الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد مكث في السجن بضع سنين فحفظ كتاب الله وتعلّم أحكامه ...

منذ 11 ساعة
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد


مكث في السجن بضع سنين فحفظ كتاب الله وتعلّم أحكامه وبعد أن حرّره إخوانه نفّذ ما هاجر له

(أبو عمر الشامي)
لم تُضعف المحنة عزيمته أو تحوّل وجهته وثبت إلى أن لقي -الله تعالى-

تنقّل بين أربعة سجون وهو لم يُكمل العشرين من عمره، أُودع في "المحاجر السوداء" دون رفيق أو أنيس، حُكم عليه بالسجن 6 أعوام بتهمة الالتحاق بالمجاهدين، حافظ خلالها على صيامه وقيامه، وأتمّ حفظ كتاب الله تعالى، وبينما هو في سجنه الأخير إذ بأزيز الرصاص يصدح، وصوت التكبير يعلوا فأدرك أن جنود الإسلام اقتحموا السجن لتحريره وإخوانه.

من (المحاجر السوداء) في مطار الموصل إلى (أبو غريب) ثم إلى (بوكا) ثم إلى (أبو غريب) مرة أخرى، وأخيرا استقرّ به الأمر في (بادوش).

أنار الله قلبه بالإيمان ووفقه لطرق الهداية وجعل له فرقانا يميز به بين الحق والباطل، ورغم صغر سنه ونشوئه في بيئة انتشرت فيها البعثية والقومية إلا أنّ الله أراد به خيرا ككثير من إخوانه، فانتفض للهجرة إلى بلاد الرافدين في عام 1425 عند نزول الصليبيين بأرض العراق وانتهاكهم لحرمات المسلمين ودينهم.


- الامتحان

وبعد وصوله لإخوانه التحق بكتائب أمير الاستشهاديين أبي مصعب الزرقاوي -تقبله الله- وعلم أنهم بحاجة للإنغماسيين والاستشهاديين فأقدم غير ملتفت للوراء رغم علمه أنه مُقدم على أمر عظيم، ولم يكن لديه خبرة في قيادة السيارات فطلب من إخوانه أن يعلموه القيادة رغبة بتنفيذ عملية استشهادية ليُثخن في أعداء الله، فبدء بالتعلم رغم صعوبة التنقل والتضييق من قبل الصليبيين والمرتدين وكثر الحواجز وتقطيع المناطق والأحياء بالكتل الخرسانية.

وبعد تعلمه توجه إلى الموصل بانتظار ساعة التنفيذ وقبل الموعد بأيام عدة خرج برفقة أحد الإخوة للتأكد من مدى جاهزيته فاعترضهم حاجز للمرتدين وبدؤوا بتفتيش السيارة فشكّ المرتدون بأبي عمر بعدما انهالت عليهما الأسئلة فأخذوه لمركز التحقيق ثم علموا أثناء التحقيق معه أنه من بلاد الشام ولرحمة الله به لم يعلموا أنه من فرسان الاستشهاد، ثم نقلوه بعد ذلك إلى (المحاجر السوداء) في مطار الموصل، وهي زنازين انفرادية عرضها متر وطولها متر وسبعين سنتيمترا، وقد تم طلاؤها باللون الأسود الداكن، وهذا سبب تسميتها (المحاجر السوداء) وكان القائمون على حراستها من الشركات الأمنيّة الصليبية والمحققون من الصليبيين الأمريكيين، والقائمون على الترجمة من مرتدي العرب.


- أولى مواطن البلاء

يبدأ المحقق الصليبي عادة تحقيقه بالصراخ على الأخ سعيا منه لتشتيت ذهنه وإخافته ويكمل المترجم المرتد الصراخ مع سيده، وكانت ساعات التحقيق مليئة بالتعذيب واليدان مقيدتان للخلف والعينان معصوبتان وكانت صرخات النساء تقطع الصمت ليلا وأنين الشيوخ يدوي في المكان، كما لم يكن مسموحا للمعتقلين بالوضوء أو بالصلاة أو الاغتسال وفوق ذلك يقف العلوج أمام بيوت الخلاء التي تفتقر للأبواب كي يهينوا الأخ ويكسروا نفسه حتى قرر الإخوة عدم تناول إلا القليل من الطعام تجنبا للإهانة.

وكان المحققون يحرصون على عدم السماح للأخ بالنوم ليفقدوه التركيز في الإجابة أثناء الاستجواب، كما أن الأغطية ورفع العصبة عن العينيين وفك الأغلال من الأيدي يتوقف على مدى تجاوب الأخ مع المحقق قاتله الله.

وثبّت الله أخانا أبا عمر فنقلوه من سجن المطار إلى سجن (أبو غريب) فبقي فيه فترة وتنقل بين العديد من خيامه، وبادر منذ دخوله بالبدء بحفظ كتاب الله وطلب العلم فتحولت المحنة منحة -وهذا من توفيق الله له وعلى كثير ممن ثبتوا على هذا الطريق ولقوا الله وهم يحسنون به الظن سبحانه- وقد نقل أبو عمر خلال هذه الفترة إلى مُعتقل (بوكا) ثم أعيد مرة أخرى إلى سجن (أبو غريب).


- محاكم الطواغيت

وفي أحد الأيام نادى الصليبيون عليه وعلى مجموعة من الاسرى فأخرجوهم خارج السجن وكبّلوا أرجلهم وأيديهم بالقيود وأحكموها إلى البطون فلم يكونوا يعلمون أين يراد بهم وأين هي المحطة التالية في امتحانهم، فأحضر الصليبيون شاحنة نصبوا سلما في آخرها، وأمروا السجناء بالصعود وسارت بهم لمكان لا يعلمون وجهته، وبعد مدة وقفت الشاحنة التي كانت ترافقها الهمرات والطائرات المروحية، فرفع الغطاء عن أعينهم ونُصب السلم مرة أخرى وأمُروا بالنزول وإذا بهم أمام محكمة بغداد محكمة الظلم والردة وأذناب الصليب، فدخلوا قاعة الانتظار مع حراسة مشددة من الصليبين وأخرجوهم واحداً تلو الآخر، وأودعوهم في توقيف المحكمة، وكان كلما جاء أخ يخبر أخاه أنه حكم عليه بكذا من السنوات فكانوا يحمدون الله ويثبتون بعضهم البعض، وحكم على أخينا (أبو عمر) بست سنوات، فحمد الله تعالى، وكان كثير من المجاهدين يكفّر طواغيت المحكمة علانية ويخبرهم بردتهم في وسط قاعة المحكمة، فيقوم الحراس بضربهم ضربا شديدا ولا يوقفهم ذلك عن إذلال القضاة وإعلان حكم الله بهم.- صبر وتعلم واحتساب وفرج

فأعيد الأخوة لمحبسهم ومعهم أحكامهم الجائرة فبدأ الاخوة بتصبير بعضهم البعض وأن الفرج من الله وحده قريب، وأكمل أبو عمر في حفظه كتاب الله الكريم فتنقل بين السجون ترافقه نسخة المصحف التي كان يحفظ منها، حتى قدّر الله له النقل إلى سجن (بادوش) في الموصل، وهناك التقى بإخوانه المهاجرين والانصار حيث أودعوه في قسم المهاجرين، وبدأ يتعلم من المجاهدين الذين التقاهم هناك علوم العقيدة وأحكام التجويد فزاده الله نورا فوق النور الذي كان يملأ وجهه وقلبه فحافظ على صيامه وقيامه وكان من أهل القرآن ولم يهمل عبادة الإعداد للجهاد، وأثناء ذلك كان الشيخ أبو مصعب الزرقاوي -تقبله الله- يسعى لإخراج أسارى المسلمين من سجون الكفرة الصليبين وأذنابهم المرتدين بأي وسيلة فجهّز سرية من الاستشهادين والانغماسيين لاقتحام سجن (بادوش) وتحرير المجاهدين بعد التنسيق مع بعض المجاهدين داخل السجن، فاقترب الفرج الذي كان ينتظره الصابرون المحتسبون إلا أن الشهادة كانت أسبق للشيخ -تقبله الله- ومع عظيم المصاب الذي ابتلي المجاهدون به، لم يلينوا أو يهنوا فأكملوا المسير من بعده بقيادة الشيخ أبي حمزة المهاجر تقبله الله.

وفي إحدى ليالي شهر صفر من عام 1428هـ سمع (أبو عمر) زغردة الرصاص تصدح في أرجاء السجن، وإذ بالأسود المُلثّمين يقتحمون السجن ويفتحون الأبواب ويكسرون الأصفاد، فأمروا الكل بالخروج، وخلال دقائق منّ الله تعالى على عباده بالفرج.


- حقق هدفه الذي هاجر له

وبعد خروجه -تقبله الله- تواصل مع إخوانه لاستكمال مشروعه فأعلمهم نيته في تنفيذ عملية استشهادية، وكان له ما أراد، حيث يسرها الله له خلال مدة يسيرة بعد إنعامه عليه بإكمال حفظ القرآن الكريم، وتعبده له تعالى بالصبر على البلاء، فكانت رفعة اختارها الله له -كما نحسبه-، وهذا حال كثير ممن منّ الله عليهم بحسن الخاتمة، ما ضرهم أن لم يعرف الناس قصصهم وأحوالهم إذا كان رب الناس يعلمها.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 175
الخميس 21 رجب 1440 هـ

67944dd38c694

  • 1
  • 0
  • 20

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً