ولذلك فإنه من الأفضل لها الانتقال إلى أحد الخيارات الوسيطة (الثالث أو الرابع)، وذلك بتقسيم السرية ...

منذ 2025-11-26
ولذلك فإنه من الأفضل لها الانتقال إلى أحد الخيارات الوسيطة (الثالث أو الرابع)، وذلك بتقسيم السرية إلى قسمين:

الأول يعتمد على الكم، ويضم المجاهدين قليلي الخبرة، المنتشرين بشكل واسع، والذين يمكنهم تنفيذ عدد كبير كماً واسع الانتشار مساحة، ما يؤدي بالمحصلة إلى تحقيق عائد كبير بمجموع هجماتهم كلها، لا بأفراد بعضها، ويكون حالهم كحال بائعي المفرّق، الذين يبيعون كميات قليلة من السلع تحقق لهم عائدا قليلا نسبيا، ولكن إذا جمعنا عائداتهم كلها، سنحصل على عائد إجمالي كبير.

والثاني يعتمد على النوع، ويضم المجاهدين ذوي الخبرة، المؤهلين لتخطيط وإدارة وتنفيذ العمليات الكبيرة، ذات العائد المرتفع للمجاهدين، والخسائر الكبيرة لأعدائهم، ويكون حال هؤلاء كحال تجار الجملة، الذين يحققون عائدا كبيرا من كل صفقة، قد يساوي أو يزيد على عائد مئات عمليات البيع التي يجريها زبائنهم في فترة طويلة.

وبالجمع بين الخيارين، يمكن تشغيل جزء كبير من كيان السرية في خطة عمل تمنع حدوث البطالة، وتحقق عائدا مستمرا من حيث الزمن، كبيرا من حيث إجمالي عملياته، موزعا من حيث انتشار العمل وتوسعه، وتساعد على تأهيل المجاهدين وتدريبهم على القتال واكتساب الخبرات الكبيرة في العمل، وفي الوقت نفسه تسمح بقفزات كمية ونوعية كبيرة في مسار الجهاد، بتحقيق نكاية وخسائر كبيرة في العدو، من النواحي المادية والبشرية والنفسية والإعلامية، وعوائد كبيرة للمجاهدين من حيث الغنائم المادية، والفائدة الإعلامية، والثقة النفسية، واستقطاب المجاهدين الجدد للتجنيد والعمل ضمن السرية.

أما الخيار الخامس، فتتبعه السرية المجاهدة عادة في حال ضعف منظومة القيادة والسيطرة والتحكم والاتصالات فيها، بحيث تأمر قيادة السرية أفرادها بالعمل بحسب الممكن، أو في الحالات الطارئة، التي يجد المجاهدون أنفسهم مضطرين لضرب العدو بكل ما يتوفر، لإشغاله عن التصدي لعمل مهم للمجاهدين، أو إرباك تحركاته الهجومية أو الدفاعية ضدهم، أو لمجرد ضرب استقراره في وقت معين، بحيث تأمر قيادة السرية أفرادها بالعمل بأقصى ما يمكن، دون مراعاة لأي ضوابط لتقسيم العمل، أو تخطيطه على المدى الطويل.

ونلاحظ أن سياسة الدولة الإسلامية تجاه العمليات في الدول الصليبية تراوحت بين الخيارين الثالث والخامس، فهي دعت المسلمين هناك إلى مهاجمة ما يقدرون على ضربه من الأهداف، بما توفر من الأسلحة، لتحقيق أقصى ما يمكن من الخسائر في صفوف الصليبيين، وذلك لصعوبة التحكم وتسيير عمليات المجاهدين هناك، وخطورة التواصل معهم بهذا الخصوص، فكان المتوقع منهم تنفيذ عمليات صغيرة مستمرة، مع احتمال قدرة بعضهم على تنفيذ عمليات كبيرة.

ولكنها في الوقت نفسه حين إرسالها لسرايا مدربة ومجهزة لتنفيذ الهجمات، دفعت هذه السرايا لتنفيذ عمليات كبيرة من حيث الأهداف وطريقة تنفيذ الهجمات عليها والخسائر المتوقعة من وراء ضربها.

وهكذا فإنها حققت عوائد مستمرة، من هجمات المجاهدين المنفردين والسرايا صغيرة الحجم، قليلة الخبرة، ضعيفة التجهيز، ورغم أن عوائد كل من هجماتهم كانت قليلة نسبيا، إلا أنها بمجموعها كانت كبيرة، تقارب العوائد الكبيرة للعمليات النوعية قليلة العدد التي نفذها جنود الدولة الإسلامية خلال السنوات الماضية.

وبذلك كله نعلم أنه من المفيد للمجاهدين أن يتحللوا من القيود التي يقيدون بها عملهم أحيانا، وأن يبنوا خططهم على أساس واقعهم وإمكاناتهم وأهدافهم وواقع عدوهم وإمكاناته وأهدافه، ويستعينوا بالله تعالى على تنفيذ ما عزموا عليه، هو نعم المولى ونعم النصير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 192
الخميس 22 ذو القعدة 1440 هـ

68715fd0aeabb

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً