اغلب دنياك بآخرتك ... فذلك النصر الأعظم، والله ولي يقينك أن تُغلب دنياك بآخرتك، هو أن تجعل الزمن ...

منذ 2025-11-04
اغلب دنياك بآخرتك ... فذلك النصر الأعظم، والله ولي يقينك

أن تُغلب دنياك بآخرتك، هو أن تجعل الزمن خادمًا للروح لا سيدًا عليها، وأن تجعل كل لحظة في هذه الحياة جسراً نحو دار القرار، لا وهمًا يغويك بعيدًا عن جوار ربك.
هو أن ترى في كل لذة زائلة امتحانًا، وفي كل ألم مرورًا يُقرّبك من رضاه، وفي كل نعمة اختبارًا، لتعلم أن كل شيء في الدنيا مؤقت، فانٍ، وزائل، وأن الذي يدوم هو ما عند الله وحده.
أن تُغلب دنياك بآخرتك، هو أن تُضيء قلبك بنور اليقين، فلا يخدعك بريق المال، ولا يغرّك رفاهية جسدٍ زائل، ولا يلهيك مدح الناس أو سمعةٍ زائلة، فتعلم أن الرضا الحقيقي لا يُعطى إلا من الله، وأن الغنى الحقيقي هو غنى القلب بالسكينة، لا المال والجاه.
أن تُغلب دنياك بآخرتك، هو أن تحيا هذه الحياة كأنك مسافر عابر في طريق طويل نحو النعيم الأبدي، فتهتم بما يقربك من الله، وتترك ما يبعدك عنه، وتزرع الخير حيثما كنت، وتزرع في قلبك الحب لله، والخوف منه، والرجاء في رحمته، فتجني ثمار الخلود في الآخرة.
هو أن تجعل كل عمل صالح، وكل ذكر، وكل صبر، وكل صلة رحم، وكل جهاد في النفس، وسيلة للارتقاء نحو القرب من الله، لا وسيلة للسمعة أو التفاخر بين الناس. هو أن تجعل آخرتك ميزانًا يزن كل خطوة، وكل كلمة، وكل فكر، فتختار الصواب ولو كان فيه التعب، وتغضّ الطرف عن اللذات التي تسرق قلبك من الحق.
أن تُغلب دنياك بآخرتك، هو أن تُشعل في قلبك شعلة لا تنطفئ، نورها الحب، واليقين، والخشية، والرجاء، حتى تصبح الدنيا كلها عبورًا إلى الله، فلا تجذبك زخارفها، ولا تغويك أهواؤها، ولا تلهيك عن ذكره ورضاه.
فطوبى لمن غلبت أخراه على دنياه، وغدت روحه في محضر الله حرةً من كل هوى، صافية من كل زيف، معلقة بقدره، محبةً لربها فوق كل شيء، فإنه بذلك قد نال النصر الأعظم، والسكينة الحقيقية، والسعادة الأبدية التي لا تزول.
  • 0
  • 0
  • 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً