لا تتبعوا خطوات الشيطان الحمد لله رب العالمين معز المؤمنين مذل الكافرين، والصلاة والسلام على من ...
منذ 2025-11-05
لا تتبعوا خطوات الشيطان
الحمد لله رب العالمين معز المؤمنين مذل الكافرين، والصلاة والسلام على من بعث بالسيف رحمة للعالمين, أما بعد:
فإن من سنن الله أن جعل لأهل الحق أعداء من الإنس والجن قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112]
والشيطان إنما سمي بذلك لبعده عن الحق وتمرده، وكل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان، وقليل من الناس من يعرف هذه الحقيقة فتجد أغلبهم يحترسون من شياطين الجن ولا يحترسون من شياطين الإنس.
وجميع الشياطين من الجن أو الإنس هدفهم واحد وغايتهم واحدة وهي صرف الناس عن الحق وأن يكون أكثرهم في جهنم والعياذ بالله، كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]
فعلى المسلم أن يحذر من اتباع خطواته فهو عين ما حذرنا الله منه في الكثير من آياته، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 168]
ونهانا عن موالاته ونصرته كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50]، قال ابن كثير رحمه الله: "وقال بعض العلماء: وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول: إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم، فكيف يحسن بكم أن توالوه؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه". ا.هـ [التفسير].
ولا شك في أن معرفة عقبات الشيطان لصد المؤمن عن دينه، ومعرفة مداخله إلى القلب يعين على الحذر منه، وأولى من ذلك أن تعرف أن الشيطان عدو لك فلن يأمرك بخير ولن ينهاك عن شر.
• عقبات الشيطان
وللشيطان سبع عقبات يقف للمؤمنين فيها ذكرها أهل العلم رحمهم الله.
العقبة الأولى: عقبة الكفر فإن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح، فإن سلم منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان.
طلبه في العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة فإن خلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
طلبه في العقبة الثالثة: وهي عقبة الكبائر، فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه في العقبة الرابعة: وهي عقبة الصغائر، فإن سلم منها طلبه في العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لمعاده، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح، والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد، ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها طلبه الشيطان في العقبة السادسة: وهي أن يشغله بالأعمال المفضولة عن الأعمال الفاضلة، فإن في الأعمال والأقوال فاضلا ومفضولا، وذروة وما دونها، كما في الحديث: (سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت) الحديث. [رواه البخاري]، وحديث (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد). [رواه أحمد والترمذي]، وهؤلاء هم القلة، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.
فإذا نجا منها بقيت له العقبة السابعة التي لابد منها ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه، وأكرم الخلق عليه، وهي تسليط جنده عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، فكلما جد في الاستقامة والدعوة إلى الله، والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به [مدارج السالكين].
فما هي مداخل الشيطان لإيقاعك في هذه العقبات؟
اعلم أخي المبارك أن مداخل الشيطان كثيرة ومتنوعة منها:
الدعوة لاتباع وتقليد الآباء وعلماء السوء. قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}. [البقرة: 170]
قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى: {وإذا قيل} لهؤلاء الكفرة من المشركين: {اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ} على رسوله، واتركوا ما أنتم فيه من الضلال والجهل، قالوا في جواب ذلك: {ببَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا} أي: وجدنا {عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أي: من عبادة الأصنام والأنداد، قال الله تعالى منكرا عليهم: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ} أي: الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم {لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} أي: ليس لهم فهم ولا هداية!!". [التفسير]
وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}. [لقمان: 21]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلا منهم بعظمة الله اتبعوا أيها القوم ما أنزل الله على رسوله، وصدقوا به، فإنه يفرق بين المحق منا والمبطل، ويفصل بين الضال والمهتدى، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان، فإنهم كانوا أهل حق، قال الله تعالى ذكره {أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ} بتزيينه لهم سوء أعمالهم، واتباعهم إياه على ضلالتهم، وكفرهم بالله، وتركهم اتباع ما أنزل الله من كتابه على نبيه {إلى عَذَابِ السَّعِيرِ} يعني: عذاب النار التي تتسعر وتلتهب". [تفسير الطبري]
وما أعجب هذه العقول فهم لا يقابلون الدليل بالدليل ولا يواجهون الحجة بالحجة إنما يلجؤون مباشرة إلى التقليد الأعمى وذلك لعجزهم عن إقامة الحجة والدليل.
والمسلم بعيد عن تقليد الرجال آباء كانوا أو علماء وترك شرع الله؛ لأن الإسلام هو الانقياد لأمر الله واتباع شرعه ولذلك قال في الآية بعدها: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىى}. [لقمان: 22]
• ومنها اتباع الشهوات
قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14].
قال القرطبي رحمه الله: "واختلف الناس من المزين، فقالت فرقة: الله زين ذلك... وقالت فرقة: المزين هو الشيطان... فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجبلة على الميل إلى هذه الأشياء، وتزيين الشيطان إنما هو بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها، والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس" ا.هـ [تفسير القرطبي]
فالله سبحانه وتعالى أوجد في قلوب الناس هذه الجبلة الفطرية لكنه ضبطها بضوابط شرعية للانتفاع بها في حين أن الشيطان حريص على تزيين الشهوات المحرمة الخالية من هذه الضوابط وشتان بين الحلال والحرام.
والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
الحمد لله رب العالمين معز المؤمنين مذل الكافرين، والصلاة والسلام على من بعث بالسيف رحمة للعالمين, أما بعد:
فإن من سنن الله أن جعل لأهل الحق أعداء من الإنس والجن قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112]
والشيطان إنما سمي بذلك لبعده عن الحق وتمرده، وكل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان، وقليل من الناس من يعرف هذه الحقيقة فتجد أغلبهم يحترسون من شياطين الجن ولا يحترسون من شياطين الإنس.
وجميع الشياطين من الجن أو الإنس هدفهم واحد وغايتهم واحدة وهي صرف الناس عن الحق وأن يكون أكثرهم في جهنم والعياذ بالله، كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]
فعلى المسلم أن يحذر من اتباع خطواته فهو عين ما حذرنا الله منه في الكثير من آياته، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 168]
ونهانا عن موالاته ونصرته كما قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50]، قال ابن كثير رحمه الله: "وقال بعض العلماء: وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول: إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم، فكيف يحسن بكم أن توالوه؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه". ا.هـ [التفسير].
ولا شك في أن معرفة عقبات الشيطان لصد المؤمن عن دينه، ومعرفة مداخله إلى القلب يعين على الحذر منه، وأولى من ذلك أن تعرف أن الشيطان عدو لك فلن يأمرك بخير ولن ينهاك عن شر.
• عقبات الشيطان
وللشيطان سبع عقبات يقف للمؤمنين فيها ذكرها أهل العلم رحمهم الله.
العقبة الأولى: عقبة الكفر فإن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح، فإن سلم منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان.
طلبه في العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة فإن خلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
طلبه في العقبة الثالثة: وهي عقبة الكبائر، فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه في العقبة الرابعة: وهي عقبة الصغائر، فإن سلم منها طلبه في العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لمعاده، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح، والمكاسب العظيمة، والمنازل العالية.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد، ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها طلبه الشيطان في العقبة السادسة: وهي أن يشغله بالأعمال المفضولة عن الأعمال الفاضلة، فإن في الأعمال والأقوال فاضلا ومفضولا، وذروة وما دونها، كما في الحديث: (سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت) الحديث. [رواه البخاري]، وحديث (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد). [رواه أحمد والترمذي]، وهؤلاء هم القلة، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.
فإذا نجا منها بقيت له العقبة السابعة التي لابد منها ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه، وأكرم الخلق عليه، وهي تسليط جنده عليه بأنواع الأذى، باليد واللسان والقلب، فكلما جد في الاستقامة والدعوة إلى الله، والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به [مدارج السالكين].
فما هي مداخل الشيطان لإيقاعك في هذه العقبات؟
اعلم أخي المبارك أن مداخل الشيطان كثيرة ومتنوعة منها:
الدعوة لاتباع وتقليد الآباء وعلماء السوء. قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}. [البقرة: 170]
قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى: {وإذا قيل} لهؤلاء الكفرة من المشركين: {اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ} على رسوله، واتركوا ما أنتم فيه من الضلال والجهل، قالوا في جواب ذلك: {ببَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا} أي: وجدنا {عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أي: من عبادة الأصنام والأنداد، قال الله تعالى منكرا عليهم: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ} أي: الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم {لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} أي: ليس لهم فهم ولا هداية!!". [التفسير]
وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}. [لقمان: 21]
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادلون في توحيد الله جهلا منهم بعظمة الله اتبعوا أيها القوم ما أنزل الله على رسوله، وصدقوا به، فإنه يفرق بين المحق منا والمبطل، ويفصل بين الضال والمهتدى، فقالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا من الأديان، فإنهم كانوا أهل حق، قال الله تعالى ذكره {أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ} بتزيينه لهم سوء أعمالهم، واتباعهم إياه على ضلالتهم، وكفرهم بالله، وتركهم اتباع ما أنزل الله من كتابه على نبيه {إلى عَذَابِ السَّعِيرِ} يعني: عذاب النار التي تتسعر وتلتهب". [تفسير الطبري]
وما أعجب هذه العقول فهم لا يقابلون الدليل بالدليل ولا يواجهون الحجة بالحجة إنما يلجؤون مباشرة إلى التقليد الأعمى وذلك لعجزهم عن إقامة الحجة والدليل.
والمسلم بعيد عن تقليد الرجال آباء كانوا أو علماء وترك شرع الله؛ لأن الإسلام هو الانقياد لأمر الله واتباع شرعه ولذلك قال في الآية بعدها: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىى}. [لقمان: 22]
• ومنها اتباع الشهوات
قال الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14].
قال القرطبي رحمه الله: "واختلف الناس من المزين، فقالت فرقة: الله زين ذلك... وقالت فرقة: المزين هو الشيطان... فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجبلة على الميل إلى هذه الأشياء، وتزيين الشيطان إنما هو بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها، والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس" ا.هـ [تفسير القرطبي]
فالله سبحانه وتعالى أوجد في قلوب الناس هذه الجبلة الفطرية لكنه ضبطها بضوابط شرعية للانتفاع بها في حين أن الشيطان حريص على تزيين الشهوات المحرمة الخالية من هذه الضوابط وشتان بين الحلال والحرام.
والحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ