أدى الاستخدام المتسارع لشبكات الإنترنت وانتشار توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة إلى خلق ...

منذ 8 ساعات
أدى الاستخدام المتسارع لشبكات الإنترنت وانتشار توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف مناحي الحياة إلى خلق تحديات مستجدة أمام أجهزة الشرطة العربية، التي وجدت نفسها مضطرةً للحاق بركب هذا التطور التكنولوجي الهائل والحاجة إلى سد الثغرات الكبيرة سواء على مستوى إعداد رجال الأمن أو على مستوى التقنيات والتجهيزات الضرورية والأساليب والمهارات العملية، فضلاً عن الأطر القانونية والإجرائية. وتتمثل أهم التحديات الأمنية التقليدية التي تواجهها الدول العربية بالأنشطة الإرهابية والجرائم المنظمة العابرة للحدود كجرائم تهريب المخدرات وغسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة، ومع تجاوز الأنشطة الإجرامية للمفاهيم التقليدية المألوفة لعلم الجريمة، غدت الجرائم الإلكترونية تشكل هاجساً يؤرق الأجهزة الأمنية في ظل تنوع صور الجرائم المستحدثة واعتمادها على أنظمة بيانات ومعلومات معقدة وصعوبة مجاراة الأساليب الإجرامية الحديثة وتعقُّد مسارح هذه الجرائم وتوزعها في دول مختلفة. وبناءً على تلك المتغيرات المتسارعة في عالم الجريمة وأدواتها بدأ العديد من الدول العربية الاستفادة من علم البيانات والذكاء الاصطناعي وتوظيفه في خدمة مرفق الأمن، حيث تم تخصيص الميزانيات الكبيرة لتلبية الحاجة الملحّة والمتسارعة لوجود بيئة تقنية وتكنولوجية تواكب هذا التطور العالمي وتحقيق أفضل صور الاستثمار في قطاعات الدولة المختلفة وأهمها القطاع الأمني، حيث كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سباقةً على المستوى العربي في هذا المجال، وتبعتها السعودية وقطر حيث احتلت هذه الدول تصنيفاً متقدماً في مؤشرات توظيف الذكاء الاصطناعي. لقد أصبح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بهدف بناء استراتيجيات أمنية استباقية يشكل الأولوية لدى أجهزة الشرطة بهدف التنبؤ بالسلوكيات الإجرامية ومكافحتها قبل حدوثها أو تفاقمها بدلاً من طرق التعامل التقليدية التي كانت غالباً تعتمد على ردود الأفعال. وعليه أصبح الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز العدالة الجنائية واكتشاف انتشار وحدوث الظواهر الإجرامية والوقاية منها من مرتكزات العمل الأمني بهدف التنبؤ بالسلوكيات الإجرامية وتحديد بؤر الجريمة الساخنة من خلال أنظمة المراقبة الذكية وتقنيات التعرف على الوجوه في الحشود والأماكن العامة التي تسارع استخدامها عالمياً، حيث يتم تحليل الصور ومقاطع الفيديو من خلال ربط كاميرات المراقبة الذكية بقواعد مركزية للبيانات، مما يتيح تتبع المجرمين والمفقودين والمركبات المشتبه بها، كما يمكن توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي كإجراء احترازي لمراقبة شبكات الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي للاكتشاف المبكر لخطط الجريمة، وكذلك انتشار خطابات التطرف والكراهية، فضلاً عن مواجهة ظاهرة رسائل التصيد الاحتيالي وحجبها قبل وصولها للضحايا المستهدفين. إن زيادة معدلات الكشف عن الجريمة اعتماداً على استخدام الذكاء الاصطناعي سوف يحقق الردع الأمني لمرتكبي الجرائم المختلفة ويمنع الجريمة قبل وقوعها ويجعل التحقيقات الجنائية تسير بصورة أسرع وأكثر فعالية، ولكن من الممكن أن يؤدي الاعتماد الزائد على التقنيات التكنولوجية الحديثة إلى ارتفاع تكلفة العمل الأمني وظهور تحديات أخلاقية وقانونية بشكل مستمر، حيث يتوجب مراعاة الاعتبارات الأخلاقية عند توظيف الذكاء الاصطناعي، وخاصةً لجهة منع أن تتحول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى أدوات للتجسس على خصوصيات الناس وحرياتهم، وذلك من خلال وضع أنظمة رقابية وقانونية لضمان استخدام البيانات بصورة تحقق التوازن بين متطلبات الأمن واحترام حقوق الإنسان وحماية الخصوصية، وكذلك ضرورة ضمان عدم فلتان تطبيقات الذكاء الاصطناعي من التحكم والسيطرة البشرية، خصوصاً أن هناك علاقة تأثر وتأثير تتعلق بالمسؤولية القانونية للعنصر البشري صاحب القرار التشغيلي لتلك التطبيقات، ووجود تجاوزات محتملة تشكل تعدياً على خصوصية الآخرين ومساساً بحقوقهم، وبالتالي ضرورة توظيف الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بطريقة عامة ومجردة وقانونية تمنع التمييز بين الأفراد بناءً على تحيزات مجتمعية أو دوافع كيدية.

66d5648a7ebb3

  • 1
  • 0
  • 1

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً