن يأتيه إلا خلسة كاللص الرعديد يخشى الفوات، وفر معتجل الخطى يحذر الدوائر، نادبا حال قومه متحسرا، أن كيف نخسر سبعة تريلون دولار على بلد لا نستطيع المجيء إليه إلا سرا، لقد رضيت ربة الوثنية المعاصرة أمريكا بأدنى من النصر الذي حدثت الناس عنه، فهذا اجتماع قاعدة "أندروز"، والذي ضم أكثر من ثمانين دولة، كان من مخرجاته ما نصه "أن الأمر لا يتعلق بالفوز بالحرب لكن الفوز بالسلام"
وأعقب ذلك الاجتماع، استقالة مبعوث أمريكا وممثلها الرئاسي في التحالف الصليبي لحرب الخلافة، الصفيع القذر الحقود على أهل السنة المسمى "ماكغورك" اعتراضا منه على دعوى الانتصار على الخلافة، ونية الانسحاب من الشام، فالدولة الإسلامية لازالت تشكل تهديدا حقيقيا كما يقول، وخطرا على المنطقة، فما كان من سيده إلا أن يسفه أحلامه شامتا به وأنه لا يعرفه من قبل، وما هو إلا من بقايا سياسات أوباما الفاشلة، فلا حاجة لترهاته وما يقول، متهما إياه بحب الظهور وأن تسلط عليه الأضواء قبل رحيله، وما لبثنا حتى أطل كلب الروم ثانية بإقرار جرئ يثبت خلاف ما يدعيه من الانتصار، أن ليس للدول العظمى خوض حروب لا نهاية لها، مقرا بالعجز والفشل في كسر إرادة وعزيمة جنود الخلافة، وأصبح يلقي باللائمة على حلفائه، لعدم التزامهم إرسال ما يكفي من الدعم والجنود، لتثبيت أركان حكومة المليشيات الإيرانية الرافضية في العراق، خوفا من الظهور المفاجئ للدولة واستعادتها المناطق التي انحازت منها، وهم يرقبون ذلك ويبوحون به ولا يكتمونه، بل ويعتقدون إن حدث الانسحاب وإن لم يحدث، فستستعيد الدولة الإسلامية المناطق في أقل من عام كما صرحت بذلك وزارة دفاعهم، بل وأكد ذلك قائد قواتهم في الشرق الأوسط العلج المسمى "فوتيل" أن انتهاء المعركة ضد الدولة الإسلامية لا يزال بعيدا، وأضاف خلال كلمة له أمام الكونغرس (أن جنود الدولة الإسلامية لم يستسلموا بعد ومازالوا مستعدين للعودة للقتال)، وأعقب ذلك ما أدلى به مستشار أمنها القومي "بولتون" في لقاء أجرته معه إحدى الشبكات الإخبارية قبل أيام مضت مستفهمة عن زعم سيده النصر مئة بالمئة وما صرح به العلج "فوتيل" قائد قواتها، فأتى هذا البغاث الأحمق بثالثة الأثافي وزاد وضوح سيده غموضا قائلا: (بأن تهديد الدولة الإسلامية سيظل قائما، وأن جنود الدولة مازالوا متناثرين في سوريا والعراق، وأن الدولة الإسلامية تتنامى في أنحاء أخرى من العالم) انتهى، وما سبب هذا الخوف والوجل، إلا لقناعتهم التامة أن دولة الخلافة، قد أصبحت واقعا ليس بالإمكان تجاهله أو التغاضي عن خطره، فليست فصيلا أو تنظيما أو حزبا يرضى بأن يقتات على فتات الداعمين، أو يطرق أبواب الصليبيين تسولا وطمعا برضاهم عنه وطمسه من قائمة التطرف والإرهاب كما يسمونها، بل غدت الدولة بفضل الله وتسديده، أمل أمة وصرح عز سما في قلب الأمة، سالكة طريقا قيما لا عوج فيه ولن تأخذها في الله لومة لائم، فهذا جيشها تجوب سرايا كتائبه في بلاد الرافدين والشام وخراسان وغرب إفريقية وغيرها من الولايات، يرقب ساعة الحسم ولن يهزم اثنا عشر ألفا من قلة بإذن الله، فموتوا بغيظكم أيها الصليبيون والمرتدون موتوا بغيظكم، وسحقا لك أمريكا ولحلف الشياطين معك من طواغيت العرب والعجم، أو تظنون بطغيانكم وإهلاككم الحرث والنسل، وإبادتكم لأهل السنة ستفرضون أمرا واقعا وعهدا صارما، أو تحسبون أن مشاهد النزوح للضعفة والمساكين، الخارجين من حصار الموت في الباغوز في الشام، وصور النساء والولدان والشيوخ ستفت في عضد أبناء الخلافة وجيشها وأنصارها، كلا والله فما هذا الزمان لكم بزمان ولا أمان، وإنما بحور الدماء وتناثر الأشلاء يا طواغيت الشرق والغرب، فإن الوهم الذي كبل أبناء الإسلام طوال قرون مضت، قد انزاح وتهشم تحت إرادة وعزيمة أبطال الأمة الأفذاذ وقادتها النبلاء، يوم أن ضحوا بأنفسهم فداء للدين ولإعلاء صرح الخلافة وعز المسلمين، لقد انتصرت الدولة نعم لقد انتصرت الخلافة يوم أن ثبت جنودها وأبناؤها ولا زالوا كالجبال الراسيات يجهرون بإيمانهم وعقيدتهم الشماء غير آبهين بعدوهم حتى وهم بين يديه مكبلين وما استطاعت آلة القتل والدمار التي تملكين أمريكا أن تسلب ما في قلوبهم من إيمان ويقين، فعجبا لك عجبا لك، أما سئمت وأنت تحاولين عبثا أن تقضي على المجاهدين ودولتهم، أما استوقفك لهيب العصف في منبج وجنوب الحسكة بل وثنى الأشاوس بضربة في منبج ثانية، لقد بت تهوين في دركات الفشل والانهيار وتجعجعين بالنصر دون اعتبار، ، كفاك فقد كان المجاهدون بضع مئين قبل فتح الموصل، وهم اليوم ألوف في إثرها ألوف ، لهم النصر حتما إن صبروا واتقوا، رغم أن المجاهدين لا يعولون على عدة ولا عدد فإنما يستمدون من الله العون والمدد، فانزلي حيث أرادوا واغربي عن بلاد المسلمين، وما أموال الدعم التي بت تتسولينها بين فينة وأخرى، من حكومات الردة في جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم بمنقذة للموقف، وحائلة دون انتصار من كان الله مولاه وسنده ورجاه، فالله مولانا ولا مولى لكم.
أيها الناس... لقد أبصر الجميع حادثة مذبحة المسجدين في نيوزلندا الصليبية، ولنا معها وقفة، إذ إن المرء ليعجب وهو يبصر السفاحين القتلة المجرمين من قادة الكفر وحكومات الردة وهم يذرفون دموع التماسيح على ضحايا المسجدين، ويشبه الخونة أمناء الهيئات والمنظمات البئيسة الطاغوتية المستسلمة لعدوها، قتل أولئك المصلين بما يقوم به أبناء الدولة الإسلامية من جهاد شرعي لإقامة الدين ورد عادية الصفويين والصليبيين والمرتدين ونفيهم عن بلاد المسلمين، وكأن أحلاف الكفر في العراق والشام وخراسان وغيرها من ولايات دولة الإسلام تسعى جاهدة في حاجة الناس وتعليمهم أمر دينهم وسد فاقتهم وتلقي على رؤوسهم الورود والرياحين بل وكأنهم لم يعلنوا يوما أن المساجد لم يعد لها عندهم حرمة ولم نسمع من هؤلاء الأمناء المرتدين شجبا أو ندبا لمجازر أسيادهم وعلى العكس تماما فهم المبادرون والدالون على عورات المسلمين والساعون بجد وتفان في ذلك، فها هي الباغوز اليوم في الشام لا يزال المسلمون يموتون فيها حرقا يطالهم القصف بما يعرف ومالا يعرف من أسلحة الدمار الشامل، ولا عجب فإن ما أخبرنا به ربنا في كتابه عن حقد أهل الكفر وحنقهم على أهل الإسلام كاف وشاف لمن أراد الحق وطلب الهداية، وما فعلوه بأهل الإسلام طوال عقود وقرون مضت كفيل بأن يميز به المسلم حقيقتهم، فلا تنطلي عليه أكاذيبهم، وما هذه المذبحة في المسجدين إلا نكبة من نكبات سالفة ومقبلة سيعقبها مشاهد بؤس تطال كل من اغتر بالعيش بين ظهراني المشركين وما يدعونه ويزعمون في ملتهم من الحقوق والحرية الفاجرة، وإن مشهد القتل في المسجدين لحري به أن يوقظ الغافلين ويحض أنصار الخلافة القاطنين هناك للثأر والانتقام لدينهم ولأبناء أمتهم الذين يذبحون في كل مكان من الأرض تحت رعاية ومباركة دول الصليب وحكومات الردة والعمالة.

وإنا نبشر أهل الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، أن الخلافة بفضل الله تعالى، لم تزدها شدة الحملة الصليبية إلا قوة وصلابة على تحمل المشاق وكثرة الأعباء، وترقيا في درجات الريادة والقيادة للأمة بإذن الله، فلم يشهد المسلمون ومنذ زوال سلطان دولتهم، جراء نير الحملات الصليبية المتتابعة، أن خاض أبناؤهم المجاهدون حربا مفتوحة متعددة الجبهات وفي شتى البقاع، تحت قيادة وراية واحدة، تستنزف أمم الصليب وأذنابهم من الحكومات العميلة المرتدة، فكلما ظن الصليبيون بسط نفوذهم وسلبهم دارا للمسلمين، ظهر الفاتحون في صقع آخر، في حرب أراد لها بناة الخلافة وقادتها بعد توفيق الله لهم، أن تتسم بمطاولة العدو ومراغمته في كل مكان وشبر من الأرض، واستنزاف طاقاته و مقدراته، وهذا ما يوجب على أبناء الخلافة العمل الدؤوب، وبذل كل ما يستطيعون، حتى يأذن الله بالفتح أو أمر من عنده سبحانه، فكونوا يا أهل الإسلام في صفهم وخندقهم، ولا تكونوا في خندق اليهود والصليبيين والمرتدين ومن لف لفهم، وكونوا من المؤمنين حقا الذين وصفهم الله في كتابه وأثنى عليهم بل وأشركهم في الأجر والمثوبة، لإيوائهم ونصرتهم لمن هاجر وجاهد في سبيله كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74]، وإن مما ينبغي الإشارة إليه والتحذير منه، هو ما تقوم به أبواق الزندقة والكفر من أحفاد ابن سبأ ومسيلمة الكذاب، التابعة لطواغيت المنطقة وحكوماتها المرتدة، من سعيها الحثيث في طمس الحقيقة وأن الخلافة قد قضي عليها وأصبحت سلفا ومثلا، ولا يعدو الأمر، أن انحازت الدولة من المدن والبلدات في بعض ولاياتها بينما فتح الله عليها في ولايات أخرى في معارك كر وفر غير متكافئة، أجلب فيها العدو بكل ما يملك، متبعا سياسة الإبادة والأرض المحروقة، وهذا مالا يظهره إعلام الزندقة والفجور، لأن الضحية مسلم لا يرضى بغير دين الله شرعة ومنهاجا، وأبى أن يرضخ لأمم الكفر بهيئاتها وقوانينها المفروضة على بني البشر.
فيا عشائر وأبناء أهل السنة في الشام وشرق الفرات خاصة، لقد حذرت الدولة الإسلامية وأنذرت منذ وقت ليس باليسير، من مغبة الانخراط في صفوف الملاحدة الأكراد، وبينت ما عليه هذه الطائفة المرتدة من إلحاد في الدين وإنكار لربوبية الله وألوهيته، واشتراكية وإباحية في الأموال والأعراض، مع دعوتها الجاهلية النتنة للقومية الكردية كأساس لإقامة دولتها المزعومة، فهذه المبادئ الثلاثة هي ما تقوم عليه هذه الطائفة اللعينة، وهو الإلحاد والكفر المحض بعينه وليس بعد ذلك مزيد بيان، وعليه فإنا نكرر ونذكر عشائر أهل السنة شرق الفرات، الذين مازال أبناؤهم في صفوف هؤلاء الملاحدة المجرمين، ولم يتعظوا بعد بمرأى من قتل منهم على يد جنود الخلافة، بأن يمنعوا أبناءهم ويحضوهم على التوبة قبل القدرة عليهم وأن يتبرؤوا ممن لم يتب بعد منهم فمالكم ولحرب المجاهدين وقد نعمتم بشرع الله وحكمه لسنين.
وأما أنتم يا ملاحدة الشام من الأكراد، لقد خضتم حربا لستم والله لها بأهل، وما بمقدوركم تحمل تبعاتها، فعاودوا النظر وانجوا بأنفسكم إن استطعتم، فتلك العراق لم تغن عنه أمريكا بطائراتها التي تعبدون شيئا، وإن معركتنا معكم لم يحم وطيسها بعد، وقد عاينتم شيئا من صولات جنود الخلافة وضرباتهم في مناطقكم، فكم من رأس عشيرة مرتد قطفوه ومسؤول مركز أمن كتموا أنفاسه وجندلوه وتجمع عار نسفوه وضبع مستلئم لئيم على حاجز ذبحوه فارقبوها فوق ذلك حربا شاملة لا تبقي ولا تذر.

فيا آساد الخلافة ورجالات الدولة في الرقة والبركة والخير، ثبوا وثبة الأسد الجياع، واثأروا لدماء إخوانكم وأخواتكم، وأعلنوها غزوة للثأر، تستأصل شأفة أهل الكفر والإلحاد في الشام، واجعلوها أياما زرقاوية فداوية تبيد أرتال الصليبيين والمرتدين فأحكموا العبوات وانشروا القناصات وأغيروا عليهم عصفا ونسفا بالمفخخات، فلا خير في عيش تستذل فيه الأعراض وتنتهك الحرم، ويجثم على صدر أبناء السنة الأغيار حثالة من الملحدين، أسلم لهم عابد الصليب بلادا حكمت بشرع الله، بعد أن دمرها وقتل وشرد أهلها، فأفهموا أحذية الصليبين وخدامهم، أن دماءهم لن تكون دماء، ودماء المجاهدين الموحدين وأهليهم هباء.

و يا عشائر أهل السنة في العراق، أما آن لكم أن تعوا المكر الكبار الذي يراد بكم، وماذا جنى الخونة المرتدون من الساسة العملاء طوال عقد من الزمان، سوى النفي والملاحقة بمذكرات الاعتقال وتهم الإرهاب والفساد، فلم يسلم لهم دين ولا دنيا، ولم تشفع لهم ردتهم عند أسيادهم شيئا، لقد أبيتم أن تسلكوا طريق الرشاد، وتدركوا حنق الرافضة وحقدهم، الذين ما انفكوا يهينونكم ويذيقونكم من الذل ألوانا، وإن ما تخشونه من عاقبة التفافكم وبذلكم وتضحيتكم لنصرة هذا الدين وعدم القبول بغير شرع الله وحكمه، ما هو إلا قطرة في بحر ما ستدفعونه من ضريبة الدماء والأعراض والأملاك، إن وهنتم لما أصابكم واستكنتم وخضعتم وخنعتم ورضيتم بالذلة وخفتم خوض المعركة، فها هي الموصل وغيرها من المناطق والبلدات التي باتت رهن تسلط المليشيات الصفوية الرافضية، يعبث بمقدراتها، وتسلب خيراتها ويساق أبناؤها إلى مشانق الموت بتهم ملفقة ودعاوى كاذبة، وها هي مخيمات النزوح في العراء، ملئا بنساء وأبناء أهل السنة، يلاقون فيها العناء بحجة الانتساب للدولة أو صلة القرابة بجنودها، وأن هؤلاء الأطفال يشكلون تهديدا وخطرا بحملهم الثأر والانتقام، وما هذا إلا إمعان في القهر والإذلال لأهل السنة، فالقضية ليست معلقة بمن انتسب، ولكن بمن لحب الصحابة وخير القرون نسب، فقولوا بربكم، كيف سيؤول الحال إن عامل المجاهدون هؤلاء المعتدين بالمثل جزاء وفاقا.

فحدث فقد يهتدى بالحديث
وخبر فقد يؤتسى بالخبر

يا أهل السنة في العراق، إن الدولة الإسلامية ما هي إلا سفينة نجاتكم وقلعتكم الحصينة في وجه المد الصفوي الإيراني، فبادروا بالتوبة قبل أن تبادروا، والسعيد من وعظ بغيره، وإن الدولة عائدة بإذن الله إلى المناطق التي انحازت منها طال الزمان أو قصر، وأنتم اليوم ترون جنود الخلافة، كيف تحفهم رعاية المولى لهم، رغم أسراب الحشود والطائرات، فلا زالوا ظاهرين على عدوهم، يحكمون له الكمائن ويغيرون على أوباشه ويفتكون بتجمعاته، وقد قطعوا على أنفسهم عهدا وموثقا أن يعيدوها خضراء جذعة، ولتعلم الرافضة أن دار الخلافة بغداد، لن تكون طهران أو قم ثانية، وأن بيننا وبينهم وقائع تشيب لهولها الولدان.
فيا جنود الخلافة في العراق والشام وخرسان واليمن، وشرق آسيا وغرب إفريقية وليبيا وسيناء والصومال وكل مكان، خذو للحرب أهبتها وشمروا عن ساعد الجد لها، وانتهزوا الفرصة والتمسوا الغرة، وسيروا الطلائع والكتائب وبثوا العيون، وتحفظوا من البيات، وأطيلوا أمد المعركة فما لعدوكم بذلك من طاقة، ولا يهولنكم ضجيج أحلاف الكفر ودعواها القضاء على الخلافة بحسر نفوذها، فقد أبقى الله لها باجتماعكم واعتصامكم بحبله المتين، ما يسوؤها وينكد عيشها أضعاف أضعاف ما رأته وسمعت به، فما هذا إلا أول المطاف وأولى درجات النهوض، وإيذانا بالفتح الأعظم إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، فما وضعت الحرب أوزارها، وإنا أمة لا نموت إلا قتلا، وما أنتم إلا بناة تسعون وتجدون في الطلب، فإن كان وإلا فما من الموت بد، فلا تقوم الدعوات على من يعتنقونها لأنها غالبة ومن يعتنقونها ليقودوا بها الأتباع ومن يعتنقونها ليحققوا بها الأطماع، وليتجروا بها في سوق الدعوات تشترى منهم وتباع! إنما تقوم بالقلوب الحية التي تتجه إلى الله خالصة له من كل شائبة، لا تبغي جاها ولا متاعا ولا انتفاعا، إنما تبتغي وجهه وترجو رضاه، فليخش كل امرئ منكم على نفسه، وليسأل المولى الثبات على دينه وحسن الختام، فهذا طريق مكلل بالمشاق وطول الغربة ومفارقة الأهل والأصحاب، فوطنوا النفوس على احتمال الأذى من أسر وكسر وبتر واستعيذوا بالله من ذلك، ويوصيكم أمير المؤمنين أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي حفظه الله، بتقوى الله في السر والعلن، وأن يكون لسان أحدكم رطبا بذكر الله قريبا من خالقه ومولاه، كما ويوصيكم أن تتركوا أمرا لطالما دعيتم لتجنبه والحذر منه، وهو ذو دور محوري في المعركة، ألا وهو أجهزة الاتصال، فقد تعدى ضررها وعمت البلوى من ورائها، فلا يجعلن أحدكم من نفسه وإخوانه غرضا لعدوه وهدفا رخوا، فلا ضير من أن ينجز العمل من دونه في أسبوع إن كان ينجز به في يومين، فنوم المجاهد ونبهه ولهوه بأسهمه وفي شأنه كله، عبادة يجري عليه أجرها، وهو في رباط إن صدق النية وأحسن العمل، فجدوا في أخذ الحيطة والحذر، واحتسبوا الأجر في السمع والطاعة لأمرائكم وإغاظة أعداء الله ومراغمتهم، فالله الله في دينكم وإخوانكم فلا يؤتين الإسلام من أحدكم.
وأما أنتم أيها الأسرى من الرجال والنساء والولدان في كل مكان اثبتوا على الحق، واعلموا أن أمر المؤمن كله له خير، وما ذاك إلا للمؤمن، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، فيصيبه من البلاء ما يمحو به الخطايا ويرفع الدرجات، مما قد لا يدركه المرء بسعيه ورجاه، وحسبكم أنه طريق مطروق وسنة جارية، فتلك سمية رضي الله عنها أول شهيدة في الإسلام، تحبس فتعذب فتقتل، وذلك خبيب يقتل صبرا، فما رد النكال الذي لحق بهما أحدا منهما عن دينه، ولكم إن شاء الله على إخوانكم حق سيقضى وعهد سيوفى، بأن تشفى صدوركم وتأنس قلوبكم بمرأى جزاريكم من محققين وقضاة وقد جزت رقابهم وكتمت أنفاسهم، فطيبوا نفسا واعمروا أوقاتكم بالذكر وتلاوة القرآن فهما وتدبرا وحفظا والدعاء الدعاء لإخوانكم بالفتح والتمكين، فلن يدخروا جهدا بإذن الله لاستنقاذكم فلا يقصرن أحدكم في سيره ومبتغاه، والله معكم ولن يتركم أعمالكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.

{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 147]
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286]
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِہِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 174
الخميس 14 رجب 1440 هـ

683b4f9a9ea34

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً