الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 520 الافتتاحية: • فزادهم إيمانا تهديدات الطاغوت ...

منذ 6 ساعات
الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 520
الافتتاحية:

• فزادهم إيمانا

تهديدات الطاغوت الأمريكي الأهوج بالتدخل العسكري في نيجيريا لوقف نزيف النصارى، لم تخرج عن السياسة العامة التي أعلن عنها في حملاته الانتخابية، متعهدا بحماية نصارى العالم، ناحتا لنفسه صورة "المخلِّص".

وقد برز ذلك "التعهُّد" كبند أساسي في سياسته الخارجية الصليبية تجاه قضايا النصارى في العالم، كما برز ذلك جليا في تصريحات وسلوكيات "وزيري حربه وخارجيته" وغيرهم من قادة "إدارته" التي لا تخفى صليبيتها وحقدها على الإسلام؛ إلا على من يجهل الإسلام أو يجهل الصليبية.

وإلى جانب اليهود المتنفّذين في أمريكا، فقد حصدت الإدارة الأمريكية الحالية أصواتها الانتخابية من أفواه ما يسمى بالنصارى الإنجيليين، وبالتالي فالتهديدات الترامبية ليست خروجا عن المألوف، سواء في شقّها الديني الصليبي أو شقّها السياسي الانتخابي.

هذه السياسة الأمريكية على إطلاقها، تعني أن "إدارة ترامب" الصليبية مستعدة لخوض الحروب في أي مكان، حماية للرعايا النصارى الذين يتعرضون للقتل على أيدي المجاهدين الذين يحملون راية الإسلام في مواجهة الحملة الصليبية العالمية.

وهذا "التعهُّد" يعني أنّ على القوات الأمريكية الانخراط في المزيد من الحروب العسكرية في ساحات أخرى مثل موزمبيق والكونغو وغيرها، حيث يتعرض النصارى لنكاية مستمرة تفوق كمّا ونوعا الهجمات التي يتعرض لها نصارى نيجيريا حاليا، بسبب تركّزهم جغرافيا في مناطق بعيدة عن نشاط المجاهدين خلا بعض الجيوب الشمالية.

وبالتالي، فالتهديدات الترامبية أيًّا كان دافعها الحقيقي، تمثل إقرارا رسميا بنجاح المجاهدين في توريط أمريكا في مستنقع الاستنزاف العالمي، وجرّها إلى حروب في العديد من جبهات القتال التي أشعلها المجاهدون خارج المركز الجهادي المعروف في العراق والشام، وهي بمثابة إعلان رسمي عن "عولمة الإخفاق الأمريكي" في الحرب على الإرهاب، وتمدُّده إلى ساحة إفريقية التي يزدهر فيها الجهاد على منهاج النبوة.

من زاوية أخرى، فإنّ غضب ترامب لإخوانه النصارى سلوك طبيعي من صليبي حاقد بنى ملكه على الاستثمار في النصرانية ديانة وسياسة، وبالتالي فالرجل مدفوع للانتصار لرعايا ديانته المحرّفة، لكن ما هو موقف المسلمين من الانتصار لإخوانهم في إفريقية وغيرها، ألا يمتلك القوم أي دوافع دينية للتحرك نصرة لأبناء دينهم؟!

ثم، هل تأمل المسلمون في شرق الأرض وغربها كيف خبت موجة المذابح والجرائم النصرانية بحق المسلمين الأفارقة، منذ أن علت راية الجهاد في إفريقية وتبدل الحال -بفضل الله تعالى- من ذلة إلى عزة بالجهاد لا بسواه، وصار نصارى إفريقية يشتكون المذبحة بعد أن مارسوها لعقود بحق المسلمين هناك.

في الشأن الداخلي التعبوي، ينبغي للمجاهدين في غرب إفريقية أن لا يُغفلوا هذه التهديدات، وأن يأخذوها على محمل الجد، فلا يحقروا عدوهم، ولا يأمنوا مكره وغدره خصوصا أن عيونه على الساحة الإفريقية منذ سنوات.

والمجاهدون مأمورون شرعا بوجوب أخذ الحيطة والحذر والاحتراس عملا بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، وقوله: {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً}، قال البغوي: "أي راقبوا العدو كي لا يتغفلوكم"، فهذا هو ديدن الكافرين في كل زمان ومكان، مكر وغدر يجابه باليقظة والحذر.

ويدخل في هذا الحذر: إعادة الانتشار والتموضع الجيد لقطعات المجاهدين على الأرض وإيقاف التجمعات الميدانية الكبيرة، والاستعاضة عنها بالمجاميع الصغيرة حركة وسكونا، وإجادة فنون التمويه والتماهي مع البيئة والادّراع بالأرض، وبالضرورة الحذر من الهواتف وما اتصل بها؛ فهي عينٌ بل كلٌّ على المجاهدين... إلى غيرها من أساليب وخطوات الاحتراز والاحتراس التي تندرج تحت الحذر المأمور به شرعا، ويستوي في هذه التوصيات؛ جميع الولايات الإفريقية لأن العدو ينظر إليها بعين واحدة، عين الحرب والعداء.

وها هنا تنبيه للمجاهد المتوقد همة المتوثب نشاطا وعزيمة: أن يدرك بأنّ الحذر لا ينافي الشجاعة، فقد يخلط المجاهد بين الحذر والجبن ويتوهم أن الحذر ضرب من ضروب الجبن وهو ليس كذلك، بل الحذر مأمور به محمود وعاقبته حميدة، والجبن منهي عنه مذموم وعاقبته ذميمة تماما كعاقبة التسرع والتساهل، فانتبه.

أما في البعد الإيماني، فموقف المجاهدين من هذه التهديدات في كل مرحلة وساحة، هو منطوق ومفهوم قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، وقد نزلت هذه الآية في ظرف مشابه، عندما هدَّد كفار قريش النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه وتوعدوهم بالجموع، فكان موقف المؤمنين إزاء ذلك التهديد والوعيد والجمع والتحشيد؛ زيادة الإيمان والتصديق واليقين والتوكل، وقالوا إيمانا واحتسابا: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ قالة نبيهم إبراهيم -عليه السلام- من قبل، كما ورد عن ابن عباس قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل؛ قالها إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}". [البخاري].

قال أبو جعفر: "فزادهم ذلك يقينًا إلى يقينهم، وتصديقًا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسير فيه، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه، وقالوا ثقة بالله وتوكلا عليه: (حسبنا الله) يعني: يكفينا الله، (ونعم الوكيل) أي: ونعم المولى لمن وليَه وكفَله". أهـ.

فاجتهدوا أيها المجاهدون في استجلاب ولاية الله تعالى وكفالته وكفايته التي لا تُجلب بغير الطاعة والتوبة والإخلاص والصدق معه سبحانه، فهو وحده مولاكم وناصركم، نعم المولى ونعم النصير.

وكونوا يا فرسان الدولة الإسلامية على قدر المرحلة التي تشتد فيها الهجمة العالمية عليكم، من دمشق إلى إفريقية، لا لشيء سوى أنكم صرتم العقبة الكؤود في وجه المؤامرات العالمية التي تستهدف عقيدة الإسلام، بعد أن فرّط فيها المفرّطون وصاروا إلى محافل الردة يتسابقون، فاحتسبوا ما أنتم فيه من الجهد والجهاد والمراغمة، واثبتوا فلن تصلوا إلى مرادكم بغير خوض غمار الصبر واليقين، وقد خاض مخاضتكم هذه السابقون قبلكم حين جمع العدو لهم، فزادهم إيمانا ويقينا وتسليما، وكان لسان حالهم ومقالهم: "حسبنا الله ونعم الوكيل".



• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 520
السنة السابعة عشرة - الخميس 15 جمادى الأولى 1447 هـ

683b4f9a9ea34

  • 1
  • 0
  • 11

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً