مقال / كفرنا بكم كانت العصبيّة القبليّة قويّة عند العرب أيّام الجاهليّة، وكان التّناصر ...
منذ يوم
مقال / كفرنا بكم
كانت العصبيّة القبليّة قويّة عند العرب أيّام الجاهليّة، وكان التّناصر والتّعاضد بين أفراد القبيلة كبيرا، وهكذا كانت قريش في جاهليتها، فلمّا خرج فيهم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وكفر بدينهم وتبرّأ منهم ومن شركهم بالله العظيم، قابلوه بالبراءة من دين الإسلام، ومنه، وممن اتبعه أو ناصره ولو كان من المشركين.
وهكذا فرضوا على بني هاشم وأكثرهم مشركون ومن تحالف معهم من أحلاف الجاهليّة الحصار في شعب من شعاب مكّة، هم وأزواجهم وأطفالهم، حتّى اشتدّ عليهم الأمر وضاقت عليهم أنفسهم، عقابا لهم على نصرتهم للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لقرابته لا لدينه.
ومثله نراه هذه الأيّام من براءة المشركين والمنافقين من جنود الدّولة الإسلاميّة، واعتبار أي كلمة تدعو إلى نصرتهم أو رفع الظلم عنهم جريمة لا تغتفر يستحقّ صاحبها الويل والثّبور وعظائم الأمور، ولو كان قائلها مشركا محاربا للدّولة الإسلاميّة وجنودها.
وأن نرى عداوة هؤلاء للمجاهدين فأمر طبيعي أن يكرهوا من يقاتلهم ويعمل على زوال ملكهم وتحكيم شرع الله فيهم، فيتمنّوا زوال هذا الخطر عنهم، ولكن عداوتهم تمتدّ لتشمل كلّ من يمتّ إلى المجاهدين بصلة، حتّى نسائهم وأطفالهم الرضّع، خوفا من أن يكبر الأطفال فيكونوا على دين آبائهم، لربّهم موحّدين وبالطّاغوت كافرين، أو أن تنجب تلكم الموحّدات المزيد من المجاهدين في سبيل الله تعالى.
بل بتنا نرى من يدعو الله تعالى أن يرفع البلاء عن المسلمين في ديار الإسلام يُنكر عليهم ادعياء الإسلام من أتباع الأحزاب والفصائل المرتدّة أشدّ الإنكار، ويعادونه في ذلك، ولا يقصرون عن إيقاع الأذى فيه، ورأيناهم يمعنون في إيذاء نساء المجاهدين وأطفالهم، ويعتقلون من قدروا عليهم، ويتوعّدون البقيّة بالقتل والأسر إن تمكّنوا منهم.
ورأينا كيف تستنفر دول لتغيّر قوانينها وتخالف دساتيرها التي تعبدها من دون الله تعالى، لتعلن براءتها من جنود الدّولة الإسلاميّة وأزواجهم وأبنائهم، وتصرّح بأنّها تخشى من العقيدة الّتي لا زالوا يحملونها في صدورهم ويأبون التّراجع عنها.
وما أظهره المشركون وأولياؤهم من عداوة للموحّدين وبراءة منهم لهو من نعم الله العظيم عليهم، ليعلم من كان في قلبه مرض أنّنا لا نجتمع مع من ارتدّ عن الإسلام في دين واحد، ولا ننتمي وإيّاهم إلى أمّة واحدة، وليس بيننا وبينهم مودة ولا ولاء، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } [الممتحنة: 1-2].
وهي نعمة عليهم، ليكملوا إيمانهم ويتمّموا توحيدهم لله العظيم، بأن يبرؤوا من كلّ حول وقوّة إلى حول الله ربّهم وقوّته، كما أمرهم سبحانه: { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عمران: 160].
وإنّنا -والحمد لله- قد سبقنا المشركين وأولياءهم بإعلان البراءة منهم ومن طواغيتهم الذين يعبدون من دون الله العظيم، لا ردّا على فعلهم، ولكن طاعة لله ربّ العالمين وتأسيا بإمامنا إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام والذين معه، كما أمر ربنا: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } [الممتحنة: 4].
وإنّهم إن تبرّأوا منّا في الدّنيا لإيماننا بالله تعالى وحده، فإنّهم يوم القيامة يتبرّأ بعضهم من بعض لكفرهم بالله العظيم، ويلعن بعضهم بعضا على ما كان بينهم من ولاية في الدّنيا، كما واعد نبيّ الله إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام قومه: { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [العنكبوت: 25].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 173
الخميس 7 رجب 1440 هـ
كانت العصبيّة القبليّة قويّة عند العرب أيّام الجاهليّة، وكان التّناصر والتّعاضد بين أفراد القبيلة كبيرا، وهكذا كانت قريش في جاهليتها، فلمّا خرج فيهم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وكفر بدينهم وتبرّأ منهم ومن شركهم بالله العظيم، قابلوه بالبراءة من دين الإسلام، ومنه، وممن اتبعه أو ناصره ولو كان من المشركين.
وهكذا فرضوا على بني هاشم وأكثرهم مشركون ومن تحالف معهم من أحلاف الجاهليّة الحصار في شعب من شعاب مكّة، هم وأزواجهم وأطفالهم، حتّى اشتدّ عليهم الأمر وضاقت عليهم أنفسهم، عقابا لهم على نصرتهم للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لقرابته لا لدينه.
ومثله نراه هذه الأيّام من براءة المشركين والمنافقين من جنود الدّولة الإسلاميّة، واعتبار أي كلمة تدعو إلى نصرتهم أو رفع الظلم عنهم جريمة لا تغتفر يستحقّ صاحبها الويل والثّبور وعظائم الأمور، ولو كان قائلها مشركا محاربا للدّولة الإسلاميّة وجنودها.
وأن نرى عداوة هؤلاء للمجاهدين فأمر طبيعي أن يكرهوا من يقاتلهم ويعمل على زوال ملكهم وتحكيم شرع الله فيهم، فيتمنّوا زوال هذا الخطر عنهم، ولكن عداوتهم تمتدّ لتشمل كلّ من يمتّ إلى المجاهدين بصلة، حتّى نسائهم وأطفالهم الرضّع، خوفا من أن يكبر الأطفال فيكونوا على دين آبائهم، لربّهم موحّدين وبالطّاغوت كافرين، أو أن تنجب تلكم الموحّدات المزيد من المجاهدين في سبيل الله تعالى.
بل بتنا نرى من يدعو الله تعالى أن يرفع البلاء عن المسلمين في ديار الإسلام يُنكر عليهم ادعياء الإسلام من أتباع الأحزاب والفصائل المرتدّة أشدّ الإنكار، ويعادونه في ذلك، ولا يقصرون عن إيقاع الأذى فيه، ورأيناهم يمعنون في إيذاء نساء المجاهدين وأطفالهم، ويعتقلون من قدروا عليهم، ويتوعّدون البقيّة بالقتل والأسر إن تمكّنوا منهم.
ورأينا كيف تستنفر دول لتغيّر قوانينها وتخالف دساتيرها التي تعبدها من دون الله تعالى، لتعلن براءتها من جنود الدّولة الإسلاميّة وأزواجهم وأبنائهم، وتصرّح بأنّها تخشى من العقيدة الّتي لا زالوا يحملونها في صدورهم ويأبون التّراجع عنها.
وما أظهره المشركون وأولياؤهم من عداوة للموحّدين وبراءة منهم لهو من نعم الله العظيم عليهم، ليعلم من كان في قلبه مرض أنّنا لا نجتمع مع من ارتدّ عن الإسلام في دين واحد، ولا ننتمي وإيّاهم إلى أمّة واحدة، وليس بيننا وبينهم مودة ولا ولاء، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ * إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } [الممتحنة: 1-2].
وهي نعمة عليهم، ليكملوا إيمانهم ويتمّموا توحيدهم لله العظيم، بأن يبرؤوا من كلّ حول وقوّة إلى حول الله ربّهم وقوّته، كما أمرهم سبحانه: { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عمران: 160].
وإنّنا -والحمد لله- قد سبقنا المشركين وأولياءهم بإعلان البراءة منهم ومن طواغيتهم الذين يعبدون من دون الله العظيم، لا ردّا على فعلهم، ولكن طاعة لله ربّ العالمين وتأسيا بإمامنا إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام والذين معه، كما أمر ربنا: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } [الممتحنة: 4].
وإنّهم إن تبرّأوا منّا في الدّنيا لإيماننا بالله تعالى وحده، فإنّهم يوم القيامة يتبرّأ بعضهم من بعض لكفرهم بالله العظيم، ويلعن بعضهم بعضا على ما كان بينهم من ولاية في الدّنيا، كما واعد نبيّ الله إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام قومه: { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [العنكبوت: 25].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 173
الخميس 7 رجب 1440 هـ